وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

في ظل الأزمات الدولية الكبيرة التي يمر بها العالم بين الحين والآخر تتسبب نظرية ترتيب الأولوياتAgenda Setting التي تتبعها الحكومات في أن تنسى -أو تتناسى– قضية قد لا تقل إلحاحًا عن تلك التي وضعتها على رأس قائمة أولوياتها.

ولعل هذا ما حدث مع قضية اللاجئين الفلسطينيين التي تجاهلتها الحكومات العربية والإسلامية، ولم تتكفل بها سوى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا UNRWA" فجندت نفسها لهذه القضية على مدار الـ 53 سنة الماضية، وهو الدور الذي يستحق منا أن نسلط عليه الضوء قبل أن يتوارى بعد أن بثت وكالات الأنباء أخبارًا عن تقليص الوكالة لنشاطاتها سبب نقص التمويل!

فهرست

[تحرير] بداية الكفاح

في أعقاب حرب عام 1948 كان تقديم المساعدات الطارئة للاجئين الفلسطينيين يتم من خلال اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجمعيات خيرية دولية أخرى، أو منظمات غير حكومية. وبموجب قرار الجمعية العامة رقم 302 في 8 ديسمبر 1949 تأسست وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) لتعمل كوكالة مخصصة ومؤقتة، على أن تجدد ولايتها كل 3 سنوات لحين إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية.

وبدأت الأونروا عملها في 1 مايو 1950، حيث أصبحت مسؤولياتها تقتصر على توفير خدمات لمجموعة واحدة من اللاجئين، وهم الفلسطينيون المقيمون في مناطق عملياتها؛ نظرًا لاعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمناطق الأخرى لعمليات الوكالة ما يزالون بحاجة متزايدة للخدمات، ومن هنا تم استثناء اللاجئين الفلسطينيين بصورة مقصودة من نظام القانون الدولي للاجئين الذي تم إقراره بموجب اتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين، وبموجب بروتوكول عام 1967 المنبثق عنها؛ وذلك لأنهم يتلقون المساعدات من الأونروا. أما المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي تأسست بموجب قرار الجمعية العامة رقم 319 الصادر في 3 ديسمبر 1949. فقد تبنت تقديم المساعدات لمختلف شرائح اللاجئين الآخرين، ومع ذلك بقيت المفوضية السامية تدعم اللاجئين الفلسطينيين بالقدر الذي تسمح به ولايته.

[تحرير] التمويل.. أمريكي!

ولعله من المؤسف أن نعلم أن الدول العربية تُعتبر أقل دول العالم إسهامًا في نشاطات الوكالة؛ إذ يبلغ مجموع التبرعات العربية للوكالة 1,9% من إجمالي تبرعات الدول -فيما عدا دولة الإمارات العربية المتحدة التي قدمت خدمات عبر الهلال الأحمر الإماراتي؛ حيث ساهمت في بناء مخيم جنين الذي دُمر أثناء الاجتياح الصهيوني في مارس 2002 بمبلغ 30 مليون دولار- بالإضافة إلى أن قرار الجامعة العربية بالمساهمة في ميزانية الوكالة بقيمة 8% من ميزانية الوكالة لم يتحقق حتى الآن، بينما تأتي الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمة الدولة المانحة، تليها المفوضية الأوروبية، ثم اليابان، وفي ذيل القائمة تأتي بقية الدول العربية!

[تحرير] من هو لاجئ الأونروا؟

بالرغم أن هناك عدة فئات من اللاجئين الفلسطينيين والنازحين المحليين.. فهناك لاجئو عام 1948 وأبناؤهم، وهناك نازحون داخل إسرائيل، ونازحون نتيجة حرب 1967. لكن الأونروا تغطي اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في 5 مناطق، هي: الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان والأردن وسوريا.

حيث عرفت الأونروا اللاجئ الفلسطيني بأنه الشخص الذي كان يقيم في فلسطين خلال الفترة من 1 يونيو 1946 حتى 15 مايو 1948 الذي فقد بيته ومورد رزقه نتيجة حرب 1948. وعليه فإن اللاجئين الفلسطينيين الذين يحق لهم تلقي المساعدات من الأونروا هم الذين ينطبق عليهم هذا التعريف إضافة إلى أبنائهم.

وفي مايو 1951 تسلمت الأونروا قائمة بأسماء 950,000 شخص من المنظمات الدولية الأخرى التي كانت تتولى شؤون اللاجئين الفلسطينيين قبل تأسيس الأونروا.

فقامت الأونروا بتقليص عدد اللاجئين المذكورين في القائمة ليصبح 860,000 لاجئ، وذلك بعد إحصاء وتدقيق لشطب أسماء من لا يحق لهم الانتفاع من خدمات الوكالة وأسماء من سبق تسجيلهم بطريقة غير شرعية، يبلغ عدد لاجئي عام 1948 المسجلين مع أبنائهم حوالي 3.8 ملايين لاجئ يقيمون في الضفة الغربية وغزة والأردن ولبنان وسوريا، وهي الفئة المشمولة بخدمات الأونروا، وهناك كثير من اللاجئين الفلسطينيين لا يتمتعون بخدمات الأونروا؛ إما لأنهم غير مسجلين لديها أو أنهم يقيمون خارج مناطق عملياتها.

[تحرير] أعمال وإنجازات

تقدم الوكالة مساعدتها والتموين الشهري المنتظم إلى نحو 235000 عائلة، بالإضافة إلى توفير فرص العمل لآلاف العمال الفلسطينيين حسب الإحصاءات الأخيرة. كما قامت الأونروا في أوقات معينة بتقديم مساعدات لأشخاص لا ينطبق عليهم تعريف اللاجئ الفلسطيني نتيجة لظروف طارئة؛ ففي عام 1988 عندما بدأت الانتفاضة الأولى قامت الأونروا بناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقديم مساعدات إنسانية كحالة طارئة وكإجراء مؤقت لغير اللاجئين في المناطق المحتلة لحاجتهم الماسة للمساعدة. وخلال الانتفاضة الحالية في الضفة الغربية وغزة، وعن طريق نداءين طارئين، جمعت الأونروا حتى الآن حوالي 70 مليون دولار أمريكي لتوفير مواد غذائية وفرص عمل وإعانات نقدية لخدمة 217.500 عائلة في الضفة الغربية وقطاع غزة سواء كانوا لاجئين أو غير لاجئين من أهالي المنطقة.

وتأكيدًا على دورها النبيل كثفت الأونروا نشاطها عقب اندلاع الانتفاضة؛ حيث دفع العنف الإسرائيلي في الأراضي المحتلة إلى المبادرة بإطلاق برامج ترفيهية في قطاع غزة والضفة الغربية في يناير 2002 استمرت فعالياتها لمدة ثلاثة أشهر استهدفت ضحايا العنف من الأطفال في المدارس الابتدائية والإعدادية. ونتيجة لهذه البرامج طرأ تحسن كبير على سلوك الأطفال خلال فترة المبادرة؛ إذ تمكن المدرسون المشرفون من مساعدة التلاميذ على الاندماج مجددًا مع نظرائهم، والتعبير عن انفعالاتهم الذاتية!

[تحرير] ميزانية الوكالة

تبلغ ميزانية الوكالة السنوية حاليا حوالي 350 مليون دولار أمريكي تدفع الولايات المتحدة أكثر من 70 مليون دولار منها. وتجتمع الدول الكبرى المانحة اجتماعا سنويا لإقرار ميزانية الأونروا، وبحث كل الأمور والمشاكل المتعلقة بعملها.

يتم إنفاق ما نسبته 54% من ميزانية الأونروا على برنامج التعليم، و18% على برنامج الصحة، و10% على برنامج الإغاثة والخدمات الاجتماعية، و18% على الخدمات المشتركة والخدمات. بالإضافة إلى ما حصلت عليه الوكالة من مساعدات نتيجة لظروف الانتفاضة الحالية التي بلغت 70 مليون دولار.

[تحرير] الأونروا أيضا تكره إسرائيل!

وعلى الرغم من أن الأونروا وكالة إنسانية تقتصر خدماتها على مجالات التعليم والصحة والإغاثة والخدمات الاجتماعية ولم تدخل يوما طرفًا في أي قضية سياسية.. فإن بيتر هانسن -الدنماركي الأصل- المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" هاجم في عدد كبير من تصريحاته الصحفية العدوان الإسرائيلي الغاشم على الفلسطينيين، ووصف الأوضاع في الأراضي الفلسطينية بالحرجة جدًا، مشيرًا إلى أن هناك تدهورًا سريعًا للأوضاع المعيشية، وتساءل هانسن في حوار نشر له في جريدة "الدستور" الأردنية: "إلى متى يمكن أن يستمر هذا الوضع؟ هل يستطيع اللاجئون الفلسطينيون في مدنهم وقراهم ومخيماتهم تحمل المزيد من المعاناة؟".

وعندما ارتكبت إسرائيل "مذبحة جنين" في مارس الماضي صرح المفوض العام لوكالة "الأونروا" أن القوات المسلحة الإسرائيلية أنشأت ساحة معركة جهنمية وسط المدنيين في مخيمي بلاطة وجنين للاجئين. وأكد أن لديه معلومات تتحدث عن فظائع حقيقية اقترفتها إسرائيل.

[تحرير] صعوبات في المهام

وجدير بالذكر أن حالة الحصار التي يفرضها الاحتلال الصهيوني قد فرضت الكثير من الصعوبات أمام الوكالة للقيام بمهامها؛ فهناك ستة من موظفي الوكالة قتلوا على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي في العام الماضي؛ مما جعل هانسن يؤكد على أن الأمل في تحقيق السلام في فلسطين قد تراجع، وأن سياسة القتل والإجراءات المقيدة على الحواجز والتي تمنع العاملين في الأونروا من تقديم خدماتها للفلسطينيين غير مقبولة. وقال: "العديد من موظفينا لا يستطيعون الوصول إلى أماكن عملهم في المراكز الصحية والعيادات في المدارس والمعاهد، وقد أثر ذلك بصورة واضحة على الخدمات التي تقدم للاجئين".

وأوضح هانسن أن إسرائيل لم ترفض مباشرة دخول شاحنات الأونروا إلى الأراضي الفلسطينية، "لكنها تضع العراقيل أمام مرورها عند المراكز الحدودية، وتطالب في المقابل بتفريغ جميع المنتجات التي تبلغ آلاف الأطنان لتفتيشها". وأكد هانسن أنه "في جميع دول العالم هناك ثقة بحياد الأمم المتحدة؛ بحيث تمنح حرية مرور الشاحنات التابعة لها التي تنقل مساعدات عاجلة، وبالنسبة للأونروا لم يحدث أن تزعزعت هذه الثقة قط".

وبسبب التصريحات المعادية لإسرائيل التي يدلي بها هانسن بين الحين والآخر، وبسبب "تهاونه" مع بعض موظفي الوكالة الذين يعلقون شعارات وطنية فلسطينية على مقار الوكالة، هددت الولايات المتحدة بيتر هانسن تهديدًا مباشرًا وصريحًت بقطع المساعدات الأمريكية عن الوكالة؛ الأمر الذي جعل هانسن يخفف من نبرة تصريحاته، ويصدر أوامره لموظفيه برفع كل الشعارات التي تضايق أمريكا من على حوائط مقار الوكالة!

ومن الصعوبات الأخرى التي تعرضت لها الوكالة ما أعلنه مسئول في الحكومة الإسرائيلية في تصريح صحفي في مايو الماضي بأن إسرائيل تقوم بحملة مكثفة في الولايات المتحدة لحمل مسئولي وكالة "أونروا" على الإبلاغ عن الفدائيين، والمساعدة في وقف العمليات الفدائية. بل وزعمت إسرائيل أن الأونروا تغض الطرف عن أعمال رجال المقاومة الفلسطينيين داخل مخيمات اللاجئين؛ فكان رد أحد مسئولي الأونروا أن الوكالة تقوم بالفعل بالإبلاغ عن أي سوء استخدام لمنشآتها، وفي الوقت ذاته أكد أن الأونروا هي وكالة لتقديم المساعدات الاجتماعية وليست جهة سياسية؛ لذلك فهي تحاول البقاء كجهة محايدة.

[تحرير] هل ستنهي الأونروا خدماتها؟

وقد تطايرت أنباء في الفترة الأخيرة عن وقف الوكالة لمساعداتها لمليون لاجئ فلسطيني بسبب نقص الإمكانيات؛ حيث إن المخزون التمويني والغذائي وأموال البرامج المختلفة سينفد في الخامس عشر من مارس القادم 2003.

وبمجرد تردد هذه الأنباء ازدادت الشكوك حول أسباب هذه الأنباء، ولكن بيتر هانسن المفوض العام للوكالة أشار إلى أن الأونروا وجهت نداء في منتصف ديسمبر 2002 للمجتمع الدولي للحصول على 94 مليون دولار، ولم تحصل إلا على 2% فقط من هذا المبلغ؛ مما يشكل صدمة كبرى ستدفع بالأونروا إلى وقف البرامج الطارئة التي تقدمها لأكثر من مليون فلسطيني؛ وهو ما سيتحمل عاقبته العالم أجمعه، وليس دولة بعينها!

وفي حديث له لموقع "إسلام أون لاين.نت" يؤكد عدنان أبو حسنة رئيس قسم الإعلام المرئي والصوتي بمنظمة الغوث واللاجئين على أولئك الذين يدعون إلى السلام في المنطقة أن يعوا جيدا ماذا يعني توقف الأونروا عن إطعام مئات الآلاف من العائلات، والتي حسب إحصاءات الأونروا الأخيرة تبلغ 235000 عائلة تتلقى مساعدات غذائية منتظمة، إضافة إلى مئات الآلاف من العمال والعاطلين عن العمل الذين أوجدت لهم الأونروا مصدر رزق؛ وهو ما يعني أيضا توقف عمليات تطعيم مئات الآلاف من الأطفال والرضع والبرامج النفسية، التي توفرها الوكالة في هذه الظروف الصعبة.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي أعلنت فيها الوكالة عجزها عن تقديم خدماتها؛ فبعد اتفاقية أوسلو 1993 أعلنت الأونروا حالة التقشف بسبب ارتفاع نسبة العجز في ميزانيتها؛ مما أدى إلى تقليص خدماتها إلى اللاجئين الفلسطينيين، ولكن قوبلت تلك السياسات التقشفية باحتجاجات واسعة من قبل اللاجئين، واعتبروها بداية التخلي عن قضيتهم.

[تحرير] موقع الأونروا

لغات أخرى