سورة البلد

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

تضم هذه السورة الصغيرة جناحيها على حشد من الحقائق الأساسية في حياة الكائن الإنساني ذات الإيحاءات الدافعة واللمسات الموحية . حشد يصعب أن يجتمع في غير القرآن الكريم . وأسلوبه الفريد في التوقيع على أوتار القلب البشري بمثل هذه اللمسات السريعة العميقة . .

تبدأ السورة بالتلويح بقسم عظيم ، على حقيقة في حياة الإنسان ثابتة :


( لاأقسم بهذا البلد . وأنت حل بهذا البلد . ووالد ما ولد . لقد خلقنا الإنسان في كبد )

إن القسم بوالد وما ولد ، ليلفت نظرنا إلى رفعة قدر هذا الطور من أطوار الوجود - وهو طور التوالد - وإلى مافيه من بالغ الحكمة وإتقان الصنع وإلى ما يعانيه الوالد في تكميل النشىء .

(لقد خلقنا الإنسان في كبد ) .خلق الإنسان في مكابدة ومشقة ،وجهد وكد ، وكفاح وكدح .كما قال في السورة الأخرى : ( ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه )

.

بعد تقرير حقيقة طبيعة الحياة الإنسانية يناقش دعاوى ( الإنسان ) وتصوراته . ( أيسحب أن لن يقدر عليه أحد ؟ يقول : أهلكت مالاً لبدا . أيسحب أن لم يره أحد ؟)

إن هذا الإنسان المخلوق في كبد ، الذى لا يخلص من عناء الكدح والكد ، لينسى حقيقة حاله وينخدع بما يعطيه خالقه من أطراف القوة والقدرة والوجدان والمتاع ، فيتصرف تصرف الذي لايحسب أنه مأخود بعمله ولا يتوقع أن يقدر عليه قادر فيحاسبه .. فيطغى ويبطش ويسلب وينهب ، ويجمع ويكثر ، ويفسق ويفجر ، دون أن يخشى ودون أن يتحرج ..وهذه صفة الإنسان الذي يعرى قلبه من الإيمان .

( ألم نجعل له عينين ؟ ولساناً وشفتين ؟ وهديناه النجدين ؟ )

إن الإنسان يغتر بقوته ، والله هو المنعم عليه بهذا القدر من القوة . ويضن بالمال . والله هو المنعم عليه بهذا المال . ولا يهتدي ولا يشكر ، وقد جعل له من الحواس ما يهديه في عالم المحسوسات : جعل له عينين على هذا القدر من الدقة في تركيبهما. وفي وقدرتهما على الإبصار . وميزه بالنطق . وأعطاه أداته المحكمة : ( ولساناً وشفتين ) . ثم أودع نفسه خصائص القدرة على إدراك الخير والشر ، والهدى والضلال . والحق والباطل : ( وهديناه النجدين )

(فلا اقتحم العقبة ..وما أدراك ما العقبة .فك رقبة . أو إطعام في يوم ذي مسغبة ، يتيماً ذا مقربة ، أو مسكيناً ذا متربة . ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة . أولئك أصحاب الميمنة )

(العقبة ) هي التي يقتحمها الإنسان – إلا من استعان بالايمان _ والتي تقف بينه وبين الجنة لو تخطاها لوصل !

(وما أدراك ما العقبة ! ) إنة تفخيم وتعظيم شأنها عند الله ، وتحفيز الإنسان إلى اقتحامها وتخطيها ، مهما تتطلب من جهد ومن كبد .

(أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً ذامقربة أو مسكيناً ذا متربة )

(المسغبة ) :المجاعة وقد حفل القرآن بالوصية باليتيم وفك الرقاب وإطعام الطعام كانتا من إيحاءات البيئه الملحة .

(ثم كانوا من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر ، وتواصوا بالمرحمة ) .

  (  الصبر ) هو العنصر الضروري للإيمان بصفة عامة ، ولاقتحام العقبة بصفة خاصة .والتواصي به يقرر درجة الصبر ذاته ودرجة تماسك الجماعة المؤمنة ، وتواصيها على معنى الصبر ، وتعاونها على تكاليف الايمان .

المصدر : في ظلال القرآن – سيد قطب .


[[{{{سابق}}}|«]] سورة البلد [[{{{لاحق}}}|»]]
الترتيب في القرآن 90
عدد الآيات 20
عدد الكلمات 82
عدد الحروف 335
الجزء {{{جزء}}}
الحزب {{{حزب}}}
النزول مكية

نص سورة البلد في ويكي مصدر
مكتبة النصوص الحرّة



هذه بذرة مقالة عن موضوع إسلامي ديني أو تاريخي تحتاج للنمو والتحسين؛ فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.