مرجئة
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
المرجئة هم فئة من المسلمين, خالفوا رأي الخوارج في مرتكب الكبيرة وقالوا بأن كل من آمن بوحدانية الله لا يمكن الحكم عليه بالكفر, لأن الحكم عليه موكول إلى الله تعالى وحده يوم القيامة, مهما كانت الذنوب التي اقترفها. وهم يستندون في اعتقادهم إلى قوله تعالى (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
والعقيدة الأساسية عندهم عدم تكفير أي إنسان, أيا كان, ما دام قد اعتنق الإسلام ونطق بالشهادتين, مهما ارتكب من المعاصي, تاركين الفصل في أمره إلى الله تعالى وحده, لذلك كانوا يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية, كما لا ينفع مع الكفر طاعة. وقد نشأ هذا المذهب في أعقاب الخلاف السياسي الذي نشب بعد مقتل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب, وعنه نشأ الاختلاف في مرتكب الكبيرة. فالخوارج يقولون بكفره والمرجئة يقولون برد أمره إلى الله تعالى إذا كان مؤمنا, وعلى هذا لا يمكن الحكم على أحد من المسلمين بالكفر مهما عظم ذنبه, لأن الذنب مهما عظم لا يمكن أن يذهب بالإيمان, والأمر يرجأ إلى يوم القيامة وإلى الله تعالى مرجعه. ويذهب الخوارج, خلافا للمرجئة, إلى أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار. وقد وقف أكثر الفقهاء من أهل السنة والمحدثين موقفا وسطا, فرأوا أن قول المرجئة بعفو الله عن المعاصي قد يطمع الفساق, فقرروا أن مرتكب الذنب يعذب بمقدار ما أذنب ولا يخلد في النار, وقد يعفو الله عنه. ويعرف هؤلاء بمرجئة السنة ومنهم سعيد بن جبير وحماد ابن أبي سليمان وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني وآخرون.
[تحرير] المرجئة
لغويا: المرجئة جمع لمرجئ وهو اسم فاعل وكمصطلح: المرجئة هم هؤلاء المسلمين الذين يعطون الرجاء أو الأمل للعاصين بمغفرة الله و منه جاءت الفكرة التي يشار بها للمرجئة و هم قوم يقولون "لا يضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة". فالخوارج اعتبروا هؤلاء (أي من يرتكب الكبيرة) يخرجون من دائرة الإيمان، إلا أن المرجئة لا يرون ذلك ويعتبرون أن الإيمان الأصل و المقصود به التصديق بالقلب و اللسان حتى لو ارتكب بجوارحه بعض المعاصي، أي هم يقولون أن أعمال الإنسان ليست جزء من الإيمان و هذا هو المعنى الرئيسي لمرجئة. هناك معنى آخر للإرجاء أي هم الذين أرجئوا الحكم على مرتكبي الكبائر فلم يطلقوا حكما بالإيمان ولا بالكفر وقالوا نحن نرجئ أمرهم إلى الله يحكم عليهم بالإيمان أو غير ذلك إذن الإرجاء بهذا المعنى هو عدم اتخاذ موقف من الصحابة بوجه خاص لأنهم لا يريدون أن يتورطوا بإطلاق حكم عليهم فلا حكم عليهم بالدنيا و إنما الحكم بالآخرة عند الله تعالى. هناك فرق عديدة للمرجئة ولكن الخلافات بينهم ضحلة أي بسيطة و موقف المرجئة يكاد يكون موقف عام فكثير من المسلمين لم يشاءوا الانخراط في الخلاف فلم يتولوا الإمام علي ولا عائشة ولا معاوية ولا جميع من دخلوا الصراعات الأولى فهؤلاء إذن مرجئة وكثير من الناس يأخذون هذا الموقف وكأنما هو موقف ينشد أصحابه السلامة فلا يريد أصحابه أن يتورطوا بمواضيع دقيقة و حساسة كالإيمان فالقول أو الحكم بأن هذا مؤمن و هذا كافر يترتب عليه أشياء كثيرة وعملية مثلا زواج المسلم لا يجوز من كافر. الخلاف أن المرجئة بالدرجة الأولى خصوم للخوارج الذين اعتقدوا (الخوارج) أن المشارك بالقتل، مرتكب الزنا، شارب الخمر كافرا و المرجئة على عكسهم لا يكفرونه وأيضا لا يكفر المرجئة الخوارج. وهناك مقولة (الإرجاء دين الملوك) وقد كان الخوارج يوجهون نقد للمرجئة بأنهم يأملون الكفار بالجنة فهم يقولون أن مرتكب الكبيرة ممكن أن يغفر له الله و يدخل الجنة فهم يوسعون من رحمة الله. بعض المرجئة قالوا أن الإيمان تصديق بالقلب لا يزيد و لا ينقص، و بعضهم قال أن الإيمان يزيد و ينقص أي أن البعض إيمانهم أعمق و أكثر من الآخرين، فهناك إنسان لا يمر الشك بقلبه وهناك إنسان يغيم عليه الشك أحيانا مثل: عندما نتساءل لماذا هناك شر بالعالم مثل مرض لا شفاء منه وهنا تنتابنا ثورة و نوع من الاحتجاج وبعضنا يقول كيف يسمح الله لشيء من هذا القبيل, وهذا مثال وتجارب موجودة يتزعزع إيماننا بسبب هذا الواقع و هو يسمى (الشر الفيزيقي) أو (الشر الطبيعي) و البعض ممكن إيمانه قوي و راسخ يقول هذا امتحان ولا أشك بحكمة و مقاصد الله. و ليس فقط الشر الطبيعي هناك شر أخلاقي مثل إنسان شرير يؤذي الناس، وهناك شر ميتافيزيقي مثل: لماذا لم يكون إلا الوجود فقط ولماذا يوجد العدم ولماذا يوجد الموت و لماذا هناك نهاية للوجود. الإيمان هو معرفة الله و ما جاء من عند الله على يد الرسل، والكفر هو الجهل بذلك وإنكار ذلك. ومن يقول بلسانه عبارات فيها إنكار وجحود وتكذيب فهو غير مؤمن و كافر كأن يقول مثلا (محمد ليس نبي). التوحيد عند المرجئة وتحديد الصفات الإلهية بعضهم ذهب مذهب المعتزلة أي مذهب التنزيه وبعضهم الآخر يذهب مذهب التشبيه فيشبهون الله بالأجسام، و المرجئة توزعوا بين الموقفين. مسألة الرؤية هل يُرى الله بالأبصار بعضهم قال نعم وبعضهم قال لا يمكن أن يُرى بالأبصار كالمعتزلة و الشيعة وبعض الخوارج. مسألة القدر و أفعال الناس والعباد هل هي من خلقهم هم أي هل هم أحرار في فعلها أم الله هو خالقها. ومنذ وقت مبكر للإسلام انقسم هؤلاء لفريقين: فريق الجبرية الذي يقول أن الإنسان خالق أفعاله، بينما فريق القدرية يقولون الإنسان صاحب أفعاله. عبارة (الإيمان بالقدر خيره و شره) أي نسبة أفعال الإنسان إلى الله وهي مختلفة عن القدرية فالقدرية ينفون القدر وليسوا ممن يثبتون القدر وليسوا ممن يقولون أن الإنسان هو خالق الأفعال.