منشور كارلو كانيفا إلى الليبيين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

فيكتور عمانويل الثالث ملك إيطاليا
تكبير
فيكتور عمانويل الثالث ملك إيطاليا

كانت المنشورات إحدى وسائل الإيطاليين في محاولاتهم السيطرة على ليبيا، ومن هذه المنشورات منشور كارلو كانيفا -قائد الحملة الإيطالية على ليبيا- في (المحرم 1330 هـ = يناير 1912م :

"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على كافة الأنبياء والمرسلين صلى الله وسلم عليهم أجمعين... للعساكر الإيطاليين الموكل إليها نحو الحكومة التركية في طرابلس والقيروان والمقاطعات التابعة لها... إن العساكر الخاضعة لأمري لم يرسلها جلالة ملك إيطاليا (فكتور عمانويل الثالث) حماه الله لإضعاف واستعباد سكان طرابلس والقيروان والفزان والبلاد الأخرى التابعة لها التي توجد الآن تحت سيادة الأتراك، بل لتعيد إليهم حقوقهم وتقتص من المعتدين عليهم سواء كان الأتراك أو أي شخص كان يريد استرقاقهم، وعليه فأنتم يا سكان طرابلس والقيروان والفزان والبلاد الأخرى التابعة لها من الآن سيحكمكم رؤساء منكم موكل إليهم أن يقضوا بينكم بالعدل والرأفة عملاً بقوله تعالى: {وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل}... والويل كل الويل لمن لا يحترم الشرائع أو لا يعتبر الأشخاص ويمس النساء أو يخترق حرمة الملك أو يقاوم أو يثور على إرادة العناية الإلهية التي أرسلت إيطاليا إلى هذه البلاد... فيا سكان طرابلس والقيروان والمقاطعات التابعة لها، اذكروا أن الله قد قال في كتابه العزيز: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}؛ وقد جاء أيضًا: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله}، وجاء أيضًا: {لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} أي الذين يصلحون الأرض ويمنعون منها الفساد وينشرون فيها العدل والعمران؛ وجاء أيضًا: {وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} أي لا تفسدوا في الأرض إن توليتم أمور الناس، ولا تقاتلوا بعضكم بعضًا، إن الذين يفعلون ذلك يلعنهم الله ويصمهم ويعمي أبصارهم ويستبدلهم بغيرهم. وجاء أيضًا: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير}، وجاء أيضًا: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}، فإرادة الله ومشيئته سبحانه وتعالى قضتا أن تحتل إيطاليا هذه البلاد لأنه لا يجري في ملكه إلا ما يريد فهو مالك الملك وهو على كل شيء قدير، فمن أراد أن يظهر في الكون غير ما أظهر مالك الملك رب العالمين المنفرد بتصرفاته في ملكه الذي لا شريك له فيه فقد جمع الجهل بأنواعه وكان من الممترين.. وبناء عليه يلزم على كل مؤمن أن يرضى ويسلم بما تعلقت به الإرادة الربانية وأبرزته القدرة الإلهية، فالملك لله سبحانه وتعالى يؤتيه من يشاء. فإيطاليا تريد السلام وتريد أن تبقى بلادكم إسلامية تحت حماية إيطاليا وملكها المعظم ويخفق فوقها العلم المثلث الألوان: أبيض. أحمر وأخضر، إشارة إلى المحبة والإيمان والعشم في وجه الله".


[تحرير] قراءة وتحليل

لم يكن الخطاب الاستعماري الإيطالي لليبيا أقل ضجيجًا أو رسالية من الخطاب النابليوني؛ ففي (المحرم 1330هـ = يناير 1912م) أسقطت الطائرات الإيطالية منشورات باللغة العربية تحمل توقيع الجنرال "سلسازو" تطمئن الأهالي أن إيطاليا لم ترد باحتلال ليبيا إلا طرد الأتراك وخدمة مصالح الليبيين، وعندما لم يستجب الليبيون، تدخل قائد الحملة الجنرال "كارلو كانيفا" في الدعاية الاستعمارية ودعا عرب طرابلس إلى التعاون مع إيطاليا. ومما جاء في منشوره "نحن أصحاب دين ومن أهل الكتاب وأحرار، واعلموا أن دولة إيطاليا المعظمة قد أصبحت لكم بمقام الوالد بعد أن أخذت أمكم طرابلس الغرب".

ولم تمض إلا أيام قليلة حتى أسقطت الطائرات منشورات أخرى جاء فيها أن إيطاليا لم تأت إلا لتعيد إليهم حقوقهم وتقتص من المعتدين.. وعليه "فأنتم يا سكان طرابلس والقيروان والفزان والبلاد الأخرى من الآن سيحكمكم رؤساء منكم موكل إليهم أن يقضوا بينكم بالعدل والرأفة... فإرادة الله ومشيته قضتا أن تحتل إيطاليا هذه البلاد... وبناء عليه يلزم على كل مؤمن أن يرضى ويسلم... فإيطاليا تريد السلام وتريد أن تبقى بلادكم إسلامية" و"القرآن طلب من كل مؤمن صادق الخضوع للسلطة القائمة.. أضف إلى ذلك أن "إيطاليا لا تريد في الحقيقة سوى رخاء العرب وتأمينهم.. لأن روما بمثابة الأم للعرب وترغب في أن تعلمهم كيف ينشئون أولادهم ويربونهم، وكيف يصبحون أثرياء"!!

ويقول الجنرال الإيطالي وسفاح ليبيا "ردولفو جراتزياني" (rodolfo graziani) في كتابه "نحو فزان": "إن الجنود الإيطاليين كانوا مقتنعين أنهم هم الأمة المسيطرة التي تقوم بتأدية رسالة سامية من رسالات الحضارة، لذا عمل الإيطاليون أن يقنعوا الليبيين أنهم هنا في ليبيا إلى الأبد، وأنهم لم يأتوا للاستغلال، ولكن لتحسين حالة البلاد، وأن الإيطاليين لا بد أن يقوموا بهذا الواجب الإنساني بأي ثمن".

[تحرير] انظر أيضاً

  • رسالة نابليون إلى المصريين