جهاد
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الجهاد ومعناه بالعربية بذل الجهد والعزم لبلوغ هدف محدد والتعبير الكامل هو الجهاد في سبيل الله وقد درجت العادة في الأدبيات الأوربية بمختلف لغاتها على ترجمة الجهاد باستعمال اصطلاح الحرب المقدسة وذلك في محاولةٍ لاستيفاءً المعنى . والجهاد ليس حرب مقدسة مدفوعة بالحقد وغايتها الإبادة ولكن وبحسب النص القرآني هدف الجهاد المحدد هو نشر الإسلام أو الدفاع عنه.
هناك عدة نصوص في القرآن يجب الاستشهاد بها حول هذه القضية : كتلك التي تدعو لنشر الإسلام بالإقناع ، وتلك التي تأمر بالقتال للتصدي لأي هجوم موجه ضد الإسلام ، وتلك التي تأمر بالحرب ولكن ليس ضمن فترة الأشهر الحرام الأربعة ، وتلك التي تأمر بالقتال في كل وقت . يجب أن تُأخذ بالحسبان قواعد الإلغاء (النسخ) أو الإبطال والتي تختلف هنا وهناك بحسب المدرسة الفقهية.
فهرست |
[تحرير] آيات عن غير المسلمين
ندهورت العلاقات بين رسول الإسلام و المشركين, المسيحيين و اليهود خلال سيرته. ففي البقرة 257 و العنكبوت 47؛ تدل هذه الآيات ، على التسامح، ففي هذه الآيات إشارة إلى ان المؤمنين من المسيحيين و اليهود و الصابئة من أهل الجنة. و لكن بعد ذلك أصبحت الحال اصعب لغير المسلمين كما ان القوة السياسية لرسول الإسلام ازدادت. ففي السورة التاسعة (سورة التوبة) وهي قبل الأخيرة لترتيب الوحي؛ نجد هذه الآية رقم 113 تمثل تحولا في تاريخ الإسلامي. ويوجد آيتين فيها عن سلوك المسلمين مع غير المسلمين معروف كآية السيف و هي آية 5 للمشركين و آية 29 لأهل الكتاب. التوبة 5 و توبة 29
وهي تحدد في صراحة ما هو مفروض عليهم في آية السيف وكان ابن كثير وهو أحد مفسري القرآن قد أورد في تعليق على هذه الآية: " إن هذه الآية تلغى كل معاهدة تمت بين النبى وبين كل كافر ، كما وتلغى كل عقد وإتفاق "
وهي توجب على المسلمين أن يقاتلوا أهل الكتاب حتى يغلبوهم؛ وليس من الضروري ان يدخلوا في الإسلام، بل من الممكن ان يعيشوا في داخل دار الإسلام بشرط يخضعوا لقانون الذمة و يدفعوا الجزية مقابل حمايتهم والدفاع عنهم.
[تحرير] فلسفة الجهاد في الإسلام
يسعى الإسلام لرفع الذل عن الناس ومنع خضوعهم لغير الله؛ ويرى أن أكبر مهانة يتعرض لها الفرد عندما يعبد حجرا أو شجرا أو حيوانا؛ أو يخضع ويذل لبشر حي أو ميت أو يتخذ الأحبار والرهبان أربابا من دون الله يحلون له الحرام ويحرمون عليه الحلال ويفرضون عليه دفع الأموال ظلما وعدوانا.
ونادى الإسلام لنشر العدل والمساواة بين البشرفي الحقوق والواجبات؛ بين الغني والفقير؛ الحاكم والمحكوم؛ القوي والضعيف؛ الشريف والوضيع، العالم والجاهل، الحبر والراهب العابد والزاهد، تحت شعار واضح (لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمى على عربي ، ولا لأبيض على أسود . ولا لأسود على أبيض ، إلا بالتقوى ، الناس من آدم ، وآدم من تراب)(1)، فلا عنصرية بغيضة ولا طبقية مقيتة.
ويعبر القرآن عن ذلك بوضوح في قوله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }المائدة8
أي يا أيها الذين آمَنوا بالله ورسوله محمد كونوا قوَّامين بالحق, ابتغاء وجه الله, شُهداء بالعدل, ولا يحملنكم بُغْضُ قوم على ألا تعدلوا, اعدِلوا بين الأعداء والأحباب على درجة سواء, فذلك العدل أقرب لخشية الله, واحذروا أن تجوروا. إن الله خبير بما تعملون, وسيجازيكم به.
كما يفرض الإسلام على الأغنياء دفع جزء من أموالهم (الزكاة على المسلمين أو الجزية على غير المسلمين) ليتم توزيعه على فقراء الناس وضعفائهم وحرم أكل أموال الناس بالباطل من النهب والسلب أو من الربا أو من الغش أو الخداع.
ومعلوم أن كل هذه القيم والمبادئ تتعارض تماما مع مصالح الطغاة والجبابرة الذين استذلوا الناس واستعبدوهم، فأعلنوا عداوتهم للإسلام والمسلمين فكان لزاما على المسلمين من إعداد العدة لمواجهة تلك المخاطر - حتى لا يؤخذوا على غرة - فأمرهم ربهم بذلك:
{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } الأنفال60
ولما كانت رسالة محمد للناس كافة فكان لزاما عليه السعي لرفع هذا الظلم عن الناس كافة ومواجهة هؤلاء الطغاة في أي مكان ومهما كلف الثمن؛ فكان فرض الجهاد على المسلمين لتحقيق مقاصد الدين السامية، لا يهم أن يدخل الناس في دين الإسلام ولكن المهم أن ينعموا بالعدل والأمن تحت حكمه:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } التوبة123
وهذا ما يفسر بوضوح فلسفة الجهاد في الإسلام.
[تحرير] تطور الجهاد في القضايا الفقهية و في تاريخ إسلامي.
تطور الجهاد على مدى الأجيال بالنسبة للفكر الفقهي. وبدأ الجهاد هو ما ذهب إليه الفكر الفقهي في ظهور الإسلام - فقالوا إن الجهاد فرض كفاية على كل مسلم حر و بالغ وعلى المسلمين مواصلة الجهاد إلى أن يدخل الناس كافة في حكم الإسلام ويكون الدين كله لله البقرة 193
إن شرط الجهاد يتم أداؤه إذا قام الإمام بغزوة مرة كل عام. والبعض يقول يكفي لتوفر شرط الجهاد أن يهيئ الإمام جيش الإسلام لقتال أعداء الإسلام. ومن الضروري إعلام العدو بأن جيش الإسلام يقصد قتالهم. فيدعون إلى اعتناق الإسلام !
معلوم أن الديانة الإسلامية ديانة عالمية موجهة لجميع الناس، ونشر هذه الديانة في كل مكان هو واجب الجماعات الإسلامية، حتى تُعرف في جميع أنحاء العالم حقوق الله وحقوق البشر وذلك كما يحددها القرآن ، يجب أن توجه الدعوة للأمم التي تجهل الإسلام أو التي ترفضه ، وفي حال رفضها الإصغاء لتلك الدعوة يحق حينها للمسلمين إذا اجتمعت كلمتهم أن يجاهدوا تلك الأمة وأن يوجهوا لها نصال سيوفهم .
تخضع قوانين الجهاد على مر العصور لقواعد دقيقة وعاددلة، مثل عدم أذية غير المقاتلين من نساء وأطفال ورهبان بل يجب احترامهم طالما أنهم لم يتورطوا بالتحريض على قتال المسلمين. أما المنتمين للديانات التوحيدية كالمسيحيين واليهود والصابئة والمجوس فيحق لهم الاهتداء للإسلام أو أن يحفظوا إيمانهم ومعتقداتهم ومؤسساتهم الدينية بشرط أساسي وهو دفع الجزية، فيصبحوا عندها (ذميين) أي تقع مسؤولية حمايتهم في ذمة الدولة الإسلامية ، أما غير المؤمنين بالله فلهم خياران أيضا إما الدخول في الإسلام أو الانسياق للعبودية وفي كل الأحوال لم يكن هذا يطبق بشكل واسع في الإسلام على مر الأزمنة واختلاف الأماكن.
[تحرير] أنواع الجهاد
في سورة التوبة آية السيف 124 وقد نسخت آيات كثيرة وردت في التسامح مع الكفار والمشركين، ويرى كثير من المسلمين أن كلاهما محكم ويؤخذ به في الحالة المناسبة لكل منها.
والجهاد نوعان:
- جهاد الطلب (طلب الكفار في بلادهم): بحيث يكون الكفار في حالة لا يحشدون لقتال المسلمين، فالقتال فرض كفاية وأقل فرص الكفاية سد الثغور بالمؤمنين لإرهاب أعداء الله، وإرسال جيش في السنة على الأقل، فعلى الإمام أن يبعث سرية إلى دار الحرب كل سنة مرة أو مرتين، وعلى الرعية إعانته، فإن لم يبعث كان الإثم عليه، قال الأصوليون: (الجهاد دعوة قهرية فتجب إقامته بقدر الإمكان حتى لا يبقى إلا مسلم أو مسالم)
- جهاد الدفع (دفع الكفار من بلادنا): وهذا يكون فرض عين بل أهم فروض الأعيان، ويتعين في حالة : دخول الكفار بلدة من بلاد المسلمين: ففي هذه الحالة اتفق السلف والخلف وفقهاء المذاهب الأربعة والمحدثون والمفسرون في جميع العصور الإسلامية إطلاقا أن الجهاد في هذه الحالة يصبح فرض عين على أهل هذه البلدة - التي هاجمها الكفار- وعلى من قرب منهم، بحيث يخرج الولد دون إذن والده، والزوجة دون إذن زوجها، والمدين دون إذن دائنه، فإن لم يكف أهل تلك البلدة أو قصروا أو تكاسلوا أو قعدوا يتوسع فرض العين على شكل دوائر الأقرب فالأقرب
[تحرير] مصادر
- ^ رواه الترمذي (3270) وحسنه الألباني .