ردة
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الرّدّة (لغةً) الرّجوع عن الشّيء ، ومنه الرّدّة عن الإسلام . فيقال : ارتدّ عنه ارتداداً أي تحوّل . والاسم الرّدّة ، والرّدّة عن الإسلام : الرّجوع عنه . وارتدّ فلان عن دينه إذا كفر بعد إسلامه . وفي (الاصطلاح) الرّدّة كفر المسلم بقولٍ صريحٍ أو لفظٍ يقتضيه أو فعلٍ يتضمّنه .
فهرست |
[تحرير] في القرآن
ومما قد استدل به المسلمون على ان المسلم قد يقع في الردة ءايات منها قوله تعالى : ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ ﴾ (التوبة/74) و قوله ﴿ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ ﴾ (فصلت/37) و قوله تعالى ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾ (الحجرات/15) . فهذه الآيات تدل على ان المسلم قد يقع في الكفر اذا قال كلاما كفريا او فعل او اعتقد اعتقادات كفرية.
[تحرير] أحكام الردة في الإسلام
يجبُ على كلِّ مسلم حفظُ إسلامِهِ وصونُهُ عمَّا يفسدُهُ ويبطلُهُ ويقطعُهُ وهوَ الرِّدةُ والعيَاذُ بالله تعالى، [قالَ النوويُّ وغيرُهُ: الردّةُ أفحشُ أنواعِ الكفر.
وقد كثُرَ في هذا الزمانِ التساهلُ في الكلامِ حتى إِنَّهُ يخرج منْ بعضهمْ ألفاظٌ تُخرجُهُمْ عن الإِسلامِ ولا يَرَوْنَ ذلك ذنبًا فَضْلاً عنْ كونِهِ كُفرًا، [وذلكَ مصداقُ قولِهِ صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ العبدَ ليتكلّم بالكلمة لا يرى بها بأسًا يهوي بها في النارِ سبعينَ خريفًا" أَيْ مسافةَ سبعين عامًا في النزولِ وذلكَ منتَهَى جهنَّمَ وهو خاصٌّ بالكفارِ. والحديثُ رواهُ الترمذيُّ وحسَّنَهُ، وفي معناه حديثٌ رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ. وهذا الحديثُ دليلٌ على أنّه لا يُشترطُ في الوقوع في الكفرِ معرفةُ الحُكْم ولا انشراحُ الصَّدْرِ ولا اعتقادُ مَعنى اللَّفْظِ كما يقولُ كتابُ "فِقهُ السُّنَّةِ". وكذلك لا يُشترطُ في الوقوعِ في الكفر عدمُ الغضبِ كما أشارَ إلى ذلكَ النوويُّ، قال:"لو غَضِبَ رجلٌ على ولدِهِ أو غلامِهِ فضربَهُ ضرْبًا شديدًا فقال له رجلٌ: أَلستَ مُسلمًا؟ فقال: لا، متعمدًا كفر" وقاله غيره من حنفيةٍ وغيرهم.
قال الحافظ أبو زرعة العراقي في نكته على التنبيه والمنهاج والحاوي: كتاب الردّة: قول المنهاج : هي قطع الإِسلام بنيّة أو قول كفر أو فعل سواء قاله استهزاءً أو عنادًا أو اعتقادًا، فيه أمور:
أحدُها أن قوله بنيّة ليس في المحرَّر والروضة والشرحين والحاوي، وذكره ليدخل في الضابط العزم على الكفر في المستقبل فإنه يكفر في الحال.
ثانيها كان ينبغي تأخير ذكر القول عن الفعل كما في الحاوي لأن التقسيم فيه.
ثالثها تعبيره بأو في قوله أو عنادًا أو اعتقادًا أحسن من تعبير الحاوي بالواو لأنَّ أحدهما كاف.
وأورد شيخنا الإِمام البلقيني عليهما أمورًا:
أحدها أن عبارتهما لا تتناول كفر المنافق فإنه لم يسبقه إسلام صحيح.
ثانيها أنّ ذلك لا يتوقّف على قطعه الإِسلام بنفسه، فولد المرتدَّين المنعقد في ردّتهما صحّح النووي أنه مرتدٌّ إذا لم يكن له أصل مسلم لكن سيأتي تصحيح أنّه مسلم.
ثالثها أن التنقّل من كفر إلى كفر حكمه حكم المرتدّ في أنّه لا يقبل منه إلا الإِسلام فإن لم يفعل قُتل. اهـ.
وهذا الذي يحصل من بعض الناس مصداق قوله صلى الله عليه وسلم : "إِنّ العبد ليتكلَّم بالكلمة لا يرى بها بأسًا يهوي بها في النار سبعين خريفًا" أي أنَّ الإنسان قد يتكلَّم بكلمة لا يراها ضارَّة له يستوجب بها النزول في قعر جهنَّم وهو مسافة سبعين عامًا وذلك محلّ الكفار لا يصله عصاة المسلمين.
لقد بين العلماء المسلمون من المذاهب الاربعة أحكام الردة فقال النووي الشافعي في كتابه روضة الطالبين ما نصه :" الردة : وهي قطع الإسلام ، ويحصل ذلك تارة بالقول الذي هو كفر وتارة بالفعل ، وتحصل الردة بالقول الذي هو كفر سواء صدر عن اعتقاد أو عناد أو استهزاء " ا.هـ.
و قال الشيخ محمد عليش المالكي في كتابه منح الجليل ما نصه :" وسواء كفر ( أي المرتد) بقول صريح في الكفر كقوله: كفرت بالله أو برسول الله أو بالقرءان ، أو: الإله اثنان أو ثلاثة ، أو : العزير ابن الله ، أو بلفظه يقتضيه أي يستلزم اللفظ للكفر استلزاما بينا كجحد مشروعية شىء مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة ، فإنه يستلزم تكذيب القرءان أو الرسول ، وكاعتقاد جسمية الله أو تحيزه" ا.هـ
و قال الفقيه ابن عابدين الحنفي في رد المحتار على الدر المختار ما نصه :" قوله: وركنها إجراء كلمة الكفر على اللسان، هذا بالنسبة إلى الظاهر الذي يحكم به الحاكم، وإلا فقد تكون بدونه كما لو عرض له اعتقاد باطل أو نوى ان يكفر بعد حين" ا.هـ.
و قال البهوتي الحنبلي في شرح كتابه منتهى الإرادات ما نصه :" باب حكم المرتد : وهو لغة الراجع قال الله تعالى : ﴿ ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين (21)﴾ [ سورة المائدة / 21] ، وشرعا من كفر ولو كان مميزا بنطق أو اعتقاد أو فعل أو شك طوعا ولو كان هازلا بعد إسلامه ". ا.هـ.
و من الردة سب الله اوأحد من رسله او القرآن او الملائكة او شعيرة من شعائر الدين الإسلامي او تحريم الحلال البين كالنكاح و البيع و الشراء أو تحليل الحرام البين كشرب الخمر أو السرقة. كذلك من الردة السجود للصنم او الشمس أو القمر أما السجود لإنسان فان كان على وجه العبادة فكفر. و من الردة ايضا اعتقاد ان الله علمه لا يشمل الكليات او الجزئيات او انه عاجز عن شيء او انه يشبه شيئا من خلقه او محتاج إلى شيء من خلقه.
من وقع في الردة بطل نكاحه و صيامه و تيممه وحبطت كل أعماله و إن مات على ردته فلا يرث و لا يورَّث و لا يغسَّل ولا يكفَّن ولا يصلّى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين.
ولا يرجع المرتد إلى الإسلام الا بالنطق بالشهادتين بنية الدخول في الإسلام.