عبد الله بن عباس
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
عبد الله بن عباس من كبار الصحابة المحدثين.
[تحرير] نسبه و عائلته:
هو إبن عم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
هو إبن عم الإمام علي عليه السلام.
هو إبن خال الزبير بن العوام.
أبوه العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف .
أمه هي لبانة بنت الحارث الهلالية.اخت ميمونة زوجة البني (ص ).
اشقائه : الفضل و قثم و عبيد الله ومعبد .
شقيقاته : أم حبيب .
اخوته الغير اشقاء: الحارث أمه من هذيل كثير وتمام أمهما أم ولد.
أخواته الغير شقيقات : آمنة و صفية و أمهما أم ولد.
[تحرير] ولادته وعمره :
ولد قبل ثلاث سنوات للهجرة عندما كان بني هاشم محصورين في الشعب من قبل قريش.(أي سنة 619 للميلاد )
عمره عند وفات النبي (صلى الله عليه وآله و سلم ) كان 13 سنة.
عمره عند وفات الامام علي عليه السلام كان 44 سنة .
وفاته: وكانت وفاته بالطائف - وتوفي رضوان الله عليه سنة 68هـ (687م ) وله من العمر إحدى وسبعون سنة وصلى على جنازته محمد بن الحنفية -ابن الامام علي (عليه السلام ). في خلافة عبد الملك بن مروان في الشام، وعبد الله بن الزبير في مكة.
[تحرير] سيرة عبد الله إبن عباس رضوان الله عليهما في نظر الشيعة.
[تحرير] مع النبي صلى الله عليه و آله و سلم(3 ق.هـ - 11 هـ)
ولد إبن عباس قبل الهجرة بثلاث سنوات. عاش مع النبي صلى الله عليه و آله و سلم يقارب 13 سنة و دعا النبي (ص ) له بالتفقه بالدين ووصف بحبر الامة لإخلاصه وجلالة قدره وغزارة علمه ، وقد كان من العلماء الذين يرجع اليهم في أمور الدين .
وعن ابن عباس-رَضيَ اللهُ عَنْهُ - قال: كنت في بيت ميمونة بنت الحارث فوضعت لرسُول اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ - طهوره، فقال: (من وضع هذا؟) فقالت ميمونة عبد الله. فقال: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)
مُسند أحمدَ رقم (2274)-كتاب مسند بني هاشم- باب بداية مسند عبد الله العباس رَضيَ اللهُ عَنْهُ، قال الشيخ مقبل: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، انظر الصحيح المسند.
[تحرير] مع الإمام علي عليه السلام(11-40هـ)
بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله وسلم كان إبن عباس ملازماً لإبن عمه علي بن ابي طالب عليه السلام. وهو من خواص تلامذة الامام علي بن أبي طالب (ع)، فقد اخذ عنه العلم و الفقه و تفسير القرآن.
- علاقته مع الخلفاء(11-35هـ): وقد كان الخليفة عمر بن الخطاب يدنيه منه ويعظم شأنه وكان عمر يستشيره في أيَّام خلافته وله مناظرات عديدة معه حول إمامة الإمام علي عليه السلام. ، وعندما ثار الناس على الخليفة عثمان بن عفان، كان مندوبه في الحج .
- أهم ادواره في عهد أمير المؤمنين علي عليه السلام : بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان و أختيار المسلمين لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كخليفة للمسلمين كان عبد الله بن عباس من أهم وزرائه و مستشاريه.
- الدعوة الى نصرة الإمام علي عليه السلام في معركة الجمل
روى الواقدي أن قال حدثني عبد الله بن الحارث بن الفضيل عن أبيه قال لما عزم أمير المؤمنين ع على المسير من المدينة لرد طلحة و الزبير بعث محمد بن الحنفية و محمد بن أبي بكر إلى الكوفة و كان عليها أبو موسى الاشعري فلما قدما عليه أساء القول عليهما و أغلظ و قال و الله إن بيعة عثمان لفي رقبة صاحبكم و في رقبتي ما خرجنا منها ثم قام على المنبر فقال أيها الناس إنا أصحاب رسول الله ص و نحن أعلم منكم بهذه الفتنة فاحذروها إن عائشة كتبت إلي أن اكفني من قبلك و هذا علي قادم إليكم يريد أن يسفك بكم دماء المسلمين فكسروا نبلكم و قطعوا أوتاركم و اضربوا الحجارة بسيوفكم.
فقال محمد بن الحنفية رضي الله عنه لمحمد بن أبي بكر يا أخي ما عند هذا خير فارجع بنا إلى أمير المؤمنين نخبره الخبر فلما رجعا إليه أخبراه بالحال و قد كان كتب معهما كتابا إلى أبي موسى الاشعري أن يبايع من قبله على السمع و الطاعة و قال له في كتابه ارفع عن الناس سوطك و أخرجهم حجزتك و اجلس بالعراقين فإن خففت فأقبل و إن ثقلت فاقعد فلما قرأ الكتاب قال أثقل ثم أثقل
كتاب أمير المؤمنين ع إلى أهل الكوفة
و لما بلغ أمير المؤمنين ع ما قال و صنع غضب غضبا شديدا و بعث الحسن ع و عمار بن ياسر و كتب معهم كتابا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة من المؤمنين و المسلمين أما بعد فإن دار الهجرة تقلعت بأهلها فانقلعوا عنها فجاشت جيش المرجل و كانت فاعلة يوما ما فعلت و قد ركبت المرأة الجمل و نبحتها كلاب الحوأب و قامت الفتنة الباغية يقودها رجال يطلبون بدم هم سفكوه و عرض هم شتموه و حرمة هم انتهكوها و أباحوا ما أباحوا يعتذرون إلى الناس دون الله يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ اعملوا رحمكم الله أن الجهاد مفترض على العباد و قد جاءكم في داركم من يحثكم عليه و يعرض عليكم رشدكم و الله يعلم أني لم أجد بدا من الدخول في هذا الامر و لو علمت أن أحدا أولى به مني ما قدمت عليه و قد بايعني طلحة و الزبير طائعين غير مكرهين ثم خرجا يطلبان بدم عثمان و هما اللذان فعلا بعثمان ما فعلا و عجبت لهما كيف أطاعا
أبا بكر و عمر في البيعة و أبيا ذلك علي و هما يعلمان أني لست بدون أحد منهما مع أني قد عرضت عليهما قبل أن يبايعاني أن أحبا بايعت أحدهما فقالا لا ننفس ذلك عليك بل نبايعك و نقدمك علينا بحق فبايعا ثم نكثا و السلام على أهل السلام
إرسال الحسن ع و عمار و ابن عباس إلى الكوفة
و لما سار ع من المدينة انتهى إلى فيد و كان قد عدل إلى جبال طيء حتى سار معه عدي بن حاتم في ستمائة من قومه فقال ع لابن عباس ما الرأي عندك في أهل الكوفة و أبي موسى الاشعري فقال له ابن عباس أنفذ عمارا فإنه رجل له سابقة في الاسلام و قد شهد بدرا فإنه إن تكلم هناك صرف الناس إليك و أنا أخرج معه و ابعث معنا الحسن ابنك ففعل ذلك فخرجوا حتى قدموا على أبي موسى فلما وصلوا الكوفة قال ابن عباس للحسن و لعمار إن أبا موسى رجل عات فإذا رفقنا به أدركنا منه حاجتنا فقالا له افعل ما شئت. فقال ابن عباس لابي موسى يا أبا موسى إن أمير المؤمنين أرسلنا إليك لما يعرف من سرعتك إلى طاعة الله عز و جل و رسوله ص و مصيرك إلى ما محبتنا أهل البيت و قد علمت فضله و سابقته في الاسلام و هو يقول لك أن تبايع له الناس و تقر على عملك و يرضى عنك فانخدع أبو موسى و صعد المنبر فبايع لعلي ساعة من النهار ثم نزل
خطبة عمار
فلما نزل صعد عمار المنبر فقال الحمد لله حمدا كثيرا فإنه أهله على نعمه التي لا نحصيها و لا نقدر قدرها و لا نشكر شكرها و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالهدى و النور الواضح و السلطان القاهر الامين الناصح و الحكيم الراجح رسول رب العالمين و قائد المؤمنين و خاتم النبيين جاء بالصدق و صدق المرسلين و جاهد في الله حتى أتاه اليقين ثم إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع حفظه الله و نصره نصرا عزيزا و أبرم له أمرا رشيدا بعثني إليكم و ابنه يأمركم بالنفير إليه فانفروا إليه و اتقوا و أطيعوا الله تعالى و الله لو علمت أن على وجه الارض بشرا أعلم بكتاب الله و سنة نبيه منه ما استنفرتكم إليه و لا بايعته على الموت يا معشر أهل الكوفة الله الله في الجهاد فو الله لئن صارت الامور إلى غير علي ع لتصيرن إلى البلاء العظيم و الله يعلم أني قد نصحت لكم و أمرتكم بما أخذت بيقيني وَ ما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ ما تَوْفِيقِي إِلّا بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ أستغفر الله لي و لكم
خطبة أخرى لعمار
ثم نزل فصبر هنيئة ثم عاد إلى المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس هذا ابن عم نبيكم ص قد بعثني إليكم يستصرخكم ألا إن طلحة و الزبير قد سارا نحو البصرة و أخرجا عائشة معهما للفتنة ألا و إن الله قد ابتلاكم بحق أمكم و حق ربكم و حق ربكم أولى و أعظم عليكم من حق أمكم و لكن الله ابتلاكم لينظر كيف تعملون فاتقوا الله و اسمعوا و أطيعوا و انفروا إلى خليفتكم و صهر نبيكم فإن أصحاب رسول الله ص قد بايعوه بالمدينة و هي دار الهجرة و دار الاسلام أسأل الله أن يوفقكم ثم نزل
خطبة الحسن عيه السلام
فصعد الحسن بن علي ع المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم ذكر جده فصلى عليه و ذكر فضل أبيه و سابقته و قرابته برسول الله ص و أنه أولى بالامر من غيره ثم قال
معاشر الناس إن طلحة و الزبير قد بايعا عليا طائعين غير مكرهين ثم نفرا و نكثا بيعتهما له فطوبى لمن خف في مجاهدة من جاهده فإن الجهاد معه كالجهاد مع النبي ص ثم نزل
خدعة ابن عباس لابي موسى الاشعري
و كان أمير المؤمنين ع قد كتب مع ابن عباس كتابا إلى أبي موسى الاشعري أغلظ فيه فقال ابن عباس فقلت في نفسي أقدم على رجل و هو أمير بمثل هذا الكتاب إذن لا ينظر في كتابي و نظرت أن أشق كتاب أمير المؤمنين ع فشققته و كتبت من عندي كتابا عنه لابي موسى أما بعد فقد عرفت مودتك إيانا أهل البيت و انقطاعك إلينا و إنما نرغب إليك لما نعلم من حسن رأيك فينا فإذا أتاك كتابي هذا فبايع لنا الناس و السلام. فلما قرأ أبو موسى الكتاب قال لي أنا الامير أم أنت قلت بل أنت الامير فدعا الناس إلى بيعة علي ع فلما بايع قمت فصعدت المنبر فرام إنزالي منه فقلت أنت تنزلني عن المنبر و أخذت بقائم السيف فقلت اثبت مكانك و الله لئن نزلت إليك خذمتك به فلم يبرح فبايعت الناس لعلي و خلعت في الحال أبا موسى و استعملت مكانه قرظة بن كعب الانصاري و لم أبرح من الكوفة حتى سيرت لامير المؤمنين في البر و البحر من أهلها سبعة آلاف رجل و لحقته بذي قار و قد سار معه من جبال طيء و غيرها ألفا رجل و لما صار أهل الكوفة إلى ذي قار و لقوا أمير المؤمنين ع بها رحبوا به و قالوا الحمد لله الذي خصنا بمودتك و أكرمنا بنصرتك فجزاهم ع خيرا.
كتاب الجمل الجزء 1 ص 258
- معركة الجمل(10 جمادى الآخرة عام 36 هـ): كان إبن عباس على مقدمة جيش علي عليه السلام وقد ارسله الإمام مناظراً لطلحة و الزبير.
روي إن أمير المؤمنين (عليه السلام) رحل بالناس إلى القوم غداة الخميس لعشر مضين من جمادى الأولى وعلى ميمنته الأشتر وعلى ميسرته عمار بن ياسر وأعطى الراية محمد بن الحنفية ابنه، وسار حتى وقف موقفاً ثم نادى في الناس: لاتعجلوا حتى أعذر إلى القوم.. ودعا عبد الله بن العباس (رض) فأعطاه المصحف وقال: امض بهذا المصحف إلى طلحة والزبير وعائشة وادعهم إلى ما فيه، وقل لطلحة والزبير: ألم تبايعاني مختارين فما الذي دعاكما إلى نكث بيعتي وهذا كتاب الله بيني وبينكما.
قال عبد الله بن العباس: فبدأت بالزبير وكان عندي أبقاهما علينا وكلّمته في الرجوع وقلت له: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول لك: ألم تبايعني طائعاً فلم تستحل قتالي وهذا المصحف وما فيه بيني وبينك فان شئت تحاكما اليه، فقال: ارجع إلى صاحبك فانا بايعنا كارهين ومالي حاجة في محاكمته.
فانصرفت عنه إلى طلحة والناس يشتدون والمصحف في يدي... فقلت له: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول لك: ما حملك على الخروج وبما استحللت نقض بيعتي والعهد عليك؟ فقال: خرجت أطلب بدم عثمان...
قال (ابن عباس) فانصرفت إلى عائشة وهي في هودج مدفف على جملها عسكر وكعب ابن سور القاضي آخذ بخطامه وحولها الازد وحنبة، فلما رأتني قالت: ما الذي جاء بك يا بن عباس والله لا سمعت منك شيئاً، ارجع إلى صاحبك وقل له: ما بيننا وبينك الا السيف، وصاح من حولها: ارجع يا بن عباس لا يسفك دمك.
فرجعت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام).. وقلت ما تنتظر، والله ما يعطيك القوم إلا السيف، فاحمل عليهم قبل أن يحملوا عليك.
فقال (عليه السلام): نستظهر بالله عليهم.
قال ابن عباس: فوالله ما رمت من مكاني حتى طلع عليّ نشابهم كأنه جراد منتشر فقلت: أما ترى يا أمير المؤمنين مرنا ندفعهم.
فقال (عليه السلام): حتى أعذر إليهم ثانية.
ثم قال: من يأخذ هذا المصحف فيدعوهم إليه وهو مقتول وأنا ضامن له على الله الجنة.
فلم يقم أحذ إلا غلام عليه قباء أبيض.. ونادى ثالثة فلم يقم غير الفتى فدفع إليه المصحف وقال: امض إليهم وأعرضه عليهم وادعوهم إلى ما فيه، فأقبل الغلام حتى وقف بازاء الصفوف ونشر المصحف..
فقالت عائشة: اشجروه بالرماح قبحه الله، فتبادروا إليه بالرماح فطعنوه من كل جانب، وكانت أمه حاضرة فصاحت وطرحت نفسها عليه وجرته من موضعه...
راجع كتاب الجمل: ص 336
أرسل علي ابن عباس إلى الزبير خاصة وقال له : لا تلقين طلحة فإنك إن تلقه تجده كالثور عاقصا قرنه يركب الصعب ويقول : هو الذلول ، ولكن الق الزبير فإنه ألين عريكة فقل له : يقول لك ابن خالك : عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق ، فما عدا مما بدا ! ؟ وفي رواية ابن عساكر : يقول لك علي : نشدتك الله ألست بايعتني طائعا غير مكره ؟ فما الذي أحدثت فاستحللت به قتالي ؟ ! قال ابن عباس : قلت الكلمة للزبير لم يزدني على أن قال : قل له : إنا مع الخوف الشديد لنطمع .
وقال لي ابنه عبد الله : قل له : بيننا وبينك دم خليفة ووصية خليفة ، واجتماع اثنين ، وانفراد واحد ، وأم مبرورة ، ومشاورة العامة ، قال : فعلمت أنه ليس وراء هذا الكلام إلا الحرب ، فرجعت إلى علي ( ع ) فأخبرته.
شرح النهج 2 / 165 الاغاني 16 / 126
ثم أرسل عبد الله بن عباس وزيد بن صوحان إلى عائشة وقال لهما ما خلاصته : اذهبا إلى عائشة وقولا لها : إن الله أمرك أن تقري في بيتك وألا تخرجي منه ، وإنك لتعلمين ذلك غير أن جماعة قد أغروك ، فخرجت من بيتك ، فوقع الناس لا تفاقك معهم في البلاء والعناء ، وخير لك أن تعودي إلى بيتك ولا تحومي حول الخصام والقتال ، وإن لم تعودي ولم تطفئي هذه النائرة فإنها سوف تعقب القتال ، ويقتل فيها خلق كثير فاتقي الله يا عائشة ! وتوبي إلى الله ، فإن الله يقبل التوبة من عباده ويعفو . وإياك أن يدفعك حب عبد الله ابن الزبير وقرابة طلحة إلى أمر تعقبه النار .
فجاءا إلى عائشة وبلغا رسالة علي إليها ، فقالت : إني لا أرد على ابن أبي طالب بالكلام ، لاني لا أبلغه في الحجاج ، فرجعا إليه وأخبراه بما قالت .
تاريخ ابن أعثم ص 175 ، وطبعة حيدر آباد الدكن 2 / 306
- والي البصرة ( 36 ـ 40 هـ ): بعد إنتهاء الحرب و إنتصار جيش الإمام علي (عليه السلام) نصب إبن عباس والي على البصرة و ظل عليها إلى ان صالح الإمام الحسن معاوية بن أبي سفيان.
* معركة صفين (37 هـ ) :استخلفَ ابن عباس أبا الأسود الدُّؤَلي على البصرة ، وتوجَّه مع الإمام علي ( عليه السلام ) لحرب معاوية . كان على ميسرة علي عليه السلام في صفين وكان أحد أمراء الجيش في الأيام السبعة الأولى من الحرب ، كما أنه لازم الإمام ( عليه السلام ) بثباتٍ على طول الحرب . وعندما انخدع جيش الإمام علي (عليه السلام) بخدعة التحكيم - اختاره الإمام علي ممثلاً عنه بيد أن المعارضة ( الذين اصبحوا في ما بعد خوارج) صاحوا: لا فرق بينه و بين علي. وتم أختيار ابو موسى لمناظرة الماكر عمرو بن العاص. ونتج عن هذه المحاورة عواقب سلبية ادت الى ظهور الخوارج.
عن نصر ، عن عمر بن سعد ، عن يوسف بن يزد عن عبد الله بن عوف ابن الأحمر ، أن عليا لم يبرح النخيلة حتى قدم عليه ابن عباس بأهل البصرة ، وكان كتب علي إلى ابن عباس وإلى أهل البصرة :
" أما بعد فأشخص إلي من قبلك من المسلمين والمؤمنين ، وذكرهم بلائي عندهم ، وعفوي عنهم ، واستبقائي لهم ، ورغبهم في الجهاد ، وأعلمهم الذي لهم في ذلك من الفضل " .
فقام فيهم ابن عباس فقرأ عليهم كتاب علي ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، استعدوا للمسير إلى إمامكم ، وانفروا في سبيل الله خفافا وثقالا ، وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم ؛ فإنكم تقاتلون المحلين القاسطين ، الذين لا يقرءون القرآن ولا يعرفون حكم الكتاب ، ولا يدينون دين الحق ، مع أمير المؤمنين وابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، الآمر بالمعروف ، والناهي عن المنكر والصادع بالحق ، والقيم بالهدى ، والحاكم بحكم الكتاب ؛ الذي لا يرتشي في الحكم ، ولا يداهن الفجار ، ولا تأخذه في الله لومة لائم .
فقام الأحنف بن قيس فقال : نعم ، والله لنجيبنك ، ولنخرجن معك على العسر واليسر ، والرضا والكره ، نحتسب في ذلك الخير ، ونأمل من الله العظيم من الأجر.
وقام إليه خالد بن المعمر السدوسي فقال : سمعنا وأطعنا ، فمتى استنفرتنا نفرنا ، ومتى دعوتنا أجبنا .
وقام إليه عمرو بن مرجوم العبدي ، فقال : وفق الله أمير المؤمنين ، وجمع له أمر المسلمين ، ولعن المحلين القاسطين ، الذين لا يقرءون القرآن ، نحن والله عليهم حنقون ، ولهم في الله مفارقون . فمتى أردتنا صحبك خيلنا ورجلنا .
وأجاب الناس إلى المسير ، ونشطوا وخفوا ، فاستعمل ابن عباس على البصرة أبا الأسود الدئلي ، وخرج حتى قدم على على ومعه رءوس الأخماس : خالد بن المعمر السدوسي على بكر بن وائل ، وعمرو بن مرجوم العبدي على عبد القيس ، وصبرة بن شيمان الأزدي على الأزد ، والأحنف بن قيس على تميم وضبة والرباب ، وشريك بن الأعور الحارثي على أهل العالية . فقدموا على علي عليه السلام بالنخيلة . وأمر الأسباع من أهل الكوفة : سعد بن مسعود الثقفي على قيس وعبد القيس ، ومعقل بن قيس اليربوعي على تميم وضبة والرباب وقريش وكنانة وأسد ، ومخنف بن سليم على الأزد وبجيلة وخثعم والأنصار وخزاعة ، وحجر بن عدي الكندي على كندة وحضر موت وقضاعة ومهرة ، وزياد بن النضر على مذحج والأشعريين ، وسعيد بن قيس بن مرة الهمداني على همدان ومن معهم من حمير ، وعدي بن حاتم على طيئ ، ويجمعهم الدعوة مع مذحج وتختلف الرايتان : راية مذحج مع زياد بن النضر ، وراية طيئ مع عدي بن حاتم .
كتاب وقعة صفين ص 116.
دور إبن عباس في الحرب
روي أنه عندما إن الناس تحاجزوا وتراجعوا . فلما أن كان اليوم الخامس خرج عبد الله بن العباس والوليد بن عقبة فاقتتلوا قتالا شديدا ، ودنا ابن عباس من الوليد بن عقبة ، فأخذ الوليد يسب بني عبد المطلب وأخذ يقول : يا ابن عباس قطعتم أرحامكم ، وقتلتم إمامكم ، فكيف رأيتم صنع الله بكم ، لم تعطوا ما طلبتم ، ولم تدركوا ما أملتم ، والله ـ إن شاء الله ـ مهلككم وناصرنا عليكم.
فأرسل إليه ابن عباس : أن ابرز إلى . فأبي أن يفعل ، وقاتل ابن عباس يومئذ قتالا شديدا . ثم انصرفوا عند الظهر وكل غير غالب . وذلك يوم الأحد.
كتاب وقعة صفين ص 221
محاولة خداع
لما يئس من جهة معاوية الأشعث قال لعمرو بن العاص : إن رأس الناس بعد علي هو عبد الله بن عباس ، فلو ألقيت إليك كتابا لعلك ترققه به ؛ فإنه إن قال شيئا لم يخرج علي منه ، وقد أكلتنا الحرب ولا أرانا نصل [ إلى ] العراق إلا بهلاك أهل الشام . قال له عمرو : إن ابن عباس لا يخدع ، ولو طمعت فيه [ ل ] طمعت في علي . فقال معاوية : على ذلك ، فاكتب إليه .
فكتب إليه عمرو : « أما بعد فإن الذي نحن وأنتم فيه ليس بأول أمر قاده البلاء ، وساقته العافية ، وأنت رأس هذا الجمع بعد علي ، فانظر فيما بقي ودع ما مضى ، فوالله ما أبقت هذه الحرب لنا ولكم حياة ولا صبرا . واعلموا أن الشام لا تملك إلا بهلاك العراق ، وأن العراق لا تملك إلا بهلاك الشام ، وما خيرنا بعد هلاك أعدادنا منكم ، وما خيركم بعد هلاك أعدادكم منا . ولسنا نقول ليت الحرب غارت ، ولكنا نقول ليتها لم تكن ، وإن فينا من يكره القتال كما أن فيكم من يكرهه ، وإنما هو أمير مطاع أو مأمور مطيع ، أو مؤتمن مشاور ، وهو أنت . وأما الأشتر الغليظ الطبع ، القاسي [ القلب ] ، فليس بأهل أن يدعى في الشورى ولا في خواص أهل النجوى » .
وكتب في أسفل الكتاب :
طال البلاء ومــا يرجـى لــه آس * بعد الإله سوى رفق ابـن عبــاس قولا له قول مـن يرضـى بحظوتـه * لا تنس حظك إن الخاســر النــاسي يا ابن الذي زمزم سقيا الحجيج لـه * أعظم بذلك مــن فخر على الناس كل لصــاحبـــه قرن يســاوره * أسد العرين أســود بين أخياس
لو قيس بينهم في العـــرب لا عتدلوا*العجز بالعجز ثــــم الراس بالـراس انظر فدى لك نفسي قبـل قاصمـــة * للظهر ليــس لهـــا راق ولا آسى إن العراق وأهل الشـــام لن يجـدوا * طعم الحياة مـــع المستغلق القاســي بسر وأصحاب بســـر والذين هــم * داء العراق رجـــال أهــل وسواس قوم عراة مــن الخيــرات كلهــم * فما يساوي بــه أصحـابــه كاسي إني أرى الخير في سلــم الشآم لكـم * والله يعلم ، مـــا بالسلم مــن باس فيها التقى وأمــور ليـس يجهلــها * إلا الجهول ومــا النوكى كأكيــاس
فلما فرغ من شعره عرضه على معاوية فقال معاوية : « لا أرى كتابك على رقة شعرك » .
رد عبد الله إبن عباس
فلما قرأ ابن عباس الكتاب أتى به عليا فأقرأه شعره فضحك وقال : « قاتل الله ابن العاص ، ما أغراه بك يا ابن العباس ، أجبه وليرد عليه شعره الفضل بن العباس ، فإنه شاعر » . فكتب ابن عباس إلى عمرو : « أما بعد فإني لا أعلم رجلا من العرب أقل حياء منك ، إنه مال بك معاوية إلى الهوى ، وبعته دينك بالثمن اليسير ، ثم خبطت بالناس في عشوة طمعا في الملك ، فلما لم تر شيئا أعظمت الدنيا إعظام أهل الذنوب ، وأظهرت فيها نزاهة أهل الورع ، فإن كنت ترضى الله بذلك فدع مصر وارجع إلى بيتك وهذه الحرب ليس فيها معاوية كعلي ، ابتدأها علي بالحق وانتهى فيها إلى العذر ، وبدأها معاوية بالبغي وانتهى فيها إلى السرف ، وليس أهل العراق فيها كأهل الشام ، بايع أهل العراق عليا وهو خير منهم ، وبايع معاوية أهل الشام وهم خير منه . ولست أنا وأنت فيها بسواء ، أردت الله وأردت أنت مصر . وقد عرفت الشيء الذي باعدك مني ، ولا أرى الشيء الذي قربك من معاوية . فإن ترد شرا لا نسبقك به ، وإن ترد خيرا لا تسبقنا إليه . [ والسلام ] » .
ثم دعا [ أخاه ] الفضل بن العباس فقال له : يا ابن أم ، أجب عمرا . فقال الفضل :
يا عمرو حسبك مــن خدع ووسواس * فاذهب فليس لــداء الجهل من آسى
إلا تواتــر طعن فــي نحوركــم * يشجي النفوس ويشفي نخــوة الراس
هذا الدواء الذي يشفــي جماعتكــم * حتى تطيعوا عليــا وابن عبــاس
أمــا علــي فــإن الله فضلــه * بفضل ذي شرف عــال على الناس
إن تعقلوا الحرب نعقلهــا مخيســة * أو تبعثوهـــا فإنا غير أنكـــاس
قد كان منا ومنكم فـــي عجاجتهـا * ما لا يرد وكــل عرضــة البـاس
قتلى العراق بقتلى الشــام ذاهبــة * هذا بهــذا ومــا بالحق من بـاس
لا بارك الله في مصــر لقد جلبت * شرا وحظــك منها حسوة الكـاس
يا عمرو إنك عار مــن مغارمهـا * والراقصات ومــن يوم الجزا كاسي
ثم عرض الشعر والكتاب على علي فقال : « لا أراه يجيبك بشيء بعدها إن كان يعقل ، ولعله يعود فتعود عليه » .
ابن العاص يتندم على كتابة الشعر
فلما انتهى الكتاب إلى عمرو أتى به معاوية فقال : « أنت دعوتني إلى هذا ، ما كان أغناني وإياك عن بني عبد المطلب » . فقال : « إن قلب ابن عباس وقلب علي قلب واحد ، كلاهما ولد عبد المطلب ، وإن كان قد خشن فلقد لان ، وإن كان قد تعظم أو عظم صاحبه فلقد قارب وجنح إلى السلم » .
كتاب وقعة صفين ص 410
ابن العباس و مراسيل معاوية روي إن معاوية كان يكاتب ابن عباس وكان يجيبه بقول لين ، وذلك قبل أن يعظم الحرب ، فلما قتل أهل الشام قال معاوية : « إن ابن عباس رجل من قريش ، وأنا كاتب إليه في عداوة بني هاشم لنا ، وأخوفه عواقب هذه الحرب لعله يكف عنا » . فكتب إليه : « أما بعد فإنكم يا معشر بني هاشم لستم إلى أحد أسرع بالمساءة منكم إلى أنصار عثمان بن عفان ، حتى إنكم قتلتم طلحة والزبير لطلبهما دمه ، واستعظامهما ما نيل منه ، فإن يكن ذلك لسلطان بني أمية فقد وليها عدي وتيم ، [ فلم تنافسوهم ] وأظهرتم لهم الطاعة . وقد وقع من الأمر ما قد ترى ، وأكلت هذه الحروب بعضها من بعض حتى استوينا فيها ، فما أطمعكم فينا أطمعنا فيكم ، وما آيسكم منا آيسنا منكم . وقد رجونا غير الذي كان ، وخشينا دون ما وقع ، ولستم بملاقينا اليوم بأحد من حد أمس ، ولا غدا بأحد من حد اليوم ، وقد قنعنا بما كان في أيدينا من ملك الشام فاقنعوا بما في أيديكم من ملك العراق ، وأبقوا على قريش ؛ فإنما بقى من رجالها ستة ، رجلان بالشام ، ورجلان بالعراق ، ورجلان بالحجاز . فأما اللذان بالشام فأنا وعمرو ، وأما اللذان بالعراق فأنت وعلي ، وأما اللذان بالحجاز فسعد وابن عمر ، واثنان من الستة ناصبان لك ،واثنان واقفان [ فيك ] ، وأنت رأس هذا الجمع اليوم . ولو بايع لك الناس بعد عثمان كنا إليك أسرع منا إلى علي » في كلام كثير كتب إليه .
رد ابن العباس فلما انتهى الكتاب إلى ابن عباس أسخطه ثم قال : حتى متى يخطب [ ابن هند ] إلى عقلي ، وحتى متى أجمجم على ما في نفسي ؟ ! فكتب إليه : « أما بعد [ فقد أتاني كتابك وقرأته ] ، فأما ما ذكرت من سرعتنا [ إليك ] بالمساءة في أنصار ابن عفان ، وكراهيتنا لسلطان بني أمية ، فلعمري لقد أدركت في عثمان حاجتك حين استنصرك فلم تنصره ، حتى صرت إلى ما صرت إليه ، وبيني وبينك في ذلك ابن عمك وأخو عثمان الوليد بن عقبة ( . وأما طلحة والزبير [ فإنهما أجلبا عليه ، وضيقا خناقه ، ثم خرجا ] ينقضان البيعة ويطلبان الملك ، فقاتلناهما على النكث وقاتلناك على البغي . وأما قولك إنه لم يبق من قريش غير ستة ، فما أكثر رجالها وأحسن بقيتها ، [ و ] قد قاتلك من خيارها من قاتلك ، لم يخذلنا إلا من خذلك .
وأما إغراؤك إيانا بعدي وتيم فأبو بكر وعمر خير من عثمان ، كما أن عثمان خير منك : وقد بقي لك منا يوم ينسيك ما قبله ويخاف ما بعده . وأما قولك إنه لو بايع الناس لي لاستقامت لي ، فقد بايع الناس عليا وهو خير مني فلم يستقيموا له . وإنما الخلافة لمن كانت له في المشورة . وما أنت يا معاوية والخلافة وأنت طليق وابن طليق ، [ والخلافة للمهاجرين الأولين ، وليس الطلقاء منها في شيء . والسلام ] » .
ص 414
شعر معاوية
فلما انتهى الكتاب إلى معاوية قال : هذا عملي بنفسي . لا والله لا أكتب إليه كتابا سنة [ كاملة ] . وقال معاوية في ذلك :
دعوت ابن عباس إلى حــد خطة * وكان امرأ أهدي إليــه رسائلـي
فأخلف ظنــي والحوادث جمــة * ولم يــك فيما قال منـي بواصل
وما كان فيما جــاء ما يستحقــه * وما زاد أن أغلى عليــه مراجلي
فقل لابن عباس تــراك مفرقــا * بقولك مــن حولي وأنــك آكلي
وقل لابن عباس تــراك مخوفـا * بجهلك حلمي إنني غيــر غافــل
فأبرق وأرعد ما استطعــت فإنني * إليك بمــا يشجيك سبــط الأنامل
رد ابن العباس رضي الله عنهما
فلما قرأ ابن عباس الشعر قال : « لن أشتمك بعدها » .
وقال الفضل بن عباس :
ألا يا ابن هنــد إنني غير غافل * وإنك ما تسعى لــه غيـر نائل
لأن الذي اجتبت إلى الحرب نابها * عليك وألقت بركها بالكلا كل (1)
فأصبح أهل الشام ضربين خيـرة * وفقعة قــاع أو شحيمة آكل (2)
وأيقنت أنا أهل حــق وإنمــا * دعوت لأمر كان أبطــل باطل
دعوت ابن عباس إلى السلم خدعة * وليس لها حتى تديـن بقابــل
فلا سلم حتى تشجر الخليل بالقنـا * وتضرب هامات الرجال الأماثل
وآليت : لا أهدي إليـه رسالـة * إلى أن يحول الحول من رأس قابل
أردت به قطع الجواب وإنمــا * رماك فلــم يخطئ بنـات المقاتل
وقلت له لو بايعـوك تبعتهــم * فهذا علـي خير حــاف وناعـل
وصي رسول الله من دون أهلـه * وفارسه إن قيل هــل من منازل
فدونكه إن كنت تبغي مهاجـــرا * أشم كنصل السيف عيــر حلاحل
فعرض شعره على علي فقال : « أنت أشعر قريش » . فضرب بها الناس إلى معاوية .
* معركة النهروان ( 9 / صفر / 38هـ ):ناظر الخوارج في النهروان، وكان يلقي عليهم ما يلقنه إياه الإمام عليه السلام ؛ فرجع منهم ـ على ما قيل ـ ألفان عن غيهم وضلالهم.
(مناظرة عبدالله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ مع الحرورية(1) )
قال عبدالله بن عباس: لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دارهم وكانوا ستة آلاف.
فقلت لعلي ـ عليه السلام ـ: يا أمير المؤمنين أبرد بالظهر، لعَليّ آتي هؤلاء القوم فأكلمهم.
قال: إني أخاف عليك.
قلت: كلا.
قال: فقمت وخرجت ودخلت عليهم في نصف النهار وهم قائلون، فسلمت عليهم.
فقالوا: مرحبا بك يابن عباس، فما جاء بك ؟
قلت لهم: أتيتكم من عند أصحاب النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وصهره، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد، لابلّغكم ما يقولون، وأخبرهم بما تقولون.
قلت: أخبروني ماذا نقمتم على أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وابن عمه ؟
قالوا: ثلاث.
قلت: ما هن ؟
قالوا: أما إحداهن، فإنه حَكَّم الرجال في أمر الله، وقال الله تعالى: (إن الحكم إلا الله)(2) ، ما شأن الرجال والحكم ؟ !
فقلت: هذه واحدة.
قالوا: وأما الثانية، فإنه قاتل ولم يَسبِ ولم يغنم، فإن كانوا كفارا سلبهم، وإن كانوا مؤمنين ما أحل قتالهم(3) .
قلت: هذه اثنتان، فما الثالثة ؟
قالوا: إنه محى نفسه عن أمير المؤمنين، فهو أمير الكافرين.
قلت: هل عندكم شيء غير هذا ؟
قالوا: حسبنا هذا.
قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله ومن سنة نبيه ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ما يردّ قولكم، أترضون ؟
قالوا: نعم.
قلت: أما قولكم حَكَّم الرجال في أمر الله، فأنا أقرأ عليكم في كتاب الله أن قد صيَّر الله حكمه إلى الرجال في ثَمَن ربع درهم، فأمر الله الرجال أن يحكّموا فيه، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم)(4) الاية، فأنشدتكم بالله تعالى: أحكمُ الرجال في أرنب ونحوها من الصيد أفضل ؟ أم حكمهم في دمائهم وصلاح ذات بينهم، وأنت تعلمون أن الله تعالى لو شاء لحكم ولم يصيّر ذلك إلى الرجال ؟
قالوا: بل هذا أفضل.
وفي المرأة وزوجها قال الله عزوجل: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما)(5) الاية، فنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في امرأة ؟ أخرجتُ من هذه ؟
قالوا: نعم.
قلت: وأما قولكم: قاتل ولم يسَبِ ولم يغنم، أفَتسْبوُن أمَّكم عائشة، وتستحلون منها ما تستحلون من غيرها، وهي أمُكم ؟ فإن قلتم: إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها، فقد كفرتم، ولان قلتم: ليست بأمنا، فقد كفرتم، لان الله تعالى يقول: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم)(6) .
فأنتم تدورون بين ضلالتين، فأتوا منهما بمخرج ؟
قلت: فخرجتُ من هذه ؟
قالوا: نعم.
وأما قولكم: محى اسمه من أمير المؤمنين، فأنا آتيكم بمن ترضون، وأراكم قد سمعتم أن النبي ـ صلّى عليه وآله وسلّم ـ يوم الحديبية صالح المشركين، فقال لعلي ـ عليه السلام ـ: اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ، فقال المشركون: لا و، ما نعلم أنك رسول و الله، لو نعلم أنك رسول الله لاطعناك، فاكتب محمد بن عبدالله، فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ: امح يا عليّ «رسول الله» اللّهم إنك تعلم أني رسولك، امح يا عليّ واكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله.
فوالله لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ خير من علي، وقد محا نفسه، ولم يكن محوه ذلك يمحاه من النبوة ؟(7) .
خرجتُ من هذه ؟
قالوا: نعم.
فرجع منهم ألفان، وخرج سائرهم، فَقُتِلوا على ضلالتهم، فقتلهم المهاجرون والانصار(8) .
____________
(1) الحرورية: جماعة من الخوارج النواصب، والنسبة لبلد قرب الكوفة على ميلين منها تسمى حرُوراء، نزل بها هؤلاء بعد خروجهم على أمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ حينما قبل بالتحكيم بينه وبين معاوية، قيل لهم حينئذاك: أنتم الحرورية لاجتماعكم بحروراء، وقال شاعرهم:
اذا الحرورية الحرى ركبوا لا يستطيع لهم أمثالك الطلبا وقالوا يومها: لا حكم إلا الله، فقال علي ـ عليه السلام ـ: كلمة حق أريد بها باطل.
وسُموا ايضاً بالخوارج والمحكمة، والسبب الذي له سُمّوا خوارج: خروجهم على أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ، والذي له سُمّوا محكمة: إنكارهم الحكمين، وقولهم لا حكم الا الله.
راجع: معجم الفرق الاسلامية لشريف الامين ص 94، مقالات الاسلامين للاشعري ص 127 ـ 128.
(2) سورة الانعام: الاية 57.
(3) المقصود من كانوا في حرب الجمل، فان أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ نهى عن قتل جريحهم وسبيهم وسلبهم واتباع مدبرهم.
(4) سورة المائدة: الاية 95.
(5) سورة النساء: الاية 35.
(6) سورة الاحزاب: الاية 6.
(7) خصائص امير المؤمنين للنسائي ص150 ـ 152 ح185، دلائل النبوة للبيهقي ج 4 ص 147، المناقب للخوارزمي ص192 ح231، الكامل في التاريخ ج2 ص204، شرح نهج البلاغة ج2 ص232 وج10 ص258، الارشاد للمفيد ص63، مجمع البيان ج 5 ص 119.
(8) المصنف لعبد الرزاق ج10 ص157 ـ 160، جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ج2 ص103 ـ 104، الحاكم في المستدرك ج2 ص150، مناقب ابن المغازلي ص406 ح460.
- مقتل الإمام علي عليه السلام ( 18-21 / رمضان / 40 هجري) :ولد لعبد الله بن عباس ولد اسماه علي بن عبدالله بن عباس محبة لأمير المؤمنين علي عليه السلام -روي أن عبدالله بن عباس ظل يبكي على أمير المؤمنين حتى فقد بصره وازداد حزناً بعد مقتل الإمامان الحسنان عليهما السلام.
[تحرير] مع الإمام الحسن المجتبى عليه السلام(40 - 50 هـ)
- الدعوة الى بيعة الإمام الحسن عليه السلام :
خطب الحسن بن علي (عليه السلام) صبيحة الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) فحمد الله و أثنى عليه و صلى على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعمل و لا يدركه الآخرون بعمل لقد كان يجاهد مع رسول الله فيقيه بنفسه و كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوجهه برايته فيكنفه جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره فلا يرجع حتى يفتح الله على يديه و لقد توفي (عليه السلام) في الليلة التي عرج فيها بعيسى ابن مريم (عليه السلام) و فيها قبض يوشع بن نون وصى موسى و ما خلف صفراء و لا بيضاء إلا سبع مائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله ثم خنقته العبرة فبكى و بكى الناس معه. ثم قال أنا ابن البشير أنا ابن النذير أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه أنا ابن السراج المنير أنا من أهل بيت أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا أنا من أهل بيت افترض الله حبهم في كتابه فقال عز و جل قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فالحسنة مودتنا أهل البيت.
مجمع الزوائد [جزء 9 - صفحة 202] ح 14798 عن أبي الطفيل ... مسند الإمام أحمد بن حنبل - جزء 1 - صفحة 199 عن هبيرة .... الاسناد حسن السلسلة الصحيحة [جزء 5 - صفحة 660] ح 2496 يقول الشيخ الألباني (إسناده حسن) صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان- [ جزء 15 - صفحة 383 ] ح 6936 سنن النسائي الكبرى - جزء 5 - صفحة 112 ] ح 8408 المعجم الأوسط - [ جزء 2 - صفحة 336 ] ح 2155
ثم جلس فقام عبد الله بن العباس رحمة الله عليهما بين يديه فقال معاشر الناس هذا ابن نبيكم و وصي إمامكم فبايعوه فاستجاب له الناس فقالوا ما أحبه إلينا و أوجب حقه علينا و تبادروا إلى البيعة له بالخلافة و ذلك في يوم الجمعة الحادي و العشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة فرتب العمال و أمر الأمراء و أنفذ عبد الله بن العباس رضي الله عنه إلى البصرة و نظر في الأمور.
مقاتل الطالبيين : 52 . عن ابو مخنف
- كشف الجواسيس
- صلح الإمام الحسن عليه السلام. 41 هـ.
روي أنه شهد صلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية في السادس والعشرين من ربيع الاول عام 41 هجري.
- لقاء جرى بينه و بين معاوية في المدينة
روي إن معاوية مر بحلقة من قريش فلما رأوه قاموا غير عبد الله بن عباس فقال له يا ابن عباس ما منعك من القيام كما قام أصحابك إلا لموجودة أني قاتلتكم بصفين فلا تجد من ذلك يا ابن عباس فإن ابن عمي عثمان قد قتل مظلوما قال ابن عباس فعمر بن الخطاب قد قتل مظلوما قال إن عمر قتله كافر.
قال ابن عباس فمن قتل عثمان قال قتله المسلمون.
قال فذلك أدحض لحجتك.
قال فإنا قد كتبنا في الآفاق ننهى عن ذكر مناقب علي وأهل بيته فكف لسانك فقال يا معاوية أ تنهانا عن قراءة القرآن قال لا.
قال أ تنهانا عن تأويله قال نعم.
قال فنقرؤه ولا نسأل عما عنى الله به ثم قال فأيهما أوجب علينا قراءته أو العمل به قال العمل به.
قال فكيف نعمل به ولا نعلم ما عنى الله قال سل عن ذلك من يتأوله غير ما تتأوله أنت وأهل بيتك.
قال إنما أنزل القرآن على أهل بيتي فأسأل عنه آل أبي سفيان يا معاوية أ تنهانا أن نعبد الله بالقرآن بما فيه من حلال وحرام فإن لم تسأل الأمة عن ذلك حتى تعلم تهلك وتختلف.
قال اقرءوا القرآن وتأولوه ولا ترووا شيئا مما أنزل الله فيكم وارووا ما سوى ذلك.
قال فإن الله يقول في القرآن يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفْواهِهِمْ ويَأْبَى اللّهُ إِلّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ ولَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ
قال يا ابن عباس اربع على نفسك وكف لسانك وإن كنت لا بد فاعلا فليكن ذلك سرا لا يسمعه أحد علانية.
(الإحتجاج ج 2 - 294)
- فتنة دفن الإمام الحسن (عليه السلام) 50 هـ
شارك إبن عباس بن و إبنه علي بن عبدالله بن عباس في غسل الإمام الحسن (ع) مع الإمام الحسين(ع). بعد وفاة أبو محمد الحسن المجتبى عليه السلام شارك بني هاشم في تشييعة و شارك الكثير في تشييعة و كان من وصاياه أن يجدد العهد بقبر جده صلى الله عليه و آله و سلم.فظن أعدائه أنهم يريدون دفنه بجوار جده صلى الله عليه و آله و سلم. ركب مروان بن الحكم وسعيد بن العاص ، فمنعا من ذلك ، وركبت عائشة بغلة شهباء ، وقالت : بيتي ولا آذن فيه لاحدن فأتاها القاسم بن محمد بن أبي بكر ، فقال : يا عمة ! ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الاحمر ، أتريدين أن يقال : يوم البغلة الشهباء ، فرجعت ، واجتمع مع الحسين ابن علي جماعة من الناس ، فقالوا له : دعنا وآل مروان ، فوالله ما هم عندنا إلا كأكلة رأس ، فقال : إن أخي أوصاني ألا أريق فيه محجمة دم ، فدفن الحسن في البقيع
(اليعقوبي في ذكر وفاة الحسن 2 / 200 )
بادر ابن عباس إلى مروان فقال له ارجع يا مروان من حيث جئت فإنا ما نريد أن ندفن صاحبنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) لكنا نريد أن نجدد به عهدا بزيارته ثم نرده إلى جدته فاطمة (عليه السلام) فندفنه عندها بوصيته بذلك و لو كان وصى بدفنه مع النبي (صلى الله عليه وآله) لعلمت أنك أقصر باعا من ردنا عن ذلك لكنه (عليه السلام) كان أعلم بالله و رسوله و بحرمة قبره من أن يطرق عليه هدما كما طرق ذلك غيره و دخل بيته بغير إذنه. ثم أقبل على عائشة فقال لها وا سوأتاه يوما على بغل و يوما على جمل تريدين أن تطفئي نور الله و تقاتلين أولياء الله ارجعي فقد كفيت الذي تخافين و بلغت ما تحبين و الله تعالى منتصر لأهل هذا البيت و لو بعد حين.
- معاوية يعير إبن عباس
قال معاوية لابن عباس - رضي الله عنه -: إنكم يا بني هاشم تصابون في أبصاركم! فقال: وأنتم يا بني أمية تصابون في بصائركم.
المحاضرات للراغب: ج 2 ص 481
[تحرير] مع الإمام الحسين الشهيد عليه السلام(50 - 60 هـ)
- وكتب يزيد بن معاوية إلى عبدالله بن عباس يخبره بخروج الحسين إلى مكة ونحسبه جاءه رجال من أهل هذا المشرق فمنّوه الخلافة وعندك علم منهم خبرة وتجربة فان كان فعل فقد قطع واشج القرابة وأنت كبير أهل بيتك والمنظور إليه فاكففه عن السعي في الفرقة!!
وكتب بهذه الأبيات إليه، والى من بمكة والمدينة من قريش: يا أيّها الراكب الغادي (مطيته) على عذافِرِةٍ في سيـــرهــا قحم أبلــغ قريشاً على نأي المزاربها بيني وبين حسين الله والرحـــمُ وموقف بفناء البيت انشده عهد الاله وما توفى به الذمم عنيتم قومكم فخرابامكم ام لعمري حصان (عفة) كرم هي التي لا يداني فضلها احد بنت الرسول وخير الناس قدعلموا وفضلها لكم فضل وغيركم من قومكم لهم في فضلها قسم اني لاعلم او ظنا كعالمه والظن يصدق احيانا فينتظم ان سوف يترككم ما تدعون بها قتلى تهاداكم العقبان والرخم ياقومنا لا تشبوا الحرب اذ سكنت ومسّكوا بحبال السلم واعتصموا قد غرت الحرب من قد كان قبلكم من القرون وقد بادت بها الاُمم فانصفوا قومكم لا تهلكوا بذخا فرب ذي بذخ زلت به القدم
قال: فكتب إليه عبدالله بن عباس: انّي أرجو أن لا يكون خروج الحسين لأمر تكرهه، ولست أدع النصيحة له فيما يجمع الله به الاُلفة وتطفأ به النائرة. ودخل عبدالله بن عباس على الحسين فكلّمه طويلاً، وقال: أنشدك الله أن تهلك غداً بحال مضيعة، لا تأتي العراق، وان كنت لا بدّ فاعلاً فأقم حتى ينقضي الموسم، وتلقى الناس وتعلم على ما يصدرون، ثم ترى رأيك، وذلك في عشر ذي الحجة سنة ستين. فأبى الحسين إلاّ أن يمضي إلى العراق، فقال له ابن عباس: والله إنّي لأظنّك ستقتل غداً بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان بين نسائه وبناته، والله انّي لأخاف أن تكون الذي يقاد به عثمان، فإنّا لله وانّا إليه راجعون. فقال الحسين: أبا العباس إنّك شيخ قد كبرت، فقال ابن عباس(3): لولا أن يزري ذلك بي أو بك لنشبت يدي في رأسك، ولو أعلم انّا إذا تناصينا أقمت لفعلت، ولكنّ لا أخال ذلك نافعي. فقال له الحسين: لئن اُقتل بمكان كذا وكذا أحبّ إليّ أن تستحلّ بي ـ يعني مكة ـ، قال: فبكى ابن عباس، وقال: أقررت عين ابن الزبير فذلك الذي سلا بنفسي عنه. ثم خرج عبدالله بن عباس من عنده وهو مغضب (4) وابن الزبير على الباب، فلما رآه قال: يابن الزبير قد أتى ما أحببت، قرّت عينك، هذا أبو عبدالله يخرج ويتركك والحجاز. يالـك مــــن قبــرة بمـعـــمــــر* خلا لك الجوّ فبيضي واصفري ونقري ما شئت ان تنقري
- خروج الحسين : بعد أن كثرت الرسائل على الإمام الحسين (ع) من أهل الكوفة.
علم إبن عباس بخروج الإمام الحسين (عليه السلام) الى الكوفة. وأخذوا أولو الرأي يتحينون الفرص للاجتماع بالحسين ، ليبدوا رايهم بسفره الى العراق ، وجربوا الاتصال به ، ولكنهم لم يستطيعوا لكثرة الزحام .. ورأى البعض منهم ان ينتظروا حتى الليل ، لعل الناس يتركون الحسين .. وكان ذلك .. ودخل عليه منهم رجل سماه برير لوهب بقوله : _" انه عبدالله بن الزبير .. وهذا يطمع بالخلافة وهو متذبذب ، يظهر غير ما يبطن ، ويبطن غير ما يظهر للحسين ، وهو يود من كل قلبه ان يرحل الحسين عن مكة ليبقى هو محط الانظار ...." واذا بابن الزبير يقول للحسين : _" تريد يا اباعبدالله الذهاب الى الكوفة ... وفقك الله ، اما لو ان لي مثل انصارك ما عدلت عنها ، ولكن ..." ونظر بريبة ، لئلا يتهم ، وقال : _" لو اقمت بمكانك ، فدعوتنا واهل الحجاز الى بيعتك ، اجبناك وساعدناك ونصحنا لك وبايعناك ، وكنت احق من يزيد وابي يزيد ، وقد حضر الحج ، فادع الناس ليبايعونك " فقال الحسين بهدوء ، وقد فعم نوايا ابن الزبير : _" لئن ادفن بشاطئ الفرات ، احب الي من ان ادفن بفناء الكعبة ... ان ابي حدثني ان بها كبشا يستحل حرمتها ... فما احب ان اكون ذلك الكبش " فوقف ابن الزبير ، وقد علم انه الكبش المقصود وخرج . فتبسم برير ، ومال لوهب ، وقال : _" صدق مولاي .. ان من يعيش سيرى ابن الزبير وما يكون منه " ... واذا بشيخ كبير بصير ، جليل القدر ، يدخل ملتمسا طريقه ، وسلم ، وجلس بين يدي الحسين ، فقال برير لوهب : _" هذا عبدالله بن عباس ، وهو ابن عم الحسين . اقصد ان اباه العباس ، عم الامام علي والد الحسين ... فلنسمه ما سيقول ، فانه ذو راي " فقال ابن عباس: _" سيدي ... بلغني انك سترحل .. فلم كل هذا ؟ بايع يزيد " فقال الحسين متالما : _" هيهات ياابن عباس .. وكيف ابايع يزيد ؟ اذا على الاسلام السلام " فقال ابن عباس : _" اذا لم ترحل ؟ ابق في مكة ، فليس بها اعز منك " فقال الحسين بمرارة : _" ولو بقيت في مكة لن يتركني القوم ، وانهم يطلبوني اين كنت حتى ابايعهم كرها ويقتلونني ... والله انهم يعتدون علي ، واني ماض في امر رسول الله حيث امرني انا لله وانا اليه راجعون " فقال ابن عباس : _" تريد العراق ؟ انهم اهل غدر ، وانما يدعونك للحرب ، فلا تعجل فأقم بمكة " فقال الحسين : _" لئن اقتل في اي مكان بالدنيا ، احب الي من ان استحل بمكة ... وهذه كتب اهل العراق ورسلهم وقد وجب على ندائهم ، وقام لهم العذر عند الله سبحانه " عند ذلك بكى ابن عباس ، وخرج وهو يتميم بحرقة ولهفة : _" واحسيناه "...
- رؤيا إبن عباس
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم نصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فيها دم ، فقلت : يا نبي الله ما هذا ؟ قال : هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل ألتقطه منذ اليوم قال فأحصي ذلك اليوم فوجدوه قتل قبل ذلك بيوم ) قال الحاكم النيسابوري : ( هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ) (5) .
[تحرير] آخر ثمان سنوات من عمره الشريف
- يزيد يكاتب إبن عباس (رضي الله عنه )
عن شقيق بن سلمة انه قال : لماقتل الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام أتى عبدالله بن الزبير فدعا ابن عباس إلى بيعته فامتنع ابن عباس وظن يزيد بن معاوية عليهما اللعنة أن امتناع ابن عباس تمسكا منه ببيعته فكتب إليه : أما بعد فقد بلغني أن الملحد ابن الزبير دعاك إلى بيعته والدخول في طاعته ، لتكون له على الباطل ظهيرا ، وفي المأثم شريكا ، وإنك اعتصمت ببيعتنا وفاء منك لنا وطاعة لله لماعرفك من حقنا ، فجزاك الله عن ذي رحم خير مايجزي الواصلين بأرحامهم ، الموفين بعهودهم ، فما أنسى من الاشياء فلست بناس برك ، وتعجيل صلتك بالذي أنت له أهل من القرابة من الرسول ، فانظر من طلع عليك من الآفاق ممن سحرهم ابن الزبير بلسانه وزخرف قوله ، فأعلمهم برأيك ، فانهم منك أسمع ولك أطوع للمحل للحرم المارق
- رد إبن عباس رضوان الله عليه
فكتب إليه ابن عباس أما بعد فقدحاءني كتابك تذكر دعاء ابن الزبير إياي إلى بيعته ، والدخول في طاعته ، فان يكن ذلك كذلك فاني والله ماأرجو بذلك برك ولاحمدك ، ولكن الله بالذي أنوى به عليم ، وزعمت أنك غير ناس بري وتعجيل صلتي ، فاحبس أيها الانسان برك وتعجيل صلتك ، فاني حابس عنك ودي ، فلعمري ماتؤتينا مما لنا قبلك من حقنا إلا اليسير ، وإنك لتحبس عنا منه العريض الطويل ، وسألت أن أحث الناس إليك ، وأن أخذلهم من ابن الزبير فلاولاء ولاسرورا ولاحباء إنك تسألني نصرتك ، وتحثني على ودك ، وقد قتلت حسينا وفتيان عبدالمطلب مصابيح الهدى ، ونجوم الاعلام ، غادرتهم خيولك بأمرك في صعيد واحد ، مرملين بالدماء ، مسلوبين بالعراء ، لامكفنين ولاموسدين تسفي عليهم الرياح ، وتنتابهم عرج الضباع حتى أتاح الله بقوم لم يشركوا في دمائهم كفنوهم وأجنوهم ، وجلست مجلسك الذي جلست فماأنسى من الاشياء فلست بناس إطرادك حسينا من حرم رسول الله إلى حرم الله ، وتسييرك إليه الرجال لتقتله الحرم ، فمازلت في بذلك وعلى ذلك ، حتى أشخصته من مكة إلى العراق فخرج خائفا يترقب ، فزلزلت به خيلك ، عداوة منك لله ولرسوله ولاهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، اولئك لاكآبائك الجلاف الجفاة أكباد ( الابل و ) الحمير ، فطلب إليكم الموادعة ، وسألكم الرجعة فاغتنمتم قلة أنصاره ، واستئصال أهل بيته ، تعاونتم عليه كأنكم قتلتم أهل بيت من الترك فلاشئ أعجب عندي من طلبتك ودي وقدقتلت ولد أبي وسيفك يقطر من دمي ، وأنت أحد ثأري فانشاء الله لايبطل لديك دمي ولاتسبقني بثأري ، وإن سبقتني في الدنيا فقبل ذلك ماقتل النبيون وآل النبيين فيطلب الله بدمائهم فكفى بالله للمظلومين ناصرا ، ومن الظالمين منتقما ، فلايعجبك إن ظفرت بنااليوم ، فلنظفرن بك يوما وذكرت وفائي وماعرفتني من حقك ، فان يكن ذلك كذلك فقد والله بايعتك ومن قبلك ، وإنك لتعلم أني وولد أبي أحق بهذا الامر منك ، ولكنكم معشر قريش كابرتمونا حتى دفعتمونا عن حقنا ، ووليتم الامر دوننا ، فبعدا لمن تحرى ظلمنا ، واستغوى السفهاء علينا ، كمابعدت ثمود ، وقوم لوط وأصحاب مدين ، ألا وإن من أعجب الاعاجيب وماعسى أن أعجب حملك بنات عبدالمطلب وأطفالا صغارا من ولده إليك بالشام كالسبي المجلوبين ، تري الناس أنك قهرتنا ، وأنت تمن علينا ، وبنا من الله عليك ، ولعمروالله فلئن كنت تصبح آمنا من جراحة يدي إني لارجو أن يعظم الله جرحك من لساني ، ونقضي وإبرامي ، والله ماأنا بآيس من بعد قتلك ولد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يأخذك أخذا أليما ويخرجك من الدنيا مذموما مدحورا ، فعش لاأبا لك مااستطعت ، فقدوالله ازددت عندالله أضعافا واقترفت مآثما والسلام على من اتبع الهدى.
المصدر :قال سبط ابن الجوزى : في التذكرة ص 155 : ذكر الواقدى وهشام وابن اسحاق وغيرهم قالوا لماقتل الحسين ، وذكر القصة بغير هذا اللفظ
- بني هاشم و إبن الزبير
ذكر ابن حجر في فتح الباري في كتاب التفسير : كان ابن عباس وابن الحنفية بالمدينة ثم سكنا مكة ( للقاء بالحسين عليه السلام و توديعه ) فطلب منهما ابن الزبير البيعة ( بعد استهاد الحسين (ع)و هلاك يزيد ) فأبيا حتى يجتمع الناس على رجل فضيق عليهما فبعثا رسولا إلى العراق ( يدعو المختار الى النصرة) فخرج إليهما جيش في أربعة آلاف ، فوجدوهما محصورين وقد احضر الحطب على الباب يخوفهما بذلك فأخرجوهما إلى الطائف .
- ابن عباس (رض) يعاتب ابن الزبير على مضايقته لإبن الحنفية (رض)
قال: وبلغ ذلك عبد الله بن عباس أن ابن الحنفية يريد أن يمضي إلى الطائف فأقبل مغضبا حتى دخل على عبد الله بن الزبير فقال: يا هذا! والله ما ينفعني تعجبي منك ومن ائتزازك (1) وجرأتك على بني عبد المطلب، تخرجهم من حرم الله وحرم رسوله محمد صلى الله عليه وآله وهم بالحرم وأعظم فيه نصيبا منك، أما والله! إن عواقب الظلم لترد إلى مساءة وندامة.
فقال له ابن الزبير: يا ابن عباس، إنه قد قتل الله المختار الكذاب الذي كنتم تمدون أعينكم إلى نصرته لكم.
فقال ابن عباس: يا ابن الزبير! دع عنك المختار، فإنه قد بقيت لك عقبة تأتيك من أرض الشام، فإذا قطعتها فأنت أنت قال: فغضب ابن الزبير، ثم قال: والله يا ابن عباس ما منك أعجب بل أعجب من نفسي! كيف أدعك تنطق بين يدي بملء فيك؟
قال: فتبسم ابن عباس، ثم قال: والله ما نطقت بين يدي أحد من الولاة كما نطقت بين يديك، ولقد نطقت وأنا غلام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وأبي بكر الصديق، فعجبوا لتوفيق الله إياي، ولقد نطقت وأنا رجل بين يدي عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، وكانوا يروني أحق من نطق، يستمع رأيي ويقبل مشورتي، وهؤلاء الذين ذكرتهم من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله خير منك ومن أبيك.
قال: فازداد غضب ابن الزبير، ثم قال: لقد علمت أنك ما زلت لي ولأهل بيتي مبغضا منذ كنت، ولقد كتمتم (كتمت خ ل) بغضكم يا بني هاشم أربعين سنة.
فقال ابن عباس: فازدد إذا بي غضبا، فوالله لا نبالي أحببتنا أم أبغضتنا.
قال له ابن الزبير: اخرج عني لا أراك تقربني. قال ابن عباس: أنا أزهد فيك من أن تراني عندك.
قال ابن الزبير: دع عنك هذا! واذهب إلى ابن عمك هذا فقل: ليخرج عن جواري ولا يتربص، فإني ما أظنه سالما مني أو يصيبه مني ظفر.
قال ابن عباس: ما ولوعك بابن عمي وما تريد منه؟ قال: أريد منه أن يبايع كما بايع غيره، قال: مهلا يا ابن الزبير! احذر، فإن مع اليوم غدا.
قال ابن الزبير: صدقت مع اليوم غد، وليس يجب عليك أن تكلمني في رجل ضعيف سخيف ليس له قدم ولا أثر محمود.
قال: فتنمر ابن عباس غضبا، ثم قال له: إنه ليس على هذا صبر يا ابن الزبير، والله إن أباه لأفضل من أبيك، أسرته خير من أسرتك، وإنه لفي نفسه خير منك، وبعد فرماه الله بك إن كان شرا منك في الدين والدنيا.
قال: ثم خرج ابن عباس من عند ابن الزبير مغضبا، وأقبل حتى جلس في الحجر، واجتمع إليه قوم من أهل بيته ومواليه، فقالوا: ما شأنك يا ابن عباس؟ فقال: ما شأني؟! أيظن ابن الزبير أني مساعده على بني عبد المطلب!
والله إن الموت معهم لأحب إلي من الحياة معه، أما والله! إن كان ابن الحنفية سخيفا ضعيفا كما يقول لكانت أنملته أحب إلي من ابن الزبير وآله الزبير، فإنه والله عندي لأوفر عقلا من ابن الزبير وأفضل منه دينا وأصدق منه حياء وورعا.
قال: فقال له رجل من جلسائه: يا ابن عباس إنه قد ندم على ما كان من كلامه وهو الذي بعثنا اعتذارا.
قال ابن عباس: فليكف عن أهل بيته، فقد قال القائل: " غثك خير من سمين غيرك " أما والله لو فتح لي من بصري لكان لي ولابن الزبير ولبني أبيه يوم أرونان
(الفتوح لابن أعثم: ج 6 ص 248 - 251 وراجع نور القبس: ص 68 )
- ردة فعل إبن الزبير
وبلغ ابن الزبير أن ابن عباس يقول فيه ما يقول، فخرج من منزله في عدة من أصحابه حتى وقف في الناس خطيبا، فحمد الله وأثني عليه، ثم قال:
أيها الناس! إن فيكم رجلا أعمي الله قلبه كما أعصى الله بصره، يزري على عائشة أم المؤمنين ويعيب طلحة والزبير حواري رسول الله صلى الله عليه وآله ويحل المتعة، فاجتنبوه، جنبه الله السداد.
قال: وكان ابن عباس يومئذ حاضرا، فلما سمع ذلك وثب قائما على قدميه، ثم قال: يا ابن الزبير! أما ما ذكرت من أم المؤمنين عائشة، فإن أول من هتك عنها الحجاب أنت وأبوك وخالك، وقد أمرها الله عز وجل أن تقر في بيتها، فلم تفعل، فتجاوز الله عنها ورحمها. وأما أبوك وأنت وخالك طلحة وأشياعكم، فلقد لقيناكم يوم الجمل فقاتلنا كم، فإن كنا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم المؤمنين، وإن كنا كفارا فقد كفرتم بفراركم من الزحف. وأما ذكرك للمتعة، إني أحلها، فإني إنما كنت أفتيت فيها في خلافة عثمان بن عفان.
وقلت: إنما هي كالميتة والدم ولحم الخنزير لمن اضطر إليها حتى نهاني عنها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقال: أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله حين رخص فيها على حد الضرورة، وسمعته حين حرمها ونهى عنها بعد ذلك، وإن الله تبارك وتعالى قد حرمها ونهى أن يرخص فيها، فما رخصت فيها لأحد بعد ذلك إلى يومي هذا. فإنه قد كان يجب عليك أن لا تذكر المتعة، فإنك إنما ولدت من متعة، فإذا نزلت عن منبرك هذا فصر إلى أمك فسلها عن بردي عوسجة.
قال: فقال له ابن الزبير: أخرج عني لا تجاورني، فقال: نعم و الله لأخرجن خروج من يقلوك ويذمك. ثم قال ابن عباس: اللهم إنك قادر على خلقك وقائم على كل نفس بما كسبت، اللهم وإن هذا الرجل فقد أبدى لنا العداوة والبغضاء، فارمه منك بحاصب وسلط عليه من لا يرحمه.
قال: ثم خرج ابن عباس من مكة إلى الطائف ومحمد بن الحنفية في أصحابه
( فتوح ابن أعثم: ج 6 ص 251 - 252، وراجع ج 5 ص 451 )
- وفاة عبدالله بن عباس رضي الله عنهما
لما وقعت الفتنة بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان، ارتحل عبد الله بن عباس ومحمد بن الحنفية بأولادهما ونسائهما، حتى نزلوا مكة، فبعث عبد الله بن الزبير إليهما: تبايعان? فأبيا وقالا: أنت وشأنك، لا نعرض لك ولا لغيرك. فأبى وألح عليهما إلحاحاً شديداً، فقال لهما فيما يقول: لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار. فبعثا أبا الطفيل إلى شيعتهم بالكوفة وقالا: إنا لا نأمن هذا الرجل، فانتدب أربعة آلاف، فدخلوا مكة، فكبرة تكبيرةً سمعها أهل مكة وابن الزبير، فانطلق هارباً حتى دخل دار الندوة -ويقال: تعلق بأستار الكعبة وقال: أنا عائذ بالبيت- قال: ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما، وهم في ددور قريب من المسجد، قد جمع الحطب فأحاط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر، لو أن ناراً تقع فيه ما رؤي منهم أحد، فأخرناه عن الأبواب، وقلنا لابن عباس: ذرنا نريح الناس منه. فقال: لا، هذا بلد حرام، حرمه الله، ما أحله عز وجل لأحد إلا للنبي صلى الله عليه وسلم ساعة، فامنعونا وأجيزونا قال: فتحملوا وإن منادياً ينادي في الخيل: ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية، إن السرايا تغنم الذهب والفضة، وإنما غنمتم دماءنا. فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى، فأقاموا ما شاء الله الله، ثم خرجوا بهم إلى الطائف، فمرض عبد الله بن عباس، فبينا نحن عنده إذ قال في مرضه: إني أموت في خير عصابة على وجه الأرض، أحبهم إلى الله، وأكرمهم عليه، واقربهم إلى الله زلفى، فإن مت فيكم فأنتم هم. فما لبث إلا ثماني ليال بعد هذا القول حتى توفي رضي الله عنه، فصلى عليه محمد بن الحنفية، فأقبل طائر أبيض فدخل في أكفانه، فما خرج منها حتى دفن معه، فلما سوي عليه التراب قال ابن الحنفية( رضي الله عنه ): مات والله اليوم حبر هذه الأمة. (أسد الغابة - حرف العين)
توفي بالطائف, وقد كف بصره سنة ثمان و ستين, يقول ميمون بن مهران, شهدت جنازة عبد الله بن عباس بالطائف, فلما وضع ليصلى عليه , جاء طائر أبيض حتى دخل في أكفانه, فالتمس فلم يوجد, فلما سوي عليه, سمعنا صوتا نسمع صوتا و لا نرى شخصا:"يا أيتها النفس المطمئنة, ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي في جنتي.
[تحرير] المصادر
1-(اليعقوبي في ذكر وفاة الحسن 2 / 200 )
2- ابن الأثير في اُسد الغابة 1/ 21
3- أخرج الحافظ يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ 1: 541
4- اخرجه الحافظ الطبراني في المعجم الكبير 3 : 128 في ترجمة الحسين عليه السلام برقم 2859،
5- المستدرك على الصحيحين 4/439 برقم : 8201 ، مسند أحمد 1/283 برقم : 2553 وقال محققه الشيخ شعيب الأرنؤوط : ( إسناده قوي على شرط مسلم ) ، مسند عبد بن حميد 1/235 برقم : 710 ، المعجم الكبير 12/185 برقم : 12837 ، فضائل الصحابة 2/781 برقم : 1389 .
6-
7-
8-
9-
10-
11-
12-
13-
14-
15-
16-
17-
18-
19-
20