المكتبة الزكية
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الخزانة الزكية هي مكتبة المخطوطات التي جمعها أحمد زكي باشا ، ثم تبرع بها لدار الكتب المصرية في (16 ذي الحجة 1339هـ/21 أغسطس 1921م).
هو أحمد زكي بن إبراهيم، أحد أعيان النهضة الأدبية في مصر، ومن رواد إحياء التراث العربي الإسلامي، واشتهر في عصره بلقب شيخ العروبة.
تعد الخزانة الزكية العمل الأكبر الذي قام به أحمد زكي وخلد ذكره، ولم يضن في تكوينها بمال وجهد حتى صارت واحدة من كبريات المكتبات الخاصة في الشرق الإسلامي.
وساعده على تكوينها وظيفته المرموقة في الحكومة، ورحلاته المتعددة، وبذله المال بسخاء في سبيل الحصول على ما يريد من كتب ومخطوطات، وقد بدأ في جمعها وهو طالب صغير يتردد على بائعي الكتب المعروفين في مصر من أمثال أمين هندية وعبد الحميد الطوني، ثم اجتمع له ما أخذه من شقيقه من كتب كانت لديه، بالإضافة إلى ما كان يأخذه من جوائز مدرسية، وما اشتراه من مكتبات الأعلام الراحلين، مثل مكتبة الأمير محمد إبراهيم، ومحمد بك واصف، وكانت مكتبة نفيسة اشتراها بألفين من الجنيهات.
كما اشترى مكتبات علي باشا إبراهيم، والشيخ رضوان العفش، وحسن حسني باشا، بالإضافة إلى ما اقتناه في أثناء رحلاته إلى أوربا والأستانة، واستطاع في إحدى رحلاته إليها أن يزور مكتبة سراي طوب قبو، وكانت مغلقة في وجه أي زائر لقرون عديدة، وأن يبقى بها أربعة أشهر كاملة نسخ منها عددا من الذخائر العربية.
وفي دمشق استطاع بمساعدة أصدقائه ومعارفه شراء نفائس الكتب، كما استحضر عشرات الكتب النادرة من العراق والهند. وبمضي الأيام تضخمت المكتبة، واتسعت حتى بلغت في سنة (1337 هـ=1919م) حوالي اثني عشر ألف كتاب.
[تحرير] محتويات المكتبة
وقد احتوت مكتبته على مؤلفات فريدة لا نظير لها في مكتبة دار الكتب أو غيرها، فضلا على أكثر من مائة صحيفة ومجلة من الدوريات العربية لا يوجد منها شيء في الدار العريقة، وتضمنت المكتبة أيضا مجموعة الفرمانات الصادرة باللغة العربية بخصوص الحكومة المصرية، والمجلة الآسيوية التي تصدر من باريس من أول عدد سنة 1822م إلى ما بعد سنة 1930م، ومجموعة الكتب التي صدرت من مطبعة بولاق ومطبعة مدرسة الطب، وعشرات الكتب التي طبعت في الشام والجزائر ومراكش ومالطة.
ومن أهم المجموعات التي اقتناها الكتب العربية المطبوعة في أوربا في مجالات الفلسفة والطب والعلوم والفلك والأدب، ومن أهمها كتاب "القانون" وجزء من كتاب الشفاء، وهما لابن سينا، وقد طبعا في روما سنة 1593م.
وضمت المكتبة نحو ألف وخمسمائة مخطوط، وبلغ الشغف بجمع الكتب واقتنائها إلى أن سعى لدى وزارة المعارف حتى وافقت على إلغاء الرسوم الجمركية على الكتب.
[تحرير] مكان المكتبة
وقد تنقلت المكتبة الزكية من مكان لآخر، فكانت في بادئ الأمر بمنزل أحمد زكي خلف سراي عابدين، حتى وافق مجلس النظار على طلب "أحمد حشمت باشا" ناظر المعارف في سنة (1330هـ=1910م) بتخصيص مكان خاص لمكتبة أحمد زكي في دار الكتب. وظلت الخزانة الزكية مفتوحة الأبواب كل يوم من الساعة الرابعة بعد الظهر حتى منتصف الليل، وبذلك أتاح مكتبته للراغبين في البحث والاطلاع للتردد عليها والاستفادة من كنوزها.
ثم وقع خلاف بينه وبين الحكومة في سنة (1339 هـ=1921م) كان من شأنه أن طُلب منه أن ينقل مكتبته من دار الكتب، فاستجاب ونقل مكتبته العامرة، ولخوفه من ضياعها أو تبديدها بعد وفاته -وهو الذي أنفق عليها أموالا طائلة- حرر وقفية في (16 ذي الحجة 1339هـ/21 أغسطس 1921م) بموجبها أهدى مكتبته إلى وزارة الأوقاف، واشترط في وقفيته أن تكون له النظارة على مكتبته مدى حياته، ثم تؤول بعد ذلك إلى وزير الأوقاف بصفته الرسمية، وأن يكون مقر المكتبة مدرسة السلطان الغوري، وأن تسمى "الخزانة الزكية" وتبقى مستقلة بشخصيتها، فلا تضاف إلى دار كتب أخرى، وأن تكون المطالعة في قبة الغوري.
وظلت "الخزانة الزكية" قائمة في مكانها حتى وفاته في (21 ربيع الأول سنة 1353هـ= 5 يوليو سنة 1934م)، وكانت قد تجاوزت ثمانية عشر ألف كتاب.
وبعد وفاته صدر قرار من وزير الأوقاف بنقل الخزانة الزكية إلى دار الكتب المصرية لتكون واحدة من أعظم الدعائم التي قامت عليها شهرتها بين دور الكتب في العالم.