محمد باشا كوبريللي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

مصطفى باشا كوبريللي مناضل كان جزاؤه الإعدام
تكبير
مصطفى باشا كوبريللي مناضل كان جزاؤه الإعدام

محمد باشا كوبريلي Köprülü Mehmet Pasha (و.1575 بيرات في ألبانيا - 31 أكتوبر 1661 إدرنه) مؤسس سلالة من النبلاء الذين تولوا منصب صدر أعظم في الدولة العثمانية.

شاء الله أن قيض عائلة "كوبريللي" للدولة العثمانية، في فترة كانت تمر بمرحلة من أخطر مراحل حياتها، حيث كانت تتأرجح بين الصعود والهبوط، والقوة والضعف، وأصبحت غايتها الأولى هي المحافظة بقدر الإمكان على ما تحت يديها.

وتعد هذه العائلة الكريمة من العائلات التي كان لها فضل كبير في حفظ الدولة العثمانية في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري.

ورأس هذه العائلة هو "كوبريللي محمد باشا" الصدر الأعظم، الذي تولى هذا المنصب في عهد "محمد الرابع"، ونجح في إعادة الأمن والنظام في الدولة، وفك الحصار الذي ضربه "البنادقة" عليها، ثم خلفه بعد موته ابنه "أحمد كوبريللي"؛ فأعاد للدولة بعض مجدها الغابر، كما سبق أن ذكرنا بعض إنجازاته في معرض حديثنا عن السلطان العثماني "محمد الرابع.

وبعد وفاة أحمد باشا كوبريللي (في 24 من رمضان 1087 هـ = 30 من أكتوبر 1676م) خلفه صهره "قرة مصطفى" في منصب الصدارة العظمى، وقام بأعمال عسكرية ناجحة على الجبهة الروسية، وحاصر فيينا، وكاد يفتحها، لولا خيانة جرت في الجيش العثماني، وكانت من أكبر الخيانات التي شهدها التاريخ العثماني.

فهرست

[تحرير] أحوال متردية

وبعد هزيمة فيينا عزل السلطان محمد الرابع الصدر الأعظم قرة مصطفى باشا، وأمر بقتله تحت تأثير بعض وشايات الناقمين على الصدر الأعظم، وذلك في (25 ذي الحجة 1093 هـ = 25 ديسمبر 1683) وانتهى دور عائلة كوبريللي مؤقتًا، وبدأ قحط الرجال الذين لا يستطيعون تنفيذ واجباتهم التي تقتضيها وظائفهم؛ حيث يتعاقبون واحدًا بعد واحد دون أن يكون لهم تأثير يذكر، وبدأت الدولة العثمانية تفقد أجزاء كبيرة من أراضيها نتيجة ضعف قادتها، وعصيان جنودها وغياب الجزم والانضباط، فضلاً عن تحالف الدول الأوروبية في حلف صليبي ضد الدولة، وقد ضم هذا الحلف: النمسا، وبولونيا، والبندقية، ورهبان مالطة، وروسيا، وبابا روما، وفرنسا. وترتب على ذلك أن احتلت جيوش البنادقة أغلب مدن اليونان، واحتلت النمسا بعض مدن المجر، واستولت على قلعة "نوهزل" التي سبق أن سقطت في يد الدولة العثمانية في (المحرم 1074 = أغسطس 1663م) وأحدث سقوطها دويًا هائلا في أوروبا.

[تحرير] ولاية سليمان الثاني

في ظل هذه الأجواء التي كانت تمر بالدولة العثمانية، تولى السلطان "سليمان الثاني" المولود في (15 من المحرم 1052 هـ = 15 من إبريل 1642م) عرش الدولة العثمانية خلفًا لأخيه السلطان "محمد الرابع" الذي عُزل عن منصبه في (2 المحرم 1099 هـ = 8 نوفمبر 1687م)، بعد فتنة داخلية قادها جنود الإنكشارية.


أعدم مصطفى باشا كوبريللي بسبب خيانة فيينا
تكبير
أعدم مصطفى باشا كوبريللي بسبب خيانة فيينا

ولم يستطع السلطان سليمان الثاني أن يعيد الأمن والنظام، ولا أن يحكم قبضته تماما على البلاد، أو يجبر الجنود العصاة على الانضباط والالتزام، وإنما زادت الأمور سوءا، بعد تجدد الثورات وتساهل السلطان في التعامل معها بشدة وحزم، وبلغ الأمر بالجنود الثائرين أن قتلوا "سياوس باشا" الصدر الأعظم، وسادت الفوضى عاصمة الدولة.

ولم تكن أوضاع الدولة الخارجية بأحسن حالاً من أحوالها الداخلية؛ فقد كان يجري قتال عنيف في المجر، أثمر عن احتلال النمسا لقلعة "أرلو" التي تقع على بعد 95 كم شمال شرقي "بودابست"، وكان السلطان "محمد الثالث" قد فتح "أكرا" قبل 91 سنة، وحين دخل الجنود النمساويون المدينة، نسفوا كل الآثار المعمارية العثمانية، ومن بينها 41 مسجدًا، وتوالت المصائب على الدولة؛ فقامت البندقية بالاستيلاء على مدينة "ليبانتي" اليونانية، وسواحل "داتشيا" كافة، وسقطت بلجراد في أيدي النمساويين في (23 ذي القعدة 1100 هـ = 8 سبتمبر 1688م) بعد حصار استمر 29 يومًا، وتم إجلاء المسلمين الموجودين بها، ومن بقي منهم ذبحه الجنود النمساويون مع بقية الحامية العثمانية، وحُوِّل أكثر من 100 مسجد إلى كنيسة، وفقدت الدولة بعض بلاد الصرب التابعة لها.

[تحرير] عودة إلى كوبريللي

أصبحت الدولة العثمانية في موقف لا تحسد عليه، بعد أن أحاط بها الأعداء من كل جانب، ولم يعد لها مخرج لمقاومة هذا الضعف إلا بالبحث عن الأكْفَاء المهرة من رجالها وقادتها؛ فاجتمع مجلس ثوري السلطنة، وقرر بالإجماع تعيين "مصطفى باشا كوبريللي" في منصب الصدارة العظمى، وكان وراء هذا الاختيار الموفق شيخ الإسلام في الدولة العثمانية "باغ زاده محمد أفندي".

كان الصدر الأعظم الجديد إداريًّا حازمًا، وقائدًا ماهرًا، وداهية في الحرب، فقد ورث كثيرا من الخلال العظيمة من أخيه الكبير "أحمد باشا كوبريللي" وأبيه "محمد باشا كوبريللي"، وبمجرد أن باشر عمله أحدث إصلاحات في مجالات: الزراعة والمالية، وأنظمة إدارية، وأعاد الانضباط إلى الجنود وردع المتمردين منهم، وأصلح الجيش.‏


[تحرير] مصادر الدراسة

محمد فريد بك: تاريخ الدولة العثمانية - تحقيق إحسان حنفي - دار النفائس - بيروت - 1403هـ = 1983م.

عبد العزيز محمد الشناوي: الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها – مكتبة الأنجلو المصرية القاهرة - 1984م.

يلماز أوزتونا: تاريخ الدولة العثمانية - مؤسسة فيصل للتمويل- إستانبول - 1988م.

علي حسون: تاريخ الدولة العثمانية- المكتب الإسلامي بيروت- 1415هـ = 1994م.

لغات أخرى