جون جارانج

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

جون جارانج دي مابيور (1945 - 2006) زعيم سوداني جنوبي، ونائب رئيس الجمهورية.

أعلن السودان رسميا الإثنين 1-8-2005 مقتل رجل الحرب والسلام جون جارانج زعيم المتمردين الجنوبيين سابقا الذي صار نائبا أول لرئيس الجمهورية بعد صراع مرير حصد أرواح مئات الألاف من أبناء السودان.

ونعى بيان للرئيس عمر حسن البشير "رجلا آمن بالسلام وعمل له بصدق وقوة عزيمة مما فتح له قلوب أهل السودان"، هو وستة من مرافقيه وطاقم مروحية أوغندية مؤلف من 7 أفراد كانت تقلهم في ظروف جوية سيئة عائدة إلى السودان ليل السبت 30-7-2005 بعد محادثات مع الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني.

كان جارانج ضابطا في الجيش السوداني عندما أرسل إلى الجنوب أوائل الثمانينيات من القرن الماضي لإخماد تمرد قادة 500 من أفراد الجيش هناك، لكنه بدلا من إخماد التمرد ساهم في إشعاله بانضمامه إليه مكونا نواة الجيش الشعبي لتحرير السودان، ومن وقتها لم يعد إلى الخرطوم إلا يوم 8-6-2005 حيث استُقبل استقبال الفاتحين.

وجاء مقتله بعد أسابيع من توليه منصب النائب الأول للرئيس يوم 9-7-2005 بموجب اتفاق وقع في منتجع نيفاشا الكيني في يناير 2005 مع حكومة الخرطوم لاقتسام السلطة والثروة بين شمال وجنوب البلاد بعد 22 عاما قضاها في تمرد ضد الحكومة المركزية في أطول حرب أهلية شهدتها القارة الأفريقية.

ولد جون جارانج دي مابيور عام 1945 في منطقة بور إحدى مناطق قبيلة الدينكا جنوب السودان لأسرة ميسورة. وتلقى تعليمه الأولي في منطقته. وعمل راعيا للمواشي التي تملكها الأسرة مثل أترابه، ثم انتقل للخرطوم وعمل خفيرا في الهيئة القومية للكهرباء، ومنها ذهب للعمل في منطقة الدمازين بالنيل الأزرق.

ودرس المرحلة الثانوية في مدرسة رومبيك وهي من أعرق المدارس الثانوية في السودان، ثم أغلقت المدرسة بسبب الثورة التي كانت قد اندلعت في الجنوب عام 1955.

والتحق جارانج بحركة "إنيانيا" - معناها "الثعبان السام"- عام 1963، وهي الثورة التي قادها نائب الرئيس السوداني الأسبق جوزيف لاقو، وكانت تسمى حركة تحرير جنوب السودان، ووقتها كان جارانج يبلغ من العمر 18 عاما.

وأكمل تعليمه الثانوي في المدارس العليا بجمهورية تنزانيا، وتوجه إلى كينيا، وعمل في التدريس عام 1965 بمدرسة كانتوناقا الثانوية التي تسمى الآن مدرسة ماونت كينيا العليا.

وبعد اتفاق أديس أبابا عام 1972 بين جوزيف لاقو والرئيس السابق جعفر نميري تم استيعاب جارانج في القوات المسلحة السودانية برتبة نقيب الدفعة الثامنة عشرة، وهي ذات الدفعة التي التحق بها الرئيس السوداني الحالي عمر البشير.

واتجه جارانج إلى الولايات المتحدة للدراسة، ونال الدكتوراة في الاقتصاد الزراعي عام 1981 من جامعة أيوا بالولايات المتحدة. موضوع رسالة الدكتوراه كان "قناة جونجلي". ثم عاد في العام ذاته ليعمل برتبة عقيد في مركز البحوث العسكرية في الجيش السوداني والتدريس بجامعة الخرطوم كلية الزراعة.

[تحرير] تمرد الجنوب

جون جارانج ببذته العسكرية

واكتشف البترول بجنوب السودان عام 1978، وبعدها بخمس سنوات اندلعت الحرب الأهلية مرة ثانية، وكان طرفاها القوات الحكومية والحركة الشعبية لتحرير السودان، وجناحها العسكري الجيش الشعبي لتحرير السودان.

وتم إرسال جارانج الذي كان ضابطا في الجيش السوداني إلى الجنوب بعد بدء الحرب الأهلية لقمع تمرد قام به 500 جندي جنوبي رفضوا أوامر بالتوجه إلى الشمال لكنه لم يعد. ومن هنا بدأت قصة الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي تأسس في 16 مايو 1983؛ حيث تم انتخاب جارانج رئيسا له بعد فترة وجيزة من انضمامه إليها ليخوض إحدى أطول الحروب في القارة الإفريقية بين الجنوب المسيحي والوثني من جهة والشمال المسلم من جهة أخرى.

وشجع جارانج على التمرد في مواقع أخرى، ووضع نفسه على رأس حركة التمرد ضد حكومة الخرطوم. وقضى زعيم التمرد بداية حياته في غابات الجنوب. ورغم أنه كان في قلب الصراع لفترة طويلة؛ فإن ما يعرف عن جارانج الإنسان لا يزال قليلا.

وهو متزوج من السيدة ربيكا جارانج إحدى القائدات في الجيش الشعبي ومحاربة فيه، ولديه 4 بنات يدرسن في المراحل الثانوية وولدان يدرسان في الولايات المتحدة.

وعرف عن جارانج أنه رجل ذو شخصية آسرة وذو قدرات قيادية واضحة وأنه عسكري محترف. كما عرف عنه أنه لم يكن يتهاون مع المعارضة له؛ فمصير من يختلف معه أو مع القيادة هو السجن أو القتل.

ونجا جارانج من عدة محاولات لقتله سواء من داخل حركته أم من خارجها. كما تعرضت حركته في الفترة من 1989 إلى 1995 لهزات عنيفة بسبب الانشقاقات الداخلية من جهة واشتداد ضربات الجيش السوداني على معاقل الحركة من جهة أخرى، إلا أنه تمكن من الحفاظ على وحدة الحركة الشعبية لتحرير السودان مع توسعها وتزايد عدد أفرادها بشكل كبير.