تاريخ الجزائر
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
كان السكان الأوائل من البربر كقبائل مجهولة الأصل . وقد ظهر بها فن الرسم علي الصخور في عصر ماقبل التاريخ (أنظر : فن ماقبل التاريخ ) يرجع لسني 6500ق.م. حتي 1200ق.م.وكان وقتها السكان يمارسون صيد الجاموس البري.
[تحرير] إضمحلال الحكم الروماني
ولما إضمحلت روما عسكريا وسياسيا إنسحبت من الجزائر في القرن الثالث ميلادي عندما ظهرت حركة مذهب الدوناتية علي يد القديس الجزائري سانت أوجستين في القرنين الرابع والخامس وهو عبارة عن هرطقة مسيحية . إستولت قبائل الفندال الجرمانيون في القرن الخامس وطردهم البيزنطيون بعد قرن أيام الإمبراطور قسطنطين الذي كان يحلم بإستعادة مجد روما. شمال أفريقيا ونشر علي يد الكاهنة وكة حيث كانت السواحل والسفن تتعرضان للقرصنة البحرية.
[تحرير] الجزائر في العصر الحديث
كانت بلاد المغرب الإسلامي موحدة تحت لواء دولة الموحدين ،وبسقوطها سنة 1269،انقسمت إلى دول متعددة،أبرزها
- الدولة الحفصية في المغرب الأدنى
- الدولة الزيانية(بنو عبد الواد)في المغرب الأوسط
- الدولة المرينية في المغرب الأقصى
- دول الطوائف في الاندلس اهمها(بنو نصر في غرناطة)
[تحرير] الإستعمار الأوروبي
المقال الرئيسي: الإحتلال الفرنسي للجزائر ، ثورات على الإستعمار الفرنسي للجزائر
في القرن 18 حيث كانت السلطنة العثمانية في أفول. وتكتلت القوي البحرية الأوربية لضرب سواحل الجزائر بالمدافع الحديثة عام 1815م. فقصفها الأسطولان الإنجليزي والهولندي . لكن فرنسا إحتلتها عام 1830م وبدأت في السيطرة على أراضيها ، ففي 8 سبتمبر 1830 أعلنت كافة الأراضي الأميرية وأراضي الاتراك الجزائريين على أنها أملاك للدولة الفرنسية. وفي أول مارس 1833 صدر قانون يسمح بنزع ملكية الأراضي التي لا توجد مستندات لحيازتها، كما نشرت مراسيم ساعدت الفرنسيين على السيطرة على أملاك الأوقاف وتم السيطرة على الأراضي على نطاق شامل. وواجه الفرنسيون مقاومة عنيفة من القبائل عندما بدأت تتوغل للداخل. وكان الصوفيون من الطريقة القادرية بقيادة عبد القادر الجزائري يحاربون الفرنسيين حتي عام 1847م. وظل البربر يواصلون مقاومتهم بشرق الجزائر وقاموا بثورتهم الدامية عام 1871 م ضد الحكم الفرنسي. وشجعت فرنسا الأوربيين للإستيطان وشراء الأراضي من الجزائريين المسلمين. وقاموا بنشاط زراعي وإقتصادي مكثف. وحاول الفرنسيون صبغ الجزائر بالصبغة الفرنسية والثقافة الفرنسية وجعلت اللغة الفرنسية اللغة الرسمية ولغة التعليم . لكن رغم فرنسة الجزائر نبعت الحركة الوطنية هناك تطالب بالإستقلال. ولاسيما بعد الحرب العالمية الأولي عام 1918. وطالب الوطنيون بمساواتهم بالأوربيين. واثناء الحرب العالمية الثانية نظم الوطنيون صفوفهم للمقاومة التي ظلت مستمرة، فيما سمى حرب الجزائر، حتي الإستقلال 1962.
عرف الشعب الجزائري بالأمازيغ بمعنى "" الرجال الأحرار ""
. [[ المعهد الوطني للتكوينات البيئية
" دنيا " التقى طفل جزائري جسوروفضول ب" دنيا "
صديقة الطبيعة والمدافعة عن البيئة، فسألها أولا عمن تكون.. وعن ماهية مهامها في الحياة.. فجرى بينهما حوارمطول كان كما يلي: الطفل:أهلا وسهلا بك أيتها الغزالة الجميلة.. لقد رأيتك عدة مرات على شاشة التلفزة الجزائرية ،فمن أنت يا ترى ؟ ولماذا نشاهدك دوما تجوبين الجزائرطولا وعرضا، تارة في الصحراء.. وتارة أخرى نراك تركضين في الغابات.. وأحيانا متسلقة الجبال والهضاب ، ألا تتعبين؟.. " دنيا ": أنا في خدمة بلادي الجزائر، فلا أعيراهتماما، لا للتعب، ولا للمسافات..ألم تعلم بعد أني أنا " دنيا ".. صديقة الطبيعة وحامية بيئتها والمدافعة العنيدة عن بقاء طهارتها.. وأني عدوة المفسدين فيها؟.. أنا غزالة جزائرية الأصل، صحراوية المنشأ.. اسمي العلمي " دوركاس" لاحظت في السنوات القليلة الماضية تدهورا كبيرا قد لحق ببيئة الجزائر، برا وبحرا وجوا.. فصممت أن أقوم بعملية تحسيس واسعة النطاق لتشمل كل الجزائريين..أحاول أن أشعرهم فيها بضرورة تحمل مسؤولياتهم والقيام بواجباتهم إزاء بيئة بلادهم الجميلة.. وأقول لهم : أن البيئة الجزائرية ليست كما يتوهم بعضهم.. حدائق عمومية ومساحات خضراء وغيرخضراء وحقول وغابات وجبال وحيوانات وسدود وبحيرات وصحارى.. وإنما هي في الحقيقة أوسع وأشمل من ذلك بكثير.. البيئة هي كل الموجودات على أرض الجزائر في بحرها من أسماك ونباتات وطيوروحيوانات وأشجاروكائنات حية أخرى معروفة وغير معروفة .. وزيادة عن ذلك البيئة حضارة وثقافة وتاريخ وعادات وتقاليد ... أي هي ديموغرافيا وجغرافيا وتاريخ.. وأن البيئة قد ذكرها الله في كتابه العزيز وأمرنا بضرورة الحفاظ عليها ونهانا عن إفسادها. الطفل الجزائري: وماذا قال الله في شأن البيئة ؟ دنيا: قال الله تعالى في شأنها الكثيرالكثيرومنها:
باسم الله الرحمن الرحيم:
" واذكروا إذ جعلكم خلفاءَ من بعدعاد وبوَأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبالَ بيوتا فاذكروا آلاءَ الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين " الطفل: صدق الله العظيم، سأعمل بذلك إن شاء الله.
يا صديقة الطبيعة أريد أن أعرف عن بلادي وعن بيئتها الثقافية والتاريخية، ماضيها وحاضرها، الشيء الكثير.. فهل بمقدورك أن تحدثيني عن ذلك؟
دنيا : طبعا طبعا..ها أنا أقول: يا أنصارالبيئة ويا محبي الطبيعة من سكان الجزائرومن زوارها، إن شئتم معرفة بيئة الجزائرالثقافية عبرتاريخها..والاطلاع على ثرواتها الفكرية والفنية فلا بد أن تعرفوها هي أولا.. ثم يحق لكم معرفة بيئتها..البرية والبحرية والجوية..وابدأوا من معرفة موقعها الجغرافي وأهميته من العالم..وكذا مساحتها ، وإمكاناتها البشرية والمادية ومواردها الطبيعية الظاهرة منها والباطنة.. ومناخها إن كان باردا أو حارا، متوسطا معتدلا أم قاريا جافا.. أم يضم كل تلك العناصر.. وكذا حدودها الإقليمية، البرية والبحرية، ومجالها الجوي..ومن ثم يمكنكم الولوج إلى خبايا طبيعتها وعدد ما يعيش على أرضها من مخلوقات وكائنات حية، كالتي تزحف على بطنها في البرأوالتي تمشي على إثنين ..أوعلى أربع..أوالتي تسبح في البحرعائمة.. أوفي الجو..طائرة .. فإن لم تكونوا على علم..بذلك.. فاعلموا أن الجزائروما أدراكم ما الجزائر!..هي التي قال فيها شاعرها العظيم مفدي زكرياء: جزائر يا مطلع المعجزات * ويا حجة الله في الكائنات... ثم قال:
قل الجزائرواصغ إن ذكراسمها تجــد الجبـابـرة ساجـدين وركــعا.
إن الجزائـر في الوجـود رسـالة
الشـــعــب حـررها وربــك وقــعا
إن الجـزائـر قــطــعة قـدســــية
في الكون لحنها الرصاص ووقعا
وقــصــيـدة أزلـــية أبـيــــاتــــها
حـمـراء كـان لـها نوفمـبرمــطلـعا
نظمت قوافيها الجماجم في الوغى
وســقى النــجيـع رويـها فـتــدفــعا
غـنى بها حرالضمير فأيـقظـت
شعبا إلى التحريرشـمـرمسـرعا
سمع الأصـم رنينها فـعـنا لها
ورأى بها الأعمى الطريق الأنصعا..
أما شعبها الحرالأبي فهوالقائل فيه إمام نهضتها الثقافية الشيخ المصلح
عبدالحميد بن باديس رحمة الله عليه:
شـعب الجزائر مسلم
وإلى العـروبة يـنتـســب
من قال حاد عن أصله
أوقال مـات فــقد كـــذب
أورام إدمــاجــا لــه
رام المحال من الطـــلب
يا نشأ أنت رجــاؤنا
وبـك الصباح قد اقتــرب
خــذ للحيـاة سلاحــها
وخض الخطوب ولا تهب...
- الطفل: كل هذه الأشعارقد حفظت قليلا منها وأريد منك أن تذهبي بي إلى عمق الماضي.. ماضي أجدادي القدامى، فهل تستطيعين الوصول إلى ﺫلك؟ - دنيا: طبعا أستطيع ، سأحدثك قليلا عما قبل التاريخ، فاستعد واستوعب.. واعلم أنك لن تستطيع معي صبرا حينما أغوص بك في عمق تاريخ الجزائروالحديث عن أمجادها.. ودعني أولا أعرفك بجزء يسيرمن ماضيها البعيد.. ثم أقفزبك إلى حاضرها متخطية مراحل كثيرة.. فعندما تكبرتستطيع العودة إليها.. كل الدلائل والشواهد والحقائق العلمية التي تم اكتشافها لحد الآن من بقايا عظام بشرية بالشمال الإفريقي وبالأخص في ناحية تـيغنيف بالغرب الجزائري تشيرإلى أن تواجد الإنسان بالجزائريعود إلى حوالي 500.000 سنة خلت.. ، بينما أرخت الرسوم الصخرية التي تتواجد في التاسيلي بأقصى الجنوب الجزائري ب 5.000 سنة قبل الميلاد. وقد تم إطلاق عدة أسماء على سكان الجزائر الأصليين أشهرها: " النوميديون "
- الطفل: من هم هؤلاء النوميديون وماذا كانوا يفعلون ؟ - دنيا: النوميديون هم سكان الجزائرالأصليون الذين أنشأوا ممالك لهم في القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد، أي قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام.. كمملكة سيفاكس وماسينيسا ويوغورطا .... وقد عرفت الجزائرعبرتاريخها الطويل عدة حملات احتلال أجنبي منها:
غزو جيوش الوندال الهمجية التي اجتاحت الجزائروعاثت فيها فسادا كبيرا ولا سيما في المجال البيئي.. وذلك خلال سنة 429- 430 ميلادي ، ثم من طرف البيزنطيين سنوات: 533 إلى 646 ميلادي..
وبعد ﺫلك جاء الفتح الإسلامي 647 م وتم إنشاء المملكة الرستمية: 767- 909 ميلادي.. فالفاطميون 908- 972 م، الزيريون 972- 1148م، فالحماديون. 1052- 1007 م، فالمرابطون 1052- 1147 م ، ويليهم حكم الموحدين 1121- 1235 م، وبعد ذلك حكم الزيانيين 1235- 1556 م ، ثم دخلت الجزائر تحت الحماية العثمانية 1518 ميلادي ، وأخيرا جاءت فترة الاستدمارالفرنسي من:
1832 إلى غاية 1962 ميلادي، تاريخ استرجاع الجزائرلاستقلالها وسيادتها.
الطفل: لقد دوختني بهذه الأسماء والأرقام.. لكن لا بأس سأحتفظ ببعض المعلومات الأساسية..
( أنا في قلب الجزائروالجزائر في قلبي، إذن.. الجزائر هي أنا، فكيف لا أحافظ عليها ؟ )
الطفل: كم يبلغ عدد سكان الجزائرحاليا ؟ دنيا: بلغ عدد سكان الجزائرفي شهرجانفي 2005 إثنين وثلاثين مليون وستمئة ألف نسمة، ويتمركزون في شمالها على طول السواحل.. وقد بلغت نسبة النموالديمغرافي التي كانت من أعلى النسب عالميا 3,4 %، وفي السنوات الأخيرة عرفت انخفاضا ملحوظا حيث بلغت 1,63 % فقط في 2005. وسُجل تراجع معتبرأيضا في معدل سن الزواج أي 29 سنة بالنسبة للإناث و 33 سنة بالنسبة للذكور، مع انخفاض كبيرفي نسبة الإنجاب، أي 2.4 في 2005. هذا ويبلغ معدل عمرالإنسان الجزائري حاليا 75 سنة، بينما تبلغ نسبة التغطية الطبية مستوى لا بأس به، إذ أضحى لكل 1006 نسمة طبيب، و 1.93 سريرلألف نسمة الجزائر قلب العالم من حيث بعدها الجغرافي المتميز ومن حيث احتكاكها بمختلف حضارات وثقافات االكون
- الطفل:: إذن الجزائرهي أكبردولة في العالم ! - دنيا: لا يا بني..الجزائردولة كبقية الدول الموجودة على خارطة العالم ، تحتل إقليما جغرافيا محددا، يقع في أقصى شمال إفريقيا، يحدها شمالا البحرالأبيض المتوسط ، وشرقا دولة تونس وليبيا الشقيقتان وغربا المملكة المغربية الشقيقة، ومن الجنوب الغربي كل من الصحراء الغربية المحتلة وجمهورية موريتانيا الشقيقة، ومن الجنوب جمهورية مالي ومن الجنوب الشرقي كل من النيجروالجماهيرية الليبية أيضا. تتربع الجمهورية الجزائرية على مساحة جغرافية تقدرب :2,381,741 كلم. يقطنها ما يفوق 33 مليون نسمة يتوزعون على 48 ولاية، أكثرهذه الولايات كثافة سكانية: الجزائرالعاصمة ثم ولاية سطيف، وأقلها: ولاية.إليزي بأقصى الجنوب الشرقي. عاصمتها " الجزائر " جمع جزيرة ، يعود تاريخ إنشائها إلى ألف سنة خلت، وتتموقع بين جبل بوزريعة الشامخ والضفة الجنوبية للبحرالأبيض المتوسط.. ذلك موقعها القديم..أما اليوم ونظرا للتوسع العمراني الذي عرفته خلال الفترة الأخيرة فقد امتدت أرجاؤها حتى وصلت حدود ولايات أخَرى كولاية تيبازة غربا وولاية بومرداس شرقا وولاية البليدة جنوبا. أهم أحياء الجزائرالعاصمة من حيث الكثافة السكانية حي باب الوادي.. ثم يليه حي بلوزداد فحي الجزائرالوسطى ثم أحياء حسين داي..المدنية ..الأبيار ..حيدرة ..بن عكنون ثم الحراش وبيرالخادم وبيرمراد رايس... يتميزالإقليم الجزائري من حيث المناح بكونه متعدد الفصول..بحيث يستطيع الزائرالكريم لها أن يعيش الشتاء فيها شمالا وفي نفس الوقت الصيف جنوبا والربيع والخريف بهضابها العليا، فهي ذات مساحة جغرافية شاسعة.. فإن شاء قطع المسافة الفاصلة بين شمالها وجنوبها انطلاقا من عاصمتها باتجاه الجنوب والتي تقارب 2400 كلم ، سواء عبرالبرأومن خلال الجو، ظن نفسه قد وصل عاصمة الضباب لندن.. وهي نفس المسافة، أي أنه قد قطع البحرالأبيض المتوسط ومرعلى مساحة فرنسا بكاملها ثم بحر " المانش " الفاصل بين فرنسا وبريطانيا وأخيرا لندن.. فلا تستغرب ذلك لأنه الواقع بعينه. وإن شاء مزيدا صغت له مثالا آخرأكثرغرابة وأبعث مدعاة للدهشة ، فكما هو معروف فإن دولة أوروبية مركزية وهي عاصة للاتحاد الأوروبي آلا وهي " بلجيكا " تكبرها الجزائر مساحة ب 78 مرة..أي أن بالجزائر (78) بلجيكا؟! والأغرب على الإطلاق هوأن ولاية كولاية الجلفة وهي واحدة من ضمن 48 ولاية - يتضمنها التقسيم الإقليمي الجزائري - تفوق مساحتها مساحة الكيان الصهيوني الذي تفوق- اقتصاديا وعلميا وعسكريا- بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة ب6000 آلاف كلم 2 ، إذ تبلغ مساحة ذلك الكيان 27000 ألف كلم2 بينما تبلغ مساحة ولاية الجلفة 33000 ألف كلم2!! وتتربع الجزائرعلى أكثرمن 1200كلم من السواحل وتعتبرالدولة الإفريقية الثانية من حيث المساحة بعد السودان وتضم أربعة أنواع من التضاريس متباينة من ناحية الامتداد والتي تتابع من الشمال إلى الجنوب ففي الشمال، وعلى امتداد الساحل المتوسط، تمتد السهول والمساحات الخصبة.. والتلال الجزائرية ذات عرض متباين ( من 80 إلى 190 كلم) تحتوي على معظم الأراضي الزراعية، يأتي بعدها حزام جبلي يحتوي على عدة سلاسل جبلية (الأطلس التلي, الأطلس الصحراوي و مرتفعات الأوراس) إذ تحيط بدورها منطقة شاسعة مرتفعة تعرف بالهضاب العليا تحتوي على أراض شبه قاحلة وبحيرات مالحة (الشطوط) تجمع المياه السطحية (النقطة الدنيا فيها هي: شط ملغيغ 40 متر). جنوب الأطلس الصحراوي، حيث تمتد الصحراء الجزائرية و تمثل لوحدها أكثرمن 80 % من المساحة الكلية للجزائر. تتمثل الصحراء في عدة هضاب صخرية و سهول حجرية تتخللها منطقتان رمليتان (العرق الغربي الكير.. والعرق الشرقي الكبير) اللتان تمثلان مساحات شاسعة من الهضاب الرملية. ومن جهة أخرى تعال معي نسلط قليلا من الضوء على بعض جوانب تاريخ الجزائريين المطموس والذي يراد له ألا يظهرأبدا.. - دنيا: هل تعلم أن أجدادك الجزائريين هم أول من اكتشف قارة أمريكا ؟ - الطفل: كنت من قبل أسألك وأصدقك في الإجابة، أما الآن فلا أصدقك في هذه.. لأن أستاذ التاريخ قال لنا أن قارة أمريكا اكتشفها كريستوف كولومبس. - دنيا: يا صديقي.. الحديث عن الجزائروأمجاد الجزائر يجرنا إلى ذكربعض الحقائق التي كاد التاريخ أن يهمل معالمها، لولا بعض المحاولات المتواضعة التي نعثرعليها هنا وهناك، والتي أنجزها بعض المؤرخين الوطنيين وعلى رأسهم الدكتورابراهيم فخار.. فعلى الرغم من قلة محاولات البحث في هـﺫا المجال.. فسوف يأتي يوم وتنجلي فيه الحقيقة المغيبة عمدا..فانطلاقا من ذلك، دعني أقدم لك صورة عن أمجاد أجدادك.. صورة حتى لو بدت رمادية، لم يتم صقلها بعد.. وإزالة ما علق بها من شوائب.. فقد تتفاجأ أنت وغيرك لما يرد فيها من حقائق - وإن شاء الله - سوف يثبتها التاريخ ولوكره الكارهون: الطفل: هيا هاتي ما عندك سأسجل ذلك على آلة تسجيل دنيا: إن عبارة:( goidalaghara ) التي كانت إلى وقت قريب نكتة لدى بعض الجزائريين يتداولونها فيما بينهم، تنطوي على حقيقة أخرى مغيبة يسعدني أن أورد بعضا من مضمونها فيما يلي:
( وادي الحجارة هذا ) يقع بدولة أمريكية لاتينية، هل تعلم حكاية هذا الاسم؟ وعلاقته بما يؤكد عليه المؤرخون من أن الجزائريين هم أول من اكتشف قارة أمريكا، وقد سبقوا (كريستوف كولومبس) إلى ذلك بمئات السنين؟ هذا الخبرالذي يبدو مفاجئا.. لايجوزلأي كان منكم استغرابه ، فهوحقيقة وواقع.. ألم يتم نفي وتهجيرمئات بل آلاف الجزائريين إلى أقاصي البحاروالمحيطات كـ " كاليدونيا وكايان" خلال الحقبة الاستدمارية الفرنسية لبلادكم؟!
الطفل: لا أعلم دنيا: لقد نشرالصحفي عبدالقادربوميدونة بجريدة " المساء " الجزائرية في بداية التسعينات من القرن الخالي استطلاعا مفصلاعن هذا النبأ، موثقا بمجلات متخصصة ودوريات عربية وغربية، ومدعوما بأحد أعداد مجلة (الباحث) التي تصدرعن متحف (المجاهد) وبتوقيع أستاذ التاريخ الدكتورابراهيم فخار،الذي له بحث علمي دقيق في هذا الأمر، توصل فيه إلى أن اسم (البرازيل) لاوجود له في أية لغة من لغات العالم، بما فيها اللغتان البرتغالية والإسبانية، ماعدا اسم ( بني برزل أوالبرازلة ) القاطنين بولاية المسيلة وضواحيها. فبسبب نشوب عدة أزمات سياسية وحروب داخلية طاحنة قبلية وطائفية عرفتها بعض المناطق الجزائرية في حقبة زمنية معروفة.. هاجرت قبيلة بني " برزل " إلى الأندلس هروبا من تلك الفتن المشتعل أوارها، ثم استقرت بالبرتغال، ثم لجأت إلى بعض الجزرالواقعة على ساحله الغربي بالمحيط الأطلسي.. ما تزال آثارهم بمغارات تلك الجزرقائمة إلى اليوم، ثم تاهت بهم السبل في عرض المحيط الأطلسي، فوجدوا أنفسهم قد رسوا بسفنهم على شاطيء أرض جديدة بكر، لم تطأها قدم من قبل، فأطلقوا اسم قبيلتهم ( البرازيل) عليها.. ما دفع عبد القادرللنبش في هذا الموضوع هو الخبرالذي طالعتكم به المذيعة التلفيزيونية الجزائرية – آنذاك- السيدة زهية بن عروس ليلة الإثنين 30مارس 1987 عندما قالت :
" لوطرح علينا أحد سؤالا عمن اكتشف قارة أمريكا لقلنا على الفورأنه كريستوف كولومبس... ثم طفقت تسرد تفاصيل الخبرالذي كان بحوزتها ومؤداه: أن مجموعة من الباحثين الأمريكيين قد أثبتوا بالدليل - على إثرعثورهم على نقوش حجرية تعود لألف سنة قبل تاريخ الاكتشاف المزعوم لكريستوف - أن الأوروبيين الشماليين هم الذين بفضلهم
تم " الكشف " عن هذه القارة..وليس كريستوف كولوكمبس.
عادعبد القادرإلى ما توفرلديه من مراجع ومصادروقام بجمع كل الإشارات التي وردت فيها وفي بعض الكتب والمجلات التي تناولت بشيء من التفصيل هذه المسألة.. وها هو يعرض بعضا من ذلك أمامكم كما نشرها في جريدة " المساء" آنذاك
البواعث والدوافع للحديث عن هـذا الأمر:
أولا:لإعادة إحياء الفكرة ومواصلة البحث فيها.
ثانيا: لدعوة من يهمه الأمرلمواصلة التنقيب في هذا الشأن الذي يراه بعضنا غيرذي أهمية ولكن الحقيقة العلمية التي اعتبرها حكمة والتي هي ضالة كل مؤمن أنى وجدها فهو أحق بها..فعلى الرغم من رفض بعض الباحثين الغربيين لهذه الفكرة مقدمة ونتيجة.. وعلى الرغم من قلة المصادرفإن الإشارات النادرة في بعض المخطوطات والجرأة العلمية لدى بعض أساتذتكم تجعل التصديق ممكنا لما ذهب إليه الدكتورمحمد حميد الله وغيره بأن اسم برازيل يرجع إلى اسم القبيلة البربرية المسيلية بني برزل أو البرازلة الذين هاجروا من المسيلة (الجزائر) في القرن 10 ميلادي إلى الأندلس ومنه أيام ملوك الطوائف إلى أمريكا حيث انتهى بهم المطاف في برازيل(2)
العربُ وركوب البحر؟
يعتبرأهل الجزروأشباه الجزروالمدن المطلة على البحاروالأنهاروالمحيطات هم أكثرالناس حبا وتعاملا وفهما للبحر ..وهم في نفس الوقت أكثرالناس مهارة وخبرة في صناعة السفن ، وحيث أن الجزيرة العربية تقع بين بحارثلاث هي البحرالأحمرغربا والمحيط الهندي جنوبا والخليج العربي من جهة الشرق ..فقد كان من الطبيعي أن يكون أهلها من ركاب وصناع وتجار السفن ..فقد ثبت أنهم كانوا يحملون تجارتهم بالبحرإلى كل من مصر وإيران وبلاد النهرين والبحرين وعمان ..وذلك قبل ثلاثة آلاف عام من ميلاد السيد المسيح عليه السلام ، كما هوواضح في النقوش السومرية والأكادية أيضا، كان تجارساحل الأحساء (بالمملكة العربية السعودية) يركبون البحربتجارتهم إلى مدينة "سلوقية ": على نهر دجلة. أما في القرن الثاني الميلادي فقد وجد الباحثون نقوشا معينية وسبأية ،وذلك بجزيرة "ديلوس" الواقعة في بحر إيجة ، الأمرالذي يؤكد وصول العرب بسفنهم التجارية إلى الشواطيء الجنوبية للقارة الأوروبية...
المسلمون والبحر
نكاد لا نصادف أخبارا تتعلق بالسفن أو ركوب البحرسواء قبل الإسلام بقليل أو في السنين الأولى للبعثة النبوية ، لكن ثمة واقعة مادية تتمثل في أول هجرة وقعت في الإسلام وهي هجرة السيد جعفر بن أبي طالب مع بعض المسلمين إلى الحبشة فرارا بدينهم الوليد – آنذاك - من طغيان قريش وبطشها ، ومحاولة لنشرالإسلام في إفريقيا انطلاقا من الحبشة ، وهذا يؤكد لسبب ما صَمت كتب التاريخ إزاء ركوب قريش للبحرقبل الإسلام وبعده بقليل. أجل فقد كانت أشهررحلاتهم للتجارة هي رحلة الشتاء والصيف إلى اليمن والشام بطريق البر. المعروف أنه لم تقع معارك بحرية أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك في أيام أول الخلفاء الراشدين أبي بكرالصديق ويمكن القول أن أول معركة بحرية إسلامية قد حدثت في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك عندما أبحرعثمان بن العاص الثقفي والي البحرين - آنذاك - من عمان إلى ساحل الهند ، فوصل بلدة "تانة" القريبة من مدينة مومباي المعروفة غيرأنه عندما كتب بغارته تلك إلى أميرالمؤمنين عمربن الخطاب هاله أن يتلقى منه ردا يعنفه فيه ويوبخه ويقول فيه :
" يا أخا ثقيف حملت دودا على عود وإني أحلف بالله لوأصيبوا لأخذت من قومك مثلهم "
على أن هذا الرد القاسي من أميرالمؤمنين يعني أنه كان شديد الخوف على المسلمين من ركوب البحر. أيضا يعتبرالعلاء بن الحضرمي رضي الله عنه هو أول من ركب البحرمن المسلمين مجاهدا في سبيل الله. (مجلة الفيصل عدد91 ص 95) في الأندلس كان المؤسس الحقيقي للأسطول العربي هناك هو الخليفة عبد الرحمن الناصر
(300- 350هـ)
(في عام 1495 أبحر" فاسكو دي غاما " ليمرحول رأس الرجاء الصالح بجنوب إفريقيا وقبل ذلك بخمس سنوات كان كريستوف كولومبس قد اكتشف الساحل الشرقي لقارة أمريكا الشمالية – كما يزعمون- وفي عام 1519 اكتشف ماجلان قارة أمريكا الجنوبية وفي نفس الرحلة اكتشف جزر الفليبين).. كان البحارة القدامى يركبون البحردون استخدام لأية آلات أو معدات مساعدة ، ومن ثم فقد كانوا بالغي الحرص على أن يظلوا على مقربة من شاطيء البحر . ومع اختراع الاسطرلاب في حوالي عام 150 ق م أصبح بالإمكان قياس زاوية الجرم السماوي من مستوى الأفق ، الأمرالذي ساعدهم على الإبحاربامتداد خطوط الطول في الاتجاهات التي يبغون السفرإليها... وفي القرن العاشرالميلادي ابتكرالصينيون " البوصلة " المغناطيسية ، وبعد ذلك بمئتي عام (1200م) استخدمها بحارة أوروبا ومنذ ذلك الحين أصبح بالإمكان الإبحارإلى أي اتجاه دون الاقتصارعلى الالتزام بخطوط الطول كما كان الحال بالماضي (نفس المرجع ص:100 . ليس هناك من شك في أن دراسات وبحوثا كثيرة تناولت في الدرجة الأولى هجرة الأفارقة إلى أمريكا اللاتينية و أشارت في الدرجة الثانية إلى موضوع استقراربعض المغاربة لاسيما الجزائريين في أمريكا الجنوبية . والموضوع على جدته وطرافته يحتاج إلى مزيد من التمحيص وبعد النظر ويلزمه التحقيق والتدقيق. وحيث أن هجرة الأفارقة والمغاربة موضوع مغمور، فالرغبة الملحة في تقصي الحقائق العلمية تدفعنا إلى إلقاء بصيص من النورعلى هجرة أووجود بني برزال المسيلة في البرازيل. وعلى الرغم من رفض بعض الباحثين الغربيين لهذه الفكرة مقدمة و نتيجة (1) وبالرغم من قلة المصادر،فإن الإشارات النادرة في بعض المخطوطات والجرأة العلمية لدى بعض أساتذتنا تجعلنا نميل إلى رأي الدكتورمحمد حميد الله و غيره بأن اسم برازيل يرجع إلى اسم القبيلة البربرية المسيلية بني برازل أو البرازلة الذين هاجروا من المسيلة ( الجزائر ) في القرن 10 م إلى الأندلس ومنه أيام ملوك الطوائف إلى أمريكا حيث انتهى بهم المطاف في برازيل. ولكي نلغي أو نبعد على الأقل أسطورة كريستوف كولومبس ثم نثبت عن طريق الأدلة المادية تعرف الأفارقة والمغاربة على العالم الجديد لابد من إلقاء نظرة تاريخية مختصرة ولو مقتضبة عن صلة العالم القديم بالعالم الجديد ، أي قبل اكتشاف كريستوف كولومبس لأمريكا . على شاطىء البرازيل الشمالي وعلى بعد 250 كلم من ( ريو دي جانيرو ) اكتشف العمال البرازيليون عام 1872 بلاطة منقوش عليها نص تاريخي يرجع إلى ألفين و خمسين عاما . أخذت صورة لهذه الوثيقة الأثرية ثم أرسلت إلى معهد العلوم التاريخية في البرازيل للتعرف عليها ودراسة محتواها و إعطاء القيمة التاريخية لها. وكان الذي انتدب لهذه المهمة العلمية أحد المتخصصين في الدراسات السامية ، وذلك هو " أرنيست رينان " (4) الذي أنكرعلى الفورأصلها ومضمونها.. ولكن " رينان " عندما أنكرالتعرف على هذه الوثيقة أو تعمد إخفاء الحقيقة كان مدفوعا في رأي العلماء النزهاء والموضوعيين بعاملين إثنين : أولهما: أن تفكير" رينان " لم يكن ليقبل هكذا ويسلم بسهولة على أن البرازيل أو أمريكا الجنوبية كانت بعد معروفة ومكتشفة قبل كريستوف كولومبس . ثانيهما: أن التعصب الديني الأوروبي جعل الكثيرمن الحقائق التاريخية المتعلقة بتاريخ إفريقيا والمغرب العربي تظل مطمورة وفي طي الكتمان والغموض ، لاسيما إذا كانت الأدلة المادية والوثائق العلمية معدومة عن عمد. و إذا كان" رينان " وأضرابه من المفكرين الغربيين قد تجاهلوا هذه الحقيقة وحاولوا طمسها طيلة قرن كامل ، فهناك من الباحثين من تحدوهم النزاهة في البحث والرغبة الصادقة في الاكتشافات العلمية ،ويشيرالدكتورابراهيم فخارفي هذا الموضوع إلى الأستاذ ( سيريوس قوردون) عميد قسم الدراسات للبحرالأبيض المتوسط بجامعة برانديس الذي أصدركتابا تحت عنوان " ما قبل كولومب " أوضح " قوردون " في هذا الكتاب الكثيرمن الحقائق التاريخية و الاكتشافات الأثرية التي لم تعد اليوم لغزا يمكن إخفاؤه أو إنكاره. و أهم الموارد التي اعتمد عليها المؤلف عند تعرضه لعلاقات أمريكا اللاتينية مع العالم الخارجي قبل كريستوف كولومبس هي : 1- الاعتماد على بعض النقوش التي عثرعليها في الحفريات والتي تتضمن العديد من المفردات السامية " يد بعل " التي يقصد بها القدرة الألهية. 2- إن تسمية برازيل بجزيرة الحديد يعني أمرين . أولا:أن الفنيقيين الذين نقشوا محنتهم ورحلتهم على هذه الصخرة كانوا يعرفون أن المورد الأصلي والمعدن الأساسي الذي يعتمد عليه البرازيل هوالحديد. ثانيا: أن اسم "برازيل " لم يأت إلا فيما بعد ، لا سيما وأنه اسم لم يرد له أصل في اللغة البرازيلية (الإسبانية) ولا في اللغات الأوروبية ، إلى جانب الاعتماد على هذه الحفريات التي ترجع إلى عهد ما قبل كريستوف كولومبس ، فهناك العمل المشترك الذي قام به علماء الآثاروالخرائط ، فقد جمعوا هم أيضا في أعقاب السنوات الأخيرة مجموعة من الوثائق التي لم تدع مجالا للشك في وجود علاقات ما بين العالمين القديم والجديد وهذا في العصورالمبكرة للتاريخ . - عثر في (جواتيمالا) على إناء تحرق فيه البخوروعليه نقش وجه سام يحمل الملامح والصفات التالية: أ- أنف قان ب- شعراللحية أجعد ( وعلى طريقة الآشوريين ) ج- وجه طلق المحيا وحسب التحاليل العلمية لهذا النقش تبين أنه من عمل هنود أمريكا الوسطى " ماياس " وذلك في الفترة ما بين300و 600 للميلاد... وقد قام الدكتورابراهيم فخارأستاذ التاريخ بإجراء بحث علمي قيم نشره في مجلة " الباحث " الجزائرية التي كانت تصدرعن متحف المجاهد الجزائري، استعرض فيه مقارنات ثقافية ومادية عديدة بين عادات وتقاليد وأعراف سكان ساحل البرازيل الشرقي، من طقوس ومراسم دفن للأموات، وحفلات الأعراس والصناعات التقليدية وبين سكان ( بني برزل أو قبيلة البرازلة ) الموجودة بولاية المسيلة الجزائر، فوجد أنها متطابقة تمام التطابق بالإضافة إلى تشابه آخركبير في ميادين أخرى، لا يتسع المجال لذكرها. فعلى المعنيين والمهتمين من المؤرخين والطلبة إلا مواصلة البحث في هذا الموضوع ، وسوف يزيلون - بإذن الله - كثيرا من الغباروالأكسدة عن صفحات مجيدة من تاريخ أمتنا العظيمة. ( بدأنا بنكتة ولابد من ختمها بأخرى.. هذا يعني أن اللاعبين العالميين " رونالدو ورونالدهينو" هما برزاليان ومسيليان مئة بالمئة.. انعام إيه.. تلك أمجاد ومآثرأجدادنا صدقوا أولاتصدقوا).
الهوامش:
1: أرنيست رينان( مقالة في جريدة " الشعب " للزميل الأستاذ الدكتورسليم قلالة 2: نبذة عن وصول الأفارقة إلى البرازيل في مجلة الدوحة...
* المراجع:
- مجلة " الباحث " الجزائرية تصدرعن متحف المجاهد.. - لغز القارة الغارقة ، مجلة "الدوحة" ص:28 عدد 100 - جزائر " الواق واق" مجلة "الدوحة " ص: 130 عدد112 - جزيرة الساء مجلة "الدوحة " ص : 74 عدد111 - جمهوريات الجزرفي المحيط الهندي نفس المرجع ص: 110 عدد 110 - السفن وركوب البحر، مجلة "الفيصل" ص: 91 عدد 91
- الطفل: هذه معلومات جديدة علي وسأرويها لكل من أصادفه في طريقي وإلى أستاذ التاريخ ولن أنسى ما ورد فيها.. وسأواصل البحث فيها عندما أكبر..هل تعرفين شيئا آخرعن الأميرعبدالقادرالجزائري ؟ دنيا: يا صديقي، الأمير عبد القادر قطب من أقطاب المقاومة الجزائرية حارب ضد الاستدمار الفرنسي، هذاالاستدمار الذي دمر بلادنا وخربها .. واسمع إلى ما يقوله أحدهم عن وضعية بلادنا وعن بيئتها آنذاك : يذكر أحد الضباط الفرنسيين أنه كان مع زملائه وهم بالمئات في إحدى حقول البرتقال بالبليدة في النصف الأول من القرن التاسع عشر( المتيجة ) يتقاذفون بحبات البرتقال متسائلين عن سبب تنظيم هذه المربعات الزراعية وكثرة مياهها وسواقيها وتنظيم وعصرنة زراعتها ،وأن هذا الأمرلم يروا أبدا مثيلا له في بلادهم وبتلك الكيفية الباعثة على الإعجاب ... الأميرعبدالقادرالجزائري بطل كبيرمن أبطال المقاومة الجزائرية ولد بالقيطنة قرب مدينة معسكرعام 1808 ميلاديا و تلقى تربيته بالزاوية التي كان يتولى تسييرها أبوه محي الدين ثم تابع دراسته بأرزيو ووهران على يد علماء أجلاء حيث أخذ منهم أصول العلوم الدينية، الأدب العربي، الفلسفة، التاريخ، الرياضيات، علم الفلك والطب. وكان على علم ودراية تامين بالفلاسفة أمثال أفلاطون، أرسطو، الغزالي، ابن رشد كما تبينه كتاباته. وقد تفانى طوال حياته في تجديد علمه وإثراء ثقافته. عام 1826، عمره لم يتعد الثامنة عشر، يقوم بمعية والده برحلة نحوالبقاع المقدسة لأداء فريضة الحج ليتجه بعدها إلى بغداد قصد زيارة ضريح الولي عبدالقادرالجيلاني، مؤسس جمعية القادرية التي تضم زاوية القطنة. مما يسمح لهما بالابتعاد عن سيطرة باي وهران الذي كان متخوفا من النفوذ العقائدي الذي كان يتسم به كل من محي الدين و ابنه عبد القادر. بعد الاستيلاء على مدينة الجزائر عام 1830 م من طرف الفرنسيين، شارك محي الدين و ابنه عبدالقادرفي المقاومة الشعبية التي خاضها الأهالي الجزائريون.وقد أثبت خلالها عبدالقادرشجاعة وحنكة نادرتين. تجتمع بعدها قبائل المناطق الغربية لاختيارقائد لها يدافع وإياهم على البلاد حيث يقع اختيارهم على محي الدين. غيرأن هذا الأخيريعتذر بسبب سنه المتقدمة و يقترح، بدلا منه، ابنه عبد القادرالذي وبإقبال كبيريبايع أميرا عليهم في تجمع ضخم بتاريخ 21 نوفمبر 1832.
يتعهدالأميربقيادة المقاومة ضد المستعمر،فيقوم بتنظيم الإمارة، يعين خلفاء لتسييرالأقاليم و المقاطعات و يقوم بتعبئة المقاومين فيكون جيشا قويا متماسكا. يقوم بعدها بتنظيم الجباية و يحكم بالعدل. بعد أن قوت شوكته، يجـبرالفرنسيين إمضاء معاهدة ديميشال في 24 فبراير 1834 م. تقرهذه المعاهدة سلطته على الغرب الجزائري و الشلف. بعد المصادقة عليه من طرف الحكومة الفرنسية، يساء تطبيقه. يبرهن الأميرطوال ثلاث سنوات على قوته وتمكنه فيرغم الفرنسيين على العودة إلى طاولة المفاوضات حيث يمضي والجنرال بيجومعاهدة التافنة الشهيرة بتاريخ 30 مايو 1837م.
يستطيع الأميربحكم هذه المعاهدة السيطرة على الغرب الجزائري، منطقة التيطري و جزء من منطقة الجزائر. انطلاقا من هذه النقطة، يبدأ عملا شاقا يتمثل في تقوية الدولة، بناء و تحصين المدن وتأسيس ورشات عسكرية و يعمل على بعث روح الوطنية و المواطنة وإطاحة وإضعاف المتعاونين مع المستعمرالفرنسي. ولكن المعاهدة تحمل في طياتها مرة أخرى أوجها للمعارضة الفرنسية وسوء التطبيق من طرف الحاكم فاليه حيث تندلع الحرب مرة أخرى في نوفمبر1839 م. بيجو، وبعد تعيينه حاكما، يحاول السيطرة على كل البلاد فيطبق سياسة " الأرض المحروقة ' مدمرا بذلك المدن، المحاصيل والمواشي... يستطيع الأميرمقاومة بيجو حيث يسجل انتصارات جلية مثل انتصار سيدي ابراهيم (23 سبتمبر 1845).ولكن كلفة الحرب وسياسة التدميرالمتبعة من طرف المستعمرأنهكت البلاد سيما بعد تخلي المساندة المغربية عنه.
تبعا لهذه الوضعية، أوقف الأميرالمعارك واستسلم في ديسمبر1847م حيث نقل إلى سجون فرنسا (تولون، بو وأمبواز) ثم قررنابليون الثالث إطلاق سراحه فتم نفيه إلى تركيا أين مكث قليلا في بروسيا ثم قررالإقامة بصفة نهائية في دمشق حيث استقبل استقبالا استثنائيا.
يقوم الأميربعدها بأسفار قليلة و يحج إلى البيت الحرام مرة ثانية. بعده، لا يبرح دمشق ويخصص بقية حياته لللدراسة والتدريس، العبادة والتصوف والأعمال الخيرية. في عام 1860 م، وتبعا لأحداث دمشق، برهن الأميرعلى إنسانيته الواسعة فأنجي آلاف المسيحيين من مجازرأكيدة وأوقف المتمردين فحظى باعتراف وعرفان عدد كبيرمن قادة و ملوك.. منهم ملوك إنكلترا، روسيا و فرنسا. توفي الأمير في المنفى بدمشق بتاريخ 26 مايو 1883م أين شاركت جماهيرغفيرة في مراسيم تشييع جنازته.
الطفل: ماذا ترك لنا الأميرعبدالقادررحمه الله؟
دنيا: ترك لنا الأميرعبد القادرثروة أدبية وفكرية كبيرة أذكرلك منها:
- ذكرى العاقل (طبع بالجزائر) الذي ترجم عام 1856 و أعيدت ترجمته عام 1877 حيث عرف حينها تحت اسم " رسالة إلى الفرنسيين " أين برهن من خلاله الأميرعلى تمكنه وثقافته الواسعين. 2- المقرض الحاد(طبع بالجزائر) حيث يدين الأميرأولئك الذين يتهجمون على الإسلام. 3- السيرة الذاتية (طبع بالجزائر) . 4- المواقف (طبع بدمشق و الجزائر). و العديد من الرسائل التي لم يتم جمعها إلى غاية الساعة الطفل: ومن هو مفدي زكرياء الذي حفظنا من أشعاره الشيء الكثير؟
دنيا: مفدي زكرياء يلقب بشاعر الثورة .. ولد يوم الجمعة 12 جمادى الأولى 1326هـ، الموافق لـ: 12 يونيو 1908م، ببني يزقن، ولاية غرداية. وفي بلدته تلقّى دروسه الأولى في القرآن ومبادئ اللغة العربيّة.
التحق بالبعثة الميزابيّة بتونس، فواصل دراسته هناك في: مدرسة السلام، والمدرسة الخلدونيّة، وجامع الزيتونة، كما غشي مسامرات الأديب التونسيّ الكبير، الأستاذ العربي الكباديّ. وجمعته صداقة حميمة في تلك الفترة بالشاعرين: أبو القاسم الشابّي، ورمضان حمود الذي كان زميلا له في البعثة هوالشيخ زكرياء بن سليمان بن يحيى بن الشيخ سليمان بن الحاج عيسى، لقّبه زميل البعثة الميزابيّة والدراسة الفرقد سليمان بوجناح بـ: "مفدي"، فأصبح لقبه الأدبيّ الذي اشتهر به. أوّل قصيدة له ذات شأن هي "إلى الريفيّين" نشرها في جريدة "لسان الشعب" بتاريخ 06 مايو 1925م، وجريدة "الصواب" التونسيّتين؛ ثمّ في الصحافة المصريّة "اللواء"، و"الأخبار". بعد خروجه من السجن فرّ إلى المغرب، ومنه انتقل إلى تونس، للعلاج على يد فرانز فانون، ممّا لحقه في السجن من آثار التعذيب. وبعد ذلك كان سفير القضيّة الجزائريّة بشعره في الصحافة التونسية والمغربيّة، كما كان سفيرها أيضا في المشرق لدى مشاركته في مهرجان
وغداة اندلاع الثورة التحريريّة الكبرى انخرط في أولى خلايا جبهة التحرير الوطنيّ بالجزائر العاصمة، وألقي عليه وعلى زملائه المشكّلين لهذه الخليّة القبض، فأودعوا السجن بعد محاكمتهم، فبقي فيه لمدّة ثلاث سنوات من 19 أبريل 1956م إلى 01 فبراير 1959 واكب الحركة الوطنيّة بشعره وبنضاله على مستوى المغرب العربيّ فانخرط في صفوف الشبيبة الدستوريّة، في فترة دراسته بتونس، فاعتقل لمدّة نصف شهر، كما شارك مشاركة فعّالة في مؤتمرات طلبة شمال إفريقيا؛ وعلى مستوى الحركة الوطنيّة الجزائريّة مناضلا في حزب نجم شمال إفريقيا، فقائدا من أبرز قادة حزب الشعب الجزائريّ، فكان أن أودع السجن لمدّة سنتين 1937-1939. بعد الاستقلال أمضى حياته في التنقّل بين أقطارالمغرب العربيّ، وكان مستقرّه المغرب، وبخاصّة في سنوات حياته الأخيرة. وشارك مشاركة فعّالة في مؤتمرات التعرّف على الفكر الإسلاميّ. توفي يوم الأربعاء02 رمضان 1397هـ، الموافق ليوم 17 أغسطس 1977م، بتونس، ونقل جثمانه إلى الجزائر، ليدفن بمسقط رأسه ببني يزقن. هو صاحب الأناشيد الوطنيّة : النشيد الوطنيّ الجزائريّ قسما، نشيد الانطلاقة الأولى " فداء الجزائر"، نشيد العلم الجزائريّ، نشيد الشهداء، نشيد جيش التحرير الوطنيّ، نشيد الاتّحاد العامّ للعمّال الجزائريّين، نشيد اتّحاد الطلاّب الجزائريّين، نشيد المرأة الجزائريّة، نشيد بربروس؛ بالإضافة إلى نشيد مؤتمرالمصيربتونس و نشيد اتّحاد النساء التونسيّ و نشيد معركة بنزرت التاريخيّة؛ فضلا عن نشيد الجلاء عن المغرب، و نشيد الجيش المغربي، وغيرها من الأناشيد. له من الدواوين المطبوعة: اللهب المقدّس 1961م، تحت ظلال الزيتون 1966م، من وحي الأطلس 1976م، إلياذة الجزائر في ألف بيت وبيت 1972م. له شعر كثير غير ما نشره في دواوينه متفرّق في الصحافة الجزائريّة والتونسيّة والمغربيّة، وبقي أمر جمعها في دواوين حلما يراود الشاعر، ولم يستطع تحقيقه رغم إعلانه عن هذه الدواوين في أحاديثه وتراجمه الشخصية: "أهازيج الزحف المقدّس" أغاني الشعب الجزائريّ الثائر بلغة الشعب، "انطلاقة" ديوان المعركة السياسيّة في الجزائر 1935-1954م، "الخافق المعذّب" شعر الهوى والشباب، "محاولات الطفولة" إنتاج الشاعر في صباه. أمّا نثره فكثير، متفرّق في صحافة المغرب العربيّ، لم يجمع بعد، وله كتب ذكرها في أحاديثه الصحفيّة، لكنّها لم ترالنورإلى تاريخ اليوم، من ذلك: أضواء على وادي ميزاب، الكتاب الأبيض، تاريخ الصحافة العربيّة في الجزائر، مسرحية "الثورة الكبرى"، الأدب العربيّ في الجزائر عبر التاريخ بالاشتراك مع الهادي العبيديّ، وغيرها. حامل لوسام الكفاءة الفكريّة من الدرجة الأولى من عاهل المملكة المغربيّة محمد الخامس، بتاريخ 21 أبريل 1987م ووسام الاستقلال، ووسام الاستحقاق الثقافيّ، من رئيس الجمهوريّة التونسيّة الحبيب بورقيبة؛ ووسام المقاوم من رئيس الجمهوريّة الجزائريّة الشاذلي بن جديد، بتاريخ 25 أكتوبر 1984م؛ وشهادة تقدير على أعماله ومؤلفاته، وتقديرا لجهوده المعتبرة، ونضاله في خدمة الثقافة الوطنيّة من رئيس الجمهوريّة الجزائريّة الشاذلي بن جديد، بتاريخ: 08 يوليو 1987م؛ ووسام الأثيرمن مصفّ الاستحقاق الوطنيّ من فخامة رئيس الجمهوريّة السيّد عبد العزيزبوتفليقة، بتاريخ يوليو 1999م
الطفل: هل ترك مفدي زكرياء كتبا كثيرة وأشعارا؟ دنيا: هذا الشاعرالفحل ترك لنا كنزا ضخما من الأشعاروالمؤلفات لا تقدربثمن.. وأشهرها: - " اللهب المقدس " ديوان شعرعن الثورة التحريرية،
- " تحت ظلال الزيتون " ديوان شعرعن أمجاد تونس، - " من وحي الأطلس " ديوان شعرعن أمجاد المغرب،
- " إلياذة الجزائر" قصيدة شعرية مطولة بلغت ألف بيت يغزل فيها بجلال وجمال الجزائر، - " أمجادنا تتكلم
الطفل: وماذا تتذكرين عن محمد راسم الذي شاهدنا حصة تلفزيونية تتحدث عنه ؟
وهل هو فعلا رسام كبير؟
محمد راسم
دنيا: محمد راسم هو اسم على مسمى.. فنان جزائري كبير..وقد رسم بيئة الجزائر بما يخلد جمالها وجمال ونمط معيشة وثقافة أهلها.. ولد هذا الفنان الكبيرعام 1896 من أسرة عريقة في ضروب الفن التشكيلي، وقد اهتم منذ نعومة أظافره بفن المنمنمات وقد تمكن منه بسرعة مذهلة وذلك بمساعدة أعضاء أسرته. فيما بعد، كرس محمد راسم جل حياته لهذا الفن الذي ساهم بقدركبير في ذيوع صيته.
حاول محمد راسم، من خلال منمنماته، و انطلاقا من صميم قناعته، إعادة بعث ما ولى من تراث الحضارة الجزائرية المجيد الغني بالقيم الإسلامية الأصيلة
و قد قدم لنا أعمالا رائعة و فريدة من نوعها، غنية الألوان، مثل تلك السفينة البربرية المندفعة بقوة أشرعتها في عرض مياه الجزائرمستحضرا بذلك العهد المجيد للقرصان الجزائريين أوذلك الفارس العربي العظيم ذي الطلعة البهية والجموح والذي يذكر بالمواكب الجامحة والصاخبة لفرسان الأميرعبد القادر، إضافة للعديد من التحف الرائعة التي تكفلت بوصف عادات و تقاليد الحياة الجزائرية العريقة تمكن محمد راسم بواسطة عبقريته وتحرياته العلمية من إثراء هذا التراث الفني من دون المساس بأصالته، و ذلك مع الحفاظ على التقنيات الجمالية الخاصة بفن المنمنمات. وقد
اتسمت الأعمال التي قام بها محمد راسم، بالدقة والصبروثبات اليد في التنفيذ، بالشاعرية و الحس الجمالي في التعبير إضافة إلى حسن اختيارالألوان. بعد تحصله عن جدارة على الجائزة الفنية الكبرى للجزائر عام 1933 إضافة إلى وسام المستشرقين، عرضت أعماله في كافة أنحاء المعمورة حيث تم اقتناء العديد منها من طرف عدة متاحف ذات شهرة عالمية مؤكدة اقتنع محمد راسم أن المقاومة يمكن كذلك خوضها على الجبهة الفنية. لهذا السبب حاول جاهدا أن يحمل إنجازاته علامات الإبداع، العظمة والفخركما كانت عليه حال الجزائر قبل الحقبة الاستعمارية و كما كان يريدها بعد استعادة استقلالها. كان يريد أن يوقظ كرامة الشعب الجزائري، أن يثيرغيرته، جدارته و حنينه. وقد قادته بذلك قناعاته العميقة، النابعة من روح الحرية، إلى لقاء شعبه ووطنه في سبيل تصحيح تاريخهما الذي حرفه الاستعمار
عمل محمد راسم لفترة طويلة كمدرس في معهد الفنون الجميلة، وقد جمعت منمنماته في عدة مؤلفات، منها: "الحياة الإسلامية في الماضي" و "محمد راسم الجزائري".
بعيدا عن الطرق التقليدية و القديمة لمنمنمات و زخارف المدارس الفارسية و التركية، التي ولى عهدها، منذ القرن الثامن عشر، وضع محمد راسم أسس مدرسة المنمنمات الجزائرية. و قد كان له الفضل أيضا في تكوين العديد من أجيال التلاميذ الحاملين لفنه و الذين تمكنوا بموهبتهم من الرقي إلى سلم الشهرة و المحافظة على فنه و إثرائه.
توفي محمد راسم و زوجته بالأبيار، عام 1975، في ظروف أليمة و غامضة لم يتم توضيحها لحد الساعة. و مازال يعتبر أكبر فناني المنمنمات في القرن العشرين
مسيرة حافلة بالإنجازات
1896: ولادة محمد راسم وسط عائلة فنانين و نحاتين على الخشب بحي القصبة، كان والده و جده يعملان بمشغلهما الذي كان يتمتع بشهرة واسعة. عند سن الرابعة عشر، بعد حصوله على شهادة الدراسة، يلتحق بمكتب الرسم للتعلي المهني حيث يدرس فن الرسم و يهتم بالمنمنمات. 1914: لقاءه بالرسام المستشرق نصر الدين دينات، الذي كلفه تزيين كتابه "حياة محمد". 1917: أول منمنمة تحت عنوان "حياة شاعر".
الحصول على منحة "كازا فلاسكاز" التي سمحت له بزيارة إسبانيا، الأندلس (المساجد، القصور، الحدائق، الخزفيات، الموسيقى و المخطوطات) إضافة إلى إنجلترا، لندن (المخطوطات و المنمنمات العربية الإسلامية لبزهاد و الوسيطي و متحف البحرية حيث درس الهندسة البحرية.
1919: ينظم أول معرض له بالجزائر (إسبانيا الأندلسية و الجزائر القديمة). 1922: يستقر بباريس، حيث يقوم بأعمال للناشر الفني "بيازا" منها تزيين اثني عشرة مجلد لكتاب "ألف ليلة و ليلة". 1924: يمنح الوسام الذهبي من طرف مؤسسة الرسامين المستشرقين الفرنسيين. 1932: في 24 مايو، يتزوج محمد راسم بالآنسة كارين بوندسون ذات الجنسية السويدية، ثم يعود إلى الجزائر. 1933: يتحصل على الجائزة الفنية للجزائر. 1934: يعين محمد راسم أستاذا بمدرسة الفنون الجميلة بالجزائرالعاصمة حيث يدرس فن المنمنمات الجزائرية. 1937: تعرض أعماله بالجناح الجزائري بالمعرض الدولي. 1950: ينتخب محمد راسم عضوا شرفيا في المؤسسة الملكية لرسامي وفناني المنمنمات لإنجلترا. 1960: ينشركتاب "الحياة الإسلامية في الماضي". 1972: ينشركتاب "محمد راسم الجزائري". 1975: وفاة محمد راسم وزوجته بالأبيارفي ظروف أليمة وغامضة
الطفل: هناك عالم جزائري آخركبيرنسيت ذكراسمه هل تعرفينه ؟ دنيا: إن لم أعرف الشيخ عبدالحميد بن باديس فماذا بقي لي أن أعرف؟!
عبد الحميد بن باديس
ولد عبد الـحميد بن باديس، رئيس جمعية العلـماء الـمسلـمين الـجزائريين وأحد أعلام الـحركة الإصلاحية الإسلامية في الـجزائر خلال النصف الأول من القرن العشرين، يوم: 5 ديسمبر 1889 بقسنطينة حيث وافته الـمنية يوم 16 أبريل1940 ، كان ينحدرمن عائلة عريقة تعود أصولها إلى بني زيري .وبلوغين بن زيري، مؤسس الـجزائرالعاصــمة، أحد أشهــرأعضــاء هــذه العائلــة الأميرية. و قد حفظ عبد الـحميد بن باديس القرآن في مسقط رأسه، وفقا للـمناهج التقليدية، كما تعلـم قواعد اللغة والأدب العربي وأصول العلوم الإسلامية. وقد أوكلت مهمة تعليمه وتهذيبه، وهو لا يزال طفلا، إلى حمدان لونيسي، وكان من أتباع الطريقة التيجانية الصوفية، وكان تأثيره عظيـما مستديـما على الشيخ بن باديس. هذا الأخير، الذي انتسب، ابتداء من سنة 1908 ، إلى جامعة الزيتونة، بتونس، تأثرهناك كذلك، بأساتذته خاصة منهم الطاهر بن عاشور، من أتباع الـحركة السلفية الإصلاحية الداعية إلى العودة إلى إسلام مطهر من كل ما شابه من شوائب وهي الـحركة التي انتشرت خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر في الشرق الأدنى وفي مصر. وبعد حصوله على الشهادة سنة 1912، مارس عبد الـحميد بن باديس التعليم بالزيتونة لـمدة سنة، وفقا لـما كان متعارفا عليه في هذه الـجامعة التونسية
بعد أدائه مناسك الـحج بـمكة الـمكرمة والـمدينة الـمنورة، حيث توجه إثر انتهاء دراسته في تونس، تعرف عن كثب على حركة الوهابيين الإصلاحية الـمتشددة وهي في أوج انتشارها بالبقاع الـمقدسة. واجتـمع مجددا، خلال إقامته بالـمدينة الـمنورة، بحمدان لونيسي، أول أساتذته، الذي انتقل للإقامة بـمدينة الرسول صلى الله عليه وسلـم، حيث باشر تعميق معارفه على يديه وعلى يد أساتذة آخرين.
بعد عودته إلى الـجزائر، امتهن بادئ الأمر، من سنة 1913 إلى سنة 1925، التعليم والتنشيط الثقافي، قبل أن يكرس طاقته ويوجهها لإصلاح الـممارسات الدينية السائدة في البلاد. وخلافا للرأي الذي أشاع له مؤرخون وناشرون، فإن الـحركة الإصلاحية الدينية في الـجزائر لـم تولد من العدم على أيدي ابـن باديس ورفاقه. ذلك أن نهاية القرن التاسع عشروبداية القرن العشرين قد شهدتا بروز مفكرين إصلاحيين تـمثلهم مجموعة من العلـماء والأساتذة الـمقتدرين بالـجزائر العاصمة وقسنطينة وتلـمسان وغيرها، من أمثال الشيخ مجاوي والشيخ بن سماية والشيخ بن على فخار، الذين أدانوا الـممارسات الظلامية لبعض الطرق الدينية وتلك الـمتصلة بـمن كانوا يعتبرون أولياء صالـحين، لورعهم أو نسبهم. كما نددوا بسيطرة إدارة الإحتلال على الشؤون الدينية والإسلامية. وقد التقى الشيخ محمد عبده، خلال زيارته سنة 1905 إلى الـجزائر العاصمة وقسنطينة، بالعديد من هؤلاء العلـماء الـمعلـمين. وقد تطورت الـحركة الإصلاحية في الـجزائر ما بين الـحربين العالـميتين بفـضل ما بذله ابن باديس ومجمـوعة مـن أتبـاعه الأوفياء، من قدامى تلاميذه ومن رفاق له تلقوا، في معظمهم، تكوينهم بتونس أو في الشرق الأوسط. وقد استرشدت هذه الـحركة بفكر ونشاط محمد عبده ورشيد رضا، لكنها اتسمت، كذلك، بـميسم أفكارالوهابيين الـمتزمتة، بل الـمتشددة في أحيان كثيرة، حيث أخذت عنهم عديد الأفكار والـممارسات. وكان هدف ابن باديس، العقل الـمدبر والقائد الـمنشط لهذه الكوكبة، الذي اجتـمعت فيه صفات النزاهة والأمانة الفكرية اللامتناهية والذي هام حبا بالـجزائر ولغتها ودينها، هو تطهيرالإسلام الـجزائر من كافة الـممارسات التي لا تتفق مع القرآن والسنة من حيث هما الـمصدران الوحيدان للعقيدة الإسلامية. هؤلاء الرجال الـمتفانين والـمتطوعين كانوا يرومون جميعهم، عن طريق التربية والكتاب والصحافة، بعث سنة السلف الصالـح في عهود الإسلام الزاهـرة الأولى، مع تكييفها مع ما تقتضيه آفاق التفتـح على حداثة معتدلة. كان على الـمسلـمين، في نظرهم، أن يجعلوا السلف الصالـح مثلهم الأعلى فأطلقوا على أنفسهم، اسم السلفية، مثلـما كان الـحال في الشرق الأوسط. كما عرفوا باسم الإصلاحية. حال عودته إلى البلاد إذن، ومن 1913 إلى 1925، خصص عبد الـحميد بن باديس جهوده وما أوتي، كمربٍ، من ملكات ومواهب، للتعليم، بدءا من العلوم التربوية كالأدب والتاريخ والـجغرافيا إلى العلوم الـمدنية والدينية. وكان يوجه نشاطه التربوي نحو الشباب، ذكورا وإناثا، والكبار، على حد سواء :
ففي سنة 1917، افتتـح درسا عموميا بـمسجد سيدي قموش بقسنطينة. كان ينظم، بـمقر رابطة الإغاثة الإسلامية بقسنطينة، وبـمساعدة تلامذته، دروسا مسائية للكبار. وكان برنامج الدراسة يتضمن تعليم اللغتين العربية والفرنسية. سنة 1918، أبان ابن باديس عن قدرته التنظيـمية الفائقة بإرسال الدفعة الأولى من الطلبة الـجزائريين إلى جامعة الزيتونة بتونس، وكان الـمأمول أن يصبحوا إطارات للتعليم الـحر، فاتـحين الـمجال لبعثات دراسية مبرمجة دوريا. - شجع ونظم و أشرف على بروز العديد من الفرق الـموسيقية والـمسرحية والأندية الرياضية عبر التراب الوطني. - كان من بين أوائل القادة الذين أدركوا مدى الـمساهمة التي يـمكن للـحركة الكشفية تقديـمها في تأطير الشباب وهيكلته ضمن منظمات جماهيرية. - ومن جهة أخرى، ظهرت شيئا فشيئا إلى الوجود، بإيعاز منه وتـحت إشرافه، مراكز ثقافية كان أشهرها نادي الترقي بالـجزائر العاصمة الذي كان يشرف على إدارته الطيب العقبي، أحد رفاق الأستاذ الأوفياء
لقد اتـخذ نشاط الـمجموعة من أجل إحياء الـمسلـمين الـجزائريين أخلاقيا، وبعث إسلام أصيل في نظرها، وتأكيد الشخصية العربية الإسلامية للشعب الـجزائري أشكال عدة. كما تـخندقت، للدفاع عن مثلها، في خندق الصحافة.
هكذا قام عبد الـحميد بن باديس، ابتداء من سنة 1925، بنشر جريدة الـمنتقد وفي أعمدتها باشر، هو و رفاقه، نشر الأفكار الإصلاحية. ومنعت الـجريدة من الصدور ابتداء من عددها رقم 18 لأنها كانت، في رأي الإدارة الاستعمارية، تـحريضية. لكن ابن باديس بقي على إصراره وأصدر بعدها عدة منشورات دورية، تبقى أشهرها الشهاب، التي صدرت من 1925 إلى1939، حيث قرر الشيخ إيقافها تـخوفا، حسب ما يراه بعض الـمؤرخين لسيرته الذاتية، من أن يضطر إلى اتـخاذ موقف لصالـح هذا أو ذاك من الطرفين الـمتصارعين في أوروبا
ثاني وسيــلة استعملـها ابن بــاديس ورفــاقه كانــت إنشــاء الـمدارس لتعليم اللغة العربية ومباديء إسلام مجدد. وإذا كانت جريدة "الشهاب" قد علنت عن إنشاء 70 مدرسة، إلى غاية سنتي 1934 - 1935، مكونة من قسم أو قسمين وموزعة على مختلف جهات الوطن، يدرس فيها 3000 تلـميذ، فإن جمعية العلـماء، التي تـم إنشاؤها سنة 1931، قد نشرت، سنة 1950، قائمة من 124 مدرسة، بها سلك تربوي يضم 274 معلـما. وأعلنت نفس الـجمعية، سنة 1954، عن عدد 40000 تلـميذ يرتادون مؤسساتها الـمدرسية. وكانت قد أنشأت، سنة 1947، بقسنطينة، معهد ابن باديس الثانوي الذي كان يتولى تكوين الـمعلـمين والطلبة الـمدعوين إلى مواصلة تعليمهم في فاس وتونس والمشرق العربي. وقصد جمع كافة الإرادات الـحسنة التي رمت بثقلها في الكفاح من أجل تـجديد الإسلام، انضم ابن باديس ورفاقه، سنة 1931، لشيوخ أهم الطرق الدينية و أنشأوا جمعية العلـماء الـمسلـمين الـجزائريين. تـم انتـخب رئيسا لـجمعية العلـماء الـمسلـمين الـجزائريين خلال اجتـماع للـجمعية العامة التأسيسية، بنادي الترقي، بالـجزائر العاصمة، سنة 1931، ضم رفاقه وتلامذته وأتباعه ومندوبين من داخل البلاد. وكان مجلس الإدارة الأول للـجمعية قد ضم: الطيب العقبي، مبارك الـميلي، البشيرالإبراهيـمي والعربي التبسي. وهكذا، قد استـحوذ الإصلاحيون على أهم الـمناصب في الـجمعية وهمشوا، بسرعة، مــمـثلي الطرق. بعد سنة واحدة، تـمت القطيعة مع شيوخ الطرق الذين شكلوا، بدورهم، جمعية علـماء الـجزائر السنيين. وقد أدى الصراع الـمفتوح والقطيعة بين الـمجموعتين الـمتعارضتين، العلـماء الإصلاحيين من جهة، وشيوخ الطرق والزوايا من جهة أخرى، إلى زرع البلبلة في أوساط الشعب، خاصة منه الفلاحين وسكان الـمناطق الداخلية الـمتـميزين ببساطتهم الطبيعية في أداء الشعائرالدينية والذين كانوا لا يزالون جد متـمسكين بزواياهم، خاصة و أن هذه الزوايا كانت لها سلطة روحية معتبرة ونفوذ عميق فيـما يتصل بالـمسائل الدنيوية : التعليم، التـحكيـم، الضيافة، الأعمال الـخيرية..... ينبغي التأكيد على أن الإصلاحيين قد أبانوا، مبكرا، عن وطنية معتدلة اقتربت من وطنية أتباع حزب بيان الشعب الـجزائري لفرحات عباس،على الأقل فيما يتعلق بإشكالية انعتاق الشعب الـجزائري وأنهم قد تطلعوا باستمرارإلى تغييرالسياسة الاستعمارية الفرنسية. كان شعارهم هو الثلاثية : " الإسلام ديننا، العربية لغتنا والـجزائروطننا ".
كان نهج الإصلاح الإسلامي، إصلاح العلـماء الـمجتـمعين حول الـمعلـم القائد، ابن باديس، يقوم أساسا على العودة إلى الـمرجعين الأساسيين للإسلام : القرآن والسنة. فكانوا يدعون إلى إحياء الإسلام، وأعمالهم التي كانت تتـخذ مرجعا دائما لها إسلام السلف الصالـح الـمطهر من البدع الـمذمومة، كانت هجوما مركزا على كافة الأوساط التقليدية، الـمتهمة بنشرصوفية ظلامية، راجعة القهقرى، متناقضة وقيـم الإسلام الأصيلة. وكانوا ينددون، بوجه أخص، بالتبجيل الذي كان يحظى به الأولياء الصالـحون ويتهمون شــيوخ وأتبــاع الزوايا والطرق بالشعوذة وكتابة التـمائم وحتى بالشرك. وكانوا يقدمونهم على أنهم مستغلون للشعب ومستغلون، دون وازع ولا رادع، لسذاجة سكان الريف.
وإذا كان ابن باديس نفسه، الذي يقدم على أنه متصوف، لـم يعتـمد دائما القسوة تـجاه الطرق الدينية بحكم تـحليه بفضائل الاستماع والتسامح التي تليق بواحد من أتباع ابن عربي وجلال الدين الرومي، فإن أعضاء آخرين في الـجمعية أظهروا، عكس ذلك، تشددا عقائديا أدى إلى انقسام بعض مدن البلاد إلى معسكرين متعارضين تـحدث بينهما مواجهات حول علوم الدين والأخلاق والـممارسة اليومية للشعائرالدينية. وقد قادوا، مرارا، حملات قاسية، بل عمدوا في بعض الأحيان إلى الشتـم والتـجريح والتشهيروالسخرية ضد أتباع الـممارسات الدينية الشعبية. ولـم تسلـم من هذه الـحملة بعض الزوايا التي كان على رأسها رجال خيّرون، جديرون بالإشـادة والتنــويه. وقام بعض شيوخ الزوايا، توخيا للـحفاظ على سلطتهم وما كانوا يتـمتعون به من مزايا، بالتقرب من الإدارة الاستعمارية التي عرفت كيف تستعيدهم وتستعملهم، بطريقة ميكيافيلية، ضد العلـــماء الإصلاحــيين والأحزاب الداعية إلى الاستقلال، على حد سواء.
وشيئا فشيئا، وحتى يتـجنب الإجراءات العقابية للـحكم الاستعماري التي كان يجسدها الـمنع الـمتكرر لصدورالـجرائد ومنع تعليم اللغة العربية، فإن ابن باديس قد امتنع تكتيكيا، في برامج نشاطه وفي جهوده الرامية إلى تـحقيق انعتاق الشعب الـجزائري، امتنع عن التطرق إلى الآفاق والأهداف السياسية. ولـم ينفك، هو ورفاقه، ينادون بالانتماء العربي الإسلامي للشعب الـجزائري. وجندوا أنفسهم لـخدمة الوطن عن طريق التعليم ونشرالثقافة العربية الإسلامية. وموقف التـحصن الثقافي الـماهر،هذا الذي تبناه ابن باديس ورفاقه قد وقف سدا في وجه ممارسات الـمحتل وتصرفات الآباء البيض الرامية إلى استلاب الشعب وإحداث القطيعة بينه و بين هويته ورصيده الـحضاري. و سينجح الـمسعى الشجاع للـمصلـحين
الدينيين في كبح ما كان يتعرض له الشعب الـجزائري من طمس لشخصيته و تفريق لصفوفه. وقد كان النجاح، بـما لا يدع مجالا للتشكيك، حليف هذا الكفاح الـمتسترضد العرقية و الـجهوية، ضد الأدواء والآفــات التي اختلقــتها وحفـزتها وأذكتــها العقول الـمدبرة للاستعمار. وهكذا، شاركت الـحركة الإصلاحية، التي أطلقها ونشطها ابن باديس، دون أن تعلن أبدا موقفها صراحة من استقلال الـجزائر، شاركت في تـجذيرالوطنية التـحررية وفي توسيع رقعة مقاومة الـممارسات الاستعمارية الفرنسية الرامية إلى تـمديد الاحتلال الإمبريالي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وكان الهدف الأسمى لقائد الإصلاح الديني هو الـمحافظة على شخصية الـجزائر، موحدة ومتـجانسة وجزءا لا يتـجزأ، في كنف خصوصياتها العرقية، الدينية والثقافية. إن انعدام الانتماء السياسي لابن باديس، الواضح والـجلي على الأقل في بدايات نشاطه، لـم يـمنعه من الاضطلاع بدورالصدارة في تنظيم ونشاط الـمؤتـمرالإسلامي الـجزائري الذي انعقد في يونيو 1936 بالـجزائرالعاصمة وضم التيارات السياسية الرئيسية في البلاد، باستثناء دعاة الاستقلال، وطالب الـمؤتـمر بـمنح الـجنسية الفرنسية، مع الاحتفاظ بقانون الأحوال الشخصية، لنخبة من 20000 جزائري، أي لفئة اجتـماعية مكونة من الـحائزين على الشهادات ومن الـموظفين الـمتعلـمين الذين كان بإمكانهم، بالتالي، الـمشاركة في مختلف الانتخابات، مع الـمنتـخبين الأوروبيين أو الأقدام السوداء. ورغم اعتدال الـمطالب الهادفة إلى تـحسين الوضع الـمزري للشعب الـجزائري، فإن الـمعمرين والإدارة الاستعمارية قد أجهضوا، بكل ازدراء، هذا الـمشروع. عند وفاته، سنة 1940، خلف ابن باديس العديد من التلاميذ والأتباع والرفاق الذين حاولوا مواصلة عمله. وكان أشدهم وفاء واستـماتة في سبيل استقلال الوطن هو، بلا منازع، الشيخ العربي التبسي. وقد اختطفته الشرطة الفرنسية خلال حرب التـحريرالوطنية ولـم يتـم أبدا العثور على جثته.
وخلافا لبعض أعضاء جمعية العلـماء الـمسلـمين الـجزائريين، فإن ابن باديس لـم يلـجأ أبدا إلى العنف الكلامي مع الـمناوئين له، حتى شيوخ الزوايا منهم. لقد كان أكثرطمأنينة وتسامحا وتفتـحا من العديد من رفاقه وكان يتـحلى بالتواضع ونكران الذات والزهد طوال حياته كمفكرملتزم بالـجبهات التي فتـحها.
كان يريد أن يضم الأوساط الـمعادية والـمشككين واللامبالين إلى مشروعه العظيـم الـمتـمثل في مجتـمع أخضعت أسسه الدينية والثقافية للإصلاح. واتـخذ نفس الـموقف الـمتسامح والـحليـم مع الأعراق والديانات الأخرى في البلاد، فلـم يتـخل أبدا عن إنسانية عميقة كان ينهلها أساسا من معتقداته الدينية و من التعاليـم الثمينة التي زودته بها محصلته الثقافية التي جمعها وهوبعد شاب يافع، في بلده أولا، ثم خلال رحلاته التعليمية في الوطن العربي.
وتـخليدا لذكرى إمام القرن، الشيخ عبد الـحميد بن باديس، وتكريـما لـمآثره و هوالـمربي العظيـم و أحد أبرز رجالات الجزائر، قررت السلطات العمومية أن يكون يوم 16 أبريل من كل عام يوما للعلـم.
آثاره باللغة العربية
- مباديء الأصول : نص قدمه و حققه عمار طالبي - الشركة الوطنية للنشر و التوزيع - الـجزائر، 1980 - 48 صفحة. - العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية - قدمه وعلق عليه محمد حسن فضلاء، دار البعث، قسنطينة، 1985 - 120 صفحة. - آثار عبد الـحميد بن باديس - وزارة الشؤون الدينية - الـجزائر، 1985 - 4 أجزاء. - مجالس التذكير، وزارة الشؤون الدينية - الـجزائر، 1991.
الأعمال النقدية لمؤلفاته باللغة الفرنسية
- علي مراد :ابن باديس، مفسرالقرآن الكريـم، جوتنر- باريس 269 صفحة، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الـجزائر، 1971، 269 صفحة. - علي مراد : « الإصلاح الإسلامي في الـجزائر من 1925 إلى 1940، » باريس، موتون - 1967 - 474 صفحة.
الطفل: وكيف يتم القضاء على النفايات التي انتشرت ببلادنا في السنوات الأخيرة بشكل يبعث على القلق؟ دنيا: إن الفرق الشاسع الموجود بين الفرد الموجود في الضفة الغربية من البحرالأبيض المتوسط وبين من يقطن شمالها يظهرجليا وبصورة واضحة في سلوكات ومظاهرالتحضروالتمدن لدى هؤلاء وأولئك - كما يعرف الجميع - ولتبيان ذلك ومحاولة معرفة الفروق الأساسية والأسباب الباعثة على بروزمظاهرفساد الذوق العام ومستوى الاستهلاك إن كان فوضويا نقول لك وللجزائريين عامة: إن التحدي الأول الجدي الذي أصبحت تواجهه مختلف المصالح والهيئات والإدارات والأحياء السكنية والقرى والمدن الجزائرية في مجال مكافحة ومعالجة ظاهرة النفايات المنزلية، هو تطورمستوى النموالديمغرافي وتجميع السكان في أحياء وعمارات متقاربة، وذلك على الرغم من اتساع الرقعة الجغرافية للإقليم الجزائري،الذي يتكون مما يقارب مليونين وأربع مئة ألف كلم2، ويلاحظ أن كل الأراضي المخصصة لمشاريع البناء قد استحوذت على القدرالأكبر من عدد هؤلاء السكان في شمال الوطن، فكل المجهودات المبذولة من طرف السلطات العمومية الجزائرية لمواكبة مؤشرذلك النموالديمغرافي المتزايد قد أصبحت غيركافية وغيرقادرة، بحكم لا مبالاة السكان وعدم تبنيهم لثقافة بيئية حقيقية متوغلة في عمق المجتمع. ومن جهة أخرى يلاحظ أيضا أن تلك الجهود المبذولة أضحت غيرمكتملة كذلك بحكم نقص وسائل التحسيس والتربية البيئية على مستوى مكونات المجتمع ومؤسساته ، فكل وسائط الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة لا تولي الاهتمام المطلوب والكافي للمساهمة في عمليات مكافحة ظاهرة غزوالنفايات المختلفة الأشكال والأحجام والمصادر لشوارع ومدن تلك القرى والأحياء.. وذلك لا يعد تقصيرا متعمدا منها، إنما يعود في ظاهرالأمرإلى عدم القدرة على تنفيذ وتطبيق قوانين البيئة ميدانيا بصورة صارمة. فإذا لم تستطع الهيئات المسؤولة تنفيذ بنود تلك القوانين ، فكيف يكون مطلوبا من مواطن عادي وغيرعادي احترام نصوص قانونية، لم يطلع على محتوياتها بالشكل الكافي؟ ولم يعد معنيا بما ورد فيها، مؤسسات وأفرادا؟ الطفل: إذن ما دامت الجزائرواسعة، لماذا لا يذهب الشباب الجزائري للعمل بالجنوب الواسع؟ دنيا: معك الحق إن مستقبل الشباب الجزائري مضمون على سطح جنوب بلاده وليس في باطنه إن عمليات محاربة النزوح الريفي نحو مدن الشمال لن تكون ذات جدوى حقيقية إلا باعتماد سياسة توفيرعوامل استقطاب كبيرة بالمدن الداخلية وفي الجنوب الكبير بالخصوص، ومنها على سبيل المثال الأخذ بعين الاعتبارالتجربة الأمريكية التي طبقت في هذا الشأن خلال بداية نشوء دولة الولايات المتحدة الأمريكية، وهي ظاهرة الهجرة نحو الغرب الأمريكي، حيث كان كل أمريكي يريد إقامة بيت له ولخطيبته التي ترافقه في بقعة على أرض ما، يقوم بمغامرة لإقامة منزل له هناك، وإنشاء مزرعة في أرض خالية بور،أي قاحلة، وبعد مرورعدة سنوات يصبح مالكا لحوزفلاحي واسع ، يتوفرعلى حظيرة من الحيوانات الأليفة من بقروخيول وأغنام وتشكيلات ضخمة من الأرانب وأسراب عديدة أخرى من الطيورالداجنة كالبط والإوز والديكة... فلمَ لا يتم تشجيع مئات الآلاف من الشبان الجزائريين المكدسين في شمال البلاد في المقاهي والشوارع - هؤلاء الذين نراهم ينتظرون مناصب شغل، لم يعد باستطاعة السلطات العمومية توفيرها لهم - على الهجرة أو النزوح الداخلي المعاكس نحوالجنوب الكبير؟ وذلك بتوفيرأدنى متطلبات الحياة لهم هناك كتوزيع الأراضي بالمجان على كل من يريد التخلص من معاناة الإقامة بالشمال، الآلاف من الشابات والشبان الجزائريين لم يعد باستطاعتهم الزواج وإنشاء بيت محترم لهم، ليس بسبب غلاء المهوركما يعتقد البعض خطأ، إنما بسبب عدم وجود فرص الحصول على السكن فإن كانت السلطات العمومية تريد التقليص فعلا من حجم تكدس السكان بالشمال فما عليها إلا التفكير بجد في عمليات إعماركبرى بالصحراء وتجسيدها ميدانيا وفعليا وبصورة تأخذ شكل ثورة اجتماعية واقتصادية ذات مردود فعلي لا يمكن تصورنتائاجها الإيجابية على المجتمع ككل، تجند لها حملات إعلامية ضخمة، وبذلك فقط يتحقق مشروع الجنوب الكبيربصورة ملموسة ، وهي عملية تعد وبجميع المقاييس الحل الجذري والفعال في نظرنا، إذ يلاحظ أن أسباب الرفاهية وشروط الحياة وعوامل الاستقرارقد صارت متوفرة بالشكل الكافي هناك ومنها وسائل الاتصال اللاسلكية وأحواض المياه المخصصة للزراعة التي أضحت مسابح طبيعية والهواتف المنقولة والانترنات المحمول، والسيارات النفعية التي صارت تباع بالتسهيلات البنكية والقنوات التلفزيونية بالهوائيات المقعرة ومكيفات الهواء ، ومولدات الكهرباء الذاتية، فما الفرق إذن بين من يقطن بحي حيدرة بالجزائر العاصمة وبين من يملك سكنا في قلب الصحراء وهو يتوفرعلى كل ما يتوفرعليه قاطن حيدرة من مستلزمات الحياة العصرية؟ بل على العكس من ذلك تماما،باعتباراختلاف المناخ في الجنوب عما هو عليه في الشمال ،مناخ جاف ونقي ، الطرقات والمطارات موجودة والكهرباء أيضا والمياه متوفرة والأراضي بالمجان لمن يريد زراعتها ووسائل الرفاه متوفرة - كما ذكرنا- فما المانع من الإقامة هناك؟ إنها العوائق الإدارية وغياب الشجاعة السياسية في اتخاذ القرارالمناسب في هذا الشأن. إن أية سياسة تفكيرجدي لتهيئةالإقليم لا بد أن تأخذ بعين الاعتباركل المحفزات المادية والمالية الفعلية والحقيقية لنجاح عملية النزوح المعاكس، 700 مئة ألف جزائري يولدون كل سنة، هذا معناه في كل عام يطرق أبواب العمل والبحث عن سكن 700 ألف جزائري آخر،إن أراضي الشمال قد ضاقت بمن عليها من سكان. الطفل: كيف تنجح عمليات التحسيس بضرورة نظافة الأحياء والمدن ومكافحة ظاهرة النفايات في ظل هذه الوضعية المتزايدة الخطورة يوما بعد يوم؟ دنيا: إن مختلف الندوات العلمية والأيام الدراسية التي تعقد في عديد المناسبات لا تجد لتوصياتها على أرض الواقع مجالا للتطبيق بحكم عزوف السكان عن الاهتمام بما توصلت إليه من دراسات ونتائج وتوصيات، وبحكم عدم قدرة المعنيين في تطبيق نصوص القوانين التي تم سنها في مجال البيئة وخلو تلك التوصيات من عوامل التحفيزالمادي والمعنوي والأدبي بحيث نلاحظ، أن كل الهيئات والمؤسسات المعنية بذلك لم تتوصل بعد، إلى أنجع السبل والوسائل لضمان النتائج المرجوة.. ومن التحديات الكبيرة في هذا المجال أيضا بروز أشكال وأنماط معيشة جديدة، قد تبناها المجتمع ككل دون أن يؤخذ بعين الاعتبارالانعكاسات السلبية منهاعلى حياته.. كوجوب التحلي بالانضباط في السلوك واعتماد أسلوب الحياة العصرية ومتطلباتها، بالإضافة إلى مشاكل أخرى وافدة من عادات استهلاك سيئة وغيرها... نزوح أعداد ضخمة من سكان الأرياف والمدن الداخلية وتمركزهم بالمدن ذات الأنشطة الموفرة لفرص العمل وكذا تكديس هؤلاء في عمارات ذات بناءات عمودية متقاربة، وعدم أخذ بعين الاعتبارتجربة إنشاء أنفاق عمودية بتلك العمارات مخصصة للتخلص من نفايات المنازل بحيث ترمى مباشرة من مطابخ تلك الشقق المشيدة حديثا على غرارما هوجار به العمل في عمارات مدن الدول الغربية عموما.
ونظرا لتفاقم هذه الظاهرة السلبية التي أضحت تتحدى وزارة تهيئة الإقليم والبيئة وكل الهيئات المعنية بحماية المحيط، فإنه أصبح من الأهمية بمكان وجوب إنشاء شركات متخصصة توكل مهمة تسييرها إلى الخواص وذلك لضمان الفعالية وتحديد المسؤوليات.. وكذا توفيرمناصب شغل جديدة ، فمهمة التسييرالموكلة في هذا الشأن إلى المؤسسات والمصالح التابعة للمجموعات المحلية، لم تعد ذات فعالية كبيرة بحكم عجزها وعجزمسؤوليها عن تطبيق نصوص بنود قوانين البيئة وحماية المحيط.
ومن الواضح أن مجمل التحديات التي أضحت تواجه السلطات والمؤسسات المكلفة بنظافة المدن والقرى قد أصبحت متعددة ومتشعبة وأن عملية التغلب عليها صارت تكمن أساسا في عملية وجوب الردع القانوني. والخلاصة التي يمكن الخروج بها هي أن عملية محاولة إجراء مقارنة بين مدن وقرى وأحياء دول غربية وكيف أنهم تغلبوا على مشكل تسييرالنفايات وإعادة استغلال المسترجعات منها ،هي عملية غير قابلة للمقارنة وذلك بسبب تفاوت مستويات التحضر والتمدن لدى الجانبين، حيث نجد الفرق شاسعا بين سلوكات وأنماط معيشة تلك الشعوب وبين الشعوب العربية والإسلامية المسماة نامية. الطفل: بمعية أبيه: ما هي متطلبات خدمة البيئة والإقليم الجزائريين؟ دنيا: إن الفرحة التي عمت مؤخرا نفوس الكثيرمن المواطنين الجزائريين - الذين أدرجت مدنهم ضمن قوائم الولايات المزمع إنشاؤها كولايات كاملة الأركان القانونية والإدارية..أوكمقارلدوائرإدارية جديدة منتدبة- قد جعلت سكان بقية المدن والحواضرالكبرى تطالب بضرورة إلحاق مدنهم وترقيتها إلى مصاف ولايات هي الأخرى.. وهومطلب ضروري ومشروع في نظرالكثيرمن المهتمين والمعنيين،لأسباب قد أضحت منطقية ومعقولة في ظل تنامي تعداد السكان ومتطلبات العصرنة والتحديث... إن فرنسا مثلا كدولة أوروبية مركزية هامة والتي تربطنا بهاعلاقات تاريخية واقتصادية وثقافية،يلاحظ أن كثيرا من تشريعاتنا الإدارية قد استمدت أساسا من تشريعاتها،وذلك بحكم عوامل تاريخية معروفة.. ويمكننا أن نلقي نظرة على إقليم فرنسا الإداري الذي نجده مقسما ومنذ مدة طويلة إلى 36 ألف بلدية، وهي الدولة التي يبلغ تعداد سكانها 66 مليون نسمة، فإذا قسمنا 66 مليونا على 36 ألف بلدية لوجدنا عدد سكان كل بلدية على حدة وهوعدد قليل بالنسبة للسكان مقارنة بما هو جاربه العمل عندنا، فذلك العدد القليل يسمح لكل رئيس بلدية فيها من معرفة أحوال كل ساكن على حدة - اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا- ومن ثم يمكنه الاطلاع عن كثب على أحوالهم..والسيطرة والتحكم في كل صغيرة وكبيرة داخل محيط بلديته، في حين نجد عندنا متوسط تعداد سكان كل بلدية يرأسها رئيس منتخب تضم على أقل تقدير120 ألف ساكن..
فكيف يتسنى لرئيس البلدية يا ترى معرفة أحوال هؤلاء السكان؟ فمهما كانت قدراته التكوينية ومؤهلاته التسييرية لن يستطيع؟ ومن ثم ألايمكن لنا أن نتساءل: لماذا لايتوفرالإقليم الجزائري على نفس التقسيم الفرنسي؟ بحيث يصبح عدد السكان 33 مليونا- وهو نصف عدد سكان فرنسا.. - يضم 18 ألف بلدية وهو نصف عدد بلديات فرنسا ؟
الجزائر إقليمها اليوم مقسم إلى 1541 بلدية، والسكان يفوق عددهم 33 مليونا. فإذا قسمنا عدد السكان على 1541 بلدية،لرأينا نصيب كل بلدية.. وبالتالي نصيب كل رئيس بلدية، فهل يمكنه إيلاء العناية والرعاية الكافيتين لكل ساكن والتكفل بحل مشاكلهم؟... وهل بمقدوره معرفة من رحل من سكان تلك البلدية ومن استقربها..؟ ومن تزوج حديثا ومن طلق..؟ ومن انتخب ومن لم ينتخب ..؟ ومن مات ومن بقي على قيد الحياة..؟ في فرنسا مثلا لا يمكن أن تتم مراسيم أي عرس على تراب تلك البلدية إلا وحضره رئيسها ، أومن ينوبه كضيف شرف.. فذلك أمرواجب وضروري...فكيف به إذا كان يتعلق بمن باع منزله، أومن اشتراه ..؟ أو من هاجر..؟ أومن عاد..؟ ففي الجزائر يمكن أن يقوم السكان بانتخاب رئيس بلديتهم.. فيستمرذلك الرئيس في تأدية مهامه التي انتخب من أجلها لمدة قد تفوق عشرين سنة، ولا يعرف عن عدد سكانها شيئا، فما بالك بمعرفة أسماء وأحوال هؤلاء السكان؟
ومع ذلك نتكلم من حين لآخرعن ضرورة تقريب الإدارة من المواطن، فأي تقريب هذا ؟ والأمرلم يتعد بعد حتى النجاح في عمليات محاولات التغلب على صعوبات جمع وتنظيم نفايات منازل هؤلاء السكان بصورة عادية وحضارية، وهي لاتستدعي بالضرورة تجنيد هيئات ومؤسسات ووزارات..
الوزارة قامت بسن قوانين ووضعت تشريعات وتنظيمات لازمة ومع ذلك ما تزال العملية تعرف نكسات.؟ وسوف تبقى على نفس المنوال إن لم يتم تدارك الأمربوسائل أخرى أجدى وأنفع.. إن عملية تقريب الإدارة من المواطن لابد أن تأخذ بعين الاعتبارعامل تطورحاجيات ومتطلبات الإنسان الجزائري الحديث،هذا الإنسان الذي أضحى في أمس الحاجة إلى خدمات مختلف المصالح الإدارية المرتبط بها قانونا ،على خلاف ذلك المواطن الذي كان يعيش في الأرياف منعزلا، لايحتاج إلى أية أوراق إدارية، أو قضائية لحل مشاكله الاجتماعية والاقتصادية، فقد كان يلجأ إلى ما يسمى ب " أعيان العرش " أو" تاجماعت "..فعلماء الاجتماع السياسي يؤكدون أن عملية تحول الإنسان من مرحلة (البدائية ) إلى مرحلة ( البداوة ) لها شروطها ومتطلباتها أومن مرحلة العيش في الأرياف إلى الاندماج في حياة المدن تتطلب كذلك زمنا طويلا حتى تظهرعلى ذلك الإنسان ملامح التحضروالتمدن وذلك بمقياس أهل الحضر.. أما بمقياس أهل الريف فعملية التحضروالتمدن لا تعني أن أنماط وسلوكات ساكن الريف أوالبدوي قد خلت من صفات التحضروالتمدن، ففي المجال البيئي، نجد ساكن الريف أكثر محافظة على مجاله البيئي وهي دلالة واضحة على تحضره، فكل نفايات منزله سواء كانت حيوانية أم نباتية يقوم بتحويلها بطريقة أو بأخرى إلى مسترجعات ويعاد تثمينها واستغلاها في شتى مجالات احتياجاته الاقتصادية. ولا نبالغ إن قلنا أن الموازين في المجال البيئي قد اختلت اليوم، وأصبح ساكن الريف أكثرتحضرا ونظافة من ساكن المدينة، لاسيما بعد أن غزت وسائل الاتصالات الحديثة تلك الأرياف والقرى.. فساكن الريف يعيش في محيط نظيف ونقي وصحي وفي حرية، بينما نلاحظ أن ساكن المدينة قد صار معلقا في أقفاص عمارات إسمنتية ذات علو شاهق، فيها حنفيات ماء يكلف الدولة كثيرا من المال ولا يحافظ عليه،ولا يهتم بالضائع منه.. وخيوط كهرباء، تنقل إليه الدفء، وتوفرله الجهد، ولا يقتصد فيها.. وأسلاك هاتف سلكية ولا سلكية، تجعله متواصلا مع كل سكان الأرض، ومع ذلك لا يحترم بيئته، وأنابيب غاز..تجعله مستغنيا عن الحطب والخشب فماذا كان يكون عليه الوضع لو أن سكان المدن مايزالون يستخدمون الحطب للطهي وللتدفئة..؟ ساكن المدينة صاريستهلك محتويات مواد غذائية معلبة ومغلفة تغليفا لم يتعود على جمع مخلفاته من ألدان وفضلات وبقايا ونفايات متنوعة.. وبالتالي فقد تطورت حاجاته وارتباطاته الإدارية والقضائية والتربوية والسياسية والاجتماعية... إن عدم الأخذ بعين الاعتباركل هذه المستجدات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية على مستوى التقسيم الإداري، أدى بدوره إلى تفاقم مظاهرالتسيب واللامبالاة لدى المواطن الجزائري المنتخَب والمنتخِب على حد سواء..وأصبحت مختلف الهيئات المعنية بنظافة المحيط وحماية البيئة غيرقادرة على مواكبة هذا التطور، فلوكانت الإدارة قريبة فعلا من المواطن وتراقب بكفاءة هذه التحولات لما أضحت بلادنا من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها تتخبط في محيط من القاذورات والقمامة،تلك القمامات التي يلاحظ مظاهرها كل جزائري وجزائرية، ويبديان اشمئزازهما ونفورهما من منظرها البشع، كلما شاهداها ، وهما اللذان يدركان تمام الإدراك أنهما يعتبران مشاركين أساسيين في بروزها وانتشارها، حتى ولوبالسكوت وعدم الاستنكاروالتنديد بها، وكذا غض الطرف عن المظاهرالسلبية وألفة التعايش معها. الطفل: شكرا جزيلا لك يا " دنيا " على هذا الكم الهائل من المعلومات البيئية الثقافية والتاريخية عن الجزائروعن إمكاناتها الضخمة، فلن أنساها بإذن الله.. ولن أنساك أنت أيضا.
إعداد:عبدالقادربوميدونة المعهد الوطني للتكوينات البيئية الجزائر - المراجع والهوامش: - جريدة " المساء " الجزائرية - مجلة " الباحث" الحزائرية - متحف " المجاهد " الجزائري - موقع رئاسة الجمهورية الجزائرية]]