تصنيف:شعراء عراقيون

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


[تحرير] الشاعر عدنان الصائغ Adnan Al - Sayegh

• ولد في مدينة الكوفة - العراق عام 1955.

• عمل في بعض الصحف والمجلات العراقية والعربية.

• عضو اتحاد الادباء العراقيين.

• عضو الاتحاد العام للادباء والكتاب العرب.

• عضو نقابة الصحفيين العراقيين.

• عضو اتحاد الصحفيين العرب.

• عضو منظمة الصحفيين العالمية.

• عضو اتحاد الأدباء السويديين.

• عضو نادي القلم الدولي في السويد.


• صدرت له المجاميع الشعرية التالية :

1) انتظريني تحت نصب الحرية 1984 بغداد

2) أغنيات على جسر الكوفة 1986 بغداد

3) العصافير لا تحب الرصاص 1986 بغداد

4) سماء في خوذة (طبعة أولى) 1988 بغداد / (طبعة ثانية) 1991 القاهرة / (طبعة ثالثة) 1996 القاهرة

5) مرايا لشعرها الطويل (طبعة أولى) 1992 بغداد / (طبعة ثانية) 2002 عمان

6) غيمة الصمغ (طبعة أولى) 1993 بغداد / (طبعة ثانية) 1994 دمشق /(طبعة ثالثة) 2004 القاهرة

7) تحت سماء غريبة (طبعة أولى) 1994 لندن / (طبعة ثانية) 2002 بيروت / (طبعة ثالثة) 2006 القاهرة

8) تكوينات 1996 بيروت

9) نشيد أوروك (قصيدة طويلة) 1996 بيروت / (طبعة ثانية) 2006 بيروت

10) تأبط منفى 2001 السويد


• وصدرت له:

"مجلد الأعمال الشعرية" عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت 2004.

ومختارات شعرية:

"خرجتٌ من الحرب سهواً" القاهرة 1994

"صراخ بحجم وطن" السويد 1998.


• غادر العراق صيف 1993 نتيجة للمضايقات الفكرية والسياسية التي تعرض لها. وتنقل في بلدان عديدة، منها عمان وبيروت، حتى وصوله إلى السويد خريف 1996 ثم استقراره في لندن منذ منتصف 2004.


• شارك في العديد من المهرجانات الشعرية في العراق والسويد وهولندا وألمانيا والنرويج والدنمارك وعمان وبيروت ودمشق والقاهرة وصنعاء وعدن والخرطوم والدوحة والكويت وبريطانيا وكولومبيا.


• تُرجمت مختارات من أشعاره إلى لغات عديدة: السويدية والإنجليزية والفرنسية والهولندية والأسبانية والبولونية والإيرانية والكردية والالمانية والرومانية والنرويجية والدنماركية. وصدرت له بعض الترجمات في كتب منها:

- مختارات شعرية (بالهولندية) ترجمة ياكو شونهوفن Jaco Schoonhoven 1997 ضمن اصدارات مهرجان الشعر العالمي في روتردام.

- تحت سماء غريبة (بالاسبانية) ترجمة دار الواح 1997 مدريد.

- الكتابة بالاظافر (بالسويدية) ترجمة ستافان ويسلاندر Staffan Wieslander ومراجعة الشاعرة بوديل جريك Bodil Greek - طبعة خاصة ضمن مهرجان أيام الشعر العالمية في مالمو 1998، طبعة أولى– 2000 مطبعة روزنغورد Bokförlaget Rosengård


• حصل على جائزة هيلمان هاميت العالمية HELLMAN HAMMETT للإبداع وحرية التعبير- عام 1996 في نيويورك.

• حصل على جائزة مهرجان الشعر العالميPOETRY INTERNATIONAL AWARD عام 1997 في روتردام.

• حصل على الجائزة السنوية لإتحاد الكتاب السويدين - فرع الجنوب Författarcentrum Syd، للعام 2005 في مالمو.


• يقيم حالياً في لندن.


ايميله

adnan2000iraq@hotmail.com


الموقع الالكتروني للشاعر

www.adnan.just.nu

www.adnan.has.it


[تحرير] نماذج من شعره

نص


نسيتُ نفسي على طاولةِ مكتبتي

ومضيتُ

وحين فتحتُ خطوتي في الطريق

اكتشفتُ أنني لا شيء غير ظلٍّ لنصٍ

أراهُ يمشي أمامي بمشقةٍ

ويصافحُ الناسَ كأنه أنا

2/2/2000 مالمو

  • * *


أبواب


أطرقُ باباً

أفتحهُ

لا أبصر إلا نفسي باباً

أفتحهُ

أدخلُ

لا شيء سوى بابٍ آخر

يا ربي

كمْ باباً يفصلني عني

1/12/1998 مالمو

  • * *


حنين


لي بظلِ النخيل بلادٌ مسوّرةٌ بالبنادق

كيف الوصولُ إليها

وقد بعد الدربُ ما بيننا والعتابْ

وكيف أرى الصحبَ

مَنْ غُيّبوا في الزنازين

أو كرّشوا في الموازين

أو سُلّموا للترابْ

انها محنةٌ - بعد عشرين -

أنْ تبصرَ الجسرَ غيرَ الذي قد عبرتَ

السماواتِ غيرَ السماواتِ

والناسَ مسكونةً بالغيابْ

3/12/1996 بودن – جنوب القطب

  • * *


العراق


العراقُ الذي يبتعدْ

كلما اتسعتْ في المنافي خطاهْ

والعراقُ الذي يتئدْ

كلما انفتحتْ نصفُ نافذةٍ ..

قلتُ : آهْ

والعراقُ الذي يرتعدْ

كلما مرَّ ظلٌ

تخيلتُ فوّهةً تترصدني،

أو متاهْ

والعراقُ الذي نفتقدْ

نصفُ تاريخه أغانٍ وكحلٌ ..

ونصفٌ طغاةْ

حزيران 1997 روتردام

  • * *


حيرة


قال أبي:

لا تقصصْ رؤياكَ على أحدٍ

فالشارعُ ملغومٌ بالآذانْ

كلُّ أذنٍ

يربطها سلكٌ سرّيٌ بالأخرى

حتى تصلَ السلطانْ

10/3/1996 دمشق

  • * *


عابرة


أكونُ لكِ الجسرَ هل كنتِ لي نزهةً في أقاصي القصيدة…؟

أكنتِ ترين الأصابعَ – إذ تتشابكُ –

سلّمَكِ الحجريَّ… إلى المجدِ

أحني دمي، كي تمرَّ أغانيكِ، من ثقبِ قلبي

إلى مصعدِ الشقةِ الفارهةْ

وأختارُ لي ركنَ بارٍ

لأرقبَ في طفحِ الكأسِ ضحكتَكِ العسليةَ

في الحفلِ،… في آخرِ الذكرياتِ

تسيلُ على الطاولاتِ

فتشربها الأعينُ القاحلةْ

فأقنعُ نفسي:

بأن المسافاتِ كذبُ خطى

والصداقاتِ كذبٌ أنيقٌ

والنساءَ الجميلاتِ… تكرارُ آهْ

26/6/1992 النجف

  • * *


بريد القنابل


أنتِ لا تفهمين إذنْ

رجلٌ في كتابْ

سوف يعبرُ مبنى الجريدةِ، شعرُكِ هذا الصباح

فيشغلني عن دوارِ القصيدةْ

أتأملُ فوضاكِ من فتحةٍ في القميصِ

وفوضاي في الورق

سيمرُّ بي العطرُ

يأخذني لتفاصيل جسمكِ

أو لتفاصيلِ حزني

من سيرتّبُ هذا الصباحَ القَلِقْ

الفناجينُ باردةٌ كالصداقاتِ

والحربُ تعلكُ أيامنا

وأنا في انتظارِ الندمْ

اقلبي الصفحةَ الآنَ

برجُكِ تشغلهُ الوفياتُ

وبرجي تملؤهُ الطائراتُ

.....................

.......................

أنتِ لو تفهمين إذن

كيف تجمعني الحربُ في طلقةٍ

ثم تنثرني في شظايا المدنْ

اقلبي الصفحةَ الآنَ

لا وقتَ..

إنَّ القنابلَ

تقتسمُ الأصدقاءْ

1988 بغداد

  • * *


تكوينات


أجلس أمام النافذة

أخيطُ شارعاً بشارع

وأقول متى أصلكِ

  • * *

العصفورُ يصدح

داخل قفصه

أنا أرنو إليه

وكذلك قطة البيت

كلانا يفترسُ أيامه

  • * *

كم عيناً فقأتَ

أيها المدفعي

لتضيء على كتفيك

كلُّ هذه النجوم

  • * *

منطرحاً على السفح

يسألُ :

هل من شاغر في القمة ؟

  • * *

لا تقطف الوردةَ

انظرْ ...

كم هي مزهوة بحياتها القصيرة

  • * *

كلما كتب رسالة

إلى الوطن

أعادها إليه ساعي البريد

لخطأ في العنوان

  • * *

للفارس في الحفل

وسام النصر

وللقتلى في الميدان

غبارُ التصفيق

وللفرس في الإسطبل

سطلٌ من شعير

  • * *

لكثرة ما جاب منافي العالم

كان يمرّ منحنياً

كمن يتأبط وطناً

  • * *

حين طردوه من الحانة

بعد منتصف الليل

عاد إلى بيتهِ

أغلق الباب

لكنه نسي نفسه في الخارج

  • * *

أكلُّ هذه الثورات

التي قام بها البحرُ

ولم يعتقله أحد

  • * *

أعرف الحياةَ

من قفاها

لكثرة ما أدارت لي وجهها

  • * *

تنطفيء الشمعةُ

واشتعلُ بجسدكِ

ما من أحدٍ يحتفل بالظلام

  • * *

تجلس في المكتبة

فاتحةً ساقيها

وأنا أقرأ ..

ما بين السطور

  • * *

بين أصابعنا المتشابكة

على الطاولة

كثيراً ما ينسجُ العنكبوتُ

خيوطَ وحدتي

  • * *

على جلد الجواد الرابح

ينحدر عرق الايام الخاسرة

  • * *


ـ رسام ـ


قبل أن يكملَ رسمَ القفص

فرّ العصفور

من اللوحة

  • * *


ـ حساب ـ


أيها الرب

إفرشْ دفاترك

وسأفرش أمعائي

وتعال نتحاسبْ

  • * *


ـ سهم ـ


لحظة الانعتاق الخاطفة

بماذا يفكرُ السهم

بالفريسة

أم ...

بالحرية

  • * *


ـ شكوى ـ


نظر الأعرجُ إلى السماء

وهتف بغضب:

أيها الرب

إذا لم يكن لديك طينٌ كافٍ

فعلام استعجلتَ في تكويني

  • * *


غياب


رسمَ بلاداً

على شرشف الطاولة

وملأها بالبيوت المضيئة والجسور والأشجار والقطط

قطعَ تذكرةً

وسافرَ إليها

محمّلاً بحقائبه وأطفالهِ

لكن رجالَ الكمارك

أيقظوهُ عند الحدودِ

فرأى نادلَ البار

يهزهُ بعنفٍ:

إلى أين تهربُ بأحلامك

ولم تدفعْ فاتورةَ الحسابْ

  • * *


- خطوط -


أنتَ تمضي أيها المستقيم

دون أن تلتفتَ

لجمالِ التعرجاتِ على الورقِ

أنتَ تملكُ الوصولَ

وأنا أملكُ السعة

1998 مالمو

  • * *


- الإسكافي الكهل -


جالساً

على الرصيفِ

أمامَ صندوقهِ

يرنو

لأيامِهِ التي

ينتعلها الناس

1996 دمشق

  • * *


ألفة


منكباً في ورشتِهِ

يصنعُ هذا النجّارُ الكهلُ

توابيتاً للناسْ

ينسى التفكيرَ بموته

الألفةُ تفقدهُ الإحساسْ

  • * *


- ثمالة -


انطفأتْ أضواءُ الحانة

وانطفأ العالمْ

لكن الرجل المخمورْ

ظل يدورْ

بحثاً عن سببٍ واحدْ

يوصلهُ ... للبيتْ

31/1/1993 بغداد

  • * *


ثلج


يسقطُ الثلجُ

على قلبي

في شوارعِ رأسِ السنةِ

وأنا وحدي

محاط بكلِّ الذين غابوا

  • * *


شيزوفرينيا


في وطني

يجمعني الخوفُ ويقسمني:

رجلاً يكتبُ

والآخرَ خلفَ ستائرِ نافذتي،

يرقبني

  • * *


أمسية شعرية


دخلَ

الشعراءُ الرسميون

إلى القاعةِ

واكتظَّ الحفلُ

لكن الشعر،

غريباً

ظلَّ أمامَ البابْ

بملابسهِ الرثةِ

يمنعهُ البوابْ

  • * *


عقدة


الفاشيون

والشعراء المخصيون

يقفون..

على طرفي حبلٍ،

معقودٍ

في عنقي

و…

يشدون

  • * *


رقعة وطن


ارتبكَ الملكُ

وهو يرى جنودَهُ محاصرين

من كلِّ الجهاتِ

والمدافعَ الثقيلةَ تدّكُ قلاعَ القصرِ

صرخ:

- أين أفراسي؟

- فطستْ يا مولاي

- أين وزيرُ الدولة

- فرَّ مع زوجتكَ يا سيدي في أولِ المعركةِ

تنحنحَ الملكُ مُعدّلاً تاجهُ الذهبي

وعلى شفتيه ابتسامةٌ دبقةٌ:

- ولكن أين شعبي الطيب؟

لمْ أعدْ اسمعه منذ سنينٍ

فأنفجرَ الواقفون على جانبي الرقعةِ بالضحكِ

- لقد تأخرتَ يا سيدي في تذكّرنِا

ولم يبقَ لنا سوى أن نصفّقَ للمنتصرِ الجديد

تموز 1997 باحة قصر هاملت – الدنمارك

  • * *


الحلاج


أصعدني الحلاجُ إلى أعلى طابق

في بغداد

وأراني كلَّ مآذنها

ومعابدها

وكنائسها ذات الأجراسْ

وأشار إلي:

- أحصِ

كم دعوات حرّى تتصاعد يومياً من أعماقِ الناسْ

لكن لا أحد

حاولَ أن يصعدَ

في معناهُ إلى رؤياهُ

كي يوقظَهُ

ويريهِ..

ما عاثَ طغاةُ الأرضِ

وما اشتطَّ الفقهاءُ

وما فعلَ الحراسْ

10/8/1996 بيروت

  • * *


العبور إلى المنفى


أنينُ القطارِ يثيرُ شجنَ الأنفاقْ

هادراً على سكةِ الذكرياتِ الطويلة

وأنا مسمّرٌ إلى النافذةِ

بنصفِ قلب

تاركاً نصفَهَ الآخرَ على الطاولة

يلعبُ البوكرَ مع فتاةٍ حسيرةِ الفخذين

تسألني بألمٍ وذهول

لماذا أصابعي متهرئة

كخشب التوابيت المستهلكة

وعجولة كأنها تخشى ألاّ تمسك شيئاً

فأحدّثها عن الوطن

واللافتات

والاستعمار

وأمجاد الأمة

والمضاجعاتِ الأولى في المراحيض

فتميلُ بشعرها النثيث على دموعي ولا تفهم

وفي الركنِ الآخرِ

ينثرُ موزارت توقيعاتِهِ على السهوبِ

المغطاة بالثلج ...

وطني حزينٌ أكثر مما يجب

وأغنياتي جامحةٌ وشرسة وخجولة

سأتمددُ على أولِ رصيفٍ أراه في أوربا

رافعاً ساقيَّ أمام المارة

لأريهم فلقات المدارس والمعتقلات

التي أوصلتني إلى هنا

ليس ما أحمله في جيوبي جواز سفر

وإنما تأريخ قهر

حيث خمسون عاماً ونحن نجترُّ العلفَ

والخطابات ....

.. وسجائر اللف

حيث نقف أمام المشانق

نتطلعُ إلى جثثنا الملولحة

ونصفقُ للحكّام

.. خوفاً على ملفات أهلنا المحفوظةِ في أقبية الأمن

حيث الوطن

يبدأ من خطاب الرئيس

.. وينتهي بخطاب الرئيس

مروراً بشوارع الرئيس ، وأغاني الرئيس ، ومتاحف الرئيس ، ومكارم الرئيس ، وأشجار الرئيس ، ومعامل الرئيس، وصحف الرئيس ، وإسطبل الرئيس ، وغيوم الرئيس ، ومعسكرات الرئيس، وتماثيل الرئيس، وأفران الرئيس ، وأنواط الرئيس ، ومحظيات الرئيس ، ومدارس الرئيس ، ومزارع الرئيس، وطقس الرئيس ، وتوجيهات الرئيس....

ستحدق طويلاً

في عينيّ المبتلتين بالمطر والبصاق

وتسألني من أي بلادٍ أنا ...

  • * *


أنا وهولاكو


قادني الحراسُ إلى هولاكو

كان متربعاً على عرشِهِ الضخمِ

وبين يديهِ حشدٌ من الوزراءِ والشعراءِ والجواري

سألني لماذا لمْ تمدحني

ارتجفتُ مرتبكاً هلعاً: يا سيدي أنا شاعرُ قصيدةِ نثر

أبتسمَ واثقاً مهيباً:

لا يهمكَ ذلك..

ثم أشارَ لسيافِهِ الأسودِ ضاحكاً:

علمْهُ إذاً كيف يكتبُ شعراً عمودياً بشطرِ رأسِهِ

إلى شطرٍ وعجزٍ

وإياكَ أن تخلَّ بالوزنِ

وإياكَ من الزحافِ والعللِ

امسكني السيافُ من ياقتي المرتجفةِ،

وهوى بسيفِهِ الضخمِ

على عنقي

فتدحرجَ رأسي،

واصطدم بالنافذةِ التي انفتحتْ من هولِ الصدمةِ.

فاستيقظتُ هلعاً يابس الحلق، لأرى عنقي مبللاً بالعرق،

وكتابَ الطبري ما زالَ جاثماً على صدري،

وقد اندعكت أوراقه تحت سنابكِ خيولِ هولاكو التي كانت تنهب الممالك والقلاع،

وأمامي وشيشُ التلفزيونِ الذي انتهى بثُهُ بنهايةِ خطابِ الرئيسِ الطويلِ.

قفزتُ مرعوباً،

رأيت فراشي ملطخاً بدمِ الكتبِ التي جرفها نهرُ دجلة، ممتزجاً بالطمي والجهشات

حاولتُ أن أجمعَ شطري رأسي اللذَين التصقا بجانبي التلفزيون

وأصبحا أشبه بسماعتين يبثانِ الوشيشَ نفسَهَ.

في الصباحِ…….

على غيرِ العادةِ ،لم اقرأ نعيي في الجريدةِ ،

ولمْ تقفْ سيارةُ الحرسِ أمامَ البيتِ وعليها جنازتي ،

ولمْ أعرفْ تفاصيلَ ما حدثَ ،

ذلك لأنَّ هولاكو ضجرَ من الوشيشِ

فقامَ بنفسِهِ وأطفأَ التلفزيونَ

وعادَ إلى كتابِ الطبريِّ ثانيةً،

مبتسماً واثقاً مهيباً ،

بعد أن رفسني بخصيتي

لأنني نمتُ

قبل أن أكملَ بقيةَ سيرتِهِ

1/11/1998 مالمو

  • * *


رقيب داخلي


منذ الصباح

وهو يجلسُ أمامَ طاولتهِ

فكّرَ أن يكتبَ عن ياسمين الحدائق

فتذكرَ أعوادَ المشانق

فكر أن يكتب عن موسيقى النهر

فتذكر أشجار الفقراء التي أيبسها الحرمان

فكر أن يكتب عن قرنفل المرأة العابق في دمه

فتذكر صفير القطارات التي رحلت بأصدقائه

إلى المنافي

فكر أن يكتب عن ذكرياته المتسكعة تحت نثيث المطر

فتذكر صرير المجنزرات التي كانت تمشط شوارع طفولته

فكر أن يكتب عن الهزائم

فتذكر نياشين العقداء اللامعة على شاشات الوطن

فكر أن يكتب عن الانتصارات

فتصاعد في رأسه نحيبُ الأرامل

ممتزجاً برفات الجنود المنسيين هناك

................

في آخر الليل

وجد سلةَ مهملاته مملوءةً

وورقته فارغة بيضاء

  • * *


دبابيس


النجوم، التي يتوهمها المطبعي، حروفاً متناثرةً على أديم الليل

النجوم، التي يراها المدفعي، دموعَ الأرامل

التي سيخلفها بعد كل قذيفة

النجوم، التي يحسوها السكّيرُ، حبيباتٍ طافيةً

من الذكريات المرّة

النجوم، التي يتلمسها السجينُ، سجائرَ مطفأة

في جلده

النجوم، التي تمسحها العاهرة، بقايا الفحولات المنطفئة بين فخذيها

النجوم، التي يتأملها العابدُ، رذاذَ ماء الوضوء

على سجادة الكون

النجوم

دموعنا المعلقة ـ بالدبابيس ـ في ياقة السماء

ترى أين تختفي

عندما تفتحين نافذتكِ ..

في الصباح

تشرين أول 1993 عمان

  • * *


في حديقة الجندي المجهول


الجندي الذي نسي أن يحلقَ ذقنَهُ

ذلك الصباح

فعاقبه العريفْ

الجندي القتيل ، الذي نسوه في غبار الميدان

الجندي الحالم ، بلحيتهِ الكثّة

التي أخذتْ تنمو

شيئاً، فشيئاً

حتى أصبحتْ ـ بعد عشر سنوات ـ

غابةً متشابكة الأغصانْ

تصدحُ فيها البلابلْ

ويلهو في أراجيحها الصبيانْ

ويتعانق تحت أفيائها العشاقْ

..........

................

الجندي ..

الذي غدا متنزهاً للمدينة

ماذا لو كان قد حلقَ ذقنَهُ ، ذلك الصباح

عمان 28/9/1993

  • * *


نقود الله


على رصيفِ شارعِ الحمراء

يعبرُ رجلُ الدين بمسبحتِهِ الطويلةِ

يعبرُ الصعلوكُ بأحلامِهِ الحافيةِ

يعبرُ السياسي مفخّخاً برأسِ المال

يعبرُ المثقف ضائعاً

بين ساهو وحي السلّم

الكلُ يمرُّ مسرعاً ولا يلتفتُ

للمتسولِ الأعمى

وحدهُ المطرُ ينقّطُ على راحتِهِ الممدودةِ

باتجاهِ الله

1996 بيروت

  • * *


قبلة


وهما يتكآن على سياج الياسمين النمام

يهمُّ بتقبيلها

فتلفتُ القبلةُ من فمِهِ

وتسقطُ على العشبِ

محدثةً رنيناً أخضرَ

ينحني ليلتقطها

فتضحك ...

ذلك أن القبلَ الساقطةَ

كقطراتِ المطرِ

سرعان ما تجف

  • * *


مرايا متعاكسة


أحياناً

… يوقفني وجهي في المرآة

- أنتَ تغيّرتَ ..

… تغيرتَ كثيراً

أتطلعُ مذعوراً

لا أبصر في عينيّ سوى شيخٍ

يتأبطُ عكازَ قصائدِهِ

… متجهاً نحو البحر

يتمرى في صفحته الزرقاء

فيرى في أعماق الموج

ولداً في العشرين

يتطلعُ مبهوراً

في وجهِ المرآة …

لا يدري الآنْ

أيهما كانْ

  • * *


اجاممنون


عائداً ...

من غبارِ الحربِ

بقلبٍ مجرّحٍ

وذراعين من طبولٍ وذهب

حالماً بشفتي كليتمنسترا ، العسليتين

اللتين كانتا في تلك اللحظة

تذوبان على شفتي عشيقها ايجستوس

ليلةً ، ليلة

عندما فتحَ البابَ

رأى في دبقِ شفتيها

آلافَ الجثثِ التي تركها في العراء

فتذكّرَ

أنه نسي أنْ يتركَ جثتَهُ هناك .

  • * *


المحذوف من رسالة الغفران


مستلقياً على ظهري

أحدّقُ في السماءِ الزرقاء

وأحصي كمْ عددَ الزفراتِ التي تصعدُ إلى الله كلَّ يومٍ

وكم عددَ حبات المطر التي تتساقطُ من جفنيهِ

أديرُ قرصَ الهاتفِ

وأطلبهُ

تردُّ سكرتيرتهُ الجميلةُ

إنه مشغولٌ هذه الأيام

إلى أذنيهِ

بتقليبِ عرائضكم التي تهرأتْ من طولِ تململها في المخازن

يا سيدتي أريدُ رؤيتَهُ ولو لدقيقةٍ واحدةٍ

ما منْ مرة

طلبتهُ

وردَّ علي

أريدُ أن أسألَهُ قبلَ أنْ أودّعَ حياتي البائسة

وقبل أنْ يضعَ فواتيرَهُ الطويلةَ أمامي:

يا الهي العادل

أمن أجلِ تفاحةٍ واحدةٍ

خسرتُ جنانَكَ الواسعةَ

أمن أجلِ أن يسجدَ لي ملاكٌ واحدٌ

لم يبقَ شيءٌ في التاريخ إلا وركعتُ أمامه

..............


يا أبانا…

يا أبانا الرحيم

أعرف أنكَ لنْ تضحكَ على ذقوننا مثلهم

لكني مهانٌ ويائس

أريدُ شبراً من هذه الأرضِ الواسعةِ أضعُ عليه رأسي ونعالي وأنام

أريد رغيفاً واحداً من ملايين السنابل التي تتمايس أمامي كخصورِ الراقصات

…………

......

أجلسُ أمامَ بابِ مسجدِ الكوفة

أجلسُ أمامَ كنيسةِ لوند

أجلسُ أمامَ حائطِ المبكى

أجلسُ أمامَ معبدِ بوذا

ضاغطاً راحتي على ركبتي

وأحصي كمْ يصعدون، ظهورَنا المحدودبةَ كالسلالم

وكم ينـزلون

ومع هذا

لا أحد يلتفتُ إلى دموعنا المنسابةِ كالمزاريب

أريدُ أن أصعدَ يوماً إلى ملكوته

لأرى..

إلى أين تذهبُ غيومُ حشرجاتنا

وهذه الأرض التي تدور

بمعاركنا وطبولنا وشتائمنا واستغاثاتنا

منذ ملايين السنين

ألمْ توقظْهُ من قيلولتِهِ الكونيةِ

ليطلَّ من شرفتِهِ

وينظر لنا

مَنْ يدري

ربما سئمَ من شكوانا

فأشاحَ بوجههِ الكريم

ونسينا إلى الأبد.


أحلمُ أن أركلَ الكرةَ الأرضيةَ بحذائي المثقوب

ولا أدعها تسقطُ

حتى أعيدها إليه

كي يجيبني

بعيداً عن جمهرةِ المفسرينِ والدراويش والوعّاظ:

إذا كنتَ وحدكَ مالكَ الغيب..

ولمْ تفشِ أسرارَكَ لأحدٍ

فكيف علمَ أبليس

بأني سأعيثُ في الأرضِ فساداً

.......

وإذ كنتَ حرمتني

من دمِ العنقودِ

فلماذا أبحتهُ لغيري

..........

وإذا كان الأشرارُ لمْ يصعدوا إلى سفينةِ نوح

وغرقوا في البحرِ

فكيفَ امتلأتِ الأرضُ بهم ثانيةً

.............

و "إذا السماء انشقّتْ ، وأذِنتْ لربها وحُقّتْ ، وإذا الأرضُ مُدّتْ ، وألقتْ ما فيها وتخلّتْ"..

فأين ستذهب لوحات فان كوخ،

وقصائد المتنبي،

ومسرحيات شكسبير،

ونهج البلاغة،

وسمفونيات موزارت

وما الذي سنجده في متاحفِ الجنة..

..............

وإذا كنتُ سأجدُ في فراديسك الواسعة

حبراً

وخمراً

وصفصافاً

فهل أستطيعُ نشرَ قصائدي

دونَ أن تمرَّ على رقيبٍ

.............

وإذا أنكحتني

عشرةَ آلافِ حورية عين….

فماذا ستترك لحبيبتي

و…..

و………

…….

3/4/1998 لوليو- جنوب القطب الشمالي

  • * *