السمع و الطاعة
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه : بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله فالسمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره : لهم معه ومع الأئمة بعده والأثرة : عدم منازعة الأمر مع الأئمة بعده خاصة فإنه لم يستأثر عليهم وقال تعالى : {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ} [ النساء : 80 ] . وأولو الأمر من أهل العلم وأهل الإمارة إنما تجب طاعتهم إذا أمروا بطاعة الله ورسوله، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " على المرء المسلم السمع والطاعة في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه ما لم يؤمر بمعصية الله، فإذا أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة " وقال صلى الله عليه وسلم : " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " . أن أطيع الله ورسوله وأطيع أولي الأمر إذا أمروني بطاعة الله، فإذا أمروني بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق هكذا دل عليه الكتاب والسنة واتفق عليه أئمة الأمة قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } [ النساء : 59 ] . ، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا طاعة لمخلوق في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف " ، وأن أصبر على جور الأئمة وأن لا أخرج عليهم في فتنة لما في الصحيح عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فمات فميتته جاهلية " . والله سبحانه قد أمر في كتابه عند تنازع الأمة بالرد إلى الله ورسوله لم يأمر عند التنازع إلى شيء معين أصلاً، وقد قال الأئمة إن أولي الأمر صنفان : العلماء؛ والأمراء وهذا يدخل فيه مشائخ الدين وملوك المسلمين كل منهم يطاع فيما إليه من الأمر كما يطاع هؤلاء بما يؤمرون به من العبادات ويرجع إليهم في معاني القرآن والحديث والإخبار عن الله، وكما يطاع هؤلاء في الجهاد وإقامة الحد وغير ذلك مما يباشرونه من الأفعال التي أمرهم الله بها، وإذا اتفق هؤلاء على أمر فإجماعهم حجة قاطعة فإن أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالة . وقوله : { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملآئكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } [ البقرة : 285 ] ، فعطف قولهم على الإيمان، كما عطف القول السديد على التقوى، ومعلوم أن التقوى إذا أطلقت دخل فيها القول السديد، وكذلك الإيمان إذا أطلق دخل فيه السمع والطاعة لله وللرسول. وفي صحيح البخاري ومسلم وغيرهما عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله وعلى أن نقول أو نقوم بالحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم " وفي الصحيحين أيضا عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك " . ومعنى قوله " وأثرة عليك " " وأثرة علينا " أي وإن استأثر : ولاة الأمور عليك فلم ينصفوك ولم يعطوك حقك، كما في الصحيحين عن أسيد بن حضير رضي الله عنه، أن رجلا من الأنصار خلا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألا تستعملني كما استعملت فلانا ؟ فقال : " إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض " . وهذا كما في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها تكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها " قالوا : يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك ؟ قال : " تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم " وفي صحيح مسلم عن وائل بن حجر رضي الله عنه، قال : سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن قامت علينا أمراء يسألوننا حقهم ويمنعونا حقنا : فما تأمرنا ؟ فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فحدثه الأشعث بن قيس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم " . فذلك ما أمر الله به ورسوله من طاعة ولاة الأمور ومناصحتهم : هو واجب على المسلم، وإن استأثروا عليه . وما نهى الله عنه ورسوله من معصيتهم : فهو محرم عليه، وإن أكره عليه .