تصنيف:تاريخ ليبيا

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

المجاهد الشهيد الهادى محمد على محمد كعبار

من أعيان غريان وسادتها، وفى مقدمة النابهين والمثقفين فيها، وأصله من كورغلية الشراكسة من الزاوية. ولد سنة 1294 هجريه. تعلم فى المدارس التركية، وتقلب فى وظائف الحكومة، وقد ورث ما كان فيه من نعمة وشهرة عن أصول كانوا فى مثل ذلك، وكان سريع الملاحظة قوي الذاكرة بّين الحجة، معتداً برأيه إلى أبعد حد.

ولما وقعت الحرب الطرابلسيةسنة 1911م، كان فى مقدمة الأعيان الذين دعوا إلى الجهاد وقاموا به، وكان معدوداً من طبقة المفكرين ممن يحترم الناس آراءهم.

ولما تولى نشأت باشا إدارة الحرب لمقاومة الطليان عيّنه قائمقاماً على غريان، واختير عضواً فى هيئة المفاوضة بعد صلح أوشي سنة 1912 م، وعضواً فى مفاوضات صلح بنيادم سنة 1919 م.

ولو تتبعنا أدوار القضية الطرابلسية كلها من سنة 1911 م إلى سنة 1922 م، لا نجد مجالاً من مجالات القول أو العمل إلا والهادى كعبار يشغل فيه مركزاُ يليق بمقدرته ومكانته الاجتماعية الممتازة.

وفى سنة 1922 م كانت الحكومة الوطنية قد أدركتها الشيخوخة ونفد ماعندها من الأسلحة والأقوات، وجلا سكان السواحل إلى منطقة الجبل، وبسبب هذه العوامل تقدم الطليان إلى ناحية الجبل وضعفت المقاومة، فتقدم الهادى إلى رئيس الحكومة إذ ذاك، وكان احمد بك المريض، بإدخال بعض الإصلاحات على الحالة وجمع المجاهدين، وتقوية مواقع الضعف فى صفوف المجاهدين، وألحّ فى ذلك، ولكنّ الأمور وصلت إلى حال غير قابلة للإصلاح.

وكان من رأى الهادى أن يُفرض عدد من المجاهدين على البلاد المحيطة بغريان والتابعة لنفود الهيئة، وفى مقدمتها ترهونة وقد تعهد الهادى على نفسه أن يأتى بمجاهدين من غريان يساوون عدد مجاهدى ترهونة مهما كثر عددهم ومايتجمع من المجاهدين يكون منهم جيش على طول خط الجبل تُوكل إليه مهمة الدفاع، ووافقت الهيئة على ذلك، وكان الطليان يبذلون كل جهودهم للاتصال بالجبل عن طريق الوطية، وحصل فتور فى جمع المجاهدين، وألحّ الهادى فى التنفيذ نظراً لنشاط الطليان المتواصل، وقرُب الخطر من الجبل ولم تنفذ الهيئة ما وافقت عليه، وواجه الهادى أعضاء الهيئة ورئيسها بلهجة شديده، وحذرهم من الخطر المحدق بهم، ولكنهم لم يجمعوا من المجاهدين مايكفى لردالخطر الداهم، فأفهمهم بأن غريان أول بلاد معرضة للخطر وإذا لم ينفدوا ما اتفقوا عليه فسيضطر إلى مكاتبة الطليان دفعاً للخطر المحدق بغريان، فلم يبد رئيس الهيئة أى نشاط فى التنفيذ، واحتل الطليان الجبل من ناحية يفرن وأخدت طلائعه فى التقدم من ناحية العزيزية، فأقدم الهادى مرغماً على مكاتبتهم ليؤمن غريان من شرهم، وهو موقن بما فى هذا العمل من خطر على حياته.

وكنا نعتقد إذ ذاك أنه لم تبذل جهود كافية لرفع اللوم عن المسؤولين، وكانت غريان إذ ذاك هدف الجيوش الإيطالية لأنها مركز الحكومة الوطنية، فرأى الهادى فيما رآه أن يتوسل إلى الطليان كى يبقوا على غريان.

وكانوا كلما احتلوا بلاداً نهبوا وقتلوا، وفظعوا فى غير رحمة ولا شفقة، فانتهز جرازيانى من الهادى هذا التوسل، لا ليفى للهادى بمطالبه، ولكن ليفتك به ويقتله شر قتلة، فوعده بالوفاء، وأكد له أنه صادق فيما يقول، فانخدع الهادى بهذا الوعد وبقى فى غريان، واحتلتها الجيوش الإيطالية.

ولكن جرازيانى لم ينس للهادى مواقفه الوطنية، فلم يلبث أن قبض عليه، ونقل إلى مصراتة، وهناك حُوكم وحكم عليه بالإعدام فى سنة 1923 م، وقتل شنقاً عليه رحمة الله.

المصدر: جهاد الأبطال للشيخ الجليل أحمد الطاهر الزاوي رحمه الله


التصنيفات الفرعية

يوجد 7 تصنيف فرعي في هذا التصنيف.

آ

ا

ا (متابعة)

ت

ح

د

س