بارما
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
Parma بارما ، مدينة في شمال إيطاليا ضمن إقليم إيميليا رومانيا ، عاصمة مقاطعة بارما ، تقغ على نهر بو أسسها الرومان عام 183 م سكانها 176,000 نسمة . وتشتهر بعمارتها و جمال الريف المحيط بها ، و هي مقر جامعة بارما أحد أقدم جامعات إيطاليا . بارما تنقسم إلى قسمين بفعل نهر صغير يحمل اسمها . الشاعر الايطالي أتيليو بيرتولوتشي (ولد في قرية صغيرة في ريفها) قال عنها : "كعاصمة كان لا بد أن يكون لها نهر ، و كعاصمة صغيرة استلمت نهرا صغيرا ، و غالبا ما يكون جافا " .
[تحرير] التاريخ
على الارجح أن المدينة أسست و سميت من قبل الأتروسكان ، حيث أن parma تعني (الدرع الدائري) بالاتينية الذي كان يستعمله الأتروسكان ، و كان المؤرخ الإغريقي ديودوروس سيكولوس ذكر ان الرومان قد استبدلوا دروعهم المستطيل بتلك الدائرية ، و سواء سميت بهذا الاسم لأن معسكر الأتروسكان كان دائريا مثل درع ، أو لأنه كان بمثابة درع واقي في صد غزوات الغال في الشمال ، هي مسألة اختيار .
أسسها الرومان كمستعمرة في 183 ق.م بالإشتراك مع مودينا ، و استوطنتها 2000 أسرة ، و كانت أهمية بارما بوصفها محطة على محور طريق ايميليا و طريق كلوديا ، و كان بها ساحة عامة في ما يعرف اليوم بساحة غاريبالدي وسط المدينة . دمرت المدينة في عام 44 ق.م ، و أعاد بناءها أغسطس . و نالت لقب جوليا اثناء الامبراطورية الرومانية لولاءها إلى البيت الامبراطوري .
احتلت المدينة بعد ذلك من قبل أتيلا الهوني ، ثم ضمها الملك البربري أودواسر إليه ، و أثناء الحرب القوطية دمرها توتيلا ملك القوط الشرقيين . ثم أصبحت جزءا من الإمبراطورية البيزنطية في ولاية رافينا (و غيروا اسمها إلى Chrysopolis أي "المدينة الذهبية" و ربما يعود ذلك إلى وجود كنز الجيش) ، و منذ عام 569 أصبحت جزء من مملكة اللومبارديين الإيطالية . خلال العصور الوسطى ، اصبحت بارما محطة مهمة على الطريق الرئيسي Via Francigena الذي يربط شمال أوروبا بروما : و بنيت عدة قلاع و مستشفيات و نزل في القرون التالية لاستضافة أعداد المسافرين الحجاج المتزايدة .
اصبحت بارما تحت حكم الفرنجة عاصمة محلية عام 774 ، و على غرار معظم المدن الايطالية الشمالية كانت اسميا جزءا من الامبراطورية الرومانية المقدسة التي اوجدها شارلمان ولكن على الأرض كان أساقفتها يحكمونها ، و في خضم الصراع بين البابوية الكاثوليكية و الامبراطورية كانت بارما غالبا عضو في الحزب الامبراطوري . و أصبح اثنان من أساقفتها مناهضين للبابوات و هما : كادالو مؤسس الكاتدرائية المعروف بهونوريوس الثاني ؛ و غويبيرت المعروف بكليمنت الثالث .
أصبحت بلدية شبه مستقلة حوالى عام 1140 . بعد سلام كونستانتس عام 1183 أصبحت المعارك مع البلديات المجاورة ريدجو ايميليا و بياتشنسا و كريمونا أشد ضراوة و كان الهدف هو السيطرة على خط التجارة الحيوي فوق نهر بو .
الصراع بين غويلفي و غيبيليني كان سمة بارما ايضا . بعد فترة طويلة من الوقوف إلى جانب الأباطرة ، تمكنت الأسر الباباوية من السيطرة على المدينة في عام 1248 : حيث حوصرت المدينة من قبل الامبراطور فريدريك الثاني الذي اكتسحها و لكنه انهزم في معركة بارما التي اعقبت ذلك .
سقطت بارما تحت سيطرة ميلانو عام 1341 . و بعد فترة قصيرة من الاستقلال في اطار عائلة تيرسي (1404-1409) فرضت عائلة سفورزا حكمها بين عامي (1440-1449) من خلال أسر بالافيتشينو و روسي و سانفيتالي و دا كورريدجو المرتبطة بها . و أوجد هذا نوعا من الإقطاع الجديد ، و بنيت الابراج والقلاع في انحاء المدينة و أرضيها .
تحولت هذه اقطاعيات إلى دول مستقلة حقا : حكم آل لاندي أعلى وادي نهر تارو من 1257 إلى 1682 و امتدت منطقة سادة عائلة بالافيتشينو في الجزء الشرقي من المقاطعة بارما الحالية متخذين بوسيتو عاصمة لهم . شكلت أراضي بارما استثناءا في شمال إيطاليا باستمرار التقسيم الاقطاعي حتى سنوات متأخرة . على سبيل المثال استمروا سولينيانو المنتمي لأسرة بالافيتشينو حتى عام 1805 ، و سان سيكوندو المنتمون لآل روسي استمروا ايضا إلى القرن التاسع عشر .
بين القرن الرابع عشر و القرن الخامس عشر كان بارما في مركز الحروب الايطالية فدارت رحى معركة فورنوفو على أراضيها . احتفظ فرنسيون بالمدينة بين عامي 1500-1521 مع فترة قصيرة من حكم البابوية بين 1512-1515 ، بعد طرد الاجانب انتمت بارما إلى الدولة البابوية حتى 1545 .
في تلك السنة فصل البابا بولس الثالث المنتمي لعائلة فارنيزي كل من بارما و بياتشنسا من الدولة البابوية و أعطاها باعتبارها دوقية لابنه غير الشرعي بييرلويجي فارنيزي الذي حكمت سلالته في بارما حتى عام 1731 ، عندما مات انطونيو فارنيزي (1679-1731) آخر الذكور من خط فانيزي ، و كان اوتافيو الثاني فارنيزي (1547-1586) قد وحد الدولة . كما قام بتجديد مباني المدينة من عاصمة حقيقية لعهده القصير و الغني .
في عام 1594 صدر دستور و عززت الجامعة و أسست كلية النبلاء . حدت الحرب من سلطة البارونات التي استمرت لعدة سنوات : عام 1612 اعدمت بربارا سانسيفيرينو في ساحة وسط بارما مع ستة نبلاء آخرين بالتهمة التآمر ضد الدوق . و في نهاية القرن السابع عشر بعد هزيمة آل باللافيتشيني (1588) و آل لاندي (1682) أخيرا استطاع الدوق فانيزي من إحكام السيطرة على كامل الأراضي البارمية جميع الأقاليم. تم تحويل القلعة سانسيفيرينو في بلدة كولورنو إلى قصر صيفي فاخر من قبل فرديناندو بيبيينا .
في عام 1731 جمعت دوقية بارما و بياتشنسا و اعطيت لعائلة بوربون في إطار الإختلاط الدبلوماسي في سياسة السلالات الحاكمة الأوروبية التي حدثت في ايطاليا. غير أنها واجهت بعض الانحطاط في ظل الحكام الجدد ، و نقلت إلى نابولي عام 1734 كل مجموعات الفنية المعلقة بالقصور الدوقية في بارما و سالا باغانزا و كولورنو.
كانت بارما تحت النفوذ الفرنسي بعد سلام آخن عام 1748 . اصبحت بارما دولة حديثة بفضل أعمال رئيس الوزراء غويلام دو تيلو . فأوجد فيها اسس الصناعة العصرية و حارب بقوة ضد إمتيازات الكنيسة . و عاش المدينة فترة رائعة : مكتبة بالاتيني و المتحف الاثري و رواق اللوحات و تأسست الحديقة النباتية ، بالاضافة إلى اعمال المطباع الملكية التي أدارها جامباتيستا بودوني .
خلال الحروب النابليونية (1802-1814) ، كانت بارما جزء من من منطقة تارو . و تحت اسمها الفرنسي بارم Parme جعلت جزءا من الدوقية الإقطاعية الامبراطورية الكبرى للأمير شارل فرانسوا ليبرون في 24أبريل 1808 (و انتهت 1926).
بعد عودتها بواسطة مؤتمر فيينا 1814-15 ، لم تجد ثورة توحيد إيطاليا أرضا خصبة في الدوقية الهادئة . في عام 1847 بعد وفاة ماريا لويجا دوقة بارماعادت اخرى إلى آل بوربون ، و قد طعن آخرهم في المدينة تاركا إيها لأرملته لويزا ماريا . في 15 سبتمبر 1859 أعلن خلع السلالة ، و دخلت بارما في مقاطعة اميليا تحت حكم كارلو فاريني . مع استفتاء عام 1860 اصبحت الدوقية السابقة جزءا من مملكة ايطاليا الموحدة .
فقدان دورها كعاصمة خلق أوجد أزمة اقتصادية واجتماعية في بارما . وبدأت في استعادة أهمية دورها الصناعي بعد وصلها مع بياشنسا و بولونيا عام 1859 ، و مع فورنوفو و سوزارا في عام 1883 . كانت النقابات قوية في المدينة ، و أعلن فيها إضراب عام شهير امتد من 1 مايو إلى6 يونيو 1908 .
بلغ الصراع مع الفاشية ذروته في أغسطس 1922 ، عندما حاول إتالو بالبو أحد مسؤولي النظام دخول الحي الشعبي أولتريتوررينتي . نظم المواطنون أنفسهم في ( "مقدامي الشعب") Arditi del Popolo ، ودفعوا أفراد الفرقة . وهذه الحادثة تعتبر أول مثال للمقاومة في ايطاليا.
اثناء الحرب العالمية الثانية ، كانت بارما مركز قوى للمقاومة الحزبية . محطة القطارات السكك الحديدية كانت اهدافا لقصف الحلفاء الجوي في ربيع 1944 . و دمر الكثير من قصر ديللا بيلوتا - قرب محطة القطار - بسبب قنابل ضلت طريقها ، ولكن بارما لم تشهد تدميرا واسع النطاق خلال الحرب . و تحررت بارما من الاحتلال الالماني (1943-1945) في 25 أبريل 1945 من قبل القوات الامريكية والبريطانية.