حاتم الطائي
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
هو حاتم بن عبد الله بن سعد من قبيلة طـئ يعتبر من اشهر رجال العرب المشهورين بالكرم والشهامة ويعد مضرب المثل في الجود و الكرم.
طي الحاتميه الحائليه من صميم التاريخ (للساحه الحاتميه)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده
اما بعد
لان الساحه سميت الساحه الحاتميه فاحببت ان اتحف ساحاتنا الغراء بهذه النبذه التاريخيه
حاتم (((( و حاتم بن عبد الله بن سعد من طـئ كان جواداً شاعراً كان ظفراً إذا قاتل غلب وإذا
غنم أنهب وإذا
سُئل وهب وإذا ضرب القداح سبق وإذا أسر أطلق وقد قسم ماله بضع عشرة مرة وكان أقسم بالله
لا يقتل واحد أمه ( وحيد أمه ) . كان في بيته قدور عظام لا تنزل عن الأثافي (حجارة
الموقد) كان غلام يرعى أبل أبيه فمر به عبيد بن الأبرص والنابغة الذبياني وبشر بن أبي حازم
فنحر لهم ثلاثة من أبله وهو لا يعرفهم فلما سأل عنهم فتسموا له فرق فيهم الإبل كلها فعلم أبوه بذلك
فأتاه فقال له : ما فعل الإبل قال يا أبه طوقتك مجد طوق الحمامة وأخبره بما صنع فقال له أبوه :
لا أساكنك أبداً فاعتزل أبيه . ويقال أجواد العرب ثلاثة كعب بن مامه وحاتم طئ وهرم بن سنان
الذي مدحه زهير . .......... وقصص جوده و بذله كثيرة كثيرة ليس هذا مكان
لذكرها .
حاتم الطائي وما من شيمتي شتم ابن عمي ومــا مــن مـخلف مـن يـرتجيني سـأمـنحه عـلـى الـعـلات حـتـى أرى مـــــأوي أن لا يـشـتـكـيـني وكـلـمة حـاسـدٍ مــن غـير جـرم سـمعت وقـلت مـري فـأنقذيني وعـابـوهـا عــلـي فــلـم تـعـبني ولـــم يـعـرق لـهـا يــوم جـبـيني وذي وجـهـيـن يـلـقـاني طـلـيـقاً ولــيــس إذا تــغـيـب يـأتـسـيني نــظـرت بـعـيـنه فـكـفـفت عـنـه مـحافظة عـلى حـسبي وديـني فـلـومـيني إذا لـــم أقـــر ضـيـفا وأكــرم مـكـرمي وأهـن مـهيني
حاتم
((حاتم الطائي وقصة فرسه يعلمها الكثير وربما ما قد لا يعلموه ان حاتم الطائي اشهر كرام
العرب كان
في عصر الجاهلية قبل الاسلام وكان مسيحيا . من شدة كرمه لم يبقى لديه سوى فرسه ، سمع
ملك الروم بان اكرم كرام العرب لم يعد يملك سوى فرسه فاراد ان يختبر كرمه بفرسه هذا لكي
يتحقق من صدق الروايات التي كانت تحكى بحق هذا الرجل الكريم فارسل اليه رسولا متنكرا لكي
يطلب منه الفرس كهدية . وصل الضيف الى مضارب طي وقصد حاتم ونزل ضيفا عليه . ومن اصول الضيافة ان لا يسأل الضيف عن حاجته الا بعد مرور ثلاثة ايام على ضيافته . لقد حل ضيف على حاتم فوجب عليه ان يذبح له . ولما لم يبق لديه شيئا من الغنم او غيره من
الحلال مما يذبح اشار الى رجاله ان اذبحوا الفرس فذبحوها ( العرب كانت تاكل لحوم الخيول
والغرب حاليا ياكل لحم الخيول)وقدم الطعام للضيف واكل الجميع ونامو ا ، وفي صباح اليوم التالي
لم يشأ الضيف ان يمضي الايام الثلاثة ليطلب حاجته فاراد ان يعود الى اهله بعد تنفيذ رغبة الملك
وهي اختبار كرم حاتم ، فتقدم الضيف الى مضيفه وقال له علمت ان لديك فرسا وودت لو اهديتني
اياه ،فارتبك حاتم قبل ان يجيبه لان لم يسبق له ان رد طلبا فاستجمع شجاعته وقال له معاتبا :
لماذا لم تخبرني بحاجتك امس عند وصولك ؟لانني ذبحته واطعمتكه ولم يعد بمقدوري ان اعطيك اياه
فعاد الرسول الى الملك بدون الفرس ، ورغم ان القصتين تتشابهان في ان العائد عاد دون الفرس الا
انهما ايضا تتشابهان في قيمة الكرم التي هي صفة العرب و المسيحيين فلقد كان حاتم الطائي وباهي
دديزا كلاهما مسيحيان . وهذه القصة قد يكون من ال دديزا من يعرف تفاصيلها اكثر مني فانا لم
اعش هذه القصة وانما سمعتها من والدي
(((نبذه عن طي
سكن حائلا في القديم طيّئ بن أدد : قبيله عظيمة من كهلان القحطانية ، وتتفرع منهم بطون عديدة
منها : بنو جديله وهي أمهم ، وهم جندب ، وحور ، يعرفون بأمهم ، وبنو رمعان ، وبنو جدعاء بن
رومان ، الثعالب ، وبنو تيم الذين يقال لهم مصابيح الظلام ، وبنو علوة ، وبنو زنمة ابن عمرو ، وبنو
لام بن عمرو ، وبنو أشنع بن عمرو ، وبنو عنيد ، بنو عتود ، بنو فرير ، بنو سلسلة ، بنو دغش ، بنو
هذمة ابن عنّاب ،بنو سمبس ، بنو شمجي ، بنو نبهان بن عمرو ، بنو نابل ، بنو المشر ، بنو الصامت
، بنو بولان ، بنو صيفي ، ومنهم بنو شمّر ، نسبة إلى شمّر بن عبد جذيمة بن ثعلبه بن سلامان بن
ثعل ، بن عمرو بن الغوث بن طيىء ، بطن من طيّىء: منهم قيس بن شمّر ، وهو الذي ذكره
أمرؤ القيس فقال: (( وهل أنا لاق حيّى قيس بن شمّرا )) . ومنهم الجرنفش الشاعر
بن عبده بن امرؤ القيس بن زيد بن عبد رضا بن جذيمة بن حبيب بن امرؤ شمّر الذي أسرته الدّيلم
وله حديث :
كانت منازل طيّىء - ومنهم شمّر- باليمن فخرجوا منه على إثر خروج الأزد منهم ، ونزلوا
سميراء و فيدا ، في جوانب بني أسد ثم غلبوهم على أجأ وسلمى وهما جبلان من بلادهم فاستقروا
بهما ، ثم ورثت من بلاد بني أسد بلادهم فيما وراء الكرخ من أرض غفر ، ثم ورثوا منازل تميم
بأرض نجد فيما بين البصرة والكوفة واليمامة ، وورثوا ببطن مما يلي وادي القرى .
وبصفه عامه فقد أنتشروا وملأوا السهل والجبل " حجازا وشاما وعراقا ثم أضطرّت إلى الجلاء
عن جنوب فلسطين.
ولقد ورد في كتاب أسماء القبائل وأنسابها "تأليف السيد معز الدين محمد المهدي الحسيني الشهير
بالقزويني" المتوفى سنة 1300هـ. الآتي عن نشأت شمر:
قال القزويني (شمّر قبيلة من العرب ، ذات بطون ، تنسب إلى شمر ذي الجناح من قحطان ، منهم
في نجد ، ومنهم في العراق ،والموصل إلى سنجار ، والظاهرأنهم ينسبون إلى شمر برعش بن
افريقش بن أبرهه ذي المنار ، أحد ملوك التبابعة من اليمن ، سمي شمر برغش لارتعاش كان به ،
وخرج نحو العراق ، ثم توجّه نحو الصين ودخل مدينة السند وهدمها ، فسميّت شمر كند ، أي شمر
خرّبها ، وعمرت بعد ذلك ، فسمّية سمر قند ، وقيل بني شمر يرعش ، فقيل شمر كند ، فعرّبت فقيل
سمر قند )
ومن حوادثهم التاريخية :-
أن قبيلة طي أغارت على إياد بن نزار بن معد يوم رحا جابر فظفرت بهم وغنمت وسبت.
أن بني عامر أغارت عليهم فنذرت بهم طيّ فاقتتلوا فظفرت عليهم طيّ.
أن قبيلتي غنى وعبس أغارت على طيّ كما غزاهم عمو ابن هند وكان بين طي وبني أسد حرب
بالحفيّ" وهي قريبة من قادسية الكوفه " ثم اصطلحوا مكانوا حليفين.
إســـلامهم :
بعث النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه سنة تسع من الهجرة ومعه مائة
وخمسون من الأنصار فهدم صنمهم المسمّى ( الفلس) ـ بضم الفاء والام ـ وكان بنجد تعبده طيّ
وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفد من طيّ فيه زيد الخيل سنة تسع " وهو سيّدهم"
ففرض عليهم الاسلام فأسلموا وحسن إسلامهم وقال عليه الصلاة والسلام (( ما ذكرني رجل
من العرب بفضلهم ثمّ جاءني إلاّ رأيته دون ما يقال فيه إلاّ زيد الخيل فإنه لم يبلغ كلّ ما فيه سما زيد
الخير ))
ولمّا أرتدت العرب تمسّكت طيّ بالاسلام وحاربت مع المثنّى في العراق سنة 14 هـ وناصرت عليّ
بن أبي طالب في سنة 36هـ.
(((((((((( نبذه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه)))))
عدي بن حاتم (توفي 68 هـ)
هو عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي، كني بأبي وهب وأبي طريف، أسلم سنة
9 هـ، كان خطيبا حاضر البديهة وكان رئيس طي في الجاهلية والإسلام، قام في حروب الردة
بأعمال كبيرة، وشهد فتح العراق، سكن الكوفة وبها توفى.
((روايه اسلام عدي بن حاتم
في احد غزوات الصخابه في بلاد الشام وقعت فتاه في الاسر بيد صحابة الرسول صلى الله عليه
وسلم يقال لها سفانه ابنت حاتم الطائي وبلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام اكرموا هذه المرأه فأنها بنت كرام وملوك ثم علم من خبرها انها اخت
عدي بن حاتم فارسل له الرسول صلى الله عليه وسلم ان رادوك الى اعلك معززة مكرمه فأخبري
اخاك عدي ان محمد يريد ان يراك تزوره في المدينه فلما وصلت الى اخيها واخبرته شد رحاله ولم يقف الا في المدينة المنوره وكان في ذلك الوقت ملكا
على الشام وكان يدين النصرانيه فلما وصل الى المدينة المنورة رأى الصحابة متحلقين يسمعون لكلام المصطفى بأبي هو وامي عليه
الصلاة والسلام فأحبروا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن عدي ابن حاتم يستأذنك بلقائك فقام عليه الصلاة والسلام واخذ عدي بن حاتم رضي الله عنه بيده ومشى معه وكل مامر الرسول صلى الله عليه وسلم على
احد من كبار السن وكبيرات السن ابتسم لهم وسألهم عن احوالهم ودعا للمريض واعان المحتاج
وقدر الكبير وعطف على الصغير حتى وصل الى بيته وكان عند مركى وحصير يجلس عليه محمد
صلى الله عليه وسلم فقدم عدي وقال له اجلس ياابن الملوك فان اباك اشتهر يضرب به المثل بالكرم
ومازال الرسول يسأله عن حاله ويتلطف معه بحسن الكلام وادب الضيف حتى نهض عدي بن حاتم
وقال مالذي يدخلني بدينك يامحمد فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ان تشهد ان لااله الا الله
وانني رسول الله ) فنتطقها عدي بكل رحابة صدر وذلك فقط مما رأى من حسن اللقاء مع
الرسول صلى الله عليه وسلم وقبل ان يقول له الرسول صلى الله عليه وسلم أي كلمه عن هذا
الدين سوى تلك المعامله التى رأها من الرسول صلى الله عليه وسلم ثم قام الرسول وقبل عدي بن حاتم وفرح بأسلامه واسلمت اخته سفان وكثير من الطائيين دخلوا
الاسلام على اثر ذلك
وفي حروب الرده وقف الطائيين مع ابا بكر رضي الله عنه وقوف الرجال ولم يرتد منهم احد بعد
وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم
احاديث ذكر بها حاتم وكرمه
جاء في " حاتم الطائي " عدة أحاديث منها الحسن ومنها الضعيف ومنها الموضوع .
أ. عن عدي بن حاتم قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبي كان يصل الرحم ويفعل
ويفعل فهل له في ذلك - يعني : من أجر - ؟ قال : " إن أباك طلب شيئاً فأصابه "
.
رواه أحمد ( 32 / 129 ) ، وحسَّنه الشيخ شعيب الأرناؤط .
ب. عن عدي بن حاتم قال : قلت : " يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم ، وكان يفعل
ويفعل ، قال : إن أباك أراد أمراً فأدركه - يعني : الذِّكر - .
رواه أحمد ( 30 / 200 ) ، وحسَّنه الشيخ شعيب الأرناؤط ، وصححه ابن حبان (
1 / 41 ) .
ج. عن سهل بن سعد الساعدي أن عدي بن حاتم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
" يا رسول الله إن أبي كان يصل القرابة ويحمل الكلَّ ويطعم الطعام ، قال : هل أدرك الإسلام
؟ قال : لا ، قال : إن أباك كان يُحبُّ أن يُذكر " .
رواه الطبراني في " الكبير " ( 6 / 197 ) ، وفيه : رشدين بن سعد ، وهو
ضعيف ، لكن يشهد له ما قبله .
ومعنى : ( يحمل الكلّ ) أي ينفق على الضعيف والفقير واليتيم والعيال وغير ذلك .
د. عن ابن عمر قال : ذُكر حاتم عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " ذاك رجلٌ أراد
أمراً فأدركه " .
قال الهيثمي :
رواه البزار ، وفيه عبيد بن واقد العبسي ضعفه أبو حاتم .
" مجمع الزوائد " ( 1 / 119 ) .
لكن يشهد له ما قبله .
قال ابن كثير :
وقد ذكرنا ترجمة حاتم طيء أيام الجاهلية عند ذكرنا من مات من أعيان المشهورين فيها وما كان
يسديه حاتم إلى الناس من المكارم والإحسان ، إلا أن نفع ذلك في الآخرة أي : ( مشروط )
بالإيمان ، وهو ممن لم يقل يوماً من الدهر رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين .
" البداية والنهاية " ( 5 / 67 ) . والله اعلم
(((((((((نبذه عن سفانه بنت حاتم رضي الله عنها
اسمها ونسبها:
هي سفانة بنت حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن أبي
أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيء الطائي ، وأبوها حاتم الجواد
الموصوف بالجود الذي يضرب به المثل [1] ، وكنيته أبو سفانة، وأبو عدي ، وكني بابنته سفانة
–رضي الله عنها ؛ لأنها أكبر ولده ، وبابنه عدي بن حاتم[2].
كان أبوها حاتم الطائي من أبرز شعراء العرب ، وأكثرهم جواداً، وجوده يشبه شعره ، ويضرب به
المثل في الكرم وحسن الخلق ؛فيقال :" أكرم من حاتم " ؛ لأنه كان زاهداً في الخير ، يزهد
بما في يديه وإن أتته الدنيا بحذافيرها ، فقد كان ينفق كل ما لديه للضيوف والمحتاجين ، حتى لو كلفه
ذلك جوع أهله وولده ، حتى أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها فيه عندما وصفته : " يا
جارية ، هذه صفة المؤمن حقاً ، لو كان أبوك إسلامياً لترحّمنا عليه خلّوا عنها فإن أباها كان يُحِبّ
مكارم الأخلاق ، والله يحب مكارم الأخلاق ). [3] ، و توفي حاتم سنة 46 ق.هـ ولم
يدرك الإسلام . [4]
صفاتها:
كانت سفانة رضي الله عنها من فواضل النساء، جزلة فصيحة متكلمة ، تملأها الثقة والعزة
بمكارم الأخلاق، وكانت تعتز بنسبها وبأبيها وبكرمه، وتفاخر بذلك بين الناس ، محبة لوطنها ، فقد
كانت تترقب من يفد إلى المدينة المنورة كي ترجع إلى موطنها ، وتظهر قوة شخيصيتها ، وسداد
رأيها عندما أشارت على أخيها بزيارة الرسول والمثول ل بين يديه ،[5] وجمعت إلى ما سبق
من فضل جمال الجسد ، فقد كانت بيضاء حوراء ، متعدلة القامة [6].
إسلامها:
أصابت خيل رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ابنة حاتم الطائي في سبايا طيّ فقدمتْ بها على رسـول الله -صلى الله عليه وسلم-فجُعِلَتْ في حظيرة بباب المسجد فمرّ بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقامت إليه وكانت امرأة جزلة ، فقالت :(
يا رسول الله هَلَكَ الوالِد وغابَ الوافد )، فقال :( ومَنْ وَافِدُك ؟)، قالت :( عدي بن حاتم
)، قال :(الفارُّ من الله ورسوله ؟)، ومضى حتى مرّ ثلاثاً ، فقامت وقالت :( يا رسول الله
هَلَكَ الوالِد وغابَ الوافد فامْنُن عليّ مَنّ الله عليك )قال :( قَدْ فعلت ، فلا تعجلي حتى تجدي ثقةً
يبلّغك بلادك ، ثم آذِنِيني ) [7] وفي رواية أخرى أن سُفانة قد قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- :( يا مُحَمّد !
إن رأيتَ أن تخلّي عنّي فلا تشمِّت بي أحياء العرب ؟! فإنّي ابنة سيّد قومي ، وإنّ أبي كان يفُكّ
العاني ، ويحمي الذّمار ، ويُقْري الضيف ، ويُشبع الجائع ، ويُفرّج عن المكروب ، ويفشي السلام
ويُطعم الطعام ، ولم يردّ طالب حاجة قط ، أنا ابنة حاتم الطائي )قال النبي -صلى الله عليه وسلم-
- ( يا جارية ، هذه صفة المؤمن حقاً ، لو كان أبوك إسلامياً لترحّمنا عليه خلّوا عنها فإن أباها
كان يُحِبّ مكارم الأخلاق ، والله يحب مكارم الأخلاق ). [8]
وقدم ركب من بليّ ، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم فقلت سفانة : قدم رهط من قومي
، فكساها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحملها وأعطاها نفقة ، فخرجت حتى قدمت
الشام على أخيهاعدي فقال لها :( ما ترين في أمر هذا الرجل " فقالت: أرى والله أن
تلحق به سريعا، فإن يكن الرجل نبيا فللسابق إليه فضله، وإن يكن ملكا فلن تنزل في عز اليمن وأنت
أنت،فكانت سببا في إسلام أخيها وإسلام قومها، وحسن إسلامها فرضي الله عنها [9] .
جودها وكرمها:
" كانت سفانة من أجود نساء العرب كأبيها ، فقد كان أبوها يعطيها من إبله فتهبها
وتعطيها الناس ، فقال لها أبوها " يا بينه إن الكريمين إذا اجتمعا في المال أتلفا ، فإما أن أعطي ,
وتمسكي وإما أن أمسك وتعطي فإنه لا يبقى على هذا شيء" فقالت: " والله لا أمسك أبداً.
وقال أبوها: وأنا والله لا أمسك أبدأً. فقاسمها المال وتباينا ولم يتجاورا"[10].
ومن اقوال ابا تمام
اولئك قد هدوا في كل مجد ************* الى نهج الصراط المستقيم
اذا نزلوا بمحل رضوه ************************ بآثار كأثار الغيوم
وقال ايضا
وماهو الا قول يسري فتغتدي ************* له غرر في اوجه ومواسم
وليس ببان للعلا خلق امريء ************* وان جلا إلا وهو للمال هادم
ولو لا خلال سنها الشعر مادرى ************* بناة العلا من اين تؤتى المكارم
وقال سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه
جزى الله عنا طيا في دياراها ************* بمعترك الابطال خير جزاء
همو اهل رايات السماحة والندى ************* اذا ما الصبا ألوت بكل خباء
وللحديث بقيه ونترك المجال لمشاركتكم والله يحفظنا واياكم
محبكم ابن صحار
قبر حاتم الطائي مكان وجوده بين المتقدمين والمتأخرين حسان بن إبراهيم بن عبد الرحمن الرديعان
قبر حاتم الطائي الذي اشتُهِرَ بين الناس بأنه موجود في رسم (توران) وهو موضعٌ يقع في أقصى الشمال من سلسلة جبل أجا والتي تَمتدُ على طول 100 كيلو من الشمال إلى الجنوب، قد اختُلِفَ في تحديده في نصوص المتقدمين. وسبب هذا المبحث عِدَّةُ أمور:
الأول: أنَّ الكلام على تحديد القبر قد شاعَ وذاعَ بين النَّاس، ولا يزال ناقلوه ينقلونه دون نظر واستدلال، وتبعَ في ذلك الإعلامُ المقروء والمسموع دون إعمال لأقل معايير البحث والتحقيق.
الثاني: أن هُناك من يُنادي إلى تسهيل الطريق إليه وتعبيده ليكونَ معلمَاً سياحيَّاً يجذبُ الزُّوَّارَ إليه، ويكون رافداً من روافدِ السياحَةِ اقتصاديَّاً وثقافيَّاً، ولا شك أنَّ في هذا جوراً شرعياً وعلمياً، فهل تكون السياحةُ في شَدِّ الرِّحال إلى القبور المفضي إلى تعظيمها؟! وفتحِ البابِ أمامَ الجهَلةِ لتقديسها؟! ويدلُّ على هذا أنَّهُ قد كُتبَ قديماً على قبر حاتم المزعوم في توران العبارة التالية (قبر السخيِّ الجواد حاتم الطائي) وهي عبارةٌ موحيةٌ إلى التعظيم، إلاَّ أن غيرة بعض الأفاضل على الشرع والتاريخ طمستْ هذه العبارة.
الثالث: عدم تفنيد من اعتنى بالمواضع والآثار لهذه المسألة تفنيداً يقطع الشك باليقين، وعلى ضوء أسس علمية، يبيَّن من خلاله تحديد موضع القبر، وما هي الأسباب التي جعلت هذا الأمر يشتهر بين الناس هذه المُدَّة الطويلة. وهنا لا بد من الإشارةِ إلى أنَّ الآثار سواء أكانت في الجاهلية أو الإسلام لها أثر على النفس، خاصة من ساكني المكان، وأهل البلدة، فشعورهم بما يربطهم بآلاف السنين، وأن هذا المكان قد غبرت عليه أممٌ، وحدثت فيه خطوبٌ أو فتوحات، أمرٌ يبعث النفس على الافتخار والعزَّة، والغلبةِ والتمكين، والأشد من ذلك إذا كان هذا الأمر مرتبطاً بالنسب أو القبيلة. فالنفس مجبولةٌ على تعظيم التراب التي عاشت عليه، ومن هنا تأخذ كثير من الناس العواطف تجاه الآثار، فإن كانت بيدِ عاقلٍ بصيرٍ بأمرِ اللهِ ورسولهِ صلى الله عليه وسلم يكون الخطرُ شبه معدوم. وإن كان الأمر بيد جاهل أو عارفٍ خالطهُ شيء من التعصبِ للترابِ كان الخطرُ الذي خشيهُ عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه على من همْ أفضلُ منَّا وخيرٌ منَّا، فقد أخرج ابن وضَّاحٍ في البدع قال (قال سمعتُ عيسى بنَ يونس مفتي أهل طرسوس يقول: أمرَ عمرُ بن الخطابِ بقطعِ الشجرةِ التي بويعَ تَحْتَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقَطَعَها لأنَّ الناسَ كانوا يذهبونَ فيُصلُّونَ تَحْتَها فخافَ عليهم الفتنةَ، قال عيسى بن يونس: وهو عندنا من حديثِ ابنِ عونٍ عن نافعٍ أنَّ الناسَ كانوا يأتونَ الشجرَةَ فقطعَهَا عُمر، قالَ ابنُ وضَّاحٍ: وكان مالكُ بن أنسٍ وغيره من علماء المدينة يَكرهون إتيانَ تلكَ المساجدِ وتلكَ الآثارِ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم مَا عَدا قُبَّاً واحداً. قال ابن وضاح: وسمعتهم يذكرون أنَّ سفيانَ الثوريَّ دخَلَ مسجدَ بيت المقدسِ فصلَّى فيه ولم يَتْبَعْ تلك الآثارِ ولا الصلاةَ فيها وكذلكَ فعل غيره أيضاً ممن يُقتدى به، قال ابنُ وضاح: فعليكم بالاتباعِ لأئمةِ الهدى المعروفين) انتهى بتصرف يسير. والكلام في هذه المبحث سيكون ضمن الفصول الآتية:
الفصل الأول: منازلُ قومِ حاتِم. الفصل الثاني: اختلافُ المتقدمينَ في تَحديدِ قبر حاتم الطَّائي. الفصل الثالث: توجيه حول رأي الشيخ حَمد الجاسر في قبر توران. الفصل الرابع: الترجيح في تحديد قبر حاتم الطائي
وإن كان من خطأٍ فمن نفسي والشيطان، والصواب من الله وحده، وهو حسبي ونعم الوكيل.
الفَصْلُ الأول: منازلُ قومِ حاتِم
قَوْمُ حَاتم الطائي هم من بطون أخزم بن أبي أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثُعَل الجمَّة (1)، فحاتم هو ابنُ عبدِ الله بنِ سعدٍ بنِ الحشْرَجِ بنِ امرئ القيسِ(2) بن عَدِيِّ بن أخزم(3) بن أبي أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيء.
وكانت منازلهم كما ذكر ياقوت في (تنغة)، وهي - ويأتي بيانها - في الجهة الشرقية الشمالية من جبل أجا، وتتوزع قبيلته في الجهة الشرقية من منتصف جبل أجا شمالاً(4). وعلى مغرب الشمس منها جبل يُقال له (أظايف)، نصَّ أبو علي الهجري(5) أنَّ قربه قبر حاتم، وليس قربَ القبر جبل، أي جبلٌ آخر غير أظايف. كما نصَّ على أنَّ هذا الجبلَ شرقُ أجا، وليس في الشمال الشرقي منه. ثم يلي قومُ حاتم لأجا قومَ عمرو بن درماءَ بنِ عوف بن ثعلبة بن سلامان (أخي جرول جدُّ حاتم) ابن ثُعل بن عمرو بن الغوث.
ويقول امرؤ القيس(6):
نزلتُ على عمرو بن درماء بلطةً
فيا كرم ما جارٍ ويا حسن ما فعل (7)
فبلطة في جوف أجا، من منازل عمرو بن درماء، وقد كانت لبطون جُرم بن عمرو ثم أصبحت لبطون ثُعل بن عمرو، كما ذكر أبو علي الهجري (8).
وتحديد هذين الرسمين سيأتي، لكن المقصود هو تحديد الأماكن التي ورد فيها ذكر قوم حاتم، وإلاَّ فديارُ طيء محلٌّ لاستقرار حاتم فترةً في موضع ثم انتقاله إلى أخرى. فقومُهُ كما عرفتَ في تنغة خاصَّةً وفي مواضع المياه الشرقية الشمالية من أجا.
وأمَّا من كان يسكن (تُوران) التي فيها قبر حاتم المُدَّعى الآن، فهم بنو قيس بن شمَّر من بني زهير بن ثعلبة بن سلامان بن ثُعل بن عمرو بن الغوث بن طيء. قال ياقوت في رسم تُوران: (بالضم، وضم الراء، وآخره نون: قرية في أجأ، أحد جبلي طيء، لبني شمّر من بني زهير) (9).
ومن ذلك أيضاً قول امرئ القيس:
فهلْ أنا مَاشٍ بيْنَ شُوطٍ وحيَّةٍ
وهَلْ أنا لاقٍ حَيَّ قَيْسَ بن شمرا
وشوط غرب توران وقريبةٌ منه، فهي كذلك من منازل قيس بن شمَّر من بني زهير. من هنا يتبيّن لنا أنَّ قوم حاتم عدي بن أخزم لم يكونوا في توران ولا في تلك الجهات على ضوء تنصيص كلام المتقدمين.
وأمَّا قول الشيخ حَمد الجاسر - رحمه الله - في رسم توران (وليس من المستبعد أن تكون قرية بني عدي بن أخزم قوم حاتم، وأنها سكنت في وادي توران، فالمكان فيه آثار عمران قديم من أبنية وآبار...)، فسيأتي بيانه، والشيخ لم يعضد هذا الاحتمال من تنصيص كلام المتقدمين، لا سيما وقد نصَّ المتقدمون على أنَّ توران من منازل قيس بن شمَّر من بني زهير.
الفصل الثاني:
اختلافُ المتقدمينَ في تَحديدِ قبر حاتم الطَّائي
سنقفُ هنا على نصوص المتقدمين التي حدَّدَت مكان قبر حاتم الطائي، وبيان أماكن هذه المواضع، وهل هي متفقة أم مختلفة.
1- نصُّ أبي عبيدة معمر بن المثنى - كان من أعلم الناس باللغة وأنساب العرب وأخبارها، وهو أول من صنف غريب الحديث (ت.212هـ) - عن منصور بن يزيد الطائي. ذكرهُ أبو عبد الله محمد بن عبد المنعم الصناهجي الحميري (ت727هـ) (10) في كتابه (الروض المعطار في أخبار الأقطار). وكتابه إنَّما ألفه للمواضع التي عليها قصص ومتعلقٌ بها خبر ظريف ونحوه. وقد ذكر عن قبر حاتم قِصَّةً خرافية، والشاهد أنَّه ذكر قبر حاتم قرب موضع (نبقة) وهي تصحيف تنغة(11)، وقال محقق الكتاب د. إحسان عباس (وفي ديوان حاتم، حيث وردت القصة: تبعة؛ ولم يذكره البكري أو ياقوت، ولا أدري ما صوابه).
والقصة هي (12) (موضع في بلاد طيء، ذكر أبو عبيدة عن منصور بن يزيد الطائي أن قبر حاتم هناك حوله قدور حجارة عظيمة من بقايا قدوره التي كان يطعم فيها مكفأة، وعن يمين قبره أربع جوار من حجارة وعن شماله مثلهن محتجزات على قبره كالنائحات، لم ير مثل بياض أجسامهن وجمال وجوههن، وربما رآهن الرائي ففُتن بهن ومال إليهن إعجاباً، فإذا دنا منهن رأى حجارة عظيمة يزعمون أنها من عمل الجن، فهن بالنهار كما وصفنا، فإذا هدأت العيون ارتفعت أصوات الجن بالنياحة عليهن، قال: ونحن في منازلنا نسمع ذلك إلى طلوع الفجر. وكان رجل يُكْنَى أبا الخيبَري مرَّ في نفَرٍ من قومه بقبر حاتم فجعل يناديه: يا أبا الجعد أقِرْنا، فقالوا له: أتنادي رِمَّةً بَالِيَةً؟! قال: إن طيئاً تزعم أنه لم ينزل به قط أحدٌ إلا قَرَاهُ؟ وناموا فانتبه أبو الخيبري مذعوراً ينادي: واراحلتاه، فقال له أصحابه: ما بالك؟ قال: خرج حاتم بالسيف وأنا أنظر حتى نَحَرَ راحلتي، فنظروا إلى راحلته فإذا هي متجندلة لا تنبعث، فقالوا: قد والله قراك، فظلوا يأكلون لحمها شواءً وطبيخاً ثم ارتدفوهُ وانطلقوا سائرين، وإذا راكبُ بعيرٍ يقودُ آخر قد لحقهم، فقال: أيكم أبو الخيبري؟ فقال الرجل: أنا، فقال الراكب: أنا عدي بن حاتم، وإن حاتماً جاءني الليلةَ فذكر أنك استقريته واستنطيته وهو ينشدك:
أبا خيبري وأنت امرؤ
ظلوم العشيرة شتامها
أتيت بصحبك تبغي القرى
لدى حفرة صدحت هامها
أتبغي لي الذم عند المبيت
وحولي طي وأنعامها
فإنا سنشبع أضيافنا
ونأتي المطي فنعتامها
قال: وقد أمرني أن أحملك على بعير مكان راحلتك فدونكه. وقال الشاعر يمدح عدي بن حاتم:
أبوك أبو سباقة الخير لم يزل
لدن شبَّ حتى مات في الخير راغبا
قرى قبره الأضياف إذ نزلوا به
ولم يقر قبر قبله الدهر راكبا)
وذكر هذه القصة ابن عساكر في تاريخ دمشق (11/378).
2- نصُّ أبي علي الهَجَري (ت بعد 300هـ) قال في أظايف: (جبل شرقي أجا، مطلع الشمس، به قبر حاتم، ليس قربه جبل) (13).
3- نصُّ أبي رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي (ت 339هـ)، نقل عنه البكري (ت487هـ) في معجم ما استعجم: (وقال أبو رياش: عوارض جبل في بلاد طيء، وعليه قبر حاتم وهذا هو الصحيح) (14).
4- أبو الحسن العِمْراني الخوارزمي (ت560هـ) عن أبي القاسم الزمخشري جار الله (ت 538هـ) في جبل عوارض (قال العِمراني أخبرنا جارُ الله - أي الزمخشري - أن عليه قبر حاتم طيء) (15).
5- ياقوت الحموي: (ت626هـ): (تنغة بضم أوله، والغين معجمة، ماء من مياه طيء، وكان منزل حاتم الجواد، وبه قبره وآثاره، وفي كتاب أبي الفتح الإسكندري قال: وبخط أبي الفضل: تنغة منهل في بطن وادي حائل، لبني عدي بن أخزم، وكان حاتم ينزله) (16).
فهذه خمسة نصوص تُحدد مكان قبر حاتم الطائي:
1- أبو عبيدة معمر بن المثنى عن منصور بن يزيد الطائي يرى أنه: في تنغة.
2- أبو علي الهجري يرى أنَّه: قرب جبل أظايف.
3- أبو ريَّاش القيسي يرى أنَّه: في جبل عوارض.
4- أبو القاسم الزمخشري يرى أنَّه: في جبل عوارض.
5- ياقوت الحموي يرى أنَّه: في تنغة.
وليس هناك تباين بين من قال إنه في تنغة ومن قال إنه قرب جبل (أظايف)، فهما موضعان قريبان من بعض. والتَّبَاينُ والإشكالُ هو في تَحديد جبل عوارض، وإليك تَحديدُ هذه المواضع من كتب المعاجم والبلدانيات مع شيء من التحقيق:
أُظَايِف
وتُنطق عند العامَّة بحذف الألف (ظايف)، قال أبو علي الهَجَري في وصف أظايف (جبل شرقي أجا، مطلع الشمس، به قبر حاتم، ليس قربه جبل) (17). ويقول ياقوت الحموي: (أظايف: بالضم وبعد الألف ياء مكسورة وفاء، ويروى بالفتح وقد تقدم في الهمزة والطاء المهملة ولا أدري أأحدهما تصحيف أو هما موضعان وبالظاء المعجمة ذكره نصر، وقال هو جبل فارد لطيء طويل أخلق أحْمر على مغرب الشمس من تنغة، وكانت تنغة منزل حاتم الطائي)(18). وصوّب الشيخ حَمَد الجاسر أنَّها بالظاء وقال (19): (ولا يزال معروفاً، وهو جُبيل صغير، من سلسلة الجبال التي تقع شمال أجا، بينه وبين النفود، وعن يمين ذلك الجُبيل جبل أكبر منه يُدعى القاعد، ويبعد أظايف عن مدينة حائل بما يقارب الـ 40 كيلاً في الشمال الغربي منها).
قلت: إذا خرج السائر من بلدة القاعد على الطريق الرئيس شمالاً إلى بلدة الخُطَّة وجعل جبل القاعد يمينه، يرى على يسارهِ جبلٌ أصغر من القاعد في أول النفود ليس قربه جبل كما قال ذلك أبو علي الهجري، فارد على نص ياقوت، يقول له أهل تلك المنطقة (ظايف)، فهو ليس في الشمال الغربي منها، بل في الشمال يميل إلى الشرق قليلاً، وتسمي العامة هذه المنطقة التي تلتقي فيها الأرض السهلة مع النفود: اللُّغف. وأنشد حاتم الطائي (20):
إذا الريحُ جاءَتْ من أَمَامِ أظايفٍ
وَأَلْوَتْ بأطناب البيوت صدورها
وقد وقع في الديوان تصحيف أظايف إلى أخايف بالخاء وقال المحقق في الحاشية: وخائف جبل. ووجَّه الشيخ الجاسر لماذا خُصت ريح أظايف بشدة البرودة قال: (لأنَّ الجبل يقع بالنسبة لقرى أجا في الشمال الغربي وريح تلك الجهة هي أشد الرياح برداً في الشتاء ثم أن جهته مكشوفة لهبوب الرياح، بخلاف الجهات الأخرى).
تُنْغَة
نصَّ مُحَمَّدُ بنُ عبد المنعم الحميري في (الروضِ المعطار) أنها من بلاد طيء كما سبق. وقال ياقوت الحموي: (تنغة بضم أوله، والغين معجمة، ماء من مياه طيء، وكان منزل حاتم الجواد، وبه قبره وآثاره، وفي كتاب أبي الفتح الإسكندري قال: وبخط أبي الفضل: تنغة منهل في بطن وادي حائل، لبني عدي بن أخزم، وكان حاتم ينزله) (21).
قلت: تنغة هي الأرض المنبسطة في الشمال الشرقي من أجا إلى التصاقها بالنفود أو موضعٌ من ذلك، وهي منازل عدي بن أخزم قوم حاتم الطائي، وهو اسمٌ مندثرٌ الآن، لكن نص أبي الفتح الإسكندري المتقدم على أنَّ تنغة منهلٌ في بطن الوادي من حائل، والوادي ينحدر من حائل في اتجاه الشمال الشرقي إلى بقعاء (اللِّوَى). فمدلولات نصوص المتقدمين على أنّ تنغة ليست قرب الجبل قرباً يلتصق به أو يكون بقدر قرب أظايف منه، فأظايف على مغرب الشمس من تنغة كما قال ياقوت. والذي أميل إليه إلى أنَّ بلدة الخطَّة وما وراءها من أرضٍ منبسطة هي تنغة المقصودة في كلام المتقدمين والله أعلم.
عُوَارِض
بضم أوله وفتح ثانيه فألفٌ ثم راء مكسورة، جبل في بلاد حائل، يقول البكري: (في شق غطفان، وقد تقدم ذكره في رسم ضرغد وفي رسم الأصفر، وقال الشمَّاخ:
تربَّع من جَنبَي قناً فعُوارضٍ
نتاج الثُّريَّا نوءها غير مُخدج
وقال أبو رياش عوارض: جبل في بلاد طيء، وعليه قبر حاتم وهذا هو الصحيح، وقال أوس بن حجر:
فخُلِّيَ للأذواد بين عوارض
وبين عرانين اليمامة مرتعُ) (22)
وقال ياقوت الحموي: (اسم علم مرتجل لجبل ببلاد طيء، قال العِمراني أخبرنا جارُ الله - أي الزمخشري - أن عليه قبر حاتم طيء، وقيل: هو لبني أسد، وقال الأبيوردي: قناً وعوارض جبلان لبني فزارة، وأنشد:
فلأبغينكم قَنَا وعُوارضاً
والصحيح أنه ببلاد طيء، وعوارض جبل أسود في أعلى ديار طيء وناحية دار فزارة، وقال البرْج بن مسهر الطائي:
إلى الله أشكو من خليلٍ أودُّهُ
ثلاث خلال كلها لي غائضُ
فمنهن أن لا تجمع الدهرَ تلعةٌ
بيوتاً لنا يا تلعَ سيلُك غامض
ومنهن أن لا أستطيع كلامَهُ
ولا وُدَّه حتى يزول عوارضُ
ومنهن أن لايجمع الغزو بيننا
وفي الغزو ما يُلقي العدو المباغضُ
ويروى لمجنون ليلى:
ألا ليت شعري عن عوارضتي قنا
لطول التنائي هل تغيرتا بعدي) (23)
إنَّ تحديد جبل عُوَارض في أخبار المتقدمين مُشْكِلٌ، بَلْ يَصِلُ إلى حَدِّ التَّعَارُض، فالبكري نقل عن أبي رياش أنه في بلاد طيء، وقبل ذلك قال إنه في شق غطفان، ويمكن الجمع بين ذلك بأنه قد يكون بينهما، لكنه نقل قبل ذلك في رسم ضرغد عن ابن الأنباري أنه جبل لبني أسد، ومعلوم أن طيء وغطفان وبني أسد متجاورات، لكن أين يقع عُوَارض منهنّ؟ فلا يمكن أن نجمع بين هذا التعارض إلا إذا قلنا إن هناك أكثر من جبل يقال له عُوَارض، ومثل ذلك نقل ياقوت الحموي ورجَّح أنه في بلاد طيء وهو رأي نصر.
وإليك ما قاله الشيخ حَمَد الجاسر: (وعوارض جبل لا يزال معروفاً ولكن بعضهم ينطقه عويرض، توهّماً أن الألف فيه على لهجة أبناء البادية كما في مثل (فاصل) (وسلامان) في فيصل وسليمان، وهو جبل مستطيل شامخٌ أسود، يقع في مهب الشمال من أجا على مقربة من توران يبعد عن مدينة حائل بما يقرب من 45 كيلاً، ولكن هذا الجبل يعتبر امتداداً لسلة جبال أجا، فهو ليس في بلاد غطفان، ولعل هذا الاسم يطلق على جبلين أو أكثر) (24)
وساق الأصفهاني في (بلاد العرب) قول الشاعر:
كأنها وقد بدا عُوَارض
والليل بين قنوين رابض
بعد أن ذكر موضع قنا وأنها بأرض غطفان، وفي بيت الشمّاخ دليل على أنه قريب من قنا في أرض غطفان - قرب السليمي الآن -، وحيث يذكر قنا يذكر عُوارض. والجبل الآخر الذي يطلق عليه عويرض والذي ذكره الشيخ حمد الجاسر يقع غرب توران - الذي فيه قبر حاتم المُدَّعى الآن - في شمال أجا، فالآتي من النفود باتجاه الجنوب يعترض أمامه من أجا جبل كبير يُسمَّى عويرض، عليه أودية منها شوط الذي ذكره امرئ القيس بقوله:
فهلْ أنا مَاشٍ بيْنَ شُوطٍ وحيَّةٍ
وهَلْ أنا لاقٍ حَيَّ قَيْسَ بن شمرا
فعويرض موضعٌ لقيس بن شمَّر وليس لعدي بن أخزم قوم حاتم. بعد هذا يتبيَّن لك أخي القارئ الخلاف في جبل عوارض، ونسبته للقبائل المتجاورة، والذي أرجحهُ ما يلي:
أن عُوارض المذكور عند المتقدمين والمشهور في الأبيات كما سبق هو المقرون برسم قنا ما بين بلاد غطفان - والتي تبدأ من التحام رمل عالج بالحرار والهضاب التي بينها وبين طيء -، فهو ينسب تارةً لطيء وتارةً لغطفان، وهما قبيلتان متجاروتان. وأنه ليس الجبل المقصود من كلام أبي رياش.
الفصل الثالث: توجيه حول رأي الشيخ حَمد الجاسر في قبر توران
قال الشيخ حَمد الجاسر رَحِمَهُ الله في رسم توران (وليس من المستبعد أن تكون قرية بني عدي بن أخزم قوم حاتم، وأنها سكنت في وادي توران، فالمكان فيه آثار عمران قديم من أبنية وآبار، وجبل عوارض الذي قيل: إن قبر حاتم فيه ليس بعيداً عنه ويقع شماله. ومدخل الوادي ضيق بحيث لو وقف عنده عدد قليل من الرجال لمنعوا من يحاول الدخول، ثم إن الوصول إلى مدخل الجبل يمر بمنعطفات أسفل الوادي وهي على اتساعها تتيسر حمايتها، والوصول إلى قرية حاتم وقومه كان صعباً كما يفهم من قوله: لقد جهل مداخل سبلاَّت) (25)، هذا احتمالٌ أوجده الشيخ - رحمه الله - لكن فيه شيءٌ من التناقض مع كلامه في الرسوم الأخرى، وإليك بيان ذلك:
1- أنَّ الشيخ لم يعضد هذا الاحتمال من تنصيص كلام المتقدمين، لا سيما وقد نصَّ المتقدمون على أنَّ توران من منازل قيس بن شمَّر من بني زهير.
2- أنَّ جبل عوارض إذا قصدنا غير عوارض قنا، فهو ليس شمال توران الآن، بل هو غربه يميل إلى الشمال قليلاً، وفرقٌ ما بين منزل توران قديماً وما بين الأودية التي على جبل عويرض كشوط وذلك عند بطون طيء قديماً.
3- أنَّ الشيخ - رَحِمَهُ الله - حدَّدَ جبل سبُلاَّت في جنوب أجا، واستشهد بأن مداخلَ سُبُلاَّتٍ قال عنها رجل من طيء عندما علم أن الملك مُحرِّق - ملك الحيرة في العراق - توعد حاتم الطائي بأن يُحَرِّق قريته قال الرجل: (جهل مرتقى بين مداخل سُبُلات) يعني أن ملك الحيرة جَهِل صعوبة مداخل أجا من جهة سُبُلاَّت، ويرى الشيخ الجاسر أن ملك الحيرة ليس أمامه إلا طريق واحد للوصول إلى أجا، حيث حاتم الطائي وهو أن يأتي من جنوب غرب أجا، حيث تلتقي رمال عالج بمنخفضات الحرار الشرقية، وهناك مداخل لحائل بين الجبال من بين الحضن إلى رمان وهي سلسلة جبال فيها منافذ تربط رمان بأجا من الجنوب، وهي تمر على الغزالة والمهاش وسقف (26)، وهذه الفجوات والمرتقيات التي ما بين رمان إلى الحضن ومواسل هي التي تُسمَّى سُبُلاَّت كما قال ياقوت وَوَجَّه الجاسر. لكنّ الأظهر أن التسمية بقيت في جبل واحد الذي هو الآن شمال شرق رمان. وعلى كُل فسابل ومواسل والمرتقيات التي يرى الشيخ حمد الجاسر بتسميتها سبُلاَّت هي على رأي الشيخ حمد أنَّها في جنوب أجا لا شماله. لذا ربْطُ الشيخ بأن مداخل سبُلاَّت في شمال أجا مع توران فيه تعارض مع كلامه هنا في وصف رسم سبُلاَّت. فأين الحضن ورمَّان من توران وأظايف؟!. وما بين رسميِّ الحضن ومواسل (كحلة الآن) فيه من المداخل والمرتقيات ما يكون منَعَةً شديدةً للقوم من العدو.
الفصل الرابع: الترجيح في تحديد قبر حاتم الطائي
ينحصر الخلاف بين المتقدمين في تحديد قبر حاتم الطائي في موضعين:
1- تنغة وأظايف وهما قريبان من بعض ولا خلاف بين من قال إنَّه في أظايف وبين من قال إنه في تنغة كما سبق بيانه.
2- عوارض. ولا يمكن أن نجمع بين عوارض وبين تنغة أو أظايف. والراجح في ذلك هو قول من قال إنه في تنغة وأظايف لما يلي:
1- أن تنغة وأظايف من منازل قوم حاتم الذين هم قوم عدي بن أخزم، وعوارض ليست منزلاً من منازل قوم حاتم.
2- أنَّ أبا عبيدة معمر بن المثنى وأبا علي الهجري متقدمين على أبي رياش والزمخشري، خصوصاً أن معمر بن المثنى ينقل عن منصور بن يزيد الطائي. وأبو علي الهجري اعتنى بالمواضع اعتناءً دقيقاً. فكلامهم هو المعول في مثل ذلك.
هذا ما أرجحه وأميل إليه بعد طول نظرٍ وتأمل، وبعد تطبيقٍ على الأماكن المذكورة. لكن ما يحسن قوله هنا والتنبيه عليه أنه على القول بأن قبر حاتم الطائي قد يكون في عوارض إلاَّ أنه لا دليل على وجوده في توران، فلم ينص أحد لا من المتقدمين ولا من المتأخرين على أنه في توران، والخلاف إنَّما هو بين عوارض وبين تنغة وأظايف. أما توران فهي خارجة عن مناط الخلاف، مما يجعل التشدد في أن قبر حاتم الطائي في توران أمراً فيه تعسُّفٌ وبعدٌ عن التحقيق، وتصديقٌ لبعض الخرافات والأساطير. والله من وراء القصد.
الهوامش
1- انظر جمهرة أنساب العرب لابن حزم 165
2- في طيء أربعة أسماؤهم امرؤ القيس، وأما الشاعر الجاهلي فهو: امرؤ القيس بن حجر بن عمرو الكندي، وهو من أهل نجد، من الطبقة الأولى.
3- ذكر ابن دريد في الاشتقاق أنه منه خرج المثل المشهور (شنشنةٌ نعرفها من أخزم) في قصيدة له بولده.
4- انظر مشجَّرة طيء والرسم البياني في آخر كتاب (شعر طيء وأخبارها في الجاهلية والإسلام).
5- أبو علي الهجري 385
6- الدكتورة وفاء السنديوني جعلت امرأ القيس ابناً ينحدر من عمرو بن درماء، وهذا بعيد لسببين:
الأول: أن في طيء أربعة أسماؤهم امرؤ القيس، أقربهم إلى عمر بن درماء جد الجرنفش الطائي ينتهي إلى زهير أخي عوف جد عمرو.
الثاني: أن البيت سياقه سياق الضيف الزائر، والنازل للقوم.
7- الشطر الثاني ورد: فيا نعم ما جارٍ ويا نعم ما محل
8- أبو علي الهجري ص 183
9- معجم البلدان (2-54)
10- في كشف الظنون وفاته سنة 900هـ وهو خطأ، والصحيح أعلاه وهو ما أثبته ابن حجر في الدرر الكامنة، فالكتاب إحدى مصادر القلقشندي في صبح الأعشى الذي فرغ منه سنة 814هـ. انظر ط. إحسان عباس سنة 1975م.
11- انظر معجم شمال المملكة (3 - 1064)
12- ص 572
13- أبو علي الهَجَري 385
14- معجم البكري 978
15- معجم البلدان 4-164
16- معجم البلدان 2-50
17- أبو علي الهَجَري 385
18- معجم البلدان (1-219)
19- شمال المملكة (1-97)
20- ديوان حاتم الطائي (ص 62) ط. دار بيروت سنة 1402هـ.
21- معجم البلدان (2-50)
22- معجم البكري 978
23- معجم البلدان (4-164)
24- شمال المملكة (3-955)
25- شمال المملكة (1-263 - 264)
26- شمال المملكة (3-656)