مستخدم:Ajam

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

تُحفَة النُظار فی غَرائِب الأمَصار وعَجائِب الأَسفَار

ابن بطوطه : (307 هـ - 777 هـ)

هو الرحالة المشهور وهو محمد بن عبدالله بن محمد بن ابراهيم الطنجي ، ولد في مدينة طنجة ببلاد مراكش ( المغرب ) في 17 رجب عام 307 هـ (24 فبراير 1304 م ) ·· وقد نشأ في بسطة من العيش ، وسعة من الرزق ، ثم خرج من مدينة طنجة وهو في الثانية والعشرين من عمره قاصداً الحجاز لأداء فريضة الحج ، فمر بالجزائر وتونس وطرابلس الغرب ومصر ، ثم رحل إلي فلسطين ولبنان وسوريا والحجاز ، فحج حجته الأولي ، ومن مكة سافر إلي بلاد العراق والأناضول ، ثم عاد إلي مكة حيث حج إلي بيت الله الحرام للمرة الثانية ، وظل بمكة سنتين ثم غادرها إلي اليمن ، وعبر البحر إلي شرق أفريقيا ، ثم عاد منها زائراً لعمان والبحرين والاحساء و سواحل البحر الفارسی ، ثم عاد إلي مكة ليؤدي فريضة الحج للمرة الثالثة ، ثم خرج منها إلي بلاد الهند ماراً بخوارزم ، وخراسان وتركستان وأفغانستان وكابول ثم السند ، وتولي هنالك القضاء في دلهي علي المذهب المالكي للسلطان محمد شاه · ولما أراد السلطان محمد أن يرسل وفداً إلي الصين خرج ابن بطوطة فيه ، وفي طريق عودته مر بجزيرة سرنديب وجزر الهند والصين ، ومن هناك عاد إلي بلاد العرب عن طريق سومطرة عام 1374 م ، فزار بلاد العجم و مدن شیراز و تستر و اصفهان و تبریز والعراق وسوريا وفلسطين مرة أخري ، ليؤدي فريضة الحج للمرة الرابعة ، وعندئذ اشتاق إلي العودة لمسقط رأسه ، فمر بمصر وتونس والجزائر ومراكش ووصل فاس عام 1394 م ·· ولم يطل له المقام في وطنه حتي استأنف رحلاته إلي بلاد الأندلس ( أسبانيا ) عابراً مضيق جبل طارق إلي غرناطة ، ثم عاد مرة ثانية إلي مدينة فاس ، وألقي فيها عصا التسيار (بتعبير مؤرخينا القدامي ) ·· رحلة أفريقية وعاوده الحنين مرة أخري إلي السفر ، فغادر وطنه إلي السودان ومر بمالي وزائير وغيرها حتي إذا ما انتهي من التجوال عاد إلي فاس مرة أخري ·· وقد عاني ابن بطوطه في رحلاته كثيراً من الصعاب والمشقات وأصيب ببعض الأمراض وفي ذلك يقول في الصفحات الأولي من كتابه عن رحلاته : (وتجردنا للسير ، وواصلنا الجد ، وأصابتني الحمي ، فكنت أشد نفسي بعمامة فوق السرج خوف السقوط بسبب الضعف) · كان ابن بطوطه شديد الحساسية ، وكان دائم الشعور بالانقباض والحزن لوحدته القاسية ، ولكنها كانت باختياره ، ويقول في مقدمة رحلته أنه ترك والديه ، فتحمل لبعدهما وصبر ، كما لقي من الفراق المر نصبا ·· وعندما علم بوفاة والدته في أثناء غيبته في رحلته الأولي تملكه الحزن ، واستبد به الأسي ، وانكفأ علي قبرها يبكيها بحرقة وحسرة ·· وقد دون رحلاته في كتاب أسماه (تحفة النظار في غرائب الأمصار ، وعجائب الأسفار) فأملي فيه ما شاهده في رحلاته من البلدان وما تذكره من نوادر الأخبار ، ومن قابله من الملوك والعلماء والأولياء وأملي من ذلك فيه الخواطر والتعليقات القيمة · الرحالة الأمين وقد كشفت هذه الرحلات عن أسرار كثير من البلاد التي زارها ابن بطوطة ، إذ يعد أول من ذكر شيئاً عن استعمال ورق النقد في الصين ، وعن استخدام الفحم الحجري ، وكان صادقاً في أغلب أوصافه حتي أن المستشرقين أطقلوا عليه ( الرحالة الأمين ) ·· وأفاد ابن بطوطة علم الجغرافيا بما ذكره من أوصاف للبيئة الطبيعية والتضاريس ، والجغرافية البشرية ، والسكان والعادات والتقاليد أفادت علم الاجتماع والانثربولوجيا ( علم الإنسان ) في العصر الحديث · قال في وصف طبائع المصريين : (وأهل مصر ذوو طرب وسرور ولهو ، شاهدت بها مرة فُرجة · بسبب براء (شفاء ) الملك الناصر من كسر أصاب يده ، فزين كل أهل السوق سوقهم ، وعلقوا بحوانيتهم ( محلاتهم ) الحلل والحلي ، وثياب الحرير وبقوا علي ذلك أياماً ·· وفي وصف الإسكندرية وعجائبها قال : ومن غرائب الإسكندرية عمود الرخام الهائل الذي يخارجها المسمي (بعمود السواري) ، وهو متوسط في غابة نخل ·· وهو قطعة واحدة محكمة النحت وقد أقيم علي قواعد حجارة مربعة ، أمثال الدكاكين العظيمة ، ولايعرف كيفية وضعه هنالك ولايتحقق من وضعه) · ووصف ابن بطوطه عادات السوريين في مدينة دمشق في شهر رمضان المبارك فقال : من فضائل أهل دمشق أنه لا يفطر أحد منهم في ليالي رمضان وحده البته ، فمن كان من الأمراء والقضاه ، الكبراء فانه يدعو أصحابه الفقراء يفطرون عنده ، ومن كان من التجار وكبار السوقة صنع مثل ذلك ، ومن كان من الضعفاء والبادية فأنهم يجتمعون كل ليلة في دار أحدهم أو في مسجد ويأتي كل أحد بما عنده فيفطرون جميعاً هنود يحترقون ووصف ابن بطوطة بعض عادات أهل الهند مثل إحراق النساء ، فقال: رأيت الناس يهرعون من عسكرنا ومعهم بعض أصحابنا فسألتهم : ما الخبر فأخبروني بأن أحد الهنود مات ، وأشعلت النار لحرقه ، وامرأته تحرق نفسها معه ، ولما احترقا جاء أصحابي وأخبروني أنها عانقت الميت حتي احترقت معه ، ثم اتفق بعد ذلك أن كنت في مدينة قتل منها سبعة من الهنود ، وكان لثلاثة منهم زوجات فاتفقن علي إحراق أنفسهن. وإحراق المرأة بعد زوجها عندهم أمر مرغوب واجب ، ولكن من أحرقت نفسها بعد زوجها أحرز أهل بيتها شرفاً بذلك ، ونسبوا إلي الوفاء ومن لم تحرق نفسها لبست الثياب الخشنة ، وأقامت عند أهلها بائسة لعدم وفائها ، ولكنها لا تكره علي إحراق نفسها ·· وعلي هذا المنوال يمضي ابن بطوطه وصف رحلاته الشيقة ، علي أن رحلاته ظلت موضع التفات كثير من المستشرقين والباحثين فترة طويلة وأشاد بها الكثير من الرحالة الغربيين لسبقها · وفي عام 1387 م توفي ابن بطوطه فی مراكش مسقط رأسه عن عمر يناهز الرابعة والسعبين ·