الشيخ الطيب أحمد هاشم
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الشــــــــــيخ الطيب أحمد هاشـــم
مفتـــــــى الســـــــــــودان
ولد الشيخ الطيب بقرية الكمير ( كمير الجودلاب أو كمير ود هاشم ) شمال المتمة عام 1273 هجرية و والده الشيخ أحمد هاشم كان قاضياً لمركز بربر في ذلك العهد ووالدته السيدة آمنة الفكى أحمد من بنات ود العقيد وهى من عمراب شبيلية
أخذه و الده بعد ما نشأ و ترعرع إلى بربر و أدخله خلوة ألشيخ الفقية (على مصطفى يمانى الشايقى ) و هو شيخ مشهور بالتقوى و الصلاح فحفظ القرآن الكريم على يديه. ثم أرسله والده بعد أن درس عليه قدراً من الفقة و النحو إلى ألأستاذ الورع الشيخ محمد الخير عبد الله خوجلى فدرس العلم لديه . و كان ألأستاذ يقدر تلميذه الشيخ الطيب و يحبه كثيراً و يفضله على كثير من طلبته لما رأى فيه من مخائل النجابة و الذكاء و دماثة الخلق و يشاوره فيما يعن له من أمور ثم اجتمــــع بالشيخ الجليل عبد الحى الطرابلسى فأخذ عنه ما تيسر له من العلم . و أخيراً درس أيضاً على الشيخ الكبير و العالم الجليل الشيخ الحسين الزهــــراء. و قد التقى قبل ذلك بالولى الشهير و العارف الكبير السيد محمد المختار الشنقيطى فأحذ عنه الطريقة التجانية و مدحه هو و الشيخ أحمد التجانى رضى الله عنهما وهو في ريعان صباه بقصـــائد جمـــة رتبها على حروف المعجم في ديوان سمـــاه (الفيض الربانى في مدح سيدى أحمد التجانــــى).
و بعد أن أنتهـــى من الدراســــة عين كاتباً بمحكمة بربر الشـــرعية حتى ترقى إلى وكالة ألأفتــــاء بها و ذلك في أيام الحكم المصـــرى قبل المهدية و استمر ببربر إلى سقوطها قبل الخرطوم على يد أستاذه الشيخ محمد الخير و كان يحمله رسائل خاصة إلى ألإمام المهـــــدى بأمدرمــــان التى اتخذها مقر دولته بعد فتح الخرطوم .
وعندما صار الشيخ محمد الخير اميرا على دنقلا في ايام الخليفه عبدالله التعايشى اصطحب الشيخ الطيب معه إلى دنقلا كاتبا له فمكث معه مده وجيزه .ثم انتشر علمه وتقواه وكريم خلقه في اصقاع السودان حتى بلغ مسامع الخليقه فارسل في طلبه واحضره من دنقلا وعينه كاتبا في ديوانه ثم أناط به تربيه فلذه كبده وولى عهده الأمير عثمان الملقب بشيخ الدين لتهذيبه وتدرسيه الأحاديث النبويه واد آب اللغة العربيه والتاريخ الاسلامى.
ولما انتهت المهدية احلته حكومه الاحتلال منصبا لائقا بعمله وادبه وفضله فعينته قاضيا لمركز الخرطوم فاقام في القضاء سته أشهر ثم وقع اختيارها عليه ليشغل أول مفتى للدريار السودانييه في سنه 1900م.
أعمالـــــــــــــــــــــــــه
لبث الشيخ في وظيفه الاِفتاء مده ربع قرن وعاشر في اثناء ذلك اصحاب الفضيله من العلماء المصريين الذين تبوءوا وظيفه قاضى قضاءه السودان امثال الشيخ محمد شاكر والشيخ محمد هرون والشيخ محمد مصطفى المراغى والشيخ محمد امين قراعه وكان الجميع من اعز أصدقائه وعارفي علمه وفضله وكانوا يجلونه غاية الإجلال وكانت مجالسهم الخاصة مناقشات عمليه وأدبيه ومسائل اجتماعيه وأداريه لوضع الأسس اللازمة لإنشاء المحاكم الشرعية بالسودان. وعندما زار الإمام الأكبر الشيخ محمد عبده مفتى الديار ألمصريه السودان اجتمع به كثيرا فاجله وأخيرا زار الشيخ الطيب مصر في سنه 1905م فكان الشيخ الإمام يعانى داء عضالا فأوصى الشيخ عبد الكريم سلمان وأمثا له من ذويه الاماثل باكرامه والاحتفاء به وفى هذه الفتره الطويله التى تولى فيها مركز الافتاء ونيابه قاضى القضاء كان مستشارا للحكومه لا ترد كلمته ويؤخد برايه.
فى كثير من الامور التى استقرت أسسا إلى العهد الحاضر وكان عونا ورحمه لكل من يؤمه من أبناء السودان طالبا للخدمه الحكوميه فبذل في ذلك جهدا يذكر فيشكر في تعيين اخوانه من علماء السودان قضاه من الرعيل الأول في المحاكم الشرعيه كما أعان كثيرا من السودانيين في تبوء وظائف أداريه في دوائر الحكومه.
وكان من شده تواضعه كمثل الجندى المجهول يساعد في كل الشئون الخاصه بالسودان وأهله في غير جلبه ولا ضوضاء ولا يظهر شخصيته في ذلك لنبل صفاته وانكاره لذاته ويسدى المعروف لاهله من غير طلب منهم ولا تشوف وقد بذل مجهودا عظيما مع الحكومه الغابره في تخصيص اراضى بالخرطوم للاوقاف السودانيه وفى بناء المساجد بنواحى السودان المختلفه كما كان عضوا قويا في ما تم تدريجيا بالمعهد العلمى بامدرمان من تعيين العلماء الاوائل وغير ذلك مما يدور من شئونه
وعموما فقد كان لاينى ولا يعرف كللا ولا مللا في ايصال الخير لكل من يريد منه أمرا من الأمور الخاصه به .
وأفضـــل العبـــــــاد عند الله من ساعد الناس بفضل الجاه
تأليفه
كان الشيخ مع كثره اعماله يبذل وقته في دراسه العلم فألف ارجوزه نحويه سميت على سبيل المجاز الفيه وانما هى الف وثلثمائه بيت من الشعر زاد فيها كثيرا على ما في الفيه ابن مالك مما احتوته الكتب النحويه وقد نظم قبل ذلك السنوسيه و ايساغوجى في المنطق كما الف منظومة في اسماء الله الحسنى وأخيرا نظم العقائد النسفيه وغير ذلك مما أراد تقييده من المسائل العلميه بالشعر فانه قيد الأوابد كما تقول العرب كما شطر لاميه العجم للطغرائى.
وللشيخ ديونان كبيران في مدح النبى صلى الله عليه وسلم .وكان في أواخر عمره بعد رجوعه من الأعمال ألمكتبيه يقرض الشعر في مدح النبى صلى الله عليه وسلم ويقوم بتشطير كثير من القصائد النبويه للشيخ عبد الرحيم البرعى والوزير الجليل لسان الدين بن الخطيب والشيخين الحنفى والشبراوى وغيرهم. كما شطر برده الامام البوصيرى وسماها طيب الورده في تشطير البرده وفد جارى ايضا الشيخ البوصيرى بهمزيه في مدح خير البريه ونسج اخر كالبرده كما فعل مثل ذلك امير الشعراء شوقى بك وله كثير في الاخوانيات وغير ذلك مجموع في مؤلفين كبيرين اشتملا على جميع ما ذكرناه واقتطفنا منهما الزهرات اليانعات هذة رغبه في نشر ماقام به بعض رجالات السودان من الاعمال العلميه والادبيه .( ألأزهار ألشذية )
وفــــــــاته
كان الشيخ الطيب أول مفتى للسودان ونائب لقاضى القضاه طيله خمسه وعشرين عاما أدى فيها خدمات جلية للبلاد وأبنائها إلى أن توفى يوم السبت 28 صفر الخير سنه 1343ه الموافق 27 سبتمبر سنه 1924م رجمه الله وفاض على جدثه شآبيب المغفره والرضوان . و يرجـــع له الفضـــل في بنــــاء مســـجد قرية كمير الجودلاب بصورته الحالية عام 1910 م .
نشر له إبنه الشيخ أحمد البشير الطيب أحمد هاشم ديوان (ألأزهار الشذية في مدح خير البرية ) و عثرنا في مكتبة حفيده اللواء (م) الزين حسن الطيب أحمد هاشم على مخطوط ديوانة كامـــــلاً تم تصـــويره و حفظه إلى أن يحين تحقيقة و نشره .
و من أشعاره ما أورده ألأستاذ ( سعد ميخائيل ) في كتاب شــــعراء الســـودان بعد أن ترجم لـــه قــــائلاً :
( إن منصب ألأفتـــاء ليفخر إذ تبوأه صاحب الفضيــــلة الشيخ الطيب بما منحه المولى من ألآداب و التعمق في أصــول الدين و الشـــريعة ألإســــلامية . إذا نطق أجــــاد وإذا تكلــــم خرق أشد حجـــاب المشــــاكل كثافةً. و هــو إمـــــام الفلسفة الدينية و محط الشريعة ألإســـــلامية . وهو عدا ذلك شــــاعر رقيق زكى الفؤاد أولــــع بتشطير أصعب القصـــائد الدينية فجاءت متممة للأصــــل . و إمتــــاز بالتــــواريخ في كل قصـــائدة فـــلا ترى لة قصيدة دون تاريخـــــها و العجيب المدهش أنة يأتيك بالتـــاريخ ســــلساً ســــــهلاً كأنة خلق للقصــــيدة و القصـــيدة خلقت له).
قــــال مهنئاً أخاه صاحب الفضيلة ألشيخ أبو القاسم بابنه الشيخ محمد أبو القاسم:
سرت البشائر بعد طول تقادم تنبى ألأحبة بالحبيب القادم
و الطير تسجع فوق بانات الربى سحراً فتشجى كل صب هائم
و المزن جاد بمائة روضا بة أزهارة ضحكت بثغر باسم
و الفضل من رب البرية غامر لجميعنا بمحمد بن القاسم
و قد تحلت صــورته بالأبيات ألاتية و التى تعكس إيمانه الكامل وورعه الجم :
أن سار غيرى للهوان و للهوى فإلى العلى و المكرمات أسير
أو سامر الناس الحسان سفاهةً فسميرى القرآن و التفسير
المصادر
1. كتاب "شعراء السودان" لى الأستاذ سعد ميخائيل
2. كتاب "رواد الفكر السودانى" لى الأستاذ محجوب عمر باشرى