الصليب المسيحي
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
تهتم الكنيسة المسيحية بالصليب اهتماماً عظيماً ، فالصليب بالنسبة لها هو موضع الحب الإلهي للبشرية جمعاء، حيث أظهر الله قمة محبته للناس فبذل ابنه الوحيد (حسب الرواية المسيحية) لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية (يو 3 : 16).
فمعنى كلمة الصليب الروحي عند الكنيسة هو كل عمل الفداء الذي أكمله الرب يسوع بموته الكفاري ، فهو مات لأجل خطايا الناس مسمراً على صليب العار لكي يهب مؤمنيه حياة المجد والفخار. حتى أن الرسول بولس في كرازته لم يعزم أن يعرف شيئاً إلا " يسوع المسيح وإياه مصلوباً" (1 كو 2 : 2).
كما أن كلمة الصليب تعني عمل المصالحة، صالح السماء مع الأرض. صالح اليهود مع الأمم، بل وصالح الكل لنفسه عاملاً الصلح بدم صليبه (كو 1 : 20).
والصليب هو ايضاً في المسيحية علامة الانتصار حيث جرد الابن الحبيب (حسب الرواية المسيحية) قوات الشر الروحية من رياسات وسلاطين شيطانية جهاراً " ظافراً بهم فيه (في الصليب)" ، ماحياً صك إدانتنا الذي كان ضداً لنا "مسمراً إياه بالصليب" (كو 2 : 15 ، 14).
والصليب بالنسبة للمسيحيين هو موقع تجلي "قوة الله وحكمة الله" (1 كو 1 : 24). فقد استطاع عن طريقه أن يحل مشكلة الإنسان بطريقة فائقة, ويعيده إلى رتبته الأولى... وذلك بأن السيد المسيح حمل خطايا البشرية بقوة عظيمة وحكمة رائعة ووهب مؤمنيه الخلاص.
وقد اهتم الكتاب المقدس كثيراً بالصليب فوردت كلمة الصليب 28 مرة في العهد الجديد ، وورد فعل الصلب 46 مرة.
فهرست |
[تحرير] معني كلمة صليب
كلمة صليب staurov تدل على أداة التعذيب والعقاب و الإعدام المصنوعة من عمود خشبي يعلق عليه الشخص حتى يموت من الجوع والإجهاد. وقد تطور الصليب حتى أخذ الشكل المألوف في عصر الرومان فصار مكونا من عمود خشبي مثبتا في طرفه الأعلى خشبة مستعرضة لتشد عليها يدي المصلوب وتسمر بها, أو تربط بالحبال.
ويرى المسيحيون كيف يستخدم السيد المسيح آلة التعذيب في إعلان محبته، ففي اليدين المفتوحتين على الصليب يعلن قبوله للجميع، يعلن أن خلاصه ليس قاصراً على فرد بعينه أو على شعب بمفرده بل هو خلاص للجميع كما يقول :"وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليَّ الجميع" (يو 12 : 32).
[تحرير] طريقة الصلب
يمكننا أن نتعرف عليها عن طريق الاكتشافات الأثرية فقد كشف فريق من الأثريين صيف 1968 عن أربعة قبور يهودية في "رأس المصارف" بالقرب من القدس، وكان أحدها يحتوي على صندوق به هيكل عظمي لشاب توفي مصلوبا ويرجع تاريخه إلى ما بين 7 ، 66 ميلادي . كما تدل عليه الأواني الفخارية من عصر الهيرودسيين التي وجدت في القبر ومنقوش على الصندوق اسم "يوحانان". وقد أُجريت أبحاث دقيقة عن أسباب وطبيعة موته، مما قد يلقي بعض الضوء على كيفية صلب يسوع المسيح.
كان ذراعا الرجل مسمرتين إلى خشبة الصليب. والأرجح أن ثقل الجسم كان يرتكز عند العجز على قطعة من الخشب بارزة مثبتة إلى قائم الصليب. وكانت الساقين منحنيتين عند الركبتين إلى الخلف، والكاحلان مثبتين بمسمار واحد إلى قائم الصليب. وقد ثبت من شظية وجدت من بقايا الصليب، أنه كان مصنوعاً من خشب الزيتون. وكانت الساقين مكسورتين بضربة عنيفة مثلما حدث مع اللصين اللذين صلبا مع يسوع (يو 19: 32).
ويبدو أن طريقة الصلب كانت تختلف من منطقة إلى أخرى في الإمبراطورية الرومانية الواسعة. ويبدو أن العملية كانت من القسوة والفظاعة حتى استنكف كُتَّاب ذلك العصر من إعطاء وصف تفصيلي لها، فكانت تعتبر من أقصى وأبشع وسائل العقاب. ولكن الرب وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب ( في 2: 8). (1)
[تحرير] عيد الصليب
يقع عيد الصليب كل عام في 14 أيلول/سبتمبر .
[تحرير] تاريخ
يعود أصل هذا العيد إلى مطلع القرن الرابع عشر عندما زارت هيلانة والدة الامبراطور قسطنطين فلسطين ، كانت أم الامبراطور امرأة مؤمنة وتقية فاضلة تدفعها عبادتها الصادقة والنابعة من عمق إيمانها بالرب يسوع المسيح ، وتقول الرواية حس النصوص المسيحية بأنها ذهبت إلى القدس لتبحث هناك عن الأماكن التي قدسها السيد المسيح أثناء حياته ورغبتها في الحصول على خشبة الصليب وسائر الآلات التي استخدمت في آلامه. ففتشت في المكان الذي دفنها فيه المسيحيون أثناء الاضطهادات، فوجدت ثلاثة صلبان ووجدت الكتابة والمسامير على حدة، فاحتارت في ايهما يكون صليب الفداء، فجاءوا بالصلبان الثلاثة ووضعوا الواحد تلو الآخر على امرأة مريضة ، فلما لمس صليب الفداء جسم المريضة برئت في الحال من مرضها ونالت الشفاء وتأكد لهم أنه الصليب الذي صلب عليه السيد المسيح .
وقد أرسلت القديسة هيلانة قسماً من الصليب والمسامير إلى قسطنطين وأبقت القسم الباقي في القدس حيث بنت كنيسة فخمة في مكان قبر السيد المسيح المخلص على نفقتها الخاصة وأرسلت القسم الثالث إلى قداسة البابا في روما . ثم زارت بيت لحم مهد السيد المسيح وبنت هناك أيضاً كنيسة مازالت قائمة حتى الان. أما الامبراطور فقد أصدر مرسوماً ملكياً يحرم فيه استعمال الصليب ألة للتعذيب أو تنفيذ حكم الموت، فأضحى الصليب مكرماً ومقدساً وعلامة ورمز للمسيحيين .
[تحرير] احتلال القدس
في عام 616 أنقضت على كنائس فلسطين هجمة شديدة بقيادة الملك كسرى احد ملوك الفرس ، ففتح القدس ودمر ونهب الكثير من المدن الفلسطينية وغنم الغنائم بما فيها خشبة الصليب المقدس المعروضة في كنيسة القيامة التي أبقتها القديسة هيلانة .
ولما أعتلى ملك الروم كرسي الملك في القسطنطينية سعى إلى الصلح مع الملك كسرى لكن الأخير لم يرضى ان يعقد صلحاً مع هرقل مهما تساهل في الشروط .
هاجم هرقل جيوش الفرس الثلاثة بجيش جبار وهزمها الواحد بعد الآخر وفر كسرى طالباً النجاة فقتله ابنه شيروه وأسرع الاخير في مفاوضة هرقل، وكان أول شرط في عقد الصلح استرجاع خشبة الصليب المقدس والتي كانت في حوزة الفرس لآكثر من ستة عشر سنة ، فتسلمها هرقل وجاء بها إلى القدس ليردها إلى مكانها عام 629 .
[تحرير] دخول الجلجلة
طبقاً للرواية المسيحية: دخل هرقل المدينة حاملاً خشبة الصليب المقدس على منكبه لابساً التاج والأرجوان ولكنه لما دنا من الجلجلةوحاول التقدم شعر بمانع غير منظور يمنعه من السير ، فتعجب هو وموكبه وسألوا البطريرك زكريا فقال: انظر أيها الملك هل يليق بأن تحمل صليب الفداء وأنت تتفاخر بالألبسة الملكية الفاخرة ، حيث حمله الفادي الألهي بالتواضع والهوان تحت سياط وسيطرة الجنود في طريق الآلام ، فخلع الملك التاج والأرجوان وحتى الحذاء وأرتدى لباساً رثاً وواصل المسير بالصليب المقدس إلى الجلجلة ووضعه هناك .(2)
[تحرير] عادات وتقاليد احتفالية
ولهذا العيد طقوس خاصة ومنها اشعال النار . قصة اشعال النار كما يسردها الكثيرين هي : انه عند اكتشاف صليب السيد المسيح أراد القيمون في القدس ايصال الخبر المفرح إلى الملكة هيلانة في القسطنطينية، فكانت أفضل وسيلة هي إشعال النار على رؤوس وقمم الجبال. فكانت كل المنطقة ترى النار مشتعلة تقوم بإشعال النار في منطقتها إلى أن وصل الخبر إلى الملكة هيلانة. فمن هنا جاء هذا التقليد الذي مازال قائما حتى يومنا هذا في كافة المناطق المؤهلة بالمسيحين .. (3)