شروقيون
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
![]() |
إن حيادية وصحة هذا المقال مختلف عليهما. رجاء طالع النقاش حول الخلاف في صفحة النقاش. |
الشروقيون بمعنى الشرقيون او النازحون من الشرق ، وهي لفظة اطلقها سكان العراق على الوافدين والمهاجرين من الاقوام المهاجرون إلى جنوب العراق والاتون من الولايات والاقاليم الواقعة شرق العراق والتي تقطنها الاعراق البلوشية واللورستانية والاوردية-الهندية والفارسية, وهي اربعة موجات في القرن السابع عشر ، وحتى منتتصف القرن العشرين .واصل هذه اللفظة ورت على لسان العديد من الساسة والمؤرخين العراقيين ، اصطلاحا للاقوام المهاجرة من شرق العراق كرئيسي الوزراء ناجي شوكت وصالح جبر وجعفر الخياط وطه الهاشمي في المصادر المشار اليها في المراجع ، كما اطلقها بكثرة سكان مدينة كربلاء العراقية للمهاجرين الذين استوطنوا شرق كربلاء في وحدات سكنية فقيرة. وانتشرت هذه التسمية إلى المهاجرين الذين استوطنوا خلف سدة ناظم باشا في بغداد وكانت اولى الوحدات السكنية شرق السدة قرب الباب الشرقي مما عزز هذه التسمية لدى سكان بغداد.
ان اغلب هؤلاء المهاجرين قد انخرطوا في العشائر العراقية التي التجئوا بصفة فلاحين من خلال نظام الدخالة القبلي الذي يجيز للدخيل في اي عشيرة من تغيير اسمه وحمل لقب العشيرة.
وخلال الفترة الطويلة لهجرة الاباء والاجداد انخرط هؤلاء المهاجرين مع النسيج الاجتماعي للعراق واصبحوا جزءً منه . واضحوا مكونا من مكوناته الاجتماعية على الرغم من الخصوصية الاجتماعية لهذه الشريحة ، وهنالك الكثير من هؤلاء المهاجرين قد انتمى للعراق واخلص بالانتماء له او لعروبته كحال الكثير من الشعراء والادباء والفنانين والسياسيين والضباط والجنود ، وتزخر المكتبة العراقية على كم كبير من اعمالهم.
فهرست |
[تحرير] المهاجرون والدولة الاستيطانية
تعتمد الكثير من الدول الاستيطانية مبدأ الهجرة كعامل لرفد البنية الاجتماعية بالاعراق واللاثنيات المختلفة ، كما هو الحال مع دول كاميركا الشمالية واميركا اللاتينية واستراليا ونيوزيلاندا وغيرها من العوالم الجديدة التي تم اكتشافها بعد عصر النهضة في اوروبا وعلى اثر بروز ظاهرة الاستعمار او مايسمى تاريخيا بالعصر الكولونيالي الذي تمثل باحتلال الاراضي والقارات الجديدة وضمها لممالك مستكشفيها ، وقد استمرت موجات الهجرة لهذه الصقاع الجديدة حتى يومنا هذا ولكن بمعايير مختلفة منها شموليتها لاستقطاب المواطنين من كافة الدول تفضيلها للكوادر المثقفة والعلمية وتفضيلها للكوادر الراسمالية والاستثمارية وتفضيلها للكوادر من اعراق بعينها كالانجلو- ساكسون في الولايات المتحدة وكندا واستراليا ونيوزيلاندا والاعراق اللتينية في المكسيك واميركا اللاتينية وهاييتي وارخبيل البحر الكاريبي . كما حددت القوانين في تلك الدول على مبدأ ضرورة الانتماء والولاء للبلد الجديد ، الامر الذي وصل إلى فرض شروط ومحددات منها عدم السفر من البلد لفترات جاوزت في بعض الدول الاربعة سنوات لحين منح الجنسية ، وضرورة تأهيلهم لتطلبات الحياة في دول المهجر كانخراطهم في دورات الزامية لتعلم اللغة وفروض معينة في تعلم تاريخ بلد المهجر وارثه الوطني والثقافي ووصل الامر ببعض الدول إلى ضرورة انجاز المهاجر لعمل وطني لبلد المهجر الجديد يثبت ولاءه وانتماءه لبلد المهجر الجديد, من قبيل الانخراط في الخدمة العسكرية او التطوع المؤقت في العمليات العسكرية التي تخوضها الدول محلية واقليمية او دولية ، او كتابة المقالات والبحوث والمؤلفات عن البلد الجديد .
[تحرير] الاصول التاريخية
تعرضت طبيعة ونشأة وتركيب المجتمع العراقي الحديث إلى هزات كبيرة ادت من جهة إلى نزوح العديد من مواطني العراق واستقبال مهاجرين وعلى شكل موجات سكانية ، خصوصا بعد عهد اسماعيل الصفوي الذي حكم ايران واحتل العراق وبلوشستان وكذلك في عهد حكم المماليك اضافة إلى فيضانات دجلة والفرات وموجات امراض الطاعون التي اما فتكت باعداد هائلة من المواطنين الذين كانوا يقطنون الولايات العراقية على عهد العثمانيين ، او ادت إلى هجرة اعداد غفيرة من مواطني الشعب العراقي إلى الولايات والامارات العثمانية شرق نجد والخليج والى مصر والشام "سوريا ولبنان والاردن وفلسطين" . ولازالت الكثير من العوائل من الاصول العراقية محافظة على القابها العراقية هناك. وترجع اصول المهاجرين إلى العراق من بعض الاكراد والاثوريين والنساطرة والارمن عندما جاءت لاجئة للعراق مع الكثير من العوائل المسيحيةوالكردية "من غير الاكراد الموجودين فعلا في الجبال الشمالية والشمالية الشرقية للعراق" التي كانت تقطن جنوب شرق تركيا وجبال شمال غرب ايران بقرار من عصبة الأمم بسبب الاذى الذي عانت منه تلك العوائل اثناء العمليات العسكرية للحرب العالمية الاولى فتم توطينهم في شمال العراق وفي القرى المسيحية المحيطة بالموصل .
اما المهاجرون من الاصول الاتون من الشرق إلى جنوب العراق ، والاهوار وهي عبارة عن مسطحات مائية ضحلة ، وهم اربعة موجات ابتدأت منذ الحكم اسماعيل الصفوي الذي حكم ايران واحتل بلوشستان واجزاء من العراق في القرن السابع عشر ، واخرها على عهد شاه ايران محمد رضا بهلوي في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين وباساليب الهجرات البرية والتسلل عبر الزوراق للكويت والعراق . فقد عرف اسماعيل الصفوي باضطهاده لخصومه من الطوائف الدينية وشيوخ العشائر مما دعا العديد من العوائل المتحدرة من تلك الاصول من المناطق الايرانية مثل لورستان والاهواز وبلوشستان وجنوب غرب باكستان وشمال غرب الهند وقسم منهم هاجروا بسبب اضطهاد الصفويين لهم وسكنوا الاهوار العراقية كعبيد لدى الاقطاع. و الموجة الثانية من هجرة الشروقيين للعراق والخليج العربي فتمت في منتصف القرن التاسع عشر ابان حكم المماليك للعراق ، اما الموجة الثالثة للهجرة فتمت مع جيش الليفي اثناء احتلال الجنرال البريطاني مود للعراق حيث ارسلتهم حكومة الهند الشرقية البريطانية التي كانت تحكم الهند انذاك ، حيث اتوا من شمال الهند - باكستان حاليا وبقوا هم وعوائلهم في مناطق شمال العمارة وجنوب الكوت وشرق الناصرية وجنوب كربلاء . اما الهجرة الرابعة فكانت عبارة عن موجات متقطعة للعوائل المهاجرة التي سبق وان استوطنت الاهواز قادمة من بلوشستان والهند ولورستان مابين الحرب العالمية الثانية ومنتصف عقد الستينيات للقرن العشرين في العراق ومنتصف السبعينيات منه في الخليج العربي .
ومن الجدير ذكره هنا ، ان هؤلاء المهاجرين قد انخرطوا في العشائر العراقية التي شغلتهم فلاحين لديها من خلال نظام الدخالة القبلي الذي يجيز للدخيل في اي عشيرة من تغيير اسمه وحمل لقب العشيرة.
وكذلك من المهم الاشارة اليه بانه ليست كل العائلات المهاجرة الشيعية هم مما يسمى ب "الشروقيين" فهنالك العائلات من اصول لبنانية وايرانية ميسورة او مثقفة دينيا وفدت باعداد محدودة للعراق لاسباب دينية لتلقي المعرفة في المراجع الدينية او تبوأت مراكز دينية في تلك المراجع.
كما هنالك افراد أتوا فرادى او مع عائلاتهم كتجار او كزوار للمراقد الدينية واستوطنوا في المدن المقدسة كالنجف وكربلاء والكاظمية في بغداد . وتميزت هذه الشريحة بانها كانت تمتلك الوثائق حيث أتمت معاملات التجنس الاصولية بصرف النظر عن انتمائهم للعراق او بلدانهم الاصلية التي وفدوا منها. فلا يعد هؤلاء من "الشروقيين " البدون والذين يتميزون بعدم تيسر وثائق ثبوتية عند هجرتهم او عو عائلاتهم الاصلية للعراق ، اصل بلد هجرتهم من شرق العراق من بلوشستان ولورستان والهند وباكستان إلى الاهواز ثم العراق والخليج او العراق والخليج مباشرة ، وضمن موجات الهجرة الاربعة المعروفة والمشار اليها. يتميزون بلباس خاص للنساء والرجال وقد تغيير تدريجيا مع الاجيال الاحقة شبيه بالباس الهندي ، كما يتميزون بلهجة او لكنه خاصة مع تعلمهم العربية . كما يتميزون بالفقروالبعد عن الثقافة والتمدن ، وبانخراطهم في الزراعة ولاحقا في البناء كما يتميزون بعادات غريبة باعطاء ابنائهم اسماء مهينة مثل "مطشر" اي مبعثر و"جلوب" مصغر كلب و"سلبوح" اي دودة او استخدام اسماء التصغير على وزن فعيّل او افعيل ، مثل " مجّين " بمعنى مكان و" ولييد" بمعنى ولد او التصغير الجمعي باستخدام الالف والتاء ، مثل "نفطات" اي كمية محددة من النفط . وكذلك يتميزون ببعض المظاهر العرقية التي يصفها بعض علماء الاعراق والبايولوجيا والمشار اليهم في المراجع على النحو التالي ، انتمائهم للعرق الاوردي " وليس السامي العربي" حيث يتميزون بما يلي : قصر او القامة الوسط ، السمرة الداكنة للبشرة المائلة للصفرة ، وعدم وجود إلية الرجل وتسطح القدم ، وجحوظ قليل في العين الا ان المظاهر العرقية هذه قد ذابت بسبب المصاهرات على مر الفترة الطويلة لوجودهم في العراق والخليج ، وكذلك بسبب مزاوجة الجنود البريطانيين للكثير من النساء الشروقيات في مناطق اهوار العمارة والناصرية ، اثناء حملة الجنرال مود لاحتلال العراق ابان الحرب العالمية الاولى وترك الجنود البريطانيين لزوجاتهم مع عائلاتها بعد رحيل القوات البريطانية .
وفي منتصف الاربعينيات من القرن العشرين ساعد رئيس الوزراء في الحكم الملكي صالح جبر على هجرة الكثير من هؤلاء الشروقيين الذين لايحملون اي مستندات او جنسيات او بطاقات تعريف شخصية ، إلى اطراف بغداد وكان اغلبية سكان هذه المناطق من المهاجرين من ارياف الجنوب لاسباب شتى اما هربا من ظلم الاقطاع او مقتا للحياة الزراعية او هربا من الثأر القبلي او هربا من العدالة .
وكان نصيب الاسد منهم في جانب الرصافة واستوطنوا ما يعرف بمنطقة خلف السدة وهي سد ترابي بارتفاع 10 - 12 متر بناها والي بغداد ناظم باشا مطلع القرن العشرين شرق بغداد حفاظا على بغداد من فيضانات نهري دجلة وديالى وذلك ابتداءً من تخوم ضاحية الاعظمية شمال بغداد وممتدةً حتى منطقة الرستمية على نهر ديالى جنوب بغداد "واصبح هذا السد في الثمانينيات من القرن العشرين ، الخط السريع المسمى جسر محمد القسم " . ففي عهد صالح جبر بنت هذه الاقوام المهاجرة البيوت البسيطة العشوائية دون موافقات اصولية ، من الطين واللبن وذلك على طول السدة . وفي عهد رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم الذي منحهم الجنسية العراقية اسكنهم في مجمعات سكنية حول بغداد وحول بعض المدن الرئيسية الاخرى للعراق ، وعلى حساب السكان الاصليين لبغداد وتلك المدن ، حيث ادى ذلك إلى تغيير البنية الديموغرافية لبغداد بتطويقها باحياء سكنية من الشروقيين حيث انشأت المجمعات السكنية من جانب الرصافة: حي الامين والفضيلية والعبيدي والشماعية والثورة والحسينية.ومن الكرخ: ابو دشير والدباش والشعلة والحرية والاسكان ودور السود وغيرها .
[تحرير] المهاجرون والشيعة العرب في جنوب العراق
على الرغم من انتماء هؤلاء المهاجرين للمذهب الشيعي الجعفري الا انه من المؤكد هنالك بون شاسع بين هؤلاء المهاجرون والشيعة العرب في جنوب العراق من ناحية الانحدار العرقي والاثني للتكوين الاجتماعي لكلا الشريحتين اضافة للعادات والتقاليد وطراز المعيشة, فالتكوين الاجتماعي لسكان الجنوب العراقي قبل موجات النازحين والمهاجرين الاولى إلى ارض العراق والخليج على عهد دولة اسماعيل الصفوي في القرن السابع عشر والهجرة الثانية في عهد المماليك منتصف القرن التاسع عشر, وقبل منحهم الجنسية وانتشارهم وتغلغلهم في بنية المجتمع العراقي بعد اعلان الجمهورية منتصف القرن العشرين ، فيتكون سكان الجنوب من خليط من العشائر العربية الشيعية والسنية المتحدرة من القبائل القحطانية او العدنانية ، كال فرعون والعوادي والياسري والجبور- البو ثامر والدليم- البوعلوان وتميم –وسط وشرق دجلة ، والسنية كأل السعدون والهاشمي والبو ظاهر. وكان تمركز الشيعة العرب في غلبيتهم في ما اصطلح عليه الفرات الاوسط – الديوانية والحلة وكربلاء والنجف والمنتفك - الناصرية والسماوة والقرنة والبصرة والامارة " العمارة" والكوت وفي بغداد القديمة في الكرادة مع خليط من السنة والمسيحيين والكاظمية والشواكة مع خليط من السنة. اما السنة الذين كانوا يقطنون في الجنوب فيتمركزون في الحلة – خليط من الشيعة والسنة المنتفك – الناصرية والسماوة – خليط من الشيعة والسنة ، البصرة في منطقتي الزبير وابو الخصيب واجزاء من المعقل ، والكوت – وهي ايضا خليط من الشيعة والسنة. ويرجع اصل تاريخ الشيعة العرب في العراق منذ بداية الدولة الاموية ومبايعة اهل الكوفة للامام علي ابن ابي طالب ونجله الامام الحسين ابن علي ومعركة كربلاء حيث يتواجد مؤيدو الامامين من الذين شايعوهم وناصروهم. اما العلاقة بين شيعة عرب الجنوب والشروقيين في تلك الفترة فهي علاقة السيد او الحر بالعبد والملاك او الاقطاعي بالفلاح الاجير. حيث كان الشيعة العرب يمثلون العشائر والاقطاعيات المالكة للاراضي الزراعية من الشيوخ وعوائلهم وعمومتهم وانسابهم ، اما هؤلاء المهاجرون فيمثلون طبقة الشغيلة الفلاحية لدى شيوخ العشائر والعبيد الرق لدى الاقطاع.
ضرورات الاندماج في مجتمع المهجر العراق وكون العراق من البلادالتي استقبلت المهاجرين ، فانهذه البلدان غير استيطانية لم يتم استكشافها من ضمن العوالم والقارات المجهولة بل تمتلك حضارة من اعرق حضارات العالم امتدت لستة الاف عام في عمق التاريخ ولها امتدادات عربية كواحدة من الولايات والامارات العربية التي كانت تابعة للدولة العثمانية. فعندما وفدت الهجرات الاولى من المهاجرين في جنوبه وحتى الاعراق والديانات الاخرى في شمال العراق ، لم يكن معيار الوطنية والانتماء والولاء للبلد هو الهاجس والمعيار الذي حدد شروط الهجرة ، بسبب وجود الدولة العثمانية واحتلال بلاد فارس للعراق في عهد اسماعيل الصفوي والتي زامنت الهجرات الاولى. وفي الهجرات المتأخرة في مطلع القرن العشرين والأربعينيات ثم الستينيات والتي كانت تفد خلالها موجات من العوائل المهاجرة الشروقية عبر منافذ لها في مناطق ديزفول وقصر شيرين عن طريق البر ومن امارة المحمرة " الاحواز او الاهواز حاليا " ثم انطلقت هذه الاقوام في هجرة ثانية لاهوار العراق من الموجات التي سبق وان ارتحلت من لورستان جنوب ايران ومن ولايات شمال الهند وبلوشستان والولايات الجنوبية لافغانستان والمتاخمة لبلوشستان الواقعة في جنوب باكستان "الهند سابقا قبل استقلال باكستان" والتي تدين بالديانة الاسلامية وعلى المذهب الشيعي الجعفري .
اما امارات الخليج العربي فقد استمرت الهجرات اليها في السبعينيات من القرن العشرين إلى عبر الممرات البحرية من خلال زوارق المتسللين المشهورة والتي كانت تعلن عنها وكالات الانباء عن اكتشاف يومي لتلك القوارب المهاجرة إلى الكويت وقطر والبحرين والامارات العربية المتحدة وشرق المملكة العربية السعودية.
فكل تلك الهجرات لم تحدد بمعايير الانتماء الوطني والولاء للعراق او دول الخليج بقدر انكفائها على نفسها محافظة إلى حد ما بثقافتها المحلية وبعاداتها وتقاليدها التي جائت بها معها. ومن ضمن تلك الثقافات طريقة بناء البوت الطينية التي نجدها مطابقة إلى حد بعيد جدا مع البيوت ومايسمى بالطوفة في شمال الهند وبلوشستان والولايات الجنوبية لافغانستان. اما في مجال اللغة فهنالك ماسيمى في علم الصوت اللغوي بالتنغيم Intonation وهو طريقة تلحين الكلمة عند تلفظها داخل الجملة فنجد التقارب الكبير بين اللغات الهندية و البلوشية واللورية والفارسية كون هذه اللغات تنتمي إلى مرجعية لغوية واحدة وعي عائلة الهندو-اوربية وهي بعيدة من حيث علم النحو والصرف والصوت من اللغة العربية التي تنتمي للعلئلة السامية ومن حيث علم الانتيمولوجي وهو علم جذر الكلمات ومصدر تحدرها نجد هنالك تداخل لبعض المفردات المستخدمة من قبل الشروقيين ذات الاصول الهندية او الايرانية "الفارسية واللورية" مثل "كواك" و "دش" و"جا", وخير دليل هو الكلمة الاستطرادية "جا cha جه)أو بصورة أصح (تشه), وهي تعني, إذن، وأصل هذا المصطلح هو الكلمة الآرامية "كا" والتي تعطي نفس المعنى وتستخدم بنفس الطريقة خاصة قبل الأفعال وهي كلمة مستخدمة إلى حد الآن في القصائد الآرامية. في حين يستخدم العراقيون العرب في بغداد كلمة رديفة وهي "لعد" والمتحدرة من الفعل "عاد" وفي الوسط والغرب وشمال الوسط يستخدم العراقيون العرب كلمة "عجل" المتحدرة من " اجل" بمعنى نعم وفي العشائر العربية في الجنوب بضمنها الفرات الاوسط والبصرة القديمة كانت تستخدم كلمة "حته" و"ولعد" المتحدرة من "حتى" بمعنى نعم او اذاً ثم شاع استخدام "جا" لدى عرب الجنوب بسبب الاختلاط مع الشروقيين وانتشار مصطلحاتهم وطريقة لفظهم. وكذلك نقل اسماء المدن من مصادرها إلى العراق مثل مدينة جوادر الساحلية في بلوشستان – الهندية "باكستان الان" والتي سمي بها حي سكني في قرية الثورة "مدينة الصدر الان" ولا صلة بين الجوادر وكلمة "جادر" الذي يستخدم بتغليف البضائع وكذلك مدينة "كاولي" في الهند والتي تحدر الكثير من الوافدين الغجر منها إلى العراق تلك الكلمة المستخمة إلى يومنا هذا. ومن العوامل الثقافية الوافدة الاخرى ، هو فن تلك الاقوام باعتبار الفن والادب يشكلان هوية الامة وعنوان انتمائها ، فبعض الاطوار الغنائية الريفية كالابوذية المحمداوي نجدها تغنى إلى يومنا هذا في مدن الجوادر وكيتا وكلات واورمارا في الجزء الباكستاني من بلوشستان وحاسك في الجزء الايراني منها. كما نجد في الادب الشروقي بعض المواويل القريبة من اللحن الهندي والفارسي الخليطة باللهجة المحلية العربية ، وحسب منشأ ذلك الوافد وامتداد عرقه. كما يستخدم الكثير من الشروقيين الات موسيقية خاصة بهم بعيدة عن الالات العربية مقاماتها وسالمها الموسيقي ويصنعها بشكل تحاكي شكل ولحن الالات والالحان البلوشية والورستانية. كما ان نمط الغناء مفعم بالحزن والشكوى التي تعبر عن الارث الطويل من المعاناه ابتداءً من اضطهاد اسماعيل الصفوي الذي كان يتفنن بتعذيب وقتل معارضيه البلوش واللور حيث كان يطلق شيخ القبائل المعارضة له من المدافع . ثم رحلة المعاناة الطويلة عبر الصحراء الايرانية التي كان يلقى الكثيرين منهم حتفه بسبب الانهاك او الجوع والعطش . وقد انعكس ذلك على اهازيجهم واشعارهم الشعبية ومواوياهم التي تحولت إلى ابوذيات مغناة حيث يذكر الفنان كاظم الساهر بان اغنية " عبرت الشط على مودك " مقتبسة من احدى الاهازيج الشروقية اثناء الرحلة الشاقة إلى العراق حيث تتحدث احدى المهاجرات عن معاناتها وهي تعبر احد الانهار للحاق بقبيلتها التي فقدت الكثير من افرادها بسبب موجات النهر وتياراته المميته وهي تعبر لانقاذ وليدها الرضيع الذي حملته على رأسها . علاوة على تسخير شيوخ القبائل لهم كعبيد رق في جنوب العراق وما عانوه من اسى وظلم على اسيادهم الاقطاعيين. وهذا ما دعاهم إلى الهرب من الريف إلى مناطق حول بغداد والمدن الرئيسية الاخرى في تجمعات سكنية معدمة وعشوائية وغير نظامية واغلبهم استوطن في منطقة وراء السدة ، المشار اليها اعلاه.
[تحرير] عبد الكريم قاسم والانتشارالسكاني للمهاجرين
ولم يتنفس هؤلاء المهاجرون الصعداء الا بعد قيام الجمهورية في عهد رئيس الوزراء الاسبق عبد الكريم قاسم ذلك اليتيم الذي ينتمي إلى اب عربي سني لم يره بسبب وفاته ، وام تتحدر من الاصول المهاجرة, اشرفت مع اخواله على تربيته . حيث اصدر قرارات منحهم الجنسية وشهادة الجنسية العراقية اضافة إلى اصداره ل قانون الاصلاح الزراعي الذي بموجبه صادر الاراضي من المالكين من شيوخ العشائر ومنحها للفلاحين والذين يمثل المهاجرين ثمانين بالمائة منهم . ثم مالبث ان وزع عيهم الدور والاراضي السكنية حول بغداد وباقي المدن الكبرى ومنحهم الوظائف الحكومية واصدر التشريعات الخاصة بتسهيل انخراطهم في الجيش كمراتب "جنود وضباط صف ونواب ضباط" ومنحهم الامتيازات العسكرية كالدور السكنية الخاصة بالمراتب المتطوعين في مناطق اسكان شرقي بغداد وغيرها ، وهذه تعد النقلة الكبيرة والمهمة في حياة هذه الفئة المهاجرة . لذا تعتبر شريحة المهاجرين عبد الكريم قاسم القائد الوحيد الذي انقذها فهم دائمي التمجيد به لحد المبالغة في المدح في وصفه إلى حد اطلاق الاحاجي والخرافات التي كانت تنشر في الصحافة يومذاك فبعضهم ادعى انه رأى صورة "الزعيم" على بيضة دجاجة واخرون نشروا بانهم رأوا صورته بالمرقب متجلية على سطح القمر . وبقيت هذه الاحاجي يتداولها البسطاء من الشروقيين ممن استفادوا من حكمه وبالغ بها الاخرون منهم من المثقفين إلى حد الاطراء واسناد احداث غير واقعية لسيرة رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم .
وعلى اثر هذه الاجراءات المنصفة لهؤلاء المهاجرون والاجراءات الاخرى الخاصة بقانون الاصلاح الزراعي ، وجد ابناء العشائر العربية في الجنوب انفسهم قد صودرت منهم اراضيهم الزراعية ومنحت للمهاجرين الامر الذي ادى إلى تحرر هذه الشريحة من تحكم الشيوخ وبالتالي منحها حرية اتخاذ القرار بالهجرة إلى المناطق الاخرى او المدن بعد ان كانوا محصورين في الاراضي الزراعية والاهوار. وهذا ما ادى إلى انتشارهم الواسع في جنوب العراق ريفه ومدنه باعتباهم يشكلون اعدادا كبيرة . وبدأت عاداتهم وتقاليدهم ولهجتهم تتغلغل في حياة المجتمع العراقي تدريجيا بعد العهد الجمهوري.
[تحرير] أزمة المهاجرين
ان الازمة التي يعاني منها بعض هؤلاء المهاجرون بعدم اندماجهم الكامل في المجتمع العراقي مردها معاناتهم من الاضطهاد على مر تلك العصور فاصبح لهم تجمعاتهم التي تحولت إلى مجتمع خاص ذاب فيه المهاجر من الاصل البلوشي مع الاخر من الاصل اللوري او الفارسي او الهندي ، وجمعتهم ثقافة واحدة هي ثقافة المهاجر "الشروقي". الا اننا نجد بعد اجراءات عبد الكريم قاسم بمنحهم الجنسية والاراضي الزراعية والبيوت السكنية والامتيازات الاخرى شجعت بعض هذه المجموعات كشرائحة اجتماعية لها خصوصيتها وثقافتها وعاداتها وتقاليدها ، بالاندماج المحدود في المجتمع العراقي ، فبسبب نظرة الناس لهم في سكان الجنوب من القبائل العربية "الشيعية" وخصوصا الفرات الوسط ، على انهم شريحة هامشية من المهاجرين غير الشرعيين او المتسللين تميزت بفقرها وتخلفها وبعدها عن الحضارة وأنفلاتها على القانون على الرغم من انتمائها المتعصب للمذهب الشيعي. ادت هذه النظرة إلى تهميش هذه الشريحة وعدم تقبل اندماجها في المجتمع في الجنوب الا بعد عقود طويلة وبع الانفجار السكاني هؤلاء المهاجرون بعد منحهم الجنسية والاراضي والدور السكنية فخرجت من الاهوار وتجمعاتها السكانية المعزولة نحو مراكز المدن ، وبسبب النمو السكاني الكبير لهذه الشريحة احتلت او اجتاحت المدن الكبرى في العراق بالهجرة من الريف إلى بغداد ومراكز المدن .
ومن خلال سياسات ارضاء هذه الشريحة التي مارستها الانظمة المتعاقبة كتحسين الحالة الاجتماعية لهذه الشريحة وتقديم الخدمات التعليمية والطبية وتحسين الخدمات العامة والبنية التحتية لاحيائهم السكنية شجع الكثير من افراد هذه الشريحة بالاندماج في المجتمع من خلال الانخراط بالتنظيمات والاحزاب الحاكمة وتبوء مناصب عليا والاهتمام بالشعر والادب والمصاهرة مع ابناء المناطق العراقية للسكان العرب الاصليين من كلا الطائقتين الشيعية والسنية بعد مرور زمن طويل على هجرة ابائهم وتناسي المجتمع لاصولهم وتعالي الصيحات بوحدة مكونات المجتمع وطوائفه واعراقه ، حيث غدا من المعيب اجتماعيا البحث عن اصل وانتماء الشخص في فترة السبعينيات والثمانينيات. ورغم كل ذلك نجد السمة العامة لغالبة تلك الشريحة الشروقية المتحدرة من الاقوام المهاجرة تغليب انتمائها الطائفي والمذهبي على الانتماء للعراق العربي وعدم الاخلاص الكامل لتطلعات العراق واهدافة ومشكلاته كامتداد لعالمه العربي. فنجد بعض هؤلاء المهاجرون من يمتعض من اهتمام الانظمة المتعاقبة بالقضية الفلسطينية والتهجم على الدول العربية باعتبارها مصدرة لازمات العراق والاستهزاء بكل ما هو قومي عربي كالتنظيمات والاحزاب القومية وفكرة الوحدة العربية والشخصيات الوحدوية والعروبية فتجدهم دائمي التهجم على ساطع الحصري و رشيد عالي الكيلاني وعبد السلام عارف وخير الدين حسيب واية الله احمد البغدادي وسماحة السيد جواد الخالصي وغيرهم باعتبارها شخصيات ايدت الوحدة العربية والانتماء العربي. لا بل وصلت العنصرية والغلو الطائفي ببعض المهاجرين إلى حد المعاداة المعلنة عبر وسائل الاعلام ومواقع الانترنت للمدن العراقية ذات الانحدار العربي والسني ، وكذلك اعتماد تزوير الحقائق والمغالطات التاريخية عن اصولهم وانتمائهم العرقي دون ذكر وثائق او اسانيد. ومن الشخصيات المعروفة التي برزت في المجتمع والتي لم تكن تمتلك وثائق الجنسية مدير الامن العام 1969 - 1973 اللواء ناظم كزار والذي كان يشغل موقع عضو قيادة قومية في حزب البعث ، والذي لم يكن يمتلك الجنسية العراقية واي وثيقة حتى اواخر الخمسينيات من القرن العشرين ، حيث توسط له مدير مكتب عبد الكريم قاسم لمنحه الجنيسة العراقية مع افراد عائلته حيث تطوع ضابطاً في سلك الشرطة .
[تحرير] مراجع
طبيعه المجتمع العراقي . د. علي الوردي.
لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث . د. علي الوردي.
العراق الحديث ، للمؤرخ جعفر الخياط. 1932 .
كتاب التجمعات البشرية في العراق . تأليف الفريق طه الهاشمي 1936 .
عدد من البحوث للدكتور علي الوردي مودعة في مكتبة قسم علم الاجتماع في كلية الاداب - جامعة بغداد.
عدد من المقالات والمقابلات الصحفية والاذاعية والتلفزيونية للدكتور علي الوردي.
Sabah Al-Zubeidi Web Site فيدرالية الجنوب .. حلم " دولة الشراقوة، علي ثويني.(هذا المصدر يبدو و كأنه نسخة طبق الأصل للمقالة او على الأقل بعض أجزاء المقالة و من ثم ان الموقع يحتوي على كلمات طائفية لا يجب اعتمادها المصدر الذي يذكرها و ذلك لحفظ شفافية و مصداقية المصدر)
مقابلة مع عباس بن الشيخ محمد العريبي.
القبائل العراقية الشيخ يونس السامرائي. 1986.