ثورة البراق/نسخة التعديل
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
ثورة البراق هي الاسم التي أطلقه الفلسطينيون على اشتباكات عنيفة اندلعت في مدينة القدس في 9 أغسطس 1929، أيام الانتداب البريطاني على فلسطين. بالعبرية يشار إلى هذه الاشتباكات باسم "أحداث 1929" أو "أحداث تارباط" (מאורעות תרפ"ט) نسبة إلى تاريخ اندلاع الاشتباكات حسب التقويم اليهودي.
أيام الدولة العثمانية كان حائط البراق، أي حائط المبكى، يعتبر ملكا لإدارة الوقف الإسلامي إذ اعتبره الحكم العثماني جزء من منطقة الحرم القدسي، بينما يعتبرة اليهود أهم مصاليهم في العالم (منذ نهاية القرن ال15). وإبان فترة الحكم العثماني سمح لليهود بإقامة طقوسهم قبال الحائط، وجرى تفاهم غير مكتوب بين السلطات العثمانية والوقف الإسلامي واليهود المقدسيين على أن اليهود لا يقيمون أي بناء بالقرب من الحائط أو يضعوا المقاعد أو أي شيء آخر في باحته، الأمر الذي استمر عدة سنوات.
في 1887 قام أدموند دي روتشيلد، من يهود فرنسا، بمحاولة فاشلة لشراء الحائط وجعله ملكا يهوديا. هذه المحاولة عارضها الحاخامون المقدسيون خشية من هز العلاقات بين اليهود والسلطات الإسلامية. في يناير 1914 قام الأديب اليهودي دافيد يالين بمبادرة أخرى لشراء الحائط. في رسالة للسفير الأمريكي لدى إسطنبول قال يالين: "نأمل أن تفعل كل ما بوسعك لتحرير أقدس الأماكن من بين جميع الأماكن المقدسة في المدينة التي كانت من قبل أروع المدن"(1). في هذه الرسالة قدر يالين ثمن الحائط بمليون فرانك فرنسي على الأقل. فشلت هذه المبادرة كما فشلت المحاولة التي سبقتها.
بعد إعلان الانتداب البريطاني على فلسطين تزايد عدد سكان القدس اليهود، خصوصا إثر فتح أبواب منطقة الانتداب أمام مهاجرين يهود. طالبت القادة المسلمين في القدس بعدم تغيير ترتيبات أداء الصلاة اليهودية قبال الحائط، بالرغم ازدياد عدد المصلين اليهود. أما اليهود فطالبوا من سلطات الانتداب البريطاني أن يسمحوا بحط المقاعد قبال الحائط بالرغم مما كان مقبولا عليه حتى ذلك الحين.
وبطلب من الوقف الإسلامي، حظرت سلطات الانتداب البريطاني على المسؤولين اليهود وضع مقاعد في باحة الحائط كي لا يتغير الوضع القائم، كما أنها أمرت الشرطة في أيلول (سبتمبر) 1928 برفع الستار الذي وضعه اليهود في عشية يوم الغفران على الرصيف المحاذي للحائط بعد أن شكا ذلك المسلمون.
في 15 آب (أغسطس) 1929، الذي وافق يوم الحداد على خراب الهيكل حسب التقويم اليهودي، نظمت حركة بيتار الصهيونية اليمينية مسيرة تظاهرية احتشدت فيها أعداد كبيرة من اليهود في شوارع القدس، يصيحون "الحائط لنا" وينشدون نشيد الحركة الصهيونية. علمت شرطة البريطانية عن المظاهرة سلفا وأرسلت قوات كبيرة لمرافقة المتظاهرين اليهود. في اليوم التالي رد القادة العرب بتنظيم مظاهرة مضادة من المسجد الأقصى واتجهوا إلى الحائط، حيث استمعوا إلى خطبة من الشيخ حسن أبو السعود، ادعى فيها أن المقدسات الإسلامية تتعرض للأخطار. في الساعات التالية ازداد التوتر في القدس وانتهى باندلاع اشتباكات عنيفة بين الجانبين.
في الأيام التالية تفشت الاشتباكات إلى مدن أخرى حيث قام عرب في مدينة الخليل بقتل 67 يهوديا من سكان المدينة. تمتع عدد من اليهود بحماية بعض السكان العرب الذين عارضوا العنف ولكنهم اضطروا إلى هجر الخليل خشية من استمرار الاشتباكات. في غزة كان مجتمع يهودي صغير الذي هجر أفراده المدينة مستعينين بحماية القوات البريطانية. كذلك تعرض يهود صفد لعمليات العنف من قبل السكان العرب. اضطرت سلطات الانتداب البريطاني لطلب المساعدة من القوات البريطانية في مصر كي تتمكن من إيقاف العنف.
[تحرير] نتائج
كانت حصيلة الاشتباكات، التي امتدت من الخليل و بئر السبع جنوبا حتى صفد شمالا كالتالي:
- 116 قتيلا عربيا فلسطينيا و133 قتيلا يهوديا
- 232 جريحا عربيا فلسطينيا و339 جريحا يهوديا
واعتقلت سلطات الانتداب تسعمائة عربيا فلسطينيا وأصدرت أحكاماً بالإعدام شنقاً على 27 فلسطينيا خُفّفت الأحكام على 24 منهم ونفذ حكم الإعدام في 17 يونيو 1930، بسجن مدينة عكا المعروف بإسم (القلعة)، في ثلاثة محكومين هم: فؤاد حسن حجازي، محمد خليل جمجوم وعطا أحمد الزير.
في أكتوبر 1930 أعلنت الحكومة البريطانية تعليمات جديدة ("كتاب أبيض") بنسبة لسياسة حكومة الانتداب البريطاني على فلسطين. اعتمدت التعليمات الجديدة على نصائح لجنتين بريطانيتين تعينت لتحقيق الاشتباكات، وأمرت بتقليل عدد تصاريح الهجرة إلى فلسطين وتعسير إمكانية اليهود لشراء الأراضي من العرب.
[تحرير] مراجع
- ^ ترجمة من الرسالة التي عرضها الأرشيف المركزي في القدس لتاريخ الشعب اليهودي أمام الجمهور في 15 مايو 2007.