تيفلت
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
تطور مدينة تيفلت التاريخي
مركز تيفلت ظهر مباشرة بعد التهدئة التي عرفتها المنطقة نتيجة الأوضاع المضطربة لقبائل زمور . هذه القبائل التي كانت تجوب المنطقة عموما في إطار نمط عيش " نصف ترحالي"، و هو النمط الذي ترتبت عنه صراعات بين القبائل الزمورية من جهة و قبائل زعير و بني حسن من جهة أخرى بهدف الإستيلاء على غابة المعمورة التي كانت توفر ظروف انتجاع مهمة كثيرا ما تحمست إليها هذه القبائل
هذه الأوضاع المضطربة تم حسمها نهائيا من طرف المستعمر الفرنسي الذي جلبته أيضا أهمية المنطقة ، فقام بتثبيت هذه القبائل و إنشاء اللبنة الأولى لبداية و ظهور مراكز حضرية من جملتها: مركز تيفلت الذي أنشئ عام 1912
- يمكن تلخيص ظروف نشأة المدينة في ثلاث مراحل تاريخية
- المرحلة الأولى قبل 1912 أي قبل الحماية
اتسمت هذه المرحلة – كما ذكرنا آنفا – بسيادة ظروف مضطربة في إطار أوضاع " السيبة" المترتبة إما عن ضعف أو غياب السلطة المركزية خلفت تصارع قبائل زمور على غابة المعمورة مع قبائل زعير و بني حسن ابتداء من القرن 18
قدمت قبائل زمور من جنوب المغرب و بعد توقف مرحلي في منطقة الأطلس المتوسط، تقدموا نحو غابة المعمورة التي استولوا عليها في نهاية القرن 19. بقيت المنطقة ، طيلة هذه الفترة، تعيش أوضاعا غير مستقرة سواء على المستوى الأمني(سيادة الإضطرابات) أو على مستوى نمط العيش(سيادة نمط العيش الترحالي والإنتجاع إلى حدود سنة 1912
- المرحلة الثانية 1912 – 1956
من أهم المراحل التاريخية في المنطقة؛ لإن سنة 1912 صادفت دخول المستعمر الفرنسي إلى المنطقة. هذا الإختراق الذي قوبل - على المستوى الإقليمي خصوصا – بمواجهة عنيفة من طرف القبائل الزمورية ، مما دفع المستعمر إلى إنشاء نقط و مواقع لمراقبة و تهدئة القبائل. من جملة نقط المراقبة تم اختيار موقع تيفلت لأهميته الإستراتيجية التي تسهل الهيمنة على المنطقة
أنشأ إذا المستعمر النواة الأولى لمدينة تيفلت؛ حيث أقام التجهيزات الأولى و هي ثكنة عسكرية و بعض المرافق الإدارية التي لم تباشر عملها إلا بعد انضمام القواد و الشيوخ المحليين تحت لواء المستعمر. كل هذه العوامل مكنت مركز تيفلت من دور إشعاعي منحه إمكانية التطور و الإزدهار. بعد ذلك سيعرف المركز فترة شبه ركود أي بعد انسحاب الدور القيادي للمنطقة لصالح مدينة الخميسات سنة 1923، مما خلق أيضا شبه فراغ إداري إلى حدود سنة 1944 السنة التي تم فيها إنشاء مكتب الحالة المدنية بالمدينة، هذا العامل كان فعالا في إمكانية استئناف تطور المركز و ازدهاره و إعادة الإعتبار إليه و لو على المستوى المحلي فقط. إضافة إلى هذا العنصر ازدادت أهمية المركز الإقليمية مع بداية دخول شبكة الطرق مرحلة الاستعمال و ظهور السوق المركزي ( سوق أربعاء مزورفة) و إنشاء بعض المحلات التجارية و الخدماتية على طول الطريق الرئيسية التي كانت تستجيب لحاجيات المسافرين العابرين و السكان الوافدين و لحاجيات المستعمر. كل هذا مكن المركز من الانفتاح و التطور بالإستفاذة من الموارد المحلية
- المرحلة الثالثة 1956 إلى الثمانينات
و جاء الاستقلال بعد جلاء المستعمر
منحت فترة الاستقلال المدينة فرصة أخرى لإعادة النهوض و التطور تجلى ذلك في عدد من المشاريع التي أقيمت بها في مختلف الميادين. ففي الميدان الإداري مثلا أنشئ مكتب بريدي و مقر الدرك. كما توسعت الخدمات العمومية و أضيفت مدارس جديدة و مستوصف و مصحة للتوليد و وحدة للهلال الأحمر المغربي و ثانوية، إضافة إلى مركز تجاري جديد بحي الفرح...إلخ
و بغض النظر عن كيفية استجابة هذه المرافق و المصالح لحاجيات المدينة و ساكنيها؛ فإن ما لوحظ في هذه الفترة هو أن هذه الإمكانيات لعبت دورا مهما في نمو المركز الحضري ، سواء على المستوى المجالي أو على المستوى الديمغرافي ؛ لأن هذه الإمكانيات – مع تواضعها – شكلت لسكان منطقة زمور – الذين تفتقر أريافهم إلى أبسط الخدمات الضرورية – فرصة لا تعوض سواء من خلال الالتحاق بالمركز و الاستقرار به نهائيا أو بهدف الاستقرار المؤقت أو لقضاء الأغراض الإدارية
كيفما كان الحال فإن ما يوفره المركز على مستوى الإقليم من مرافق في مختلف الميادين كان له الأثر البالغ في تقوية القدرات الجاذبة، مما فجر حركة هجرية تجلت آثارها على مستوى النسيج الحضري في التزايد الديمغرافي الهائل بالقياس الزمني و في الاكتساح الكبير للمجال نتيجة للوثيرة المتسارعة لحركة البناء. فعلى سبيل المثال ارتفع عدد سكان مركز تيفلت من 7233 نسمة سنة 1960 إلى 14303 نسمة سنة 1971 و حوالي 31 ألف نسمة سنة 1984. ( و أخيرا ما يناهز 70 ألف نسمة حسب الإحصاء العام للسكان و السكنى 2004
المهم أن هذه المرحلة الثالثة إلى حدود الثمانينات كانت بالنسبة لمدينة تيفلت أساسية في نموها و تطورها . و يذكر مارسيل ليسن أن مدينة تيفلت استمدت اسمها من كلمة بربرية هي:" تيفلفلت" التي تعني الفلفل، حيث عرفت المنطقة من قبل ازدهارا كبيرا لهذا المنتوج في الحقول التي كانت منتشرة على ضفاف واد تيفلت
.لكن مع هذا التطور الأخير لم تستطع مدينة تيفلت استعادة إشعاعها السابق الذي تكرس لمدينة الخميسات مركز الإقليم