الكيبوتس

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

«الكيوبتس» كلمة عبرية تعني «تجمُّع» وجمعها «كيبوتسيم» وتصغيرها «كيبوتساه». وهي شأنها شأن معظم المصطلحات الصهيونية (مثل «عالياه» بمعنى «الارتفاع» أو «السمو» والتي تعني «الهجرة إلى إسرائيل») لها بُعد شبه ديني. ولعل الاصطلاح الديني اليهودي «كيبوتس جاليوت» أو «تجميع المنفيين» ولم شمل كل يهود العالم في فلسطين هو الذي استقى منه الصهاينة هذه التسمية. وتُستخدَم الكلمة في الكتابات الصهيونية للإشارة إلى مستوطنة تعاونية تضم جماعة من المستوطنين الصهاينة، يعيشـون ويعملون سـوياً، ويبلغ عـددهم بين 450 و600 عضو، وإن كان العدد قد يصل إلى ألف في بعض الأحيان.

ويُعدُّ الكيبوتس من أهم المؤسسات الاستيطانية التي يستند إليها الاستعمار الصهيوني في فلسطين المحتلة. بل يُقال إن الكيبوتس هو أهم المؤسسات السياسية والاجتماعية على الإطلاق داخل الكيان الصهيوني. وهو مؤسسة فريدة مقصورة على المجتمع الصهيوني. إذ لا توجد أية مؤسسة تضاهيها في الشرق الأوسط أو خارجه (وإن كنا نجد بعض مواطن الشبه بينها وبين بعض المؤسسات التي تضم جماعات وظيفية قتالية مثل الأنكشارية والمماليك). بل يمكن النظر للكيبوتس باعتباره مؤسسة نماذجية لتوليد جماعة وظيفية شبه عسكرية، ولعل مركزيته تعود إلى أن الدولة الصهيونية نفسها دولة وظيفية.

ورغم تنوُّع انتماءات الكيبوتسـات السـياسـية فإن كل المستوطنات، شأنها شأن الأحزاب السياسية في إسرائيل، تلتزم بالرؤية الصهيونية وبالخط الصهيوني، بل إنها كوَّنت عام 1963 تنظيماً عاماً لحركة الكيبوتس تشترك فيه كل المزارع الجماعية بغض النظر عن انتمائها السياسي. وتدين كل الكيبوتسات بالولاء للحركة الصهيونية، وهذا أمر منطقي تماماً لأنها مشاريع غير مربحة ومموَّلة من قبَل هذه الحركة.

وحتى ندرك مدى أهمية الكيبوتس داخل الكيان الصهيوني، سنورد بعض الإحصاءات التي قد تعطي القارئ فكرة واضحة ومثيرة عن مدى إسهام هذه المؤسسة في المجتمع الصهيوني. فعلى سبيل المثال لا الحصر، بلغت نسبة أعضاء الكيبوتس في النخبة الحاكمة (أي بين قيادات المجتمع الإسرائيلي) سبعة أضعاف نسبتهم في المجتمع (ويكفي أن نذكر أن بن جوريون وموشيه ديان وشيمون بيريز وييجال آلون وغيرهم من أبناء الكيبوتسات). ومع أن أهمية الكيبوتس آخذة في التناقص إلا أن النسبة في الوقت الحاضر لا تزال أربعة أضعاف. وكان ثُلث الوزراء الإسرائيليين من 1949 حتى 1967 من أعضاء الكيبوتس، كما أن 40% من إنتاج إسرائيل الزراعي و7% من صادراتها من إنتاج الكيبوتسات، و8% من إنتاجها الصناعي.

ويمكن القول بأن تاريخ نشأة الكيبوتس وتطوره وبنيته وما لحق به من تآكل وما يواجهه من أزمات يجعل منه نموذجاً مصغراً للاستيطان الصهيوني: أصوله ـ تاريخه ـ طبيعته ـ أزمته


المصدر موسوعة اليهود و اليهودية د عبدالوهاب المسيري