التراث

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

[تحرير] الثراث الإنساني

التراث هو ما خلفه الأجداد لكي يكون عبرة من الماضي نعبر بها من الحاضر إلى المستقبل. والتراث في الحضارة بمثابة الجذور في الشجرة، فكلما غاصت وتفرعت الجذور كانت الشجرة أقوى وأثبت وأقدر على مواجهة تقلبات الزمان.

ويتنوع التراث باختلاف ما تحمله الجذور إلى الشجرة. فقد تحمل إليها قُوتًها المُمَثل في الأملاح المعدنية وهو بمثابة ما دوّن من التراث فإن فقد فستصير الأمة كشجرة حبست عنها الأملاح المعدنية فستذبل حتما شيئا فشيئا ثم تضمحل.وقد تحمل الجذور الماء فتتناقله مكونات الشجرة ليشربوا منه واحدا تلو الآخر فيشرب كل سلف ويسلم الماء لخلفه شأن تواترته الأجيال أبا عن جد من تراث شفوي كالأمثال الشعبية والحكايات الهادفة وغيرهما. فمن رفض الماء وحبسه عن نفسه سيجف من محتواه القومي ثم ينقطع عن سياق حضارته فيسقط من على الشجرة إلى سطح الأرض حيث نقطة الصفر. في جانب آخر، نلاحظ جريان سلوكيات خاصة في عروق كل أمة. وهو تراث سلوكي يمثل بالهواء الذي يبث الحياة في الشجرة فهو ملتصق بها التصاق السلوك بالإنسانية كما أنها تتحرك بحركته حينما يدغدغها نسيمه العليل. أما ما خلفه الأجداد من آثار ظلت مصانة كالحصون والقصور والسيوف والدروع وغيرها مما شهد على أمجاد أمتنا العظيمة فهو بمثابة المواد العضوية التي تركتها الكائنات الأخرى في تربة بعد مذبلها أو مماتها لكي تنهل منها الشجرة إلى أن تصبح قادرة على تكوين مادتها العضوية بنفسها...

لا حضارة بدون تراث لأنها ستصير حضارة طفيلية ترتوي من تراث الآخر دون تراثها شأن الطفيليات التي تتقوت مما تنتجه الأشجار الأخرى فما إن تحبس عنها الأشجار قوتها حتى تندثر مهما بلغت طولا وعرضا. بل يجب أن تكون الحضارة أصيلة لا تبعية عندها، مستقلة تملك جذورها العميقة في جوف الأرض.

[تحرير] الثراث العربي

 هذا رأي خاص قابل للمناقشة في صفحة قالب:المناقشة

والحضارة العربية الإسلامية تملك جذورا تمكننا حتما من بناء أكبر الحضارات فهي تملك أساسين مهمين من أسس الحضارة الثلاث، فلها الجانب الروحاني المتجلي في العقيدة الإسلامية الصافية، ولها الجانب الخلقي الممثل في صفات العروبة والشهامة التي تبثها الإسلام بشريعته العدلى، لا ينقصنا سوى الجانب المادي وهو سرعان ما يتكون وينمو، فهي لعمري وشجرة الزيتون سيان : جذورها عميقة، وجذعنا صلب قويم، وغدا -إن شاء الله- تصير أغصانها متفرعة هنا وهناك، لا كشجر الصفصاف المتطاول، الذي لا جذور له ولا تاريخ فهو سريع النمو يسير الاقتلاع.

غير أني أدق ناقوس الخطر فالأمة العربية نجثث من أصولها لكي تصبح في مهب الرياح، فتصير غثاء كالزبد يجري بها السيل في المنحدرات. إن شجرة حضارتها لتفصل عن جذورها جذرا جذرا، ولقد أخذت تتمايل وتكاد تنهار، فليعد العرب ربط الجذور بالجذع والتراث بالحاضر لكي تقف حضارتهم منتصبة من جديد، فلننتق الأجود والأفيد من تراث العربي ونصونه وندونه ونفشيه في مجتمع العربي، لكي لا ينفلت من بين ظهرانيه، فيصبح هباء منثورا...