معركة ذي قار
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
ذي قار هي معركة شهيرة قامت في جنوب العراق بين العرب والفرس إنتصر فيها العرب.
كان من أعظم أيام العرب ، وأبلغها في توهين أمر الأعاجم ، وهو يوم لبني شيبان ، وهوأول يوم انتصرت فيه العرب على العجم . وخبره كالتالي :
ذكر كسرى بن هرمز يوماً الجمال العربي ، وكان في مجلسه رجل عربي يقال له : زيد بن عدي ، وكان النعمان قد غدر بأبيه وحبسه ثم قتله ، فقال له : أيها الملك العزيز إن خادمك النعمان بن المنذر عنده من بناته وأخواته وبنات عمه وأهله أكثر من عشرين امرأة على هذه الصفة .
وأرسل كسرى زيداً هذا إلى النعمان ومعه مرافق لهذه المهمة ، فلما دخلا على النعمان قالا له : إن كسرى أراد لنفسه ولبعض أولاده نساءاً من العرب ، فأراد كرامتك ، وهذه هي الصفات التي يشترطها في الزوجات . فقال له ا لنعمان : أما في مها السواد وعين فارس ما يبلغ به كسرى حاجته ؟ يا زيد سلّم على كسرى ، قل له : إن النعمان لم يجد فيمن يعرفهن هذه الصفات ، وبلغه عذري . ووصل زيد إلى كسرى فأوغر صدره ، وقال له : إن النعمان يقول لك : ستجد في بقر العراق من يكفينك .
فطار صواب كسرى وسكت لكي يأمن النعمان بوائقه ، ثم أرسل إلى النعمان يستقدمه ، فعرف النعمان أنه مقتول لا محالة ، فحمل أسلحته وذهب إلى بادية بني شيبان حيث لجأ إلى سيدهم هانئ بن مسعود الشيباني وأودع عنده نسوته ودروعه وسلاحه ، وذهب إلى كسرى ، فمنعه من الدخول إليه وأهانه ، وأرسل إليه من ألقى القبض عليه ، وبعث به إلى سجن كان له ، فلم يزل به حتى وقع الطاعون هناك فمات فيه .
وأقام كسرى على الحيرة ملكاً جديداً هو إياس بن قبيصة الطائي ، وكلفه أن يتصل بهانئ بن مسعود ويحضر ما عنده من نساء النعمان وسلاحه وعتاده ، فلما تلقى هانئ خطاب كسرى رفض تسليم الأمانات ، فخيره كسرى إما أن يعطي ما بيده ، أو أن يرحل عن دياره ، أو أن يحارب ، فاختار الحرب ، وبدأ يعد جيشاً من بكر بن وائل ومن بني شيبان ومن عجل ويشكر والنمر بن قاسط وبني ذهل .
وفي أثناء ذلك جمع كسرى نخبة من أبطال الفرس ومن قبائل العرب التي كانت موالية له وخصوصاً قبيلة إياد ، ووجههم ليجتاحوا هانئاً ويحضروه صاغراً إلى كسرى.
فلما وصل جيش كسرى وحلفاؤهم من العرب أرسلت قبيلة إياد إلى هانئ : نحن قدمنا إلى قتالك مرغمين ، فهل نحضر إليك ونفرّ من جيش كسرى؟ فقال لهم : بل قاتلوا مع جنود كسرى ، واصمدوا إلينا أولاً ، ثم انهزموا في الصحراء ، وإذ ذاك ننقض على جيش كسرى ونمزقهم .
وقدم الجيش الفارسي وحلفاؤهم من إياد فوجدوا جيش هانئ قد اعتصم بصحراء لا ماء فيها ولا شجر ، وقد استقى هانئ لجيشه من الماء ما يكفيهم ،فبدأ الفرس يموتون من العطش ، ثم انقضوا على جيش هانئ كالصواعق ، وبينما هم في جحيم المعركة انهزمت قبيلة إياد أمام هانئ وانقضت على الفرس الذين حولها ، فأثخنت فيهم ومزقتهم ، وقتل كل أبطال فارس الذين أرسلهم كسرى لإحضار هانئ حياً ، فلما رجعت بعض فلول الفرس إلى كسرى إذا هم كالفئران الغارقة في الزيت .
وكانت ساحة ذي قار أرضاً يغطي الزفت والقطران كثيراً من أرضها ، فلما رآهم كسرى على ذلك الشكل قال لهم : أين هانئ ؟ وأين أبطالكم الذين لا يعرفون الفرار، فسكتوا فصاح بهم ، فقالوا : لقد استقبلنا العرب في صحرائهم فتهنا فيها ومات جميع القادة وخانتنا قبيلة إياد حين رأوا بني جنسهم ، فكاد كسرى يفقد عقله ، ولم يمضي عليه وقت قصير حتى مات حسرة ، فتولى مكانه ابنه شيرويه .
وقد حدث بعض من حضر يوم ذي قار أن قبائل بكر استصحبوا من خلفهم نساءهم وانقضوا على الجيش الفارسي ، فبرز أحد العلوج وطلب المبارزة فانقض عليه عربي من بني يشكر اسمه برد بن حارثة اليشكري فقتله ، وكان هانئ قد نصب كميناً من وراء الجيش الفارسي ، فانقض الكمين على الملك الجديد الذي كان كسرى عينه خلفاً للنعمان بن المنذر ، وفي أثناء ذلك أحس العرب روابط الأخوة التي تنتظمهم ، فانسحب من جيش فارس كثير من العرب الذين كانوا يعطون ولاءهم لفارس من قبائل تميم وقيس عيلان فانقضوا على الفرس الذين يلونهم بعد أن كانوا يدينون بالولاء لهم ، وعرف العرب أنهم كانوا مخدوعين بملك رخيص كان كسرى يضحك به على بعض أذنابه منهم .
وروي عن محمد بن عبدالله رسول الإسلام أنه لما بلغه انتصار قبائل بكر بقيادة هانئ بن مسعود الشيباني على عساكر الفرس قال : ( هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم ، وبي نصروا ) .
والحق أن انتصار العرب على العجم في ذي قار كان نواة لمعركة القادسية التي أعز الله فيها قبائل العرب بنور الإسلام ، ونبوة محمد عليه الصلاة والسلام .
هذا وقد روت مصادر أخرى : أن يوم ذي قار صادف مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم اليوم الذي اشتدت فيه الشمس وسطع نورها وازداد حرها مما ساعد على اندحار الفرس !!..
[تحرير] مرجع
http://altareekh.com/doc/article.php?sid=229
[تحرير] جزء من قصيدة الأعشى -أعشى قيس- يصف يوم ذي قار
- إن الأعز أبانا ـكان قال لنا : أوصـيـكـم بـثـلاث إنـني تــلـف
- الضيف أوصيكم بالضـيف ، إن له حــقـاً عليّ ، فأعـطيـه وأعـترف
- والجار أوصيـكم بالجـار ، إن له يوماً من الدهر يثنيه ، فينصرف
- وقاتلوا القوم ان القتل مكرمة إذا تـلوى بـكـف المعـصم العرف
- وجند كسرى غداة الـحنو صبـحهم منا كتائب تزجي الموت فانصرفوا
- لما التقـينا كشفـنا عن جماجمـنا ليـعلـموا أننـا بكر فينحرفوا
- قالوا : البـقيّة والهندي يحصدهم ولا بقيّة إلا الـنار ، فانكشفوا
- جحاجـح ، وبـنو ملـك غطـارفـة من الأعـاجم ، في آذانـها النطف
- إذا أمالوا الى النشاب أيديهـم ملنـا ببيـض فـظـل الهام يخـتطف
- وخيل بـكر فما تنـفك تطـحنهـم حتى تولوا ، وكاد اليوم ينـتـصف
- لو أن كـل معـد كـانـشاركـنـا في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف
ومن هذه القصيدة نستنتج أن :
- أغلب جيش العرب كان من بني بكر ، راجع البيت السادس.
- جيش كسرى لجأ إلى الرمي بالأسهم أما العرب فاستمروا بالسيوف الهنديّة، راجع البيت التاسع.
- أغلب جيش العرب كان جيّالة وليسوا راجله (مشاة) ، راجع الشطر الأول من البيت العاشر.
- استمرت المعركة منذ الصباح الباكر (كعادة العرب) وحتى الظهيرة ، راجع الشطر الثاني من البيت العاشر.
- يبرهن الأعشى على الهزيمة النكراء لجيش كسرى بطريقة غير مباشرة حيث يقول أنهم نالهم الشرف في يوم ذي قار والشرف لا يأتي إلّا بدحر الأعداء ، راجع البيت العاشر.