كونفوشيوس

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

تكبير

كونفوشيوس Confucius هو أول فيلسوف صيني يفلح في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الإجتماعي و الأخلاقي . ففلسفته قائمة على القيم الأخلاقية الشخصية و على أن تكون هناك حكومة تخدم الشعب تطبيقاً لمثل أخلاقي أعلى . و قد ظلت هذه الأفكار تتحكم في سلوك الناس أكثر من ألف عام . و يلقب بنبي الصين . ولد كونفوشيوس سنة 551 ق.م. في ولاية لو في شمال الصين . مات أبوه و هو طفل . فعاش مع أمه في فقر شديد . و عندما كبر عمل موظفاً في الحكومة . ثم اعتزل العمل الحكومي و بعدها أمضى ستة عشر عاماً من عمره يعظ الناس متنقلاً من مدينة إلى مدينة . و قد التف حوله عدد كبير من الناس , و لما بلغ الخمسين من عمره عاد إلى العمل في الحكومة . و لكن استطاع بعض الحاقدين عليه أن يطردوه من الحكومة , فترك لهم البلاد كلها . و أمضى بعد ذلك ثلاثة عشر عاماً مبشراً متجولاً . ثم عاد ليقيم في بلدته خمس سنوات الأخيرة من عمره . و توفى سنة 479ق.م. و كثيراً ما وصف كونفوشيوس بأنه أحد مؤسسي الديانات , و هذا تعبير غير دقيق إن لم يكن خاطئاً فمذهبه ليس ديناً . فهو لا يتحدث عن إله أو السماوات . و إنما مذهبه هو طريقة في الحياة الخاصة و السلوك الإجتماعي و السلوك السياسي . و مذهبه يقوم على الحب - حب الناس و حسن معاملتهم و الرقة في الحديث و الأدب في الخطاب . و نظافة اليد و اللسان . و أيضاً يقوم مذهبه على احترام الأكبر سناً و الأكبر مقاماً , و على تقديس الأسرة و على طاعة الصعير للكبير و طاعة المرأة لزوجها . و لكنه في نفس الوقت يكره الطغيان و الإستبداد . و هو يؤمن بأن الحكومة إنما أنشئت لخدمة الشعب و ليس العكس . و أن الحاكم يجب أن يكون عتد قيم أخلاقية و مثل عليا . و من الحكم التي اتخذها كونفوشيوس قاعدة لسلوكه تلك الحكمة القديمة التي تقول : " أحب لغيرك ما تحبه لنفسك " . و وكان كونفوشيوس محافظاً في نظرته إلى الحياة فهو يرى أن العصر الذهبي للإنسانية كان وراءها - أي كان في الماضي . و هو لذلك كان يحن إلى الماضي و يدعو الناس إلى الحياة فيه .. و لكن الحكام على زمانه لم يكونوا من رأيه و لذلك لقي بعض المعارضة . و قد اشتدت هذه المعارضة بعد وفاته ببضع مئات من السنين , عندما ولي الصين ملوك أحرقوا كتبه و حرموا تعاليمه .. و رأوا فيها نكسة مستمرة . لأن الشعوب يجب أن تنظر أمامها . بينما هو يدعو الناس إلى النظر إلى الوراء .. و لكن ما لبثت تعاليم كونفوشيوس أن عادت أقوى مما كانت و انتشر تلاميذه و كهنته في كل مكان .. و استمرت فلسفة كونفوشيوس تتحكم في الحياة الصينية قرابة عشرين قرناً - أي من القرن الأول قبل الميلاد حتى نهاية القرن التاسع عشر بعد الميلاد . أما إيمان أهل الصين بفلسفة كونفوشيوس فيعود إلى سببين : أولا أنه كان صادقاً مخلصاً . لا شك في ذلك . ثانياً أنه شخص معقول و معتدل و عملي . و هذا يتفق تماماً مع المزاج الصيني . بل هذا هو السبب الأكبر في انتشار فلسفته في الصين . و هو بذلك كان قريباً منهم . فلم يطلب إليهم أن يغيروا حياتهم أو يثوروا عليها . و إنما هو أكد لهم كل ما يؤمنون به فوجدوا أنفسهم في تعاليمه . و لذلك ظلت فلسفة كونفوشيوس صينية . و لم تتجاوزها إلا إلى اليابان و كوريا .. و لكن هذه الفلسفة قد انحسرت تماماً عن الصين . بعد أن تحولت إلى الشيوعية و اتجهت الصين إلى السمتقبل و انتزعت نفسها من هذه الديانة و ذلك بالبعد عن الماضي و مسالمة الناس في الداخل و الخارج . و لكن تظل فلسفة كونفوشيوس هي التي حققت سلاماً و أمناً داخلياً أكثر من عشرين قرناً للصين . و قد فشلت الكونفوشية أن تترك أثراً يذكر خارج الصين .