مستخدم:Mahmoud saeed
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
أولاً: المقالة بالعربية Storyteller القصاصون العراقيون" في الماضي والحاضر.*
نص المحاضرة التي ألقيت في جامعة دي بول "شيكاغو" في يوم 15.11.06 باللغة الإنكليزية.
محمود سعيد.
قبل نصف قرن لم يكن هناك تلفزيون في العراق، وكانت أجهزة المذياع "الراديو" قليلة جداً، معظم تلك الأجهزة كانت موجودة في المقاهي. كانت الحياة بسيطة جداً. في الربيع والخريف يرجع الناس إلى بيوتهم مع حلول الظلام، ليتناولوا العشاء "الوجبة الرئيسة" بعد عمل يوم طويل شاق. وكان ما تبقى من الوقت ينقضي بتبادل الحديث بين الأصدقاء والأقارب حتى يأتي موعد النوم. أما في الشتاء حيث الليل طويل، والبرد قارس فكان الجميع يلتمون حول موقد الفحم، يتناولون الشاي الأحمر الساخن اللذيذ، يراقبون البلوط والشاه بلوط ينضج ثم يتفتق على النار، ويستمتعون بالمحادثة.
خلفت تلك الجلسات أجمل الذكريات وحفرتها في الذهن، وما زالت تدفئ القلب الذي يكاد يتجمد في جليد الغربة ويتفتت لآلام الوطن الغارق في الدماء. إنني أتذكر الآن كيف كان الفحم يومض تحت الرماد الأبيض، والبلوط أو الشاه بلوط يتشقق ويندفع أحياناً كالقذيفة خارج النار، فنلمسه برؤوس أصابعنا ونقذف به في الهواء بضع مرات لكي يبرد فنستطيع تناوله ونتمتع بطعمه اللذيذ، وبين الحين والآخر نزيد استمتاعنا لنرشف بهدوء الشاي الأحمر. أما أجمل لحظات تلك الأمسيات فكانت الإنصات إلى الحكايات التي استقرت في تفكيرنا وملأت قلوبنا بالمتعة والتوتر والسعادة. عندما كنا صغاراً كان الذي يلقي تلك القصص والحكايات هي الأم، الجدة، العمة، أي بالغ يتوافر على شيء يستحق الحكي أو القص. تتعلق عيوننا بشفاه القصاص، وكلنا شوق إلى ما ستأخذنا إليه الكلمات التي تذهب بنا بعيداً في رحلاتها الجميلة واللذيذة إلى قصور الملوك، وتدعوننا إلى حفلات زواج الأميرات والأمراء، لنشاهد حفلات الرقص والغناء واحتفالات النصر والأعياد، تغوص بنا عميقاً في أدراج التاريخ لنصاحب من المغامرين في البحث عن أسرار الحياة والموت والكنوز، نفرح للانتصارات، ونحزن للهزائم، ونبكي لآلام المعذبين، ونضحك من كل قلوبنا للحيوانات الخرافية التي تضطهد الأطفال. غيّر القصاصون الشعبيون على مر العصور أسماء شخصيات أسطورية عظيمة وأعطوها لحماً ودماً شعبياً، فكالكامش أصبحت في أساطيرنا حديدان، وعشتار ملكة النور وأنكيدو صديق العمر، وهكذا. وعندما كبرنا وقرأنا أخذنا نكتشف التشابه في تلك القصص مع ما ورثنا من وثائق حفظها الزمن. كنا نستمع القصص حتى يدرك ذوونا أن وقت النوم قد حان. في الصيف يحين وقت نوع ثانٍ من القصص يستحق الاستماع، تلك قصص البالغين، لكن لم يكن هناك من مانع لنا لنحضر مجالسها، كانت زوايا الشوارع الواسعة، أو ساحات المدينة تفرش بحصائر يجلس عليها المستمعون، واحداً لصق الآخر، يحيطون في نصف دائرة واسعة القصاص. يجلس القصاص عادة ما على كرسي، فيكون أعلى منهم لكي يراه الجميع. على يمينه سيف عربي في غمده، وعلى يساره عصى تجوال ثقيلة. كان يستعملهما كليهما عندما يتفاعل مع موقف ما ويريد أن يمثل حركاته بدقة وسط استحسان الجميع وتصفيقهم، كان يقرأ لنا عن أبطالنا التاريخيين بحماسة وانفعال شديدين. يقرأ من مجلد أصفر ثخين قصة عنترة، وحينما تنتهي يقرأ من مجلد آخر قصة سيف بن ذي يزن، ثم قصة أبي زيد الهلالي، ثم قصصاً أخرى. كانت القصص طويلة جداً ربما تطول القصة الواحدة منها موسماً كاملاً. عنترة بن شداد بطلنا المفضل. قصة عنترة بن شداد كما يعلم قسم كبير منكم قصة عربية فريدة، مليئة بالأحداث الدرامية والمفاجآت. عنترة ابن شداد "زعيم قبيلة عبس المشهورة". لكنه أسود اللون لأن أمه جارية سوداء. وهذا يعني بالمفهوم الاجتماعي السائد آنذاك أنه عبد بالرغم من كون أبيه زعيم قبيلة. كان عنترة شجاعاً جداً، أميناً، ذا خلقٍ سامٍ، وشاعراً عظيماً. كان رجلاً كاملاً بكل المقاييس. روى بعض المثقفين والمطلعين على الأدب الإنجليزي أن شكسبير خلق شخصية "عطيل" بعد أن قرأ قصة عنترة. وقع عنترة في حب ابنة عمه عبلة. عبلة جميلة. بيضاء يضرب المثل بذكائها وجمالها الساحر. أضربت عبلة عن الزواج. صدّت خطبة غير واحد من الملوك والأمراء ورؤساء القبائل لأنها كانت تبادل عنترة الحب. لكن أباها وأبا عنترة رفضا بشكل قاطع أن تتزوج عنترة لسواد بشرته ولكون أمه جارية سوداء أيضاً. ثم تدخلت المصادفات لصالح عنترة، فقد هوجمت قبيلة عبس وأختطف أحد زعماء القبائل عبلة من خيمتها، وكانت قد أذلته برفضها الزواج منه. وهرب بها مع المحاربين من أفراد قبيلته. وفي حالة يأس مزرية اضطر أبو عنترة وأخوه لكي يتنازلا عن موقفهما، فوعدا عنترة بأنهما سيوافقان على تزويجه عبلة إن هو أنقذها من مختطفيها، وبالرغم من فرحة عنترة بذلك لكنه رفض العرض مطالباً بتحقيق ما هو أهم، وهو حريته. وذلك يعني أنه يطالب أن يعترف به ابناً شرعياً حراً كباقي أخوته البيض.
ظل عنترة يثير خيالنا وأحاسيسنا ويرجف قلوبنا بقصته الأسطورية الجميلة، وبصفاته الأخلاقية الرفيعة، وبشعره العظيم المليء بصور جميلة أخاذة، وأوصاف دقيقة بديعة، وتعبيرات بليغة محكمة وبسيطة في الوقت نفسه. ومن يقرأ قصة عنترة لابد أن يتعاطف مع آلامه وصراعه العادل من أجل الحرية. يعتبر عنترة أحد الفرسان المشهورين بالإضافة إلى ربيعة بن مكدم وعمرو بن معد يكرب الزبيدي والقعقاع بن عمرو وغيرهم، فقد ورث هؤلاء الفرسان العظام مبادئ فروسية نبيلة عالية مغرقة بالقدم، ثم أصبحت عالمية حينما انتقلت طقوسها إلى الأندلس ومنها إلى أوربا وباقي العالم. كانت مبادئ الفروسية العربية التي التزم بها عنترة وغيره والتي كرسته كفارس نبيل مكلل بالمجد والشرف تقضي أن لا يبدأ أي عراك قط، وأن لا يضرب عدوه من الخلف، وأن يحذر عدوه من مبارزته ويسمح له بالانسحاب قبل أن يؤذي نفسه، وأن يترجل عن حصانه إن لم يكن الخصم على ظهر جواد. بمثل تلك القصص النبيلة امتلأت رؤوسنا وقلوبنا.
آخر قصاص شعبي رأيته كان في الموصل سنة 1952. ربما عاش القصاصون بعد هذا التاريخ بضع سنوات في أماكن أخرى من مدن العراق لكنهم اختفوا بالتأكيد بعد سنة 1956 حينما ظهر التلفزيون في العراق. بعد نحو عقدين من الزمن رأيت قصاصاً شعبيا في المغرب في مدينة طنجة، في بداية الثمانينات. كانت رؤيتي له أشبه بعثوري على كنز، إذ كنت أظن أن هؤلاء المبدعين الرائعين قد تلاشوا كلية في الوطن العربي. كان هذا القاص المغربي ذكياً جداً، حكيماً، وخطيباً مفوهاً من الدرجة الأولى، وكانت لقصصه أهداف سامية نبيلة، وكان يشد المستمعين بمهارة رائعة. بدأ قصصه بقوله: انظروا أيها الاخوة. عندما خلق الله البشر خلقهم على أربعة أشكال، خلقهم كلهم يركضون. لكن ثلاثة منهم يركضون وراء سراب إلا واحداً يركض من أجل شيء حقيقي يستحق الكفاح من أجله. أحد الثلاثة يركض من أجل النساء. عندما يرى أي امرأة يلاحقها. هذا النوع من الناس يعتبر المرأة نوعاً من الحلوى، وبالرغم من أنك تراه رجلاً ظاهراً إلا أنه طفل في الداخل، لم ينضج بعد. لذلك فهو يريد أن يتذوق أنواع الحلوى كلها. لكنه لا يدرك أن هذا مستحيل. لذلك فهو يركض نحو السراب، ولن يكتفي من النساء حتى يموت. النوع الثاني من الراكضين هو الذي يهوى جمع المال. إنه عبد للمادة، حتى لو ملك جبلاً من الذهب يستمر بالركض ليحصل على المزيد. أما النوع الثالث فهو الذي لا يكتفي بما يحصل عليه من نفوذ وقوة، هذا النوع لا يكتفي بمركزه حتى لو أصبح ملكاً أو رئيسا في وطنه، مشكلته عويصة ومرض لا حل له. إنه يرى نفسه أكبر من الملك والرئاسة، يأخذ بالتطلع إلى الدول الأخرى ليخضعها إلى نفوذه، أو يغزوها. هذه الأنواع الثلاثة من الرجال ستذهب إلى الجحيم لا محالة. النوع الرابع فقط هو الذي سينتهي به المقام إلى الجنة. لماذا؟ يتوقف. لا أحد يجيبه. ثم يعاود الكلام: إنه النوع الذي يركض نحو المعرفة والعلم، سيعيش هذا النوع من الناس في الحياة بسعادة غامرة لا تشوبها شائبة قط. ثم توقف القصاص، وأخرج أحجاراً جميلة ملونة. تناول الحجر الأخضر بين يديه. قال: إذا أخذت هذا الحجر فسوف لا تنظر إلى أي امرأة بشهوة غير زوجتك. وستفعل زوجتك معك نفس الشي. وستعيشان معاً في سلام وحب وسعادة، ثم رفع الحجر الأزرق: هذا الحجر هو حجر القناعة. إنه سيقضي على شرهك في جمع المال، وسيقضي على طلبات زوجتك غير المعقولة. سيجعلها تتوقف عن دفعك لشراء ملابس لها، أثاث فائق الجودة لبيتك، جواهر، أدوات تجميل. بعد ذلك رفع الحجر الأحمر وقال إن هذا الحجر سيقتل التأثير الشيطاني في روحك، ويجعلك تحترم الآخرين، ويمنعك من اقتراف أي اعتداء على أي كان، ويوقف النزعة الشريرة في داخلك من الصعود على أكتاف الآخرين واستغلالهم. لذا فسيشعر ضميرك بالراحة وستعيش حياتك كلها في سعادة لا مثيل لها. ثم رفع الحجر الأصفر، قال: إذا اقتنيت هذا الحجر فسيندفع أطفالك نحو العلم والمعرفة، وسيتفوقون على أقرانهم. ثم توقف برهة وقال: كل هذه الأحجار ستجعلك تعيش بسعادة، لكنك إن عشت بسعادة فسيحسدك الآخرون. سيحاولون أن يقضوا عليك. تلك هي طبيعة الناس. الشر مزروع في القلوب جميعاً إلا ما رحم ربي. ثم وضع حجراً أخيراً أسود اللون في راحة كفه ودار نصف دورة ليرينا الحجر اللامع بوضوح. ثم قال: هذا الحجر يمنع الحسد والغيرة والتآمر ويقتل الروح الشريرة عند الآخرين. إن شراء أي نوع من هذه الأحجار الكريمة لن يكلفك سوى بضعة دراهم لا غير. ذهلتُ، اهتزت الأرض تحت قدمي! كيف يبيع كل هذه الحكمة، الذكاء، البلاغة الفائقة بهذا السعر الزهيد. قلت لنفسي لن يقبل بهذا امرؤ عادي إلا إذا كان ما ادعاه صحيحاً عن قوة حجر القناعة الذي لابد أنه يضعه في جيبه طوال الوقت. إن رجعنا إلى التاريخ رأينا أن احتراف عملية الحكي والقص قديمة جداً، ربما تعود إلى مئات آلاف السنين. فلكل شعب من شعوب العالم أساطيره الخاصة وأبطاله الشعبيون وقصصه التي لا يتوقف عن تداولها جيلاً بعد جيل! وربما كانت أول أسطورة سجلها التاريخ هي أسطورة الفيضان. وكتبت في العصر السومري، في فترة تتراوح بين 5000-7000 سنة. هذه الأسطورة الجميلة فرضت تأثيرها على جميع أديان الشرق الأوسط من دون استثناء. إضافة إلى هذه الأسطورة كتب السومريون أساطير أخرى. وتعد ملحمة كالكامش "قلقميش" أشهر الأساطير السومرية. أما أكثر الأساطير السومرية جمالاً فهي أسطورة عشتار. هناك شيء عام مشترك بين جميع أساطير العصور القديمة وهو صراع متأجج أبداً بين الطيب والخبيث، والحب والكراهية، بين الحقيقة والأكاذيب، مع أو ضد الإنسانية. لكن أساطير ما بين النهرين تمتاز عن الأساطير الأخرى بعمقها الفكري والأخلاقي والروحاني. فعلى سبيل المثال يوجد شبه كبير بن أسطورة بروميثوس اليوناني وكالكامش السومري، فالأول تحدى الآلهة لسرقته النار لمساعدة البشر الذين يحبهم، أما كالكامش فقد تحدى الآلهة وبحث ليجد سر الحياة والموت. وبعد عدة مغامرات تكاد أن تكون قاضية وجد عشبة الحياة، لكن الحياة سرقتها عندما راح في قيلولة قصيرة. عندئذ استنتج كالكامش أن الأبدية مستحيلة وأن هناك بديل عنها وهو إسعاد العائلة من زوجة وأطفال وأم وأب. تقول كتب التاريخ أن إلقاء القصص الشعبية وتأليفها ازدهر ازدهاراً لا مثيل له في العصر العباسي المجيد. رفعت إلى الخليفة شكاوى متعددة تطالبه بمنع القص في الساحات العامة وتقاطع الجادات والطرقات والشوارع. وفي وقت ما صادف أن طلب لفيف من المفكرين والسياسيين والمغنيين والمغنيات ورجال الدين غير مرة. عندما سمع الخليفة تلك الشكاوى وجدها تنبعث من دوافع شخصية فالمفكرون والعلماء يقولون أن القصص تستهوي الناس جميعاً وقد تناقص بسببها وبشكل ملفت للنظر طلاب ودارسوا التفكير العميق والعلوم، وقال المغنون والمغنيات إن القصاصين كادوا يقضون على مهنتهم. فقد قلّ الزبائن بشكل واضح. أما أشد من لازم القصاصين العداء فهم رجال الدين. كانوا يصرخون في كل خطبة من دون انقطاع: إن القصاصين يلهون الناس عن ذكر الله. لم يلتفت الخليفة إليهم. كان يطالبهم بسبب مقنع لم يقدمه أحد. فما دامت الصلاة قائمة في أوقاتها، ومادام القصاصون يصلون هم أنفسهم فالتهم باطلة ولا ضير من إلقاء القصص. أما عدم حضور الناس دروس الفكر العلمي والفلسفي فعزاه الخليفة إلى أن الدروس تلقى بشكل جاف تنفر الشباب. وضحك طويلاً لعلة كساد الغناء والفن، قال لهم إن ذلك لا يعود إلى القصاصين، فكل إبداع يحتاج إلى فترة ليجدد دمه. وسيأتي قريباً فنانون يبتدعون ما يمكن أن يقاوم التأثيرات كلها. في الفترة بين 150- 450 هجرية أي قبل أكثر من أحد عشر قرناً، ازدهر القص الشعبي والأدبي بشكل معجز. فقد ظهرت القصة القصيرة الفنية لأول مرة لا في مدينة عربية أو غير عربية حسب بل في بغداد بالذات. وكان اسمها آنئذ المقامة، واشتهرت مقامات الحريري والهمداني بشكل كبير وحليت صفحاتها بالرسوم الفنية الجميلة. ومن يقرأ مقامة من هذه المقامات يظنها وكأنها كتبت الآن. في الفترة نفسها ظهرت أول رواية كاملة فنية عظيمة خالدة أيضاً وهي: ألف ليلة وليلة. أسمى الأوربيون هذه الرواية بـ "الأيام العربية" بعد ترجمتها عشرات المرات. ألهمت هذه الرواية مختلف الكتاب في جميع أنحاء العالم طيلة تلك القرون الطويلة. هذه الرواية ليست ممتازة حسب بل فائقة، ولا غلو إن اعتبرناها أفضل عمل أدبي عالمي ظهر من فجر التاريخ وحتى الآن. ويعود تميزها إلى أنها صورت بعفوية وبشكل فني حياة مئات الناس في شتى المجتمعات والطبقات، كاشفة ثقافتهم، مشاكلهم، سموهم، وانحطاطهم، طيبتم وقسوتهم، حبهم وكراهيتهم، أنانيتهم وتضحياتهم، ولمحات كثيرة وافية من طبيعة الحياة التي يحيونها. منعت المرأة من قراءة ألف ليلة وليلة في بعض المجتمعات المتدينة لأن الرواية كشفت بصراحة بعض العلاقات الجنسية لا لغرض إشاعة الإباحية، بل لطبيعة حرية التعبير التي طبعت عليها الحياة في العصر العباسي، فقد كتب الكتاب آنذاك عن كل شيء يمكن أن يفكر فيه إنسان، ولم يقفوا جامدين مصدومين مطيعين أمام المثلث الممنوع الموجود الآن: الجنس والدين والحكم، فقد كتبوا مع الدين وضده، وشرح قسم منهم بتفصيل الكثير من العلاقات الجنسية، وانتقد آخرون الحكم، بينما دافع عنه آخرون. ارتفعت ألف ليلة وليلة إلى قمة الإبداع الأدبي بجدارة، وكانت وما زالت تجتذب القراء والكتاب والباحثين في جميع أنحاء العالم، وستبقى إلى أمد طويل إذ لا يوجد لها مثيل قط في جميع الآداب العالمية. قامت إمبراطوريات وممالك عظمى ثم انهارت، ونجح فاتحون عظماء في السيطرة على بقاع كبيرة من العالم وفشل آخرون في السيطرة على مدينة واحد لكن القصاصون استمروا يتوارثون تلك المهنة الجليلة فيما بين النهرين وبقية الدول العربية، غير أن الاسم تغير إذ يطلق عليهم الآن: الكتاب، القصاصون، الروائيون. ولدت الدولة العراقية الحديثة في 1921 لكن مرضاً وبيلاً ولد معها في عقلها يصيبها بالصداع حين تظهر أمامها أي كلمة مطبوعة، فلم تسمح لأي مجلة أدبية أو ثقافية بالصدور، وعندما تصر جهة ما على إصدار مجلة ويرى النور عدد منها أو عددان يشتد صداع الدولة فتقوم على الفور بسحب الترخيص. ونتيجة لهذا المرض اضطر الأدباء العراقيون من شعراء وكتاب وقصاصون وروائيون إلى إرسال نتاجهم إلى المجلات المصرية واللبنانية والسورية. ومع ذلك استطاع العراق أن يأخذ زمام المبادرة في الشعر، فقد نهض ثلاثة شعراء رواد: نازك الملائكة والسياب والبياتي بتطوير الشعر القديم وأبدعوا الشعر الحر الذي تصدر حركة الشعر المعاصرة في الوطن العربي منذ نصف قرن وإلى حد الآن. ثم بدأ عهد جديد بعد ثورة 14 تموز/ 1958، فقد خلق الوضع الجديد جواً متحرراً أينعت فيه مجلات أدبية وثقافية وشعبية وفنية. وازدهرت حركة أدبية رائعة وفي لحظة ما بدا وكأن الأدب يعيش عصره الذهبي. فجأة تغير الوضع السياسي سنة 1963 .أعاد الأمور إلى سابق عهدها المظلم. ثم أخذت الأمور تتطور بعد بضع سنوات نحو الأفضل بخطوات بطيئة، فقد طفقت السلطات بجذب المثقفين وإغرائهم وإغداق الهدايا عليهم، فكافأت من وقف معها من الكتاب والشعراء واضطر للصمت من لم يطعها، ووقفاًً على الحياد. لكن هذا الوضع لم يستمر غير بضع سنوات فقط، فقد أعلمت السلطات جميع المثقفين أن يعوا المبدأ التالي: لقد انتهى عهد الحياد، من لا يقف معنا فهو ضدنا. حينئذ بدأ عهد جديد حيث جند معظم المثقفين إلى جانب الدولة ودعاياتها. وكوفئ من أخذ الموضوع بجدية على موقفه واندفع في تأييد الحزب والدولة. حصل المتعاونون على رواتب ضخمة لا يستحقونها قط في الأوضاع العادية، وحصل قسم منهم على بيوت حكومية فارهة تقدر قيمتها بملايين الدولارات، وحصل قسم آخر على سيارات ثمينة، وكانت كميات ضخمة من النقود توزع عليهم جميعاً في المناسبات العامة. فجأة انتهى ذلك العهد أيضاً كبقية العهود، فحين نفذت الأمم المتحدة الحصار على العراق في بداية التسعينات كان أول شيء انقطع عن المثقفين هو الامتيازات الحكومية، وأصبح معدل الراتب تحت الحصار يتراوح بين 5000-8000 دينار. ويعادل هذا بين 3-5 دولارات في الشهر، وهذا هو معدل رواتب بقية الموظفين العراقيين. ولكي يتغلب العراقيون مثقفين وغيرهم على الصعوبات المادية وبغية تحقيق مستوى أدنى للعيش اضطروا لبيع ما جمعوه من مجوهرات وحلي ذهبية في العقود الماضية، ثم أخذوا يبيعون ما في بيوتهم من أثاث وأجهزة تلفزيون ومكيفات وحتى الثلاجات. وبعد اشتداد البؤس والجوع أصبحت المستشفيات مكاناً مألوفاً للمواطن العراقي مثقفاً وغير مثقف، إذ أخذ البعض يبيع أجزاء عضوية من جسده كالكلية على سبيل المثال. هرب، أو هاجر قسم كبير من المثقفين العراق إلى بقية الأقطار العربية وغيرها، وكان محظوظاً من وجد عملاً فيها. بينما لم يحالف الحظ آخرين كثيرين. فأصبحوا لاجئين في معظم الدول الأوربية وكثير من الدول الأخرى. رحبت النسبة العظمى من العراقيين مثقفين وعاديين من كل الطبقات والمذاهب والأديان والقوميات من دون تمييز، رحبت بالتغيير الذي حدث بعد 2003 ،وعاد المستقبل مضمخاً بوعود هائلة لبناء عراق جديد تحت حكم ديمقراطي، سداه وعود الدول العظمى ولحمته رغبة الشعب الطيب، وأدواته ثقافة العراقيين الواسعة ومهنيتهم العالية، لكنه أدركوا بعد مدة قليلة من التغيير أنه كانوا يحلمون. وأن كل تصوراتهم لم تكن غير سراب في سراب. وفي مدة ستة أشهر فقط أدركوا لسوء الحظ أن الوضع الجديد ليس بأفضل من الوضع تحت سلطة البعث. وبعد سنة واحدة اكتشف الجميع بما لا يقبل الشك أن العراق الجديد يحكم من قبل مليشيات إجرامية احترفت القتل والتعذيب، و لا تتصف بغير اللصوصية والقسوة والظلم وأنها لا تؤمن بالديمقراطية ولا بالشعب ولا بالدين ولا بالعراق أيضاً، وأنها تريد أن تفرغ البلد من بضعة ملايين نسمة كي يستقر لها الوضع كلية، كي تحكم العراق بيد دولة عدوة، وتسوط الشعب بقرارات رجعية ظالمة. منذ أن سيطرت هذه المليشيات الدموية على رقبة العراقيين بدأت بإصدار قوائم تحوي أسماء مئات المثقفين العراقيين تغتالهم وفق خطط منهجية، ثم توقفت عن ذلك، لكن القائمة الأخيرة تكشف قسوة وعنفاً وحقداً لا حد له ففي القائمة اسم أطوار بهجة التي اغتيلت قبل أكثر من سنة وهي مذيعة القناة العربية التلفزيونية، أما الاسم الذي يتصدر القائمة فهو كمال عبد الله، وهو شاعر أعمى ممتاز في ستيناته، وهناك اسم عبد الخالق الركابي وهو روائي مقعد معروف لا يتحرك إلا على عجلة، وتشمل القائمة بضعة كتاب غير عراقيين. وفي القائمة دنيا ميخائيل وهي تسكن مع زوجها وابنتها قبل أكثر من عقد ديترويت وحصلت على جوائز مهمة في الشعر. وهناك أيضاً اسم لطفية الدليمي وهي من كتاب القصة القصيرة المتميزين في العراق، ومن أفضل المترجمين العرب من الإنكليزية، وفي القائمة أكثر من عشرين اسماً لقصاصات وروائيات وشاعرات. إن أكثر الأخبار التي تدفع المرء لليأس هي الأخبار التي حدثت قبل يومين فقط: 14/ تشرين الثاني 2006 اغتيل في يوم واحد سبع أطباء، واختطف أكثر من مئة موظف في وزارة التعليم العالي، ووفي سنة واحدة اغتيل 160 أستاذاً جامعياً من بينهم ثلاثة من خيرة الأساتذة في العراق والبلدان العربية: عصام الراوي، محمد الذهبي، نجدة الصالحي. وفي خلال ثلاثة سنين اغتيل أكثر من 650000 عراقي، من بينهم 11000ضابط أحيل إلى التقاعد ثم اغتيل، وفي نفس الوقت أفرغت البصرة من ثلث سكانها، قتلوا واضطروا إلى الهروب، وصودرت جوامعهم وكنائسهم وأموالهم. إن العراق الحالي يعوم فوق بحيرة من الدماء والفوضى. فخلال العهد القديم كان الشعب العراقي يرى جسوراً عدة، لكن الوصول إلى تلك الجسور محفوف بالمخاطرة والمخاوف، أما الآن فلا وجود لأي جسر، ويبدو للمثقفين من كتاب وشعراء وروائيين وباقي الشعب العراقي أن لا أمل لوجود جسر آخر في الأمد المنظور.
" تعني كلمات: المخبر، والراوي من يروي الخبر عن شخص أو أشخاص، كالبخاري ومسلم وغيرهما ممن اقتصروا على رواية الأحداث التاريخية الواقعية كما سمعوها ومهمتهم توثيقة بحتة، وكانوا لا يضيفون من عندهم أي شيء. لأنه قصروا عملهم على غربلة ما ورد من الأخبار المسموعة والمتناقلة، بغية تثبيت الصحيح منها، وإبعاد الخاطئ. أما الحاكي فهو الذي يروي الأخبار بتفصيلات يدخل فيها شيئاً من عنده. ولهذا قل استعمال هذه اللفظة إلا في الدارجات العربيات حيث تعني كلمة القصاص. أما القاص فهو من يكتب الحادثة بشكل مهني لوصف الحقيقة، ولهذا يمتلك القاص حرية كبيرة في صياغة الخبر لا في تعديله، وينطبق هذا على الصحفي المحترف "اليوم" فهو يفعل ذلك بامتياز. أما القصاص فهو الذي يقرأ القصص من تأليفه أو من تأليف غيره، لفائدة مادية كالنقود أو النفوذ، أو فائدة معنوية كالشهرة، والامتياز، والإشادة. وهو ما ينطبق حالياً على كتاب القصة والرواية. ولهذا علينا أن نقول عن المعاصرين، كنجيب محفوظ وغائب فرمان طعمة، وأمين معلوف وأحمد محمد أمين وسالمة صالح وسامراجو ومركيز وغيرهم: قصاصون. وهذا يعني أن كملة روائي استعملت مجازاً في غير واقعها، لأنها لا تعني من يكتب القصة الطويلة أساساً بل جاء الاسم من قبيل الاصطلاح فسد فراغاً لم يكن موجوداً في العربية. وخلاصة ذلك نستطيع أن نحدد أن كلمة القصاص هو من يكتب القصة القصيرة والمتوسطة، وأن كلمة الروائي هو من يكتب القصة الطويلة، وفائقة الطول كنجيب محفوظ كتولوستوي وبروست وجويس.
المحاضرة بالإنكليزية:
Storyteller
Mahmoud Saeed.
The lecture
which it was
given at DePaul University: 11.15.2006.
Half a century ago, there was no television in Iraq, and there were very few radios. Most radios could only be found at cafés. and life was simple. In spring and fall, people returned to their homes at the beginning of the evening-right after dark. Workers would be tired from a long day of work-hungry for their dinner. The evenings stretched late into the night, and people stayed up visiting and chatting with their families and friends until it was time to go to bed. In winter, the nights were so long and cold. After dinner, people sat around the fire drinking tea, watching the chestnuts roast in the hot ashes, and enjoying each other's company. The beautiful images and memories of these nights are etched in my mind and heart, especially the long cold nights with many relatives visiting and sitting together around the fire. I remember the red, shimmering charcoal in the iron hearth, the noise of the cracking shells of chestnuts and the taste of the hot red tea. The highlight of the evening was listening to stories that shaped our minds and filled our hearts with excitement and happiness. When we were young, mothers, grandmothers, old aunts, or any adult who had a story to tell, were our story tellers. Our eyes were fixed on the story teller's lips, as we were ardently longing to hear the words that took us on far away voyages, welcomed us to kings' palaces, invited us to princesses' wedding parties, dances, and concerts; and allowed us to dive deep into history, to accompany Gilgamesh, with our hearts trembling with fear and sympathy for him throughout his adventures, in his quest to discover the secrets of living and dead. We would grieve for Eshtar when she went on a deadly adventure to visit the kingdom of death, defying fate and tradition. We laughed joyfully celebrating the demise of the historic beasts that frightened children. These were our bedtime stories. During summer, different kinds of stories were told. Stories for adults were told at street corners and in city parks. The grounds of the parks were covered with mats and filled with people sitting, one next to the other, surrounding the storyteller. The storyteller sat on a chair. On his right he had a sword in its sheath, and on his left, he placed his large, heavy walking stick. He would read from his very large, old, volume of stories including: Antara, Saif bin Dhey Yezen, Abu Zaid Alhilaly, and many more. He used his stick and sword to illustrate some of the dramatic scenes. He told the stories of our heroes and legends with great passion. One of the most famous heroes, and our favorite, was Antara bin Sahadad. Antara's story, as many of you might know, is a unique Arab tale, full of dramatic events, morals, and values told in numerous chapters. Antara was black in color because his mother was an African slave. He was a very strong, brave, honest knight, and a great poet. He was the perfect man in all accounts. It is said that Shakespeare was inspired to create the character Othello after reading Antara's story. Antara fell in love with his cousin Abla, a very beautiful, free, young woman. She was renowned for her intelligence and beauty. She refused to marry numerous kings, princes, and chiefs of tribes. She was in love with Antra. Her father and Antara's father refused to let her marry Antara because of his color and his mother's status. When an enemy attacks the tribe and Abla is kidnapped by one of the other tribe chiefs, in desperation, Abla's father and Antar's father approach him and promise to let him marry Abla if he rescues her. Furthermore, his father promised to recognize him as his legitimate son, like all his other white free children, if he succeeds in his mission. Antara remains an inspiration and a legendry hero in our history. He captures the hearts of the readers with his poetry which is filled with beautiful imagery and descriptions, and strong moral and ethical messages expressing strength, shivery, and honor. The readers can easily sympathize with his pain and struggle for justice. His conduct is the embodiment of honor, bravery, and pride. For example, he never strikes anyone from the back; he never starts a fight, and he always warned those he fought and gave them a chance to retrieve and save their lives. These are the morals and ethics that our generation grew up with. The last time I heard a storyteller in Iraq was in 1952 in the city of Mosel. Storytellers might have survived a few years after that date in some parts of the country, but they had certainly disappeared by 1956 when television was introduced in Iraq. Later, I heard a storyteller of a different kind in Morocco, in 1981 in the city of Tangier. He was very smart and wise. He was a strong orator. His story had a purpose and a target audience. He started by saying, "Look my brothers, when God created men he divided them into four kinds, all of them run, but three run after a mirage, and only one runs toward the truth. One of the three runs after women. When he sees any woman he chases her. These kinds of people regard women as candy; and because he is still a child who did not grow up, he always wants to taste all kinds of candy. This is impossible, so he runs after a mirage and will never feel satisfied until he dies. The second kind runs after money. Even if he gets a mountain of gold, he wants more. The third kind runs after power, and if he succeeds in becoming a king in his country, he looks for other countries to invade. All these kinds of men are in hell. Only the fourth kind, the one that runs after knowledge, will live a happy life. This kind will go to paradise." The storyteller then opened his bag and presented his audience five beautiful stones, each of a different color. He raised the green one and said, "If you take this one now, you'll not look at any other women with lust, except your wife; and she will act the same. You will live in total happiness." Then he raised the blue stone and said, "This is the contentment stone. It makes you not yearn for money, and will kill your wife's demands. It will stop her from forcing you to buy her new clothes, jewelry, luxury house items, or cosmetics." After that, he raised the red stone and said, "This stone kills the evil in your spirit. It makes you respect others, prevents you from committing any offenses, and prevents you from taking advantage of others to gain power. So your conscience will be clear and you will live a very happy life." Then he raised the yellow stone and said, "If you get this stone, your children will love and seek knowledge." Then he added, "All these stones will make you happy, but if you live happy, some people will envy you, and they will want to destroy this happiness. This is the nature of man." He raised the black stone and said, "So this black stone will prevent them from doing so. Buying it will cost you only a few extra dollars." I was astonished how he sold all this wisdom, intelligence, and eloquence for a very cheap price! I told myself maybe he keeps a contentment stone in his pocket. If we return to history, we find that the profession of storytelling is very old, may be hundreds of thousands of years old. People in different places in the world had their myths and legends which they told to generation after generation. It is believed that the first written myth in history was the myth of the great flood. It has been established that it was first recorded during the Sumerian era. This myth influenced the major religions in the Middle East. The Sumerians wrote many other myths; the most famous was the story of Gilgamesh which is about seeking eternal life, but the most fascinating one is the story of Ashtar. There is something in common between all myths of the ancient world. They all included a struggle between good and bad, love and hate, truth and lies, either with or against humanity. The myths of Mesopotamia had strong moral messages. For example, there is a similarity in the quest of the Greek Prometheus who defies the gods. His adventures focus on steeling fire to help people; and that of Gilgamesh who seeks to unravel the secret of life and death. After numerous near fatal adventures, Gilgamesh finds the plant of immortality, but a snake eats it while he was taking a short nap. Then Gilgamesh concludes that an alternative to immortality is to live and try to make his wife and children happy. Mesopotamia continued to be the center of story telling. History books suggest that during the Abbasid period, the profession of storytellers was very popular. At one time, religious leaders, philosophers, artists, and politicians united in an attempt to prevent the storytellers from telling their stories. This was driven by envy, greed, and self interest. At that time, attending storytelling gatherings was very popular. The listeners filled public places on Friday, the day of rest and worship. This led those groups to ask the Caliph to issue a degree preventing storytellers from practicing their profession. The philosophers said, nobody comes to their serious study sessions, the artists and the singers said their customers decreased as well. The most persistent were the religious leaders who claimed that the storytellers distracted the people from remembering and mentioning God. The Caliph told them yow were gave me limit personal reasons and I want common public reasons. If you'll give it to me I'll prevent them from telling their stories. But no one gave the Caliph an important reason as he asked, so storytelling flourished, and the number of new stories and novels greatly increased during that period. At that time, one thousand and one hundred years ago, the short stories appeared as an independent genre of literature, they were called "Maqama". Many writers wrote short stories. Alhamadany and Alhariry were two very well known writers, and if you read some of their short stories today, I believe that you will find them very enjoyable. At the same period, the great novel "Alfu Leila wa Leila" appeared. This novel was named "Arabian Nights" in Europe, and was later translated to most of the world's major languages. It inspired many great writers around the world during more than a thousand years. This novel was unique because it depicted the lives of all Arab societies and classes, providing us with their education, problems, kindness, cruelty, love, hate, and all other aspects of their lives. Women were forbidden from reading few novels in some religious societies; one of them was "Alfu Leila wa Leila". This novel described some sexual relationships, not too explicit, but because the writer was interested in depicting the true lives of his characters. His writings attracted and continue to attract readers, researchers, and intellectuals for more than twelve centuries. Many kingdoms died, many kingdoms prospered, some conquerors succeeded and others failed, but storytelling continued to flourishe in Iraq. The storytellers were now called writers and novelists.
This continued through 1921, when modern Iraq was born, the authorities prevented many literary works and magazines from being published inside Iraq. One or two issues of some Iraqi magazines would appear in the market, then the authorities would withdraw these magazines' permits and no more issues would be published. As a result of this ban, the Iraqi writers and poets had to send their work to Egyptian, Lebanese, and Syrian magazines. Even with these constraints, Iraqis became the leaders of modern poetry in the Arab world. The new, contemporary poetry was introduced by Iraqi writers -- three pioneer poets, Nazek Almalaeka, as sayyab, al baiaty, were the leaders of this new movement. When the first revolution took place, in 1958, the new government then established many magazines after, the intellectuals had their golden period because of the freedom. But things changed in 1963 after the military took over and the Baeeth Party started. The new government attracted the intellectuals. It rewarded artist, poets, and writers with gifts and favors for supporting its cause and ideology. If they were not inclined to support the government, they were advised to remain neutral.
As a result of this direction, many intellectuals remained neutral and refrained from criticizing the authority's policies and practices. Then the government changed its policy, and informed the writers that if they were not with them, they were against them, and that there was no time for neutral artists or writers. Everyone who cooperated became rich - they were paid more than they deserved. They received privileges like salaries, gifts, cars and so on. But even this did not last. When the UN imposed its embargo and sanctions against Iraq, the intellectual's privileges were the first to be cut by the government. Under the new circumstances, the wages of most Iraqi intellectuals ranged from 5 to 8,000 Iraqi Dinars, the equivalent of three to four dollars a month. This income was not much different from that of the majority of the rest of Iraqis during that period. This hardship lead writers and artists to resort to selling their families' jewelry and valuable items, their household appliances including their refrigerators, air conditioners, furniture, and televisions in order to maintain even a subsistence standard of living. Hospitals became a familiar scene for Iraqis. Due to economic hardships, Iraqis including intellectuals and non-intellectuals sold their internal organs to feed their families. Many of the intellectuals left Iraq to other countries, in hope to avoid these harsh realities. Most of intellectuals welcomed the changing of baeeth's regime in 2003 or stayed neutral. After few months, they realized that unfortunately this era is not much better than the last one. Now, the whole society was under the control of the militants. A new kind of pressure was imposed. The militants issued many lists containing names of writers and poets that they proclaimed have to be killed or punished because of their cooperation with the last regime. One of the names on one of the lists was Attwar Bahjat, a newscaster of Al Arabia TV channel, who was assassinated. Thousands of professors, officers, doctors, and writers were also assassinated.
The new lists compiled by the militants reflect their brutality, lack of moral values, and lack of human compassion. The lists contain about six hundred names. The first name on the list is that of Kamal Abdul Alla. He is a blind great poet, in his sixties; another name is Abdul Khaliq Alrikabi, a well know disabled novelist. The list includes many foreign writers, and about twenty of the best female poets and writers in the Arab world. The poet Dunia Mikhaeal is one of the people on the list. She is currently living in Detroit, where she moved since she married. She has a family, and a daughter. She won many prizes for her poetry. Another female on the list is Lotfia Al Delimi; she is one of the best Arabic short story writers and one of the best translators from English to Arabic. I could tell you about so many more on the list of targets. But the more dispirit thing is the news of 11-14.06, they killed 7 doctors in one day, and 160 professors were killed during one year, three of them were very famous: isam alrawi, Muhammad al Dhahabi, and najdat alsalihi. And they assassinated more than 11 thousand army officers in ex army, In summary, Iraq now is the center of bloodshed and chaos.
During the period of the last regime, the Iraqi people were able to see bridges, but these bridges were so difficult and dangerous to arrive to and pass. Now, there are no bridges at all, and it seems that for authors, poets, novelists, intellectuals, and ordinary people, there is no hope to find another bridge.